رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. محمد ضاوي العصيمي 29 ديسمبر، 2019 0 تعليق

نفسك هي العدو الأخطر


لا يخفى على أحد ما للمواعظ من تأثير في قلوب المؤمنين فهي توطن النفس على سلوك طريق الاستقامة وفيها إنذار وتنبيه، وإبلاغ وتخويف، وبها يتحصّل المرء على الأنس بالله والرغبة في ثوابه والخوف من عقابه ولهذا كان السلف يسمونها (سياط القلوب)، والاهتمام بها مما يعين على إصلاح المرء لنفسه ومجاهدتها، ومما ينبه عليه كذلك أن جهاد النفس مما يتعين على الإنسان فهو فرض عين ليس له فيه خيار، وليعلم أيضاً أن مجاهدة النفس يترتب عليها مشقه بالغه تحتاج منا إلى صبر ومصابرة وجد واجتهاد.

ما النفس؟

أما النفس فقيل هي الروح، وقيل البدن، وقيل الدم، وقيل العين، وأياً كان المقصود بها فهذه الأنواع الأربعة ليست من التضاد بل هي متقاربة.

منزلة جهاد النفس

لماذا كان جهاد النفس أحد مراتب الجهاد الأربعة التي ذكرها أهل العلم، والكلام حولها والتنبيه عليها مما يتأكد أشد التأكيد؟

1- لأن جهادها ألزم من جهاد الأعداء قال ابن القيم: لما كان جهاد الأعداء في الخارج فرعا عن جهاد العبد لنفسه في ذات الله، كان جهاد النفس مقدما على جهاد العدو في الخارج وأصلاً له؛ فإنه ما لم يجاهد نفسه أولاً لتفعل ما أمر به، وتترك ما نهيت عنه، ويحاربها في الله لم يمكنه من جهاد عدوه في الخارج؛ ولهذا قيل: كلما كان العدو أقرب كان جهاده أوجب.

2- جهاد النفس من أعظم الجهاد؛ فقد جاء في الأثر: «أفضل الجهاد أن يجاهد العبد نفسه وهواه في ذات الله».

3- أنه أول ما يجب البداءة به؛ ولهذا جاء في وصية الصديق لعمر - رضي الله عنه -: «أول ما أحذرك به نفسك التي بين جنبيك».

4-أن جهاد النفس هو المقصود من خلق الخلق؛ فالمرء في هذه الدنيا دائر بين الرغب والرهب، والإنذار والتخويف.

5-النتيجة للجهاد إما نصر وإما هزيمة؛ فمن قويت همته، وعلت درجته، وآثر الباقية على الفانية تحقق له النصر والتمكين على هذه النفس، قال -تعالى- {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فإن الجنة هي المأوى} (النزاعات:40-41) فهذا أحد أنواع النصر التي تحققت بعد مجاهدة النفس هي حسن المنزل وهي الجنة، ومن النصر ما جاء في قوله -تعالى- {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت:69)، وهذا نصر آخر وهو تحقق الهداية، فاجتمع للمجاهد لنفسه بمجموع الآيتين نصران، في الدنيا بتحقق الهداية، وفي الآخرة بالجنة.

أما الثاني وهو المهزوم الذي لم يصبر على مجاهدة نفسه ماذا كانت نتيجته؟

قال -تعالى- {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)}(الشمس:7-10). وصنف آخر من المهزومين ممن ذكرهم الله بقوله {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (الزمر:56).

فإذا علمنا ذلك يجب أن نعلم ما جهاد النفس حتى تكون عدة المسلم حاضرة؟

قال المناوي في تعريف جهاد النفس: حمل النفس على المشاق البدنية ومخالفة الهوى، نسـأل الله أن يعيننا على توطينها على طاعة ربها ومخالفة عدوها.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك