رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: فايزة أوشالة 29 أكتوبر، 2019 0 تعليق

ندوة نظمتها إدارة كلية الشريعة بجامعة الكويت- صناعة الوعي


نظمت إدارة كلية الشريعة الإسلامية الأسبوع الماضي يوم الخميس 17 أكتوبر الجاري، ندوة عامة بعنوان: (صناعة الوعي), تناولت من خلالها الأخوات د. هيفاء السنعوسي، ود.هناء أيوب الأيوب، ود. خلود السالم، محاور متنوعة ومتجددة حول الداء العضال الذي استفحل بين أوساط الشعوب المسلمة ألا وهو: (علم الطاقة المزعوم).

اختطاف مصطلح الطاقة

     استهلت د. هيفاء السنعوسي الندوة بالحديث عن اختطاف مدعي علم الطاقة لمصطلح الطاقة العلمي واستغلاله في ترويج أفكارهم الباطنية الشركية، ونوهت أن الشريحة النسائية أكثر ضحايا هذه الخرافات؛ حيث إنها تركز على  كل ما تهتم به المرأة من رشاقة، وجمال, ومال, وصحة, وجلب الشريك, والعلاج بالموجات, والعلاج بالأحجار الكريمة, ونحت الوجه بالطاقة, وصناعة غمازات بالطاقة, واللمسة الفيزيائة, وهذه المصطلحات تمثل طقوسا منبثقة من ديانات شرق آسيوية، لا تؤمن بوجود الله، وتعبد الجمادات والحيوانات؛ فكيف بمسلم عاقل يلقي بنفسه في ظلمة الجهل والخرافات بحثا عن العلاج والكمال؟ وذكرت السنعوسي الأمور الحسية والقولية المسروقة من الإسلام: التأمين بعد الدعاء، ووضع اليد بوضع الرقية نفسها... إلخ.

دورات الطاقة يمنع تصويرها

     وأضافت أن مدربي الطاقة يرفضون استخدام الهواتف خلال دوراتهم، ويمنعون تصويرها؛ لأنهم يوقنون أن ما يزاولونه مجرد جدل وسحر، ولا يمت للعلم بصلة، وأصبح علم الطاقة علم من لا علم له بدرجات وهمية، مثل: ممارس،  وممارس أول، ومستشار، ومعالج مدرب معتمد وماستر كبير مدربي أفاتار، كما أن الكثيرين من أدعيائه لا يقدرون على حل مشكلاتهم، ويموتون بأمراض لا يقدرون على علاجها، مثل: (ستيف هوبس) الذي قرر العلاج من خلال الطاقة الكونية؛ فزاد مرضه ومات دون تشاف.

لماذا انتشرت هذه الدورات؟

وتُرجع د. السنعوسي أسباب انتشار دورات العلاج بالطاقة إلى ضعف الوازع الديني، وضعف الإيمان، والجهل بعلوم الدين، فضلا عن الجشع المادي، وهوس الشهرة .

حركة العصر الجديد

      أما د. هناء الأيوب فذكرت أن علم الطاقة يغزو من جديد بمسمى حركة العصر الجديد بالطقوس والخرافات البوذية والهندوسية نفسها مع إبداعات خرافية علاجية، وقد بدأت الأيوب حديثها بقول الله -تعالى-: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(108)، ثم عرفت حركة العصر الجديد التي يروج لها مدربو الطاقة بأنها حركة باطنية، روحية، إلحادية، تهتم بعالم الأرواح والسحر والشعوذة, وانتشرت من خلال المجتمعات الباطنية عام1970، وتفرعت عن الفلسفات الشرقية: (البوذية, والهندوسية, والطاوية، والشامانية, والكارما, والهونا)، ويدعي أصحابها أنهم يستمدون الطاقة من القوة الروحية والمخلوقات النورانية التي لا ترى بالعين المجردة، ووصل بهم الادعاء إلى تسخير الملائكة في تلبية حاجاتهم والعياذ بالله، ومن خدعهم أنهم يدعون أنها حركة شمولية، لاتحكمها عقائد حتى تروج لفكرة عدم التعارض مع الدين، وهذا الظاهر، أما الباطن فهي تدعو الناس للإلحاد الباطني، ويستخدم منتسبوها مصطلحات علمية معقدة وعالية الدرجة، مزاجيا دون الخوض في ماهيتها العلمية .

وأضافت الأيوب أن العلم يعتمد على التجربة، ويستخلص منها النتيجة، بينما حركة العصر الجديد ليست سوى سرد لقصص شخصية.

خرافة الوعي الكوني والجسم الأثيري

     وأكدت الأيوب أن الوعي لدى أصحاب الحركة ليس هو الفهم والإدراك الذي تعلمناه، ولكنه مقتبس من ثقافة الهندوس، ويشير إلى إله عندهم اسمه (تايكي)، ويتجسد في الإله (تشو)، الذي تجسد 11مرة من قبل، وبقيت المرة الثانية العشرة التي سيطهر فيها العالم من العبودية والظلم، وسيخرج من مدينة (شامبلاكي) حسب اعتقاداتهم الباطنية، وهنا دعوة لكل مسلم يؤمن بوحدانية الله، أن يبحث في هذا الادعاء قبل أن يغرر به، حتى لا يكون ضحية من ضحاياهم، أو يقرهم على شركهم وضلالهم وإضلالهم للناس، ويتطلب الوعي لديهم استخدام البعد غير الفيزيائي، وهو ما يسمى بالجسم الأثيري، والإسقاط النجمي الذي يعدّ جميعه من العلوم الزائفة التي لا تستند إلى أي دليل علمي لإثباتها.

طاقة حول الجسم

     وأضافت الأيوب، لا يكفي الزعم بوجود جسم أثيري من نور، أو طاقة حول جسم الإنسان للتأكد من أنَّه موجود، بل هذا التقوُّل نوع من أنواع الافتراء والادعاء دون براهين وأدلة، قال -تعالى-: {ولَا تقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤولًا}، قال الإمام السعدي في هذه الآية مفسِّرًا: «ولا تتَّبع ما ليسَ لكَ بهِ علم، بل تثبَّت في كلِّ ما تقوله وتفعلُه؛ فلا تظن ذلك يذهب لا لك ولا عليك»، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «إنَّ مِن أفْرَى الفِرَى أنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ ما لَمْ تَرَ»؛ فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يتوهم المرء وجود أشياء لا يراها، والخلاصة أنَّ الاعتقاد بالجسم الأثيري مأخوذٌ من اعتقادات أديان وثنية قديمة من ديانات الشرق؛ لذلك لا يجوز قطعًا الإيمان به، ولا الاعتماد على هذه المعتقدات؛ لأنَها تدخلُ في باب الكهانة والشعوذة، وهذا يعد كفرًا -والعياذ بالله-؛ لأنَّ هذه أمور غيبية، لا يعلمها إلا الله -تعالى.

اليوغا رياضة أم عبادة؟

وأضافت الأيوب أن اليوغا عبادة هندوسية بلباس رياضة  يلتبس على الناس، انتشرت وتوسعت بين المستشفيات ومراكز الجيم وجلسات العلاج الطبيعي في دول المسلمين، وهذه طامة كبرى أن نأخذ دينا آخر ونلبسه لباس الرياضة والعادة الصحية .

حركة مزيفة

     وأضافت الأيوب، أن الكثير من المسلمين انجروا وراء هذه الحركة المزيفة باسم العلم والعلاج بالطاقة، وغرر بهم حتى أصبحوا يشاركون في تسريب هذه الممارسات لملامسة حاجات الناس, ومنهم كوادر في مختلف المجالات، ومنهم من يركضون خلف الشهرة والكسب المادي وليس لهم من العلم من شيء، والأمثلة كثيرة دون الخوض في أسماء .

قانون الجذب

     وعن قانون الجذب قالت الأيوب: قانون الجذب أو بأصح العبارة (الجدب) حسب المشتغلين بالطاقة، تعمل التدريبات التي يقدمونها على رفع هالة الإنسان، من أجل التحكم بالأحداث الحياتية، وجذب الإيجابي منها وإبعاد السلبي، أو استخدام الأحجار الكريمة في ذلك، وأكدت أن كل ما يقدمونه ليس إلا هراء، ولا يقوم على أي مبدأ من مبادئ العلم، حتى أنهم لا يتفقون مع بعضهم في الطرح؛ فليس لهم منهج موحد أو لغة واحدة، ولا حتى اتفاق على ماهية علم الطاقة، وهذه الدرجة من عدم الوضوح سمحت لأشخاص لا علم لهم، ولا يمتلكون شهادات حقيقية أو ثقافة، بأن يختطفوا عقول المساكين وأموالهم.

محاور قانون الجذب

     أما د. خلود السالم فأشادت بالجهود الطيبة والمشرفة، التي توليها دولة الكويت في التصدي لهذه النازلة العقدية، من خلال إصدار وزارة الأوقاف فتاوى تحرم هذه الخرافات، ومنع إقامة دوراتها داخل العديد من الفنادق، وتبني مسؤولين بلاغات لمنع ندواتها، ومنع مرشدين في المجال من دخول أراضي الوطن، آخرهم كان (ديبار تشوبرا)، وفي هذا دفع للشرور، وكذلك المشاريع التي انطلقت منها الفكر العقدي الوافد، مشروع البيضاء، وجهود الباحثين في المجال، نذكر منهم الدكتورة فوز الكردي، وهيفاء الرشيد وغيرهن كثر ولله الحمد،  والمواقع، ودار نشر (الأولون) المتصدرة في نشر كل ما يمنع ويحد من هذا الدجل والشعوذة، ويفترض حقيقة أن تتكاتف الجهود حتى يكون المنع حقيقيا من خلال حملات التوعية بخطورة المشكلة وخطرها على معتقداتنا ومصيرنا، وحتى أوضاعنا المالية؛ حيث إن الأموال التي تصرف في هذه الدورات باهظة، وقد وصل الأمر إلى بيع مراكز طاقة وهمية  كروت لشحن  الطاقة الإيمانية وسكينة تتعدى الآلاف .

أكثر من 300 تطبيق للطاقة  يغزو العالم، ويلون نواقض التوحيد بلون عصري جديد، يواكب حاجات المجتمع.

     300 تطبيق للطاقة يزاحم العبودية بتلبيس مزخرف  يتسبب في ( الموت, والاكتئاب, وانفصام الشخصية, والطلاق, وقطع الأرحام, وإهمال الأبناء, وأموال طائلة تصرف لفصل الروح عن الجسد، وتحقيق وحدة الوجود والاتحاد والحلول، وهذا وصفه الشيخ ابن تيمية  -رحمه الله- بأشد الشرك من شرك كفار قريش، {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}(55).

أعزنا الله بالإسلام

وختمت السالم محاضرتها قائلة: نحن أعزنا الله، وأكمل لنا ديننا، وفيه متطلباتنا الروحية، والمعنوية، والمادية، والنداء موجه إلى عقلاء الأمة بمختلف التخصصات والكفاءات، بالتصدي لهذه الآفة الوافدة والخطيرة على الدين، والنفس، والعقل، والمجتمع.

  

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك