رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الدكتور محمد إبراهيم منصور 2 أكتوبر، 2017 0 تعليق

مِن سمات المنهج الإصلاحي- الاهتمام بالبناءً العلمي والفكري والتربوي للأفراد

ينبغي الاهتمام بالأفراد بناءً علميًّا فكريًّا تربويًّا، وتربيتهم على التطبيق العملي لهذه السمات لصناعة تلك النفوس الكبار التي لا تستفزها الضغوط، ولا تحبطها العقبات، ولا تعوقها المعوقات عن تلك المسيرة الإصلاحية الخالدة، وبناء الكيان المؤسسي الذي يوظـِّف طاقات هؤلاء الأفراد وغيرهم في جميع المجالات المتاحة للعمل الإصلاحي؛ للعمل على صناعة التأثير الذي هو البذور الحقيقية لأشجار التغيير التي ستثمر يومًا -إن شاء الله- التغيير الإصلاحي الحقيقي.

إحياء الروح الإيجابية في الكوادر والكيان المؤسسي

- الإيجابية: هي التفاعل البنَّاء مع الأحداث المؤثرة في سيرها، وعدم الاستسلام للواقع مهما كانت العوائق، وهي سمة إسلامية أصلية، وشيمة رفيعة، وميزة مِن أهم مزايا هذه الأمة؛ فهذه الأمة هي المأمورة بعمارة الأرض على الحقيقة، والعمارة للأرض لا تُستكمل إلا بالإيجابية على مستوى الأفراد، وعلى مستوى الكيانات.

     فإحياء الروح الإيجابية في الكوادر والكيان المؤسسي، وضرورة إيجاد النماذج الإيجابية وصناعتها، من أهم التحديات التي يواجهها أصحاب المنهج الإصلاحي، والناظر في (القرآن الكريم) يجده يتحدث عن الإيجابية ويحثّ عليها، ويزجر عن السلبية ويحذر منها.

فقد أخبر الله -عز وجل- في كتابه أنه ما خلق الناس إلا لغاية عظيمة، وهي عبادته -سبحانه وتعالى-، فقال -عز وجل-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56).

- والعبادة ليستْ قاصرة على الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج فقط، بل العبادة هي: «اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه مِن الأقوال والأفعال، الظاهرة والباطنة»؛ فالإنسان مخلوق لتكون كل حياته عمل، يجعل كل أنفاسه أداء، وهذه هي الإيجابية؛ فلا يترك لحظة إلا وسأل نفسه: كيف أجعل هذه اللحظة عبادة؟!

- وقد أنكر الله -عز وجل- على الذين يقولون ولا يعملون: فقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (الصف:2-3).

- وقد فرَّق «القرآن الكريم» بيْن الإيجابي الذي يعمل ويتحرك، وبيْن العاجز: فقال -عز وجل-: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ . وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (النحل:75-76).

- ووعد الله -عز وجل- بالأجر الحسن على العمل الإيجابي «ولو كان مثقال ذرة»، والعكس بالعكس: فقال -عز وجل-: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (الزلزلة:7-8)، وقال الله -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء:40)، وقال الله -تعالى-: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (يونس:61).

     وبيَّن -سبحانه وتعالى- أن عمل الخيرات، وإسداء النصح والمعروف للناس والقيام باحتياجاتهم، أو -على الأقل- الأمر بذلك والتواصي به، مِن أعظم القربات: فقال الله -عز وجل-: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء:114).

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك