رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وحدة البحث العلمي بالفرقان 27 يونيو، 2019 0 تعليق

هدي الإسلام في نقد الأخطاء وتصحيحها

الخطأ سلوك بشري لابد أن نقع فيه، كبارًا  كنا أم صغارًا، وكما أن الأخطاء لا تتساوى، وكذلك تأثيرها لا يتساوى في الأفراد، فقد يكون خطأ ما كبيرًا في نظر أحدنا، بينما تجده صغيرًا ومسموحًا عند آخر، وكذلك لا يمكن أن نترك الأخطاء كما هي، ولا نبحث لها عن حلول تناسبها وتصححها، ولكن هناك أسئلة، وهي: كيف نصحح أخطاء الآخرين؟ وهل هناك أساليب ينبغي أن تستعمل في نقدنا للآخرين؟ وهل نجد في السنة النبوية ما يرشدنا إلى أحسن الأساليب؟

 

وبالرجوع إلى السنة النبوية نستخرج الأساليب التي استخدمها النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت مؤيّدة بالوحي الإلهيّ، وفي هذه المقالة، نحاول أن نأتي بطرفٍ من الأحاديث النبوية التي استنبط منها بعض الباحثين تلك الأساليب لتصحيح الأخطاء.

الأول: النقد عن طريق بيان حكم شرعي

     هذا أسلوب استعمله النبي صلى الله عليه وسلم لتصحيح الأخطاء وتوجيه الأمة، وكثيراً ما يقارن هذا النوع من النقد ببيان سبب شرعيّ حتى يكون النقد مقبولاً ومرحباً به، ومن أمثلة هذا النوع: عن ابْن جَرْهَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِهِ وَهُوَ كَاشِفٌ عَنْ فَخِذِهِ؛ فَقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : «غَطِّ فَخِذَكَ؛ فَإِنَّهَا مِنَ العَوْرَةِ».  صحيح: سنن الترمذي 5/111.

     وعن جابر رضي الله عنه قال: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ؛ فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا؛ فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا، وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ؛ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ؛ فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ»؟ ثُمَّ قَالَ: مَا شَأْنُهُمْ «فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ المُهَاجِرِيِّ الأَنْصَارِيَّ»، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ» صحيح: صحيح البخاري 4/183.

الثاني: النقد عن طريق تصحيح التصورات والمفاهيم

     ومن أمثلة ذلك من السنة النبوية: عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا آكُلُ اللَّحْمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ؛ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ؛ فَقَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» صحيح: مسلم 2/1020.

     وعَنْ كَهْمَسٍ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ الل صلى الله عليه وسلم وَأَقَمْتُ عِنْدَهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ عَنْهُ؛ فَأَتَيْتُهُ بَعْدَ حَوْلٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَمَا تَعْرِفُنِي؟، قَالَ: «لَا» ، قُلْتُ: أَنَا الَّذِي كُنْتُ عِنْدَكَ عَامَ أَوَّلٍ، قَالَ: «فَمَا غَيَّرَكَ بَعْدِي؟» قَالَ: مَا أَكَلْتُ طَعَامًا بِنَهَارٍ مُنْذُ فَارَقْتُكَ، قَالَ: «فَمَنْ أَمَرَكَ بِتَعْذِيبِ نَفْسِكَ، صُمْ يَوْمًا مِنَ السُّرُرِ»، قُلْتُ: زِدْنِي، فَزَادَنِي حَتَّى قَالَ: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ» صحيح: المعجم الكبير للطبراني 19/194.

الثالث: النقد بالموعظة والتكرار

     ويكثر هذا النوع في السنة النبوية المطهرة، ويرجى منه نفع كبير كما يوقظ عقول الغافلين. وسبب ذلك- والله أعلم – لتضمنه الموعظة والتكرار. ومن الأحاديث النبوية: قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي بِالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي، «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ»، فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ، قَالَ: فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛ فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ»، قَالَ: فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي؛ فَقَالَ: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، أَنَّ اللهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ»، قَالَ: فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا. صحيح مسلم: كتاب الإيمان 3/1266.  

     وعن أسامة بن زيد قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية؛ فصبحنا الحرقات من جهينة؛ فأدركت رجلا، فقال: لا إله إلا الله، فطعنته فوقع في نفسي من ذلك؛ فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقال لا إله إلا الله وقتلته؟» قال: قلت: يا رسول الله، إنما قالها خوفا من السلاح، قال: «أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟» فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ. صحيح مسلم: كتاب الإيمان 1/96.

الرابع: النقد بأسلوب الاستفسار والتحقيق ثم الحلول

     ومن الأساليب المفيدة في استخدام النقد، أن تستفسر عن الأمور في البداية وقبل النقد، ثم يعقبه التحقيق ثم الحلول، وحينها يأتي النقد، وكل هذه المراتب: الاستفسار، والتحقيق، والحلول وهذه المراتب تعد مقدمة للنقد، ومهدئة للجو، حتى يكون تصحيحك مناسباً للقبول -إن شاء الله- ومن السنة ما يأتي: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ؛ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا؛ فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا؛ فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي» صحيح مسلم: كتاب الإيمان 1/99. 

     وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ ظَاهَرْتُ مِنْ زَوْجَتِي، فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ؛ فَقَالَ: «وَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟»، قَالَ: رَأَيْتُ خَلْخَالَهَا فِي ضَوْءِ القَمَرِ، قَالَ: «فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ» صحيح: سنن الترمذي أبواب الطلاق 3/495.

     وعن عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ؛ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ، لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؛ فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاَةِ؛ فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ؛ فَلَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ؛ فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَقُلْتُ: كَذَبْتَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ؛ فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ»؛ فَقَرَأَ عَلَيْهِ القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ»، ثُمَّ قَالَ: «اقْرَأْ يَا عُمَرُ»؛ فَقَرَأْتُ القِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ؛ فَاقْرَؤوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ» صحيح البخاري: فضائل القرآن 6/184.

     ومنه حديث عليّ الطويل في شأن حاطب ورسالته إلى كفار قريش، قال عليّ: فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؛ فَقَالَ: «مَا حَمَلَكَ يَا حَاطِبُ عَلَى مَا صَنَعْتَ» قَالَ: مَا بِي إِلَّا أَنْ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا غَيَّرْتُ وَلاَ بَدَّلْتُ، أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ لِي عِنْدَ القَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ مِنْ أَصْحَابِكَ هُنَاكَ إِلَّا وَلَهُ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، قَالَ: «صَدَقَ، فَلاَ تَقُولُوا لَهُ إِلَّا خَيْرًا» صحيح البخاري: كتاب الإستئذان 8/57.

الخامس: ملازمة الهدوء

في النقد والتفكير في الحلول

     ينبغي ألا ننسى بأنّ الهدف الرئيس في النقد هو تصحيح الأخطاء وإزالة المنكر، وعلى هذا، يجب علينا أن نَنظر ونُفكر في مآلات الأمور، ونقارن بين ما الأمر عليه الآن وبين ما سيحدث، أو يتغير بعد الإنكار، حتى لا نغيّر المنكر بمنكر أكبر منه، وحتى لا نزيد الطين بلة بسبب إنكارنا، واخترنا للأمثلة ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه الذي خدم النبي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم منذ قدومه المدينة إلى أن توفي صلى الله عليه وسلم :

     عن أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ؛ فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَهْ مَهْ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «لَا تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ»؛ فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَر،ِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ»، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  قَالَ: فَأَمَرَ رَجُلًا مِنَ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ. صحيح مسلم: كتاب الطهارة 1/236. 

     وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ؛ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ؛ فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا؛ فَكَسَرَتِ القَصْعَةَ؛ فَضَمَّهَا وَجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ، وَقَالَ: «كُلُوا» وَحَبَسَ الرَّسُولَ وَالقَصْعَةَ حَتَّى فَرَغُوا؛ فَدَفَعَ القَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ، وَحَبَسَ المكْسُورَةَ. صحيح البخاري: كتاب المظالم والغضب 3/136.

السادس: النقد بذكر

خطورة الخطأ أو ضرره

وهذا أسلوب آخر من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في توجيهاته في النقد، وهو أن تبين للمخطئ ما يترتب على هذا الأمر من الخطورة والضرر -دنيوية كانت أم أخروية- ولا شك أن هذا الأسلوب مفيد جدا ، كما سيتضح بالأمثلة الحديثية:

     عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، أن أباه حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج، وساروا معه نحو مكة، حتى إذا كانوا بشعب الخزار من الجحفة، اغتسل سهل بن حنيف، وكان رجلا أبيض، حسن الجسم، والجلد؛ فنظر إليه عامر بن ربيعة أخو بني عدي بن كعب وهو يغتسل؛ فقال: ما رأيت كاليوم، ولا جلد مخبأة فلبط بسهل؛ فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقيل له: يا رسول الله، هل لك في سهل؟ والله ما يرفع رأسه، وما يفيق، قال: « هل تتهمون فيه من أحد؟»، قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا؛ فتغيظ عليه وقال: «علام يقتل أحدكم أخاه؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت؟»، ثم قال له: «اغتسل له»؛ فغسل وجهه، ويديه، ومرفقيه، وركبتيه، وأطراف رجليه، وداخلة إزاره في قدح، ثم صب ذلك الماء عليه، يصبه رجل على رأسه، وظهره من خلفه، يكفئ القدح وراءه؛ ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس. مسند الإمام أحمد: مسند سهل بن حنيف 25/355-356.

     وعن ابن عباس، أن رجلا لعن الريح - وقال مسلم: إن رجلا نازعته الريح رداءه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلعنها-؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تلعنها؛ فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه» صحيح: سنن أبي داود، كتاب الأدب 4/278. 

     وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَدَحَ رَجُلٌ رَجُلًا، عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: فَقَالَ: «وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ» مِرَارًا «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا صَاحِبَهُ لَا مَحَالَةَ؛ فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ فُلَانًا، وَاللهُ حَسِيبُهُ، وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللهِ أَحَدًا أَحْسِبُهُ، إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَاكَ، كَذَا وَكَذَا». صحيح مسلم: كتاب الزهد 4/2296.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك