نسبة الإدارة في الأعمال الخيرية
كنت أنظر في أوروبا إلى بعض المنظمات الصليبية ومندوبيها فأجد أنهم يقيمون سنوات طويلة في فنادق فارهة وسيارات ضخمة وسألت أحدهم: كم تصرفون من الأموال التي تجمعونها؟ فقال: ما نسبته 40٪!
وتابعت المصروفات التي تصرفها الأمم المتحدة على أفرادها وقت توزيع المؤن الخيرية وما تجمعه من الدول، فوجئت أنها تتفاوت ما بين 40 - 50٪؛ لأنها تباشر النقل والحماية والمحاسبة والعطايا (الرشوة) لبعض الشخصيات حتى تصل بالمؤونات للآخرين.
وتابعت أيضاً جسور بعض الحكومات وقت الأزمات وقد رصدوا مبالغ ضخمة وتفاجأت أن نسبة المصروفات الإدارية والنقل والمكافآت تصل إلى نسبته 42 - 53٪ أحياناً حسب ظروف البلد ومخاطره.
أما في الجمعيات الخيرية والمبرات؛ فبدأ البعض يشكك في أن المبالغ التي تصرف في بند (والعاملين عليها) يصل إلى 60٪، وهذا كلام لا يقبل عقلاً ولا نقلاً.
فالجمعيات الخيرية عندما تستلم مشروعا تراعي فيه النواحي الشرعية من حيث إنها سهم من ثمانية كما قال تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله}.
وأيضاً بالنسبة لأموال اليتيم، قال تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده} فتأخذ نسبة للإشراف عليه ولتعليمه ورعايته الصحية ولنقله وما يعود عليه بالنفع، وبالنسبة للمشاريع تتطلب نسبة للهندسة وللإشراف وعملية النقل والمتابعة فيتم أخذ ما نسبته 10٪ من المشروع.
فأغلب من يعمل في اللجان الخيرية يعمل متطوعا لا يريد من أحد جزاء ولا شكورا؛ لأن الله سبحانه يوفيه حسابه وكفى بالله حسيبا، فهو الغني والكريم والجواد، ولكن هناك إيجارات للمبنى وصرف على الكهرباء والماء والاتصالات والحراس والنقل والمتابعة وما يسمى بالمصاريف الإدارية وخدمة ما بعد استلام المشروع، فمن الذي يقوم على ذلك.
أما بالنسبة للذي يجمع المبالغ، فهي تنضبط بضوابط محددة ومعروفة ومقبولة حتى عند الشؤون؛ لأنه يذهب من مكان إلى آخر ويبذل جهداً متميزاً ويستحق راتباً ومكافأة بسيطة لا تتعدى 2٪ مما يقوم بتحصيله.
وأما بالنسبة للمتبرعين فإنهم يذهبون إلى الجهات التي هي محل ثقة فيبرم عقداً واضحاً ومحدداً لمشروع مثل كفالة اليتيم أو بناء مراكز أو مساجد ثم يعلم أن هناك نسبة إشراف تؤخذ من المبلغ العام للمشروع.
وفي نهاية المطاف هناك هيئات رقابية ومحاسبية على جميع ما يدخل ويخرج من الجمعيات الخيرية وبدقة متناهية وأمانة وشفافية، والذي يخالف ذلك تنزل عليه عقوبات شديدة قد تصل إلى إغلاق المكان، واليوم لا توجد هيئة حكومية أو منظمة عالمية إلا وتأخذ نسبة إدرارية وإشرافية ومهنية قد تصل إلى نسب عالية، فأنت عندما تضع أموالك في أي بنك لاشك أنه يأخذ نسبة معنية ومحددة، والتأمينات مثلا تأخذ حتى على قيمة الاستهلاك وعليها لماذا قبل رمضان وفي اثنائه وبعده يتم التشكيك بالأموال ومصارفها رغم أنها خيرية ويستفيد منها مستحقوها بكل أمانة، وهي تسد بابا عظيما من أبواب السؤال والتعفف.
لاتوجد تعليقات