رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 3 يونيو، 2013 0 تعليق

نعوذ بالله من الخذلان

 

     الأصل في المسلم أن يكف لسانه، وإذا كان لا يعلم فلا يَخُضْ وليلتزم بالسكوت، فما يحدث في سوريا من تجمع أحزاب الشر من كل حدب وصوب ما هو إلا لاستئصال شأفة أهل السنة والجماعة، وقد بدا واضحا أن الحرب طائفية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، قال شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله- الجهاد حقيقة: الاجتهاد في حصول ما يحب الله من الإيمان والعمل الصالح، ومن دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان. (مجموع الفتاوى 10/19)، فمقاومة الشر والفساد والانحراف يكون بكل الوسائل المتاحة والمباحة، فإذا العدو استباح الدماء والأعراض والدين والمال والعقل.. فماذا بقي؟

     ومن المعروف أن من مات دون ماله فهو شهيد، ومن مات دون عرضه فهو شهيد.. فالعدو استخدم كل الأسلحة الفتاكة والمحرمة، واستباح كل شيء، حتى إنهم يدعون الناس إلى عبادة بشار وإلى عبادة الصصور والتماثيل.. فجهاد الدفع لإقامة الدين ورفع رايته، وهو من أعلى القربات، وأجل الطاعات، لإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، ويتعامل المسلم مع إخوانه في الظاهر، ولا يجوز أن يتكلم عن غيبيات النوايا ويقسم على مجهول، «ألا شققت عن قلبه»! ولا يخفى على ذي لب فضائل الجهاد، فهو ذروة سنام الإسلام، وهو أفضل العمل بعد الإيمان بالله ورسوله، وفي الحديث: «لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها» أخرجه البخاري.

وقد بين أهل العلم أن الجهاد يتعين على الشخص في ساحة القتال في حالات ثلاث:

- إذا تقابل الصفان، فيحرم على من حضر الانصراف، قال تعالى: {يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير} (الأنفال:15-16).

- إذا نزل الكفار ببلد معين، تعين على أهله قتالهم ودفعهم، والدفاع عن النفس واجب شرعي، قال تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} (البقرة:190).

- إذا استنفر ولي الأمر قوما لزمهم النفير، قال تعالى: {يأيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير}(التوبة:38-39).

     فهاهم إخواننا يتعرضون إلى أبشع صور القتل والمجازر والإبادة، ومن بقي منهم يستنصرك في الدين فتخذلهم يا عبد الله!، قال تعالى: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر}(الأنفال:72)، دفاعا عنهم ودفاعا عن حياض الإسلام وديار المسلمين، وإعلاء لكمة الله، فهل نترك أهل الباطل المعتدين المفسدين، يقتلون إخواننا، ويمثلون بهم، ويهتكون أعراضهم، ويدنسون مساجدهم ويهدمونها، وييتمون أطفالهم، ويرملون نساءهم؟ ونحن نتفرج ونخرج بتصريحات مثبطة، ودروس في الخذلان والعياذ بالله! قال تعالى: {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا} (البقرة: 217)، فالجهاد بالمال، والدعاء، وبالخطب، والمقالات، ومطالبة الدول اتخاذ كافة الوسائل لدرء الفساد عنهم، ومقاطعة الأعداء دبلوماسيا، ومطالبة إخواننا بالثبات، وتلبية حاجاتهم؛ للدفاع عن أنفسهم وتوحيد كلمتهم، ورفع قضايا على الأعداء، وفضح المؤامرات التي تحاك، ونصيحة من يملك القرار، وضرورة اتخاذ قرار من منطلق المسؤولية الشرعية، ومن يستطيع نصرتهم من خلال التدريب والكر والفر، وتثبيط تحالف الأعداء وتفكيكه، وإيواء المستضعفين وعلاجهم، وبذل النفقة لهم وتعليمهم.

     ولا شك أن في كل مجتمع الصالح والطالح، والمنافق والتقي، ولا نسلط الضوء على تصرفات شاذة وكأنها هي الأصل، فهذا ليس من العدل، وليس من منهج السلف في شيء، فجهاد الكلمة الطيبة التي تنفع وترفع المعنويات، وتنصر إخوانكم وتخيف العدو المتربص، هذا من الجهاد الأكبر، كما قال تعالى: {فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا} (الفرقان:52)، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «وجاهدهم به» أي القرآن والبيان بالحجة والبرهان.

     فمن يقتل أخاك أو أختك فهو يقتلك، وينشر الفساد في الأرض، قال تعالى: {من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا} (المائدة:32).

     بل أمر الله بقتال من يقتل المسلمين: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا} (البقرة: 190)، فلا يتعين علينا أن نلتفت إلى حديث المخذلين، فهناك علماء كبار أفذاذ يتحملون مسؤولية الكلمة، وإعلان النفير العام، فما وسع العلماء من هم أعلم أهل الأرض يسعنا جميعا والعلماء في البلد الذي فيه حرب هم أعلم بمجريات الأحداث، فيطلبون، ويشرحون، ويوصلون الرسالة إلى الجميع، فكل على حسب استطاعته، وإيمانه، وقناعته، قال تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} (النساء: 141).

نسأل الله أن ينصر إخواننا في بلاد الشام وفي مينمار وفي كل مكان، ويسدد رميهم، وينصرهم على عدوهم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X