رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 25 نوفمبر، 2019 0 تعليق

ندوة أقامها مركز ابن خلدون للدراسات الاستراتيجية – وقفة نقدية مع التيارات الصدامية

 

 

استضاف مركز ابن خلدون للدراسات الاستراتيجية الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أحمد الشحات، لإقامة ملتقى علمي اشتمل على مجموعة من الفعاليات، منها إقامة ندوة علمية بعنوان: وقفة نقدية للتيارات الصدامية، وعدد من المحاضرات والجلسات الحوارية، منها شرح الرسالة التبوكية لابن قيم الجوزية، وآداب العمل الجماعي، كما عُقدت دورة علمية مكثفة بعنوان: (أصول ومعالم المنهج السلفي)، واختتم الشحات الملتقى العلمي بمحاضرة عنوانها: كيف السبيل إلى ربي؟

     وفي محاضرته: (نظرة نقدية للتيارات الصدامية) كان حديثه عن التيارات الصدامية وأثرها في واقع الأمة قال الشحات: إن الدعوة السلفية لها -بفضل الله- تاريخ عريق في تأصيل المسائل العلمية وتحرير القضايا المنهجية، وذلك منذ أن نشأت في سبعينات القرن الماضي وحتى الآن، وقد تميزت الدعوة عن غيرها من الكيانات الأخرى بالشمولية في طرح قضايا العلم والدعوة، والسلوك والتهذيب، ومناهج التغيير والإصلاح، وكذلك قضايا العقيدة والفكر والتربية.

التيارات الفكرية المنحرفة

     وقد تصدَّت الدعوة السلفية لمواجهة العديد من التيارات الفكرية المنحرفة التي ظهرت في العالم الإسلامي؛ فمن ذلك أنها واجهت خطر التكفير بصوره وأشكاله، وواجهت تيارات العنف والصدام؛ بداية من تغيير المنكرات بالقوة، وصولًا إلى تبنِّي فكرة المواجهات المسلحة، انتهاءً بمحاولات هدم الوطن وتخريب المجتمع، ببث الفوضى ونشر الذعر، وإذكاء روح الثأر والانتقام، تحت شعارات المقاومة والممانعة، والحسم، والردع، وغيرها.

الدفاع عن العقيدة

     وقد رفعت الدعوة السلفية لواء الدفاع عن العقيدة والاهتمام بقضايا التوحيد وأصول الدين والإيمان؛ لأن قضية التوحيد هي أصل الأصول، وأول الواجبات، والركن الركين الذي تدور حوله كثير من فروع الدين وجزئياته، من هنا كانت قضايا التوحيد والعقيدة هي بيت القصيد فيما نعانيه اليوم من أزمات فكرية؛ فالمتربصون الذين يهاجمون الشريعة، ويطعنون في ثوابتها، يرومون بذلك زعزعة العقيدة في نفوس المؤمنين، وكذلك المنحرفون الذين يشوهون صورة الدين ببدعهم وضلالاتهم، إنما وقعوا في ذلك بسبب عدم فهمهم لعقيدتهم، وجهلهم بمصادر التلقي الصحيحة في دينهم.

محوران أساسيان

لذا قام المشروع العلمي للدعوة السلفية -في هذا الباب- على محورين أساسيين:

- الأول: جانب البناء الذي يُعنى بتثبيت معاني العقيدة في القلوب، كما جاءت في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة، مع الانطلاق بهذه العقيدة في الميدان العملي لتصبح منهجاً عاماً للحياة. والثاني: جانب الهدم، الذي يهتم بالتعرض للأفكار الباطلة والمذاهب المنحرفة وطرائق مناقشتها والردود العلمية عليها.

حملات الكيد والتربص

     وقد تحمَّلت الدعوة في سبيل ذلك العديد من حملات الكيد والتربص، والاتهام والإيذاء، فتيارات الغلو والتطرف تتهمها برقَّة الدين، وقلة العلم، وتيارات التفريط والتسيُّب تتهمها بالتشدد والرجعية، والحق وسط بينهما فلا إفراط ولا تفريط، ولا محاباة ولا مجافاة، قال -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة: ١٤٣).

     وقد كان المسلك العملي الذي تبنَّته الدعوة عبر تاريخها إزاء تلك الحملات الظالمة أنها تتمسك بالحلم، وتلتزم بضبط النفس، مع الدعوة لتعلم العلم الذي يرفع الجهل، ويزيل الوَهْم، ويُورث الفهم؛ فالأفكار بطبيعتها لا تموت، بل تتجدد وتتطور مع الوقت، وما نظنه قد اختفى اليوم نجده يظهر غدًا.

ظهور التيارات الفكرية

     وأضاف الشحات، عند التأمل في الأحداث الكبرى التي طرأت على المسلمين خلال المائة سنة الأخيرة، ولاسيما بعد سقوط الخلافة الإسلامية عام 1924 وما تبعها من موجات حادة من التغريب والتغييب لأبناء الأمة، وجدنا أن هناك تيارات فكرية وجماعات تنظيمية ظهرت على الساحة، وأحدثت دوياً هائلاً في حياة المسلمين العقدية والفكرية والتنظيمية والسلوكية، هذه التيارات نشأت في البداية على يد بعض الأفراد أصحاب المكانة والتأثير والقبول، ثم ما لبثت أن كَوَّنت تيارات وجماعات لها أتباع ومحبون في كل البلاد الإسلامية بل وغير الإسلامية.

رموز وأسماء

ثم بين الشحات أنه في تلك الفترة ظهرت رموز وأسماء قُدر لها الشهرة والانتشار، وكثير منهم أصبح أميراً على جماعة، أو مسؤولاً عن تنظيم، بجانب كونه الأب الروحي للفكرة أو التيار.

تفكيك الفكر الصدامي

     وعن دور الضبط العلمي لقضايا العقيدة في تفكيك الفكر الصدامي تناول الشحات عددا من القضايا العقدية المهمة، التي يؤدي الانحراف في فهمها - غالباً - إلى الجنوح إلى تيارات العنف والصدام قولاً أو فعلاً أو سلوكاً، والغرض المقصود من ذكر هذه القضايا هو توجيه العناية إلى دراستها بنظام منضبط ودون توان، وهي تستحق أن تُفرد لها محاضرات مستقلة خاصة، تجمع شتات مسائلها، وتضبط أحكامها، وتعالج التساؤلات والاستشكالات حولها.

العزلة الشعورية

     وعن دور سيد قطب في ظهور التيارات الصدامية ذكر الشحات نبذة مختصرة عن حياة سيد قطب، والمراحل الرئيسة الأربعة التي مر بها في حياته، وأكد على أن الغرض من تتبع هذه المراحل أن ندرك التطور الفكري الذي مر به، وحتى نتمكن كذلك من تقييم كتاباته في ضوء المرحلة التي كان يعيشها.

كما تكلم الشحات عن أهم الأفكار التي قام عليها منهج سيد قطب وفكره، على رأسها قضية جاهلية المجتمعات الإسلامية، وقضية الحاكمية، وقضية العزلة الشعورية والمجتمعية.

التكفير والهجرة

     وعن جماعة التكفير والهجرة تكلم الشحات عن الأصول والمباديء التي قامت عليها جماعة التكفير والهجرة والسمات التي اشتهرت بها، مع نبذة سريعة عن شخصية المؤسس وحياته ومدى تأثير ذلك على الجماعة من الناحية الفكرية والسلوكية، كما تعرض الفصل للجريمة البشعة التي ارتكبتها الجماعة في حق الشيخ الذهبي -رحمه الله-، وهي الحادثة التي أعدم على إثرها شكري مصطفى.

جماعة التوقف والتبيُّن

     وعن جماعة التوقف والتبين ذكر الشحات عددا من المنطلقات التي قام عليها التيار القطبي الذي خرجت منه جماعة التوقف والتبين، وكذلك بعض ملامحه مثل التقسيم الثلاثي للمجتمع وتكفير تارك جنس العمل، والصدام مع المجتمعات والفرح بتسلط الظالمين عليهم، فضلا عن الزهد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها.

الضبط العلمي لقضايا العقيدة

     وعن الضبط العلمي لقضايا العقيدة ودوره في تفكيك الفكر الصدامي قال الشحات: تحتل العقيدة المكانة العظمى في حياة المسلم؛ فالعقيدة الصحيحة هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} (الروم: ٣٠)، وقد بين الله -عز وجل- أن كل الأنبياء جاءوا بهذه العقيدة الصحيحة؛ عقيدة التوحيد، {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ}(النحل: ٣٦)، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: ٢٥)؛ لذا جعل الله هدف الوجود الإنساني في الدنيا هو تحقيق العبادة، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: ٥٦).

الدخول في الإسلام

     ومن خلال العقيدة يدخل الإنسان في الإسلام، {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (آل عمران: ١٩)، {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران: ٨٥)، وقد بيَّن القرآن خطر العقيدة وأهميتها وضرورة الاستمساك والاعتصام بها فقال: {فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (البقرة: ٢٥٦).

يتمايز البشر

     وبالعقيدة يتمايز البشر، وعليها يقوم الحب والبغض، والموالاة والمعاداة؛ فالولاية لا تكون إلا لأهل الإيمان، وكذلك البراءة واجبة في حق أهل الكفر والطغيان، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (المائدة: ٥١)، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ} (الممتحنة: ١).

وُجد الكفر والإيمان

     وبسبب الاختلاف في العقيدة وُجد الكفر والإيمان على الأرض، ومن أجلها خُلقت الجنة والنار، فبين صائر إلى الجنان، وآخر منكب في النيران، {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (الحديد: ١٩)، ومن أجلها قام سوق الجهاد، ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيِيَ عن بينة، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ».

خطر التسرع في التكفير

     ومن أجل خطورة هذا الأمر حرص الشرع الحنيف علي بيان خطر التسرع في تكفير المسلم، ونزع اسم الإسلام عنه بلا بينة، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ، أَوْ قَالَ: عَدُوُّ اللهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا حَارَ عَلَيْه».

زجر المسلم

     يقول ابن حجر في الفتح:- «والتحقيق أن الحديث سيق لزجر المسلم عن أن يقول ذلك لأخيه المسلم، وذلك قبل وجود فرقة الخوارج وغيرهم. وقيل: معناه رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره، وهذا لا بأس به. وقيل: يُخشى عليه أن يؤول به ذلك إلى الكفر؛ كما قيل: المعاصي بريد الكفر. فيخاف على من أدامها وأصر عليها سوء الخاتمة.

     وأرجح من الجميع أن من قال ذلك لمن يُعرف منه الإسلام ولم يقم له شبهة في زعمه أنه كافر فإنه يكفر بذلك، فمعنى الحديث فقد رجع عليه تكفيره. فالراجع التكفير لا الكفر فكأنه كفَّر نفسه لكونه كفَّر مَن هو مثله، ومَن لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام».

الحكم على الرجل المسلم

     وقال الشوكانى رحمه الله:- «اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار؛ فإنه قد ثبت في الحديث أن: «مَن قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما». فلا بد من شرح الصدر بالكفر، وطمأنينة القلب به، وسكون النفس إليه، فلا اعتبار بما يقع من طوارق عقائد الشر؛ لا سيما مع الجهل بمخالفتها لطريقة الإسلام، ولا اعتبار بصدور فعل كفري لم يُرِد به فاعله الخروج عن الإسلام إلى ملة الكفر، ولا اعتبار بلفظ تلفظ به المسلم يدل على الكفر وهو لا يعتقد معناه».

ما يصح به الإيمان

     على الجانب الآخر؛ يجب على المسلم أن يعرف ما يصح به إيمانه، وما ينبغي عليه فعله في هذه القضايا، وما هي الحدود بين الكفر والإيمان ومعرفة الذرائع والوسائل المؤدية إلى الكفر، كما ينبغي عليه أن يعرف الضوابط في هذا الشأن حتى لا يعتقد كفر مسلم أو إسلام كافر، وبتعلمه هذه الضوابط يستطيع التفريق بين دعاوى الناس في هذا الباب لئلا يقع في شَرَك التكفير والغلو الذي يهلكه، ولئلا يقع كذلك في التمييع العقدي الذي تذوب معه الفروق بين الحق والباطل والكفر والإيمان.

انحرافات عديدة

     ثم بين الشحات أنه وقد وقعت بين المسلمين انحرافات عديدة في باب العقيدة، نشأ في مقابلها انحرافات في باب الحكم على الناس، فظهرت فرق وجماعات تكفِّر المسلمين وتستحل دماءهم وأعراضهم، فسالت دماء بريئة، ورُوِّعت أنفس مطمئنة، وانتشر الخوف والهلع بين الناس، بسبب وجود تلك الجماعات المنحرفة عن منهج أهل السنة والجماعة.

انحرافات عقدية معاصرة

     «وبسبب الخلل في هذه القضية ظهرت انحرافات عقدية معاصرة، فقد أتت بدع التكفير التي تصرِّح بتكفير مجتمعات المسلمين، وبدعة القطبية والتوقف التي تقول بجاهلية المجتمع وتصرِّح بتكفير قطاعات منه، مثل الجيش والشرطة والقضاء، مع استهانتها الشديدة بدماء عموم المجتمع، -ومع الأسف- تنتشر هذه الأفكار والفرق انتشارا مباشرا أو غير مباشر بين قطاعات من أبناء الصحوة الآن.

استغلال فداحة الواقع

     وقد اعتادت هذه الفرق -كحالها من قبل- أن تستغل فداحة الواقع وآلامه المريرة -التي كانت سببًا فيه بشكل أو بآخر-، وأن تستغل عواطف الشباب المسلم وغضبه على الواقع وأنواع المظالم الواقعة، في نشر أفكارها المنحرفة من التعالي على المجتمع وبغضه وتكفير قطاعات منه تكفيرا صريحا أو غير صريح.

إسقاط مرجعية أهل العلم

      وقبل كل ذلك استغلته في إسقاط مرجعية أهل العلم، السالكين سبيل السنة والسلف في التعامل مع فقه هذا الواقع بالقواعد الشرعية كتابًا وسنة، الذي قد يكون صادمًا لمشاعر كثير من هؤلاء الشباب الذين تغلبهم الحماسة، وتغيب عنهم المعرفة بتفاصيل الشرع والواقع.

الاستهزاء بفقه المصالح والمفاسد

     ومن قبل كان الاستهزاء بفقه المصالح والمفاسد ديدن الكثيرين حتى أدرك بعضهم خطأ ما كانوا عليه في السابق فرجع وتراجع، واليوم يكررون التجربة نفسها بأخطائها وانحرافاتها، بل بآلامها ودمائها، مع خلل كبير في فقه الخلاف، واستخفاف بالقواعد الشرعية واستهزاء بأهل العلم المتمسكين بها.

انحرافات خُلقية

وفوق كل ذلك انحرافات خُلقية فجة تكاد تقضي على ما تبقى من التزام كثير من أبناء الصحوة، وتؤدي إلى تنفير عموم المجتمع عن الإسلام وشريعته».

القضية الأم

     ومن أجل خطورة هذه المسائل وأهميتها كنا وما زلنا ننصح الدعاة إلى الله أن يجعلوا قضايا العقيدة القضية الأم التي يجتمعون عليها، ويتعاقبون على شرحها وبيانها، «ولاسيما في هذه الأيام التي انتشر فيها خطاب التكفير واستحلال إراقة الدماء عبر وسائل الإعلام المنسوبة للتيار الإسلامي وغيرها، وعبر عدد ممن تصدوا لقيادة المشهد الإسلامي في البلاد، فضلًا عن السب واللعن والتخوين والجزم بالردة والنفاق -حتى على منابر الجمعة وعبر عموم وسائل الإعلام- مما أدى إلى خلل كبير في نظرة المجتمع للإسلاميين عمومًا، وأصبحت قضايا الإسلام الكبرى والتزام المجتمع بإسلامه في خطر كبير؛ نتيجة فتنة هؤلاء».

أربع قضايا مهمة

     ثم عرج الشحات على أربع قضايا مهمة كان للانحراف في فهمها وتطبيقها تأثير خطير في نشأة مجموعة من الأفكار الصدامية والعنيفة، هذه القضايا هي: الإيمان والكفر، والعذر بالجهل، والحاكمية، والولاء والبراء، فالواقع أنك قلما تجد تيارًا من التيارات الصدامية إلا ولديه مجموعة من الانحرافات والشبهات حول واحدة أو أكثر من هذه القضايا بعينها أو ما تفرَّع عنها من مسائل.

توجيه النظر وجذب الانتباه

     ثم أكد أنه ليس المقصود من هذه الجولة استقصاء مسائلها وبحث أبوابها، ولكن الغرض هو توجيه النظر وجذب الانتباه إلى ضرورة دراسة هذه القضايا دراسة وافية وكافية من المصادر السلفية المعتمدة؛ لأن الواقع المنحرف لكثير من الأفراد والكيانات الموجودة على الساحة يؤكد حتمية إتمام هذه الدراسة التأصيلية المتأنية، وإلا فما أيسر وقوع الأفراد في براثن جماعات الغلو والتطرف، وحركات العنف والصدام، إذا لم يكن لديهم من الحصانة التي تحميهم وتحافظ على سلامة فكرهم ومنهجهم.


لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك