رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عبدالرحمن سليمان 28 مايو، 2018 0 تعليق

نصائح تربوية لمعلم القرآن في التعامل مع طلاب الحلقة

 

إليكَ -أخِي المعَلِّم- يا خيرَ مُعلِّمٍ، يا مبلغَ الوحيِ، يا حاملَ الأمانةِ: أبشِرْ! ثُم أبشِرْ! وَلمَ لَا؟! استمِعْ إلى حَبيبَكَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ ذُكِرَ لهُ رجُلانِ أحدُهُمَا عَابِدٌ والآخَرُ عَالمٌ؛ فَقالَ صلى الله عليه وسلم : «فَضْلُ العَالمِ عَلىَ العَابِدِ كَفَضْليِ عَلى أَدْنَاكُمْ»، ثُمَّ قَالَصلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ وَملائِكَتَهُ وَأهْلِ السَّمواتِ والأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الحوتَ ليُصَلُّونَ عَلىَ مُعلِّمِ النَّاسَ الخَيرَ»، يَا مَنْ قَالَ لَكَ حبيبُكَ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعلَّمَ القُرآنَ وَعَلَّمَهُ»، وَفِي رِوايةٍ: «أَفضَلُكُمْ»، نذكر في هذا المقال مجموعة من النصائح إلى معلم القرآن الخاصة ببعض مهارات إدارة الحلقة القرآنية التي تحول دون نفور الطالب وتفلته.

 

النصيحة الأولى: التعرف على الطلاب

ونقصد هنا: أول لقاء للمعلم بالطلاب، ويفضل أن يكون حوارا مفتوحا؛ ليتعرف فيه المعلم على الطلاب، ويسمع منهم شيئا من القرآن، ويسمعهم هو شيئا من تلاوته.

- ويسأل كل طالب: ماذا يعرف عن القرآن؟

- ثم يعرفهم بالقرآن، وبمعنى (مصاحبة القرآن)، وهذا من خلال ما ورد في المبحث الأول من الفصل الأول من هذا الكتاب.

- ويفضل أن يكرر هذا الحوار في أول ثلاث جلسات، للتعرف على الطلاب ودراسة شخصية كل طالب.

- وعلى المعلم أن يكون لينا في حزم، متوسطا في الكلام، يسمع منهم أكثر مما يتكلم، ولا يعلق إلا قليلا.

- وينبغي عدم تشخيص الطلاب في اللقاءات الأولى؛ فإن ما يحدث من بعض الطلاب في اللقاءات الأولى، قد يكون نتيجة مواقف سابقة من معاملة بعض المتعلمين لهم، وقد يكون الطالب مترقبا خائفا من المعلم، وقد يكون الطالب عنيدا متمردا، أو يكون خلوقا كثير الحياء.

- فعليك - أخي المعلم- أن تؤمن الخائف، وتحتوي العنيد، وتتقرب من الخلوق المؤدب.

وشاهد- أخي- هذا المشهد النبوي التربوي في اكتشاف المواهب وتوجيهها، وإشغال النفس بالحق حتى لا تنشغل بالباطل.

     فعن أبي محذورة رضي الله عنه، قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين خرجت عاشر عشرة من أهل مكة نطلبهم؛ فسمعناهم يؤذنون بالصلاة؛ فقمنا نؤذن نستهزئ بهم؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت»؛ فأرسل إلينا صلى الله عليه وسلم فأذنا رجل رجل، وكنت آخرهم، فقال صلى الله عليه وسلمحين أذنت: (تعال)؛ فأجلسني بين يديه؛ فمسح على ناصيتي وبرك علي ثلاث مرات، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «اذهب، فأذن عند البيت الحرام».

تعظيم القرآن

النصيحة الأولى غرس تعظيم القرآن في نفوس الطلاب، وذلك من خلال توجيه المعلم للطلاب- عند البدء في الحلقة- على الأمور التالية:

1- إشعار الطلاب أن هذا القرآن الكريم كلام الله العظيم -سبحانه- وأنهم عند قراءتهم ودراستهم للقرآن تجتمع ملائكة الرحمن لتستمع وتنصت وتدعو لهم؛ فيلزم أن تكون في خشوع وتدبر وإنصات عند القراءة والتسميع والمراجعة، ولا نعبث بشيء، ولا نستعمل الهاتف الجوال إلا لضرورة كالرد على أحد الوالدين.

2- تعويد الطلاب على آداب حمل المصحف ووضعه.

3- تحذيرهم من امتهان القرآن والكتابة على أوراقه أو تمزيقها.

4- حثهم على الوضوء قبل الدرس القرآني.

5- تعويدهم على الجلسة المناسبة بسكينة ووقار.

6- المحافظة على الإتيان بالاستعاذة والبسملة في مواضعهما.

7- تعريف الطلاب بآداب المسجد والحلقة، والأدب مع المعلم، والأدب مع زملائهم.

8- على المعلم أن يفرق بين حلقة القرآن الكريم، -التي تحتاج إلى مدارسة وتدبر وخشوع- وبين مجالس العلم التي تحتاج إلى مناقشة، كما أن الحوار المفتوح مع الطلاب يحتاج إلى إنصات من المعلم، والدروس التربوية تحتاج إلى وعظ وتذكير بآيات القرآن.

الثناء والمدح

النصيحة الثانية: ثناء المعلم على الطلاب وتقديره لهم والثناء ينقسم إلى نوعين:

أولًا: الثناء الإيجابي

     فمن السنة أن يقول المعلم للطالب: «أحسنت»، إذا أتقن الطالب ما علمه إياه؛ فقد قال ابن مسعود رضي الله عنه : قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: «أحسنت». ومثال ذلك أن يصدر المعلم بعض الكلمات الطيبة لمن يستحق، مثل: «قراءة طيبة»، «بارك الله فيك»، «تسميع جيد نفع الله بك»، «جعلك الله صاحبا للقرآن»، «جعلك الله من أهل القرآن»، «جعلك الله معلما للقرآن» «بارك الله في والديك»، «تسميع حسن رفع الله درجتك»... إلخ.

ثانيا: الثناء ُالسلبيِّ

     أن يقول المعلم- مثلا- : «قراءة طيبة، لكنها تحتاج إلى تثبيت، تسميع جيد بارك الله فيك، ولكن تحتاج للتركيز على التشكيل، جميل، ولكن في المرة القادمة لابد أن تسمع هذا الوجه مع الوجه الجديد»... إلخ، وهذا القول يكون للتسميع غير الجيد، وأحيانا يكون التقدير بألفاظ: (مقبول- جيد- جيد جدا- ممتاز- رائع)... إلخ.

وعلى المعلم أن يستخدم لفظ (مقبول) بدل (ضعيف)، فيقول للطالب- مثلا- : «مقبول حرصك على حضور الحلقة»، «مقبولة محاولتك لحفظ كتاب الله»، «مقبول وجودك بيننا».. إلخ.

     مع مراعاة الطالب الذي يتأثر بالتقييم بالسلب، ومراعاة الطالب الذي يتفاخر بالتقييم، ومراعاة أهمية غرس المعلم في نفوس الطلاب، أن لكل واحد منهم مواهب؛ فلا ينشغل كل واحد بموهبة غيره، بل يحمد الله على ما عنده، ويحب الخير لأخيه المسلم المتفوق؛ لأن تفوقه خير للإسلام، وهو أمر خصه الله به وقضاه له في الأزل.

متابعة الحضور

النصيحة الثالثة: التعامل مع ظاهرة غياب الطالب عن الحلقة؛ فتخلفَ الطالبِ أكثرَ من مرةٍ عن الحلقةِ يحتاجُ إلى أن نتساءلَ: لماذا يتخلَّف الطَالبُ عن الحلقة؟ فقد يكون السبب: عدم الحفظ، أو معاملة المعلم، أو الاختلاف مع بعض الطلاب، أو مكان الحلقة، أو وقت الحلقة، أو أمرا طرأ... إلخ.

ولنحذر من حذف اسم الطالب من الحلقة، بل علينا بمتابعته والسؤال عنه.

     ولابد- أولا- أن تعرف السبب الرئيس للغياب؛ فمعرفة السبب الرئيس لأي مشكلة هو نصف علاجها؛ فكثير من الطلاب لا يحضر لعدم الحفظ؛ فيوجه الطالب إلى أن حضور الحلقة هو الأصل لمصاحبة القرآن والانتفاع بسماعه، وأن الله -تعالى- يذكره في الملأ الأعلى، والملائكة تدعو له، وسيكون في صحبة الصالحين، والا يغيب عن الحلقة لعدم الحفظ، ويكون شعار الحلقة: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله....).

تفلت الطالب

وحذار- أخي المعلم- أن يترك الطالب حلقات الهدى والنور فيضل، بل اسأل عنه، وقل له: «افتقدناك في الحلقة»، أو «لا تحرمنا رؤياك»، وحُض أصحابه على زيارته والاتصال به للاطمئنان عليه.

ومن الممكن أن يكون في الحلقة طالب نشيط يتواصل مع زملائه للحضور، أو يقوم بهذا الأمر، مشرف، أو سكرتير الحلقات، أو المعلم، أو أحد أولياء الأمور، بحسب الاستطاعة.

ولو كان الطالب غير موفق في الحضور للحلقة أو تعلم القرآن؛ فلتكن لك به علاقة دعوية، بتوجيهه إلى الخير ومصاحبة القرآن وحضور بعض البرامج الإيمانية.

ونحث (إدارة الحلقات) على التواصل مع الطالب الغائب أو مع ولي أمره؛ لأن الشيطان- لعنه الله تعالى- يجلس لنا على الصراط المستقيم، وأكثر ما ينشغل به هو الصد عن حلقات العلم وتعليم القرآن؛ فلنجاهده في هذا الأمر، ولا نترك له الطلاب، والله الموفق.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك