مَصَائِبٌ مُكَفِّرةٌ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن من أجل نعم الله علينا أن هدانا للإسلام، ووفقنا إليه، وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بِبُشرى حُق لكل مسلم أن يهنأ ويسعد بها، فقَالَ صلى الله عليه وسلم : «عَجَباً لأمْرِ المُؤمنِ إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خيرٌ ولَيسَ ذلِكَ لأَحَدٍ إلاَّ للمُؤْمِن: إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكانَ خَيراً لَهُ، وإنْ أصَابَتْهُ ضرَاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْراً لَهُ»، وقال الفضيل: لا يبلغ العبد حقيقة الايمان حتى يعُدَّ البلاء نعمة، والرخاء مصيبة.
فاللهم اجعلنا من عبادك الشاكرين في السراء، الصابرين في الضراء.
قد يُنعم الله بالبلوى وإن عظمت
ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
الابتلاء سنة من سنن الله تعالى:
نعم، إن ما يصيب العبد من المصائب في نفسه أو ماله أو ولده وجميع أمره إنما هو بقضاء الله وقدره، قد سبق علم الله به، ونفذت به مشيئته، قال سبحانه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (الحديد: 22)، وقال عز وجل: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (التغابن: 11)، وقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (البقرة: 155).
وهذه المصائب بشتى صورها كبيرها وصغيرها، جليلها ودقيقها، إذا صبر العبد عليها واحتسبها، ورضي بقضاء الله وقدره عند الصدمة بها رفع الله درجته، وأعلى مكانته، وكفر عنه سيئاته، كما دلت على ذلك الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :»لَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ أَوْ الْمُؤْمِنَةِ فِي جَسَدِهِ وَفِي مَالِهِ وَفِي وَلَدِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ» رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني. وقال أبو الدرداء: «ثلاثة أحبهن، ويكرههن الناس: الفقر، والمرض، والموت، أحب الفقر تواضعاً لربي، والموت اشتياقاً لربي، والمرض تكفيراً لخطيئتي».
ونظراً لأن سنة الله في خلقه الابتلاء كما قال سبحانه: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (العنكبوت: 2)، وقال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (البقرة: 155)،كان لابد لنا من معرفة فضل الصبر على المصائب في تكفير السيئات ومغفرة الذنوب، ولاسيما أنه قد قال الله تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} (آل عمران: 185)، وقد أمرنا الله عز وجل كما نقي أنفسنا أن نقي أهلنا هذه النار –أعاذنا الله منها-، فقال سبحانه: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم: 6)، ولقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن العيش في الدنيا لا يصفو ولا يبرد لأحد أبدا، فكان من دعائه: «وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بِالْقَضَاءِ وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ» رواه النسائي وأحمد، وصححه الألباني.
من المصائب المكفرة:
الأمراض والأحزان والهموم: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ، وَلَا نَصَبٍ، وَلَا سَقَمٍ، وَلَا حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ، إِلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ» رواه مسلم. وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» مسلم.
فقدان البصر: عن أنس رضي الله عنه ، قَالَ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، يقول: «إنَّ الله -عز وجل- قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عبدي بحَبيبتَيه فَصَبرَ عَوَّضتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ» يريد عينيه. رواه البخاري.
الإصابة بمرض الحمّى: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال: «مالك يا أم السائب، أو يا أم المسيب تزفزفين؟». قالت: الحمى لا بارك الله فيها، فقال «لا تسبي الحمى فإنها تُذهب خطايا بني آدم كما يُذهب الكير خبث الحديد» متفق عليه.
الإصابة بالصرع: عن عطَاء بن أبي رَباحٍ، قَالَ: قَالَ لي ابنُ عَباسٍ رضي اللهُ عنهما: ألاَ أُريكَ امْرَأةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّة؟ فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هذِهِ المَرْأةُ السَّوداءُ أتتِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ: إنّي أُصْرَعُ، وإِنِّي أتَكَشَّفُ، فادْعُ الله تَعَالَى لي. قَالَ: «إنْ شئْتِ صَبَرتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإنْ شئْتِ دَعَوتُ الله تَعَالَى أنْ يُعَافِيكِ» فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إنِّي أتَكَشَّفُ فَادعُ الله ألّا أَتَكَشَّف، فَدَعَا لَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
موت الأبناء: في الحديث القدسي أن الله عز وجل يقول لملائكته إذا قبضوا روح ولد عبده: «قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول: ابنوا لعبدي بيتـاً في الجنة وسمُّوه بيت الحمد» رواه أحمد وحسنه الألباني. ومن بُني له بيت في الجنة فهو من أهلها بإذن الله عز وجل.
وتأمل هذا الحديث عن أبي سعيد الخدريّ-رضي اللّه عنه- قال: قالت النّساء للنّبيّ صلى الله عليه وسلم : غلبنا عليك الرّجال، فاجعل لنا يوما من نفسك. فوعدهنّ يوما لقيهنّ فيه فوعظهنّ وأمرهنّ، فكان فيما قال لهنّ: «ما منكنّ امرأة تقدّم ثلاثة من ولدها إلّا كانوا لها حجابا من النّار»، فقالت امرأة: واثنين؟ فقال: «واثنين» متفق عليه واللفظ للبخاري.
موت الأحباب والأقارب والأصدقاء: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ، إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ، إِلَّا الجَنَّةُ» رواه البخاري.
الموت في سبيل الله (الشهادة): سمى الله الموت مصيبة، فقال سبحانه:، فإذا كانت هذه المصيبة واقعة في سبيل الله كانت منحة عظيمة ودرجة عالية رفيعة، فعن حميد قال: سمعت أنسا يقول: أصيب حارثة يوم بدر- وهو غلام- فجاءت أمّه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللّه قد عرفت منزلة حارثة منّي، فإن يك في الجنّة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى ترى ما أصنع؟ فقال: «ويحك- أو هبلت- أو جنّة واحدة هي؟ إنّها جنان كثيرة، وإنّه لفي جنّة الفردوس» رواه البخاري.
الإصابة بالطاعون: عن عائشةَ رضيَ الله عنها: أَنَّهَا سَألَتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الطّاعُونِ، فَأَخْبَرَهَا أنَّهُ «كَانَ عَذَاباً يَبْعَثُهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ يشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللهُ تعالى رَحْمَةً للْمُؤْمِنينَ؛ فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ في الطَّاعُونِ فيمكثُ في بلدِهِ صَابراً مُحْتَسِباً يَعْلَمُ أنَّهُ لا يصيبُهُ إلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ إلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِ الشّهيد»ِ. رواه البخاري.
الصبر عند الصدمة الأولى:
بعد كل هذا نجد من يفرط في هذا الفضل، ويخسره لعدم صبره واحتسابه، بل بجزعه وتسخطه على قضاء الله وقدره، فعن أنس رضي الله عنه ، قَالَ: مَرَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ تَبكي عِنْدَ قَبْرٍ(في رواية لمسلم: «تبكي عَلَى صَبيٍّ لَهَا»)، فَقَالَ: «اتّقِي الله واصْبِري» فَقَالَتْ: إِليْكَ عَنِّي؛ فإِنَّكَ لم تُصَبْ بمُصِيبَتي وَلَمْ تَعرِفْهُ، فَقيلَ لَهَا: إنَّه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَتْ بَابَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابينَ، فقالتْ: لَمْ أعْرِفكَ، فَقَالَ: «إنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولى» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وقال حمدون: لا يجزع من المصيبة، إلا من اتهم ربه.
والواجب على كل مسلم ألا يفوت الأجر الحاصل بالصبر على المصيبة، وفي صحيح مسلم عن أم المؤمنين أمّ سلمة- رضي اللّه عنها- قالت سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمره اللّه: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، اللّهمّ اؤجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها، إلّا أخلف اللّه له خيرا منها»، قالت: فلمّا مات أبو سلمة، قلت: أيّ المسلمين خير من أبي سلمة، أوّل بيت هاجر إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، ثمّ إنّي قلتها فأخلف اللّه لي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ..».
يـــا صـــاحب الهمِّ إنَّ الهم منفـرجٌ
أبشِر بخيرٍ فــإنَّ الفــارج الله
اليــأس يقطع أحيــاناً بصــاحبــه
لاتيأسـنَّ فـإنَّ الكـــافي الله
اللـه يُحدِث بعـد العســر ميســـرة
لا تجـزعنَّ فـإن القاســم الله
إذا بُـليــت فثِـقْ بالله وارضَ بـــه
إنَّ الذي يكشـف البلوى هـو الله
واللهِ ما لكَ غـير الله مـــن أحـدٍ
فحسبُك الله في كــلٍ لـــك الله
يقول بعض السلف: «إذا نزلت بك مصيبة فصبرت، كانت مصيبتك واحدة، وإن نزلت بك ولـم تصبر، فقد أُصبت بمصيبتين: فقدان المحبوب، وفقدان الثواب».
النهي عن تمني الموت أو المسابقة إليه:
لقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت، فقال: «لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوتَ لضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فاعلاً، فَليَقُلْ: اللَّهُمَّ أحْيني مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيراً لِي، وَتَوفّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيراً لي» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وتعجل بعضهم الموت فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أهل النار، فعَنْ سَهْلٍ، قَالَ: التَقَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالمُشْرِكُونَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَاقْتَتَلُوا، فَمَالَ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي المُسْلِمِينَ رَجُلٌ لاَ يَدَعُ مِنَ المُشْرِكِينَ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً إِلَّا اتَّبَعَهَا فَضَرَبَهَا بِسَيْفِهِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَجْزَأَ أَحَدٌ مَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ، فَقَالَ: «إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ»، فَقَالُوا: أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، إِنْ كَانَ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: لَأَتَّبِعَنَّهُ، فَإِذَا أَسْرَعَ وَأَبْطَأَ كُنْتُ مَعَهُ، حَتَّى جُرِحَ، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نِصَابَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: «وَمَا ذَاكَ». فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ» متفق عليه.
على قدر البلاء يكون الأجر:
وهذا من فضل الله تعالى على عبده، أن يكون أجره على قدر المشقة التي حصلت له، والبلاء الذي ألم به، فقد قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : «إنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاَءِ، وَإنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ قَوْماً ابْتَلاَهُمْ؛ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ» رواه الترمذي، وابن ماجه وحسنه الألباني.
حال الصابرين على البلاء يوم القيامة:
وأحب أن أختم ببيان حال الناس يوم القيامة وتمنيهم أن لو كانوا من أهل البلاء في الدنيا؛ لعظيم فضل الله ومنته على أصحاب البلاء في هذا اليوم العظيم، حيث جاء في الحديث عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلَاءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ» رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
وعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «لَوْ أَنَّ رَجُلًا يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى يَوْمِ يَمُوتُ هَرِمًا فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَحَقَّرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أحمد وحسنه الألباني.
فلنصبر ولنحتسب على ما يصيبنا فقد ورد في الحديث عن أنسٍ -رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم : «إِذَا أَرَادَ الله بعبدِهِ الخَيرَ عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ في الدُّنْيا، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبدِهِ الشَّرَّ أمْسَكَ عَنْهُ بذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يومَ القِيَامَةِ» رواه الترمذي وقال الألباني: حسن صحيح.
والله أسأل أن يعافي كل مبتلى، وأن يشفي كل مريض، وأن يرزقنا الصبر عند كل بلاء، والشكر عند كل نعمة، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، وعلى آله وصحبه، ومن اقتفى أثره.
لاتوجد تعليقات