رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: راشد سعد العليمي 9 فبراير، 2021 0 تعليق

نصائح البدايات قبل الزواج – الزواج علاقة كريمة قائمة على حسن الظن لشراكة دائمة

ما زال الحديث موصولاً عن النصائح التي ينبغي على الشباب الانتباه إليها مع أول بدايات السير في درب الحياة الزوجية؛ للحذر من وقوع المنغصات والمكدرات مستقبلا، فصفاء الحياة الزوجية في بداياتها مع وضوح نقاط التفاهم بين الزوجين مع أول ساعات الالتقاء سيجلب -بإذن الله- لهما السعادة والرحمة في علاقتهما، واليوم نستكمل الحديث عن تلك النصائح.

(25) اختلاف البلد

     قد يكون الزوج من بلد مختلف عن بلد الزوجة، وسيختلف حتما في عاداته وتقاليده، وربما ينجم عن ذلك بعض الأمور المكدرة للحياة الزوجية، ومن ذلك: قلة صبر كل طرف على الآخر؛ في كيفية تأقلمه مع عادات شریكه، مما يسبب تباينا في العلاقات، وسوء في فهم سلوك الزوجين. قد يقود الغضب إلى تحقير أهل الزوج للفتاة لاختلاف موطنها، وسبب ذلك أن الزوج لم یزرع الحب في قلب أسرته تجاه الفتاة، ويوطن الموافقة منهم تجاهها، فعلى الزوجين أن يتوقعا آثارا لاختلاف أنماط السلوكيات والشخصيات، فعليهما أن يتعلما كيف يفهمان سلوك الطرف الآخر.

(27) عدم التأقلم مع أسرة الآخر

     التأقلم مع أهل الطرف الآخر، وتوطين النفس على ذلك، له آثاره الرائعة في حسن العلاقة بين الزوجين؛ لأن الزواج ليس أمرا مؤقتا، أو محدودا بظرف معين؛ لهذا قد يكون من العسير على الزوج أو الزوجة التعامل مع أهل الطرف الآخر لاختلافات بينهما في أمور كثيرة، لكن ليعلم كل طرف أنه متى ما رضي بزوجه فلا بد أن يقتنع بعد ذلك بأهله وأصهاره، وعليه أن يحسن التعامل مع محيط أسرة شريك حياته لتستمر العلاقة سعيدة وموفقة -بإذن الله.

(28) الاختلاف الديني

     مما يخشى عليه في الحياة الزوجية اختلاف الدين بين الزوجين، حذرا من حدوث المشكلات لاحقا؛ بسبب اختلاف المفاهيم حول الاختيارات والضوابط وفق الأعراف والتقاليد، أو كيفية تربية الأولاد، أو قد تكتشف الزوجة بأن الزوج لا يهتم بالضوابط الشرعية، فتتفاجأ لاحقا بأنه لا يصلي، أو يشرب الخمر، وقد تسكت الزوجة عن ذلك على مضض، لأسباب عندها؛ زعما أنها بمقدورها نصيحته وتغيير أحواله، أو خشية الفضيحة بعد الطلاق، فتصبر وتسكت علی كره، لكن لا يتغير أي شيء بعد ذلك، والواجب منذ البداية اتخاذ قرار حاسم في المعالجة والنصح، أو اللجوء لتدخل الناصح من أهلها وأهله، وإلا فالعاقبة قد تكون بالندم عليها بعد وجود الأولاد.

(29) الفطنة في التعامل مع المشكلات الأخلاقية

قد يتفاجأ أحد الأزواج بتصرفات غريبة من الطرف الآخر في بعض الأمور الأخلاقية أو السلوكية، مما لم يعلمه عنه في فترة الخطوبة، وهذا الأمر له أمثلة عديدة، ومن ذلك:

أن تكون الزوجة متحررة

     كأن تكون الزوجة متحررة في تصرفاتها، كثيرة الخروج والسهر مع صديقاتها مثلما اعتادته قبل الزواج، ويكون هذا الأمر عند أهلها أمرا طبيعيا؛ مما يجعلها تشعر بعد ذلك بقسوة الزوج عليها إن منعها هذه الأمور؛ فتتضايق لعدم تأقلمها مع حياتها الجديدة، ومع الأوامر المفاجئة لها، ويتوقع أنها لا ترضى أن تتغير، فعلى الزوج أن يكون حازما في قراره لكن بطريقة المحب المترفق بها، ويتريث ويصبر ويعالجها بالحسنى، مع مشورة أهل الاختصاص، بعيدا عن تدخل أي طرف قد يفسد وسائل العلاج التي يتخذها الزوج.

أخلاق الزوج

     وهناك في الجانب الآخر أخلاق الزوج، كأن تكتشف الزوجة أن للزوج معاكسات ومكالمات، وله ماض سيئ لم يبتعد عنه، ولا تزال عنده السهرات مع الأصدقاء، أو كثرة السفر للخارج، بل لا يرضى أن يتدخل -كما يزعم- أحد في خصوصياته وحياته، فعليها حسن التدخل للعلاج والفطنة بإظهار أن حسن أخلاقه لها انعكاس على حسن خلق الزوجة، وما يظنه أن هذا حرية له إنما هو من تلبيس إبليس عليه، ويخشی أن تظهر آثاره على أهل بيته لاحقا.

الزوجة غير محجبة

     أو تكون الزوجة غير محجبة، ويعلم الزوج عنها هذا قبل الزواج، ثم بعد الزواج يريد فرض ارتداء الحجاب أو حتى النقاب عليها بالقوة وبأسلوب فظ، بعيدا عن الابتداء بأسر قلبها بمحبته، ومراعاة حقه لتستجيب بعد ذلك طواعية، ونعلم أن العنف وسوء النصح في الإرشاد سيقود حتما إلى المصادمات والتنافر.

الزوجة ذات شخصية قيادية

أو تكون الزوجة ذات شخصية قيادية، وتريد أن تفرض رأيها على بعلها من أول ليلة، ويصادمها الزوج بأن له مثل تلك الشخصية، ومثل هذه الأصناف من الأزواج لن تستمر علاقاتهما إلا بمعرفة كل واحد منهما ما له وما عليه، مع بذلهما لبعض التنازلات في جوانب من حياتهما.

استقلالية الزوجة في النفقة

     أو تجد الزوجة استقلالية منها عن نفقة الزوج؛ لظنها عدم حاجتها لمال زوجها، لما عند أسرتها من غنى، ويولد هذا الاستغناء المادي استغناء عاطفيا؛ فلا تريد أن يأمرها الزوج بأي أمر، وقد تفرض عليه أن تعيش مستقلة؛ مما يشعر الزوج بإهانة له بسبب هذا، وقد يقع الفراق بسبب هذا التصرف الغريب على العلاقة الزوجية.

(30) تأخر استلام المهر

     من المعلوم شرعا أن المهر حق للزوجة، ولا يجوز للزوج أن يؤخره، أو أن يعطيه لغير الزوجة إلا بعلمها وبرضاها، ويجب على الزوج تقديمه للزوجة قبل الدخول بها، وتأخيره بعد الدخول لا يجوز إلا برضاها، ولا يجوز له أن يأخذ منه أي شيء إلا بموافقتها، قال -تعالى-: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا} (النساء:4). وقال -تعالى-: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء:21)، والوفاء بالمهر فيه إظهار لحسن نوايا الزوج، وأن قلبه متعلق بها فقط.

(31) حاجتنا إلى الغيرة وليس للشك

     يتوهم بعض الأزواج أن الفطنة تجاه الطرف الآخر تتحقق بأن يكون التعامل منذ الأيام الأولى للزواج وفق مبدأ سوء الظن والشك، وكثرة السؤال والتدقيق والمراقبة، لكن شتان بين الرعاية والحرص حذرا من الوقوع في الخطأ، وبين علاقة قوامها الظنون والأوهام، الذي فيه دلالة خطيرة على سوء الخلق، وهدم لمبدأ الثقة بين الزوجين، فالزواج علاقة كريمة قائمة على حسن الظن، لشراكة دائمة.

(32) شخصيات غامضة

     بعض الناس يعيش في غموض مع أصدقائه، في جهة عمله، أو نسبه، وغيرها من الأمور، ويظل كذلك بعد الزواج مع زوجته! ويظن أن من خصوصياته ألا تعرف الزوجة عنه أين يعمل، وما مقدار راتبه، ومن أصدقاؤه؟ وهذا الغموض لا يدل إلا على شخصية تعاني من خلل نفسي وانعدام للثقة، ونعلم يقينا بأن الحياة الزوجية سوف تعاني أشد المعاناة من هذا الغموض؛ لذا ينبغي أن نتذكر أن الوضوح وحسن الثقة من سبل الحياة الناجحة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «... فإن صدقا وبينا بورك لهما...» في حياتهما الزوجية. والغموض في غير محله لن يجلب إلا الشك في الحياة الزوجية.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك