رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر المحلي 14 مايو، 2019 0 تعليق

ندوة إدارة الكلمة الطيبة بإحياء التراث الإسلامي – أثر الخطاب الديني الإعلامي على الفرد والمجتمع


أقامت إدارة الكلمة الطيبة (المراقبة الثقافية) بجمعية إحياء التراث الإسلامي ندوة عامة بعنوان: (أثر الخطاب الديني الإعلامي على الفرد والمجتمع)، وقد طُرح فيها العديد من المحاور مثل: أهمية الخطاب الديني واستخدامات الإعلام في الرسالة الإلهية، فضلا عن نماذج من أثر الخطاب الديني على الجماهير، وأسباب عزوف بعض دعاة أهل الحق عن الإعلام .

الإعلام وأهميته في الخطاب الديني

     في بداية الندوة عَرَّف الشيخ د. بسام الشطي – رئيس قسم العقيدة والدعوة بكلية الشريعة بجامعة الكويت – الإعلام وأهميته في الخطاب الديني، فقال: إن الإعلام مهمته عظيمة، والمقصود بالإعلام لغة: البيان والوضوح ودحض الشبهات حتى تصل إلى الناس ويتقبلوها بوضوح وشفافية، وأما الإعلام اصطلاحا: فإنه لا يوجد تعريف جامع؛ لأن العلماء في هذا الاختصاص تكلموا كثيراً، ولكن أول من أنشأ الدراسات الإعلامية في جامعة الأزهر هو د.عبد اللطيف حمزة -رحمه الله-، وكان حريصاً على أن يوجد هذا التخصص هناك؛ فيعرف الإعلام: بأنه تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة والحقائق الثابتة، حتى يساعدهم في تكوين رأي صائب لمشكلة من المشكلات أو موقف من المواقف، وهذا التعريف هو الذي يدعو إليه الإسلام .

الإعلام قسمان

     وبين الشطي بأن الإعلام ينقسم إلى قسمين: إعلام المعلومة وإعلام الإثارة؛ فإعلام المعلومة: هو التحدث حول أركان الإسلام والإيمان، وشروط الصلاة الصحيحة وغيرها من أمور الشريعة، وهناك إعلام الإثارة، وأكثر اهتماماته بما يسمى بالمستجدات وسبق الحدث؛ فتجده كحاطب الليل يجمع كل معلومة صحيحة كانت أم خطأ، بل ويزيد عليها حتى يلفت أنظار الناس.

أركان الإعلام

     وأضاف، من المعلوم أن أركان الإعلام أربع، ومنهم من قال: إنها خمسة أركان، وهي المتلقي: الذي تصل إليه هذه الأخبار، الملقي لهذه الأخبار، ورسالة الإعلام، والأدوات التي يتواصل بها الناس مع بعضهم بعضا؛ فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت عنده رسالة إعلامية، ولا توجد وسيلة إعلامية في عهده إلا واستخدمها النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكان عنده النصيحة، والموعظة، والخواطر، وخطبة الجمعة، والعيدين، وكذلك خطبة النوازل والقضاء والكسوف، كما بعث صلى الله عليه وسلم برجال إلى رؤساء الأرض وملوكها حتى يبلغوا دين الله -تعالى-، ويقيم عليهم الحجة، كذلك كان يرسل الدعاة ويختارهم من أصحاب العلم والبيان والحجة، ومن كُتَّاب الوحي؛ فقد أرسل كلا من علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل - رضي الله عنهما - إلى اليمن، كما اختار أول سفير في الإسلام أن يكون صاحب إعلام وعلم وبيان؛ فاختار مصعب بن عمير حتى يذهب إلى يثرب؛ حيث طلبوا أن يتعلموا الدين الإسلامي؛ فأقام عليهم الحجة والبيان بشفافية ووضوح، وبالتالي قبلوه؛ فاستطاع أن يمهد الطريق للنبي صلى الله عليه وسلم في قضية المؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين.

أكبر إعلام نملكه

     وإذا نظرنا إلى القرآن الكريم، نجده أكبر إعلام نملكه لننشره بين ربوع الناس، وهو من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم الخالدة؛ فمن سمع القرآن وجد فيه الراحة، والسعادة، والطمأنينة، كما بين الله -تعالى- فيه حال الأمم السابقة كأمة موسى، وعيسى، وإلياس، وغيرهم، وما حدث لهم عند دعوتهم، وما وجدوه من جحود وتكذيب ونكران لله -تعالى- من قومهم، كما بين واقع الأمم السابقة وما حدث لهم عندما كفروا بالله -تعالى .

الدعوة إلى الله -تعالى

     وأضاف المحاضر بأنه في وقتنا الحالي نجد أن الدعوة إلى الله -تعالى- إعلام، وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إعلام، ودحض الشبهات، والدعوة بالكلمة الطيبة والحجة الدامغة هذا كله إعلام، وعندما نتصدى إلى الكفار ونحافظ على هويتنا الإسلامية فهذا إعلام؛ لذلك فالإعلام يؤدي دوراً كبيراً جداً، ونجد يومياً مواقع غير المسلمين في الإنترنت والفضائيات تنفق الأموال والجهد الكبير في الصد عن سبيل الله، لكن الله -تعالى- بارك في جهود المسلمين في نشر الدعوة، وإن كانت قليلة، يقول الله -تعالى-: {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون}.

توظيف إعلامي

     وفي ختام محاضرته، أوضح الشطي بأن الحوادث التي ذكرها الله -تعالى- في القرآن الكريم تحتاج أن نوظفها إعلامياً، وأن نركز على المناقشات التي دارت مثلاً بين إبراهيم -عليه السلام- والنمرود، وبينه وبين عبدة النجوم، كيف استطاع أن يقنعهم، وأن يقيم عليهم الحجة في محاورة بسيطة لم تتجاوز ثلاثة أسطر؟ فنحن نحتاج إلى أسلوب الإقناع ودحض الشبهات، وأن نكون مخلصين في دعوتنا إلى الله -تبارك وتعالى.

أكبر وسيلة للتواصل

     بعد ذلك تحدث الشيخ د. خالد السلطان موضحاً بأن أكبر وسيلة للتواصل بين الناس تكون عن طريق الإعلام، والناس تعتمد على الإعلام بمختلف وسائله من جرائد، وتلفاز، وإذاعة، وإنترنت، وبرامج التواصل الاجتماعي، في الحصول على أخبار العالم في زمن قصير بلغات مختلفة، وهذا ما يسمى بوسائل الاتصال الجماهيري.

قوانين ونظريات

     والإعلام خضع لقوانين ونظريات، قال بها أهل الإعلام، ومن خلال هذه النظريات، قُسِّم تطور وسائل الإعلام إلى ما يلي: الكتابة اليدوية، وبعدها ظهور الطباعة، ثم ظهور الاتصال اللاسلكي، تلاه ظهور أول كمبيوتر في العالم، ثم تطور الأمر إلى أن وصلت برامج التواصل الاجتماعي إلى مرحلة لا يستطيع أحد الاستغناء عنها حالياً، بل وصلت إلى مرحلة أن أصبحت هذه البرامج وسيلة خطر على حياة كثير من البشر وعلى أموالهم وأعراضهم .

بداية ظهور وسائل الإعلام

     وحول بداية ظهور وسائل الإعلام في العالم وفي الدول العربية، أوضح السلطان بأن أول مجلة كويتية خليجية خرجت عام 1928م، هي مجلة (الكويت)، ومؤسسها العلامة الشيخ عبدالعزيز الرشيد -يرحمه الله-، وأول صوت بشري ظهر عبر الأثير كان عام (1906م) في أمريكا، وفي بريطانيا كان عام (1920م)، وفي مصر ظهر عام (1925م)، وكانت أول نشرة إخبارية في الكويت عام (1960م) .

أول إذاعة شبابية

     وأول إذاعة شبابية عرفتها الكويت كانت في منطقة (الفيحاء)، عن طريق مجموعة من الشباب الهواة الذين أخرجوا ثلاث إذاعات للكويت هي: إذاعة الفيحاء، وصوت الفيحاء، وإذاعة شباب الفيحاء، إلى أن قامت الحكومة بعمل إذاعة رسمية ومنعت أي إذاعات أهلية، وتعين الشيخ عبدالله النوري عام (1953م) مديراً للإذاعة، وكان أول برنامج ديني في إذاعة الكويت هو (الدين النصيحة)، وكان يبث مرتين في الأسبوع .

أما بالنسبة للتلفاز فإنه في عام 1936م انطلقت أمريكا في البث للعالم، وفي سنة (1956م) كان أول تلفزيون عربي بدأ في العراق، ثم الجزائر، ثم مصر، ثم لبنان، وفي عام (1961م) انطلق البث الرسمي في تلفزيون الكويت.

الإعلام الدعوي

     وعن الإعلام الدعوي قال السلطان، نحن إذا تحدثنا عن الإعلام الدعوي أو الديني فنحن نعد جديدين جداً على الساحة الإعلامية؛ فلماذا لا يعطينا الآخرون الفرصة لكي نبدع وندخل فيه، ونتغلغل فيه ونؤدي رسالتنا الدعوية عبر هذه الوسيلة؟ لماذا يستعجل علينا الكثير؟

     وعن موقع الإعلام الديني من الإعراب، قال: هناك إحصائيات تبين أن عدد القنوات العربية الفضائية (1122) قناة فضائية، أما القنوات الدينية فيبلغ عددها (122) قناة دينية فقط؛ فنحن نعيش في غربة في الإعلام، ومع ذلك فإن الكثير من الإحصائيات تشير إلى أن عدد المقبلين على القنوات الدينية في ازدياد، وأن الخطاب الديني الإعلامي له تأثير وواقع ووجود، بل له محبون، وعلينا ألا نقلل من قيمة الإعلام الديني، سواء كان مقروءاً أم مرئياً أم صوتياً، أم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي؛ فلابد أن يكون له أثر كبير -بإذن الله -تعالى .

نماذج من أثر الخطاب الديني

     بعد ذلك تحدث المحاضر حول نماذج من أثر الخطاب الديني الإعلامي على الجماهير، موضحاً بأن هناك مزايا عامة لهذا الخطاب على الجماهير، تمثلت في تبليغ الرسالة بطريقة أعم وأشمل وأسرع، وتكوين قضية رأي عام للقضايا المطروحة، وإظهار الرأي الآخر ومناقشته والرد عليه.

المزايا الخاصة

     أما المزايا الخاصة التي كان الإعلام الديني سبباً فيها؛ فقد أوضح د. خالد السلطان بأنها تمثلت في إضعاف عدد الخارجين للمظاهرات، وساحة الإرادة نموذج لذلك، كذلك إلغاء الكثير من المجالس البدعية المزمع إقامتها في البلاد، وإلغاء الكثير من الدورات الشاذة فكرياً مثل دورة (الطاقة)، ومنع الشخصيات المفسدة في شتى المجالات من دخول البلاد، واستصدار قوانين منظمة للتجارة ما بين المسموح والممنوع، وقضية صناعة المجسمات نموذجاً، كذلك اختفاء الكثير من مظاهر البدع في باب العقائد والمعاملات، وإحياء الكثير من السنن بين الناس في كثير من الميادين، ومنع الاختلاط في التعليم الخاص والعام في الكويت؛ فجميع ما سبق كان وراءه الخطاب الديني الإعلامي المؤثر .

عزوف دعاة الحق عن الإعلام

     وفي نهاية محاضرته تطرق د. السلطان إلى سبب عزوف دعاة الحق عن الإعلام، موضحاً بأنه الجهل بآثار الإعلام الحسنة التي يستطيع الداعية من خلالها الوصول بدعوته إلى أكبر عدد من الناس، كذلك الجهل بأثار الإعلام السيئة؛ ففي حين ترك الدعاة الساحة دخل مكانهم المغرضون والمفسدون وأهل الزيغ والضلال، كذلك تذرع بعض الدعاة من الخوف في الوقوع في الرياء والسمعة والشهرة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك