رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: مصطفى دياب 4 أكتوبر، 2016 0 تعليق

موكب الأحزان

أخي الحبيب: لا تدع موطنا لنصرة الدين والعمل لخدمته إلا أن تكون  رقما مؤثرا فيه؛ فلعلنا غداً نودعك و تكون في قافلة الراحلين

«كُل شيءٍ هالكٌ إلا وجههُ»، وما من نفسٍ خلقها الله الا وتذوق كأس الموت {كُل نفسٍ ذائقةُ الموت}، وقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : «أتاني جبريل فقال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت،  وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ماشئت فإنك مجزىٌ به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس»، ولا أحد مخلد في هذه الدنيا، وكم آلمنا فراق الأحباب! وليس أي أحباب ولكن من كان لهم أثر في حياتنا وحياة قطاعٍ كبير من أبناء المجتمع؛ فقد تعدى نفعهم وعمّ خيرهم وبقية آثارهم، إننا نُفجع بين الحينٍ والحين بفقد عمودٍ من أعمدة الدعوة والعمل للدين، فمن نفقدهم تذكرهم مواضع برهم وأعمالهم؛ فما من موضع فيه نصرة للدين إلا وتجدهم يؤدون ما عليهم، أما نحن فهل قضينا ما علينا؟

     وتسمع في جنائزهم من يتكلم عن حُسن أعمالهم التي كانوا يخفونها؛ مما يُشعرك وكأنك كنت تعيش وسط رجالٍ حالهم أقرب لحال الصحابة «من استطاع منكم أن يكون له خبءٌ من عمل صالح فليفعل» ولكن هل تخيلت -أخى- ما يُقال عنك يوم جنازتك؟؟

أخي الحبيب: اعمل بصوت خافت؛ فغداً تتحدث عنك أعمالك بصوتٍ مُرتفع.

     أخي الحبيب: لا تدع موطنا لنصرة الدين والعمل لخدمته إلا أن تكون  رقما مؤثرا فيه؛ فلعلنا غداً نودعك و تكون في قافلة الراحلين، واعلم أن أعظم ما يستحق التخطيط له والعمل من أجله هو فترة ما بعد الرحيل عن هذه الحياة.

تزوّد للذي لا بد منهُ

                           فإن الموت ميقاتُ العباد

ِوتب مما جنيت وأنت حيٌّ

                          وكن متنبهاً قبل الرَّماد

ِستندم إن رحلت بغير زاد

                          وتشقى إذ يناديك المنادِ

      أخي الحبيب : اترك أثراً، وضع بصمتك، وكُن إيجابيا،و احفر خندقك، وابحث لك عن دور، واذهب إلى مكانٍ ليس به طريق واصنع أنت الطريق.

     رحل العاملون المجتهدون وأحدُنا يشقُ عليه قراءة بعض آيات القرآن لضيق الوقت، ويقرأ مئات المحادثات على الواتس وغيره، كانوا طيفاً ورحل، كان أحدهم حاضر المشاعر والأحاسيس، كان إذا تكلم عن النهر ترفع ثيابك خشية أن يصيبك البلل، وأحدنا يقصر في درس علم وتحضِير خطبة ولا روح ولا حياة لكلماته .

     أخي الحبيب: الزم مجالس العلم والعلماء وزاحمهم بالرُكَبِ فبين أيدينا اليوم شيوخ أجلاء وقادة ربانيون فالتفوا حولهم واستفيدوا من علمهم وأدبهم؛ فقد لا تراهم بعد ذلك، إنهم رُفقاء الطريق ومصابيح الدُجى، وهُداة الخلق من الظلمات إلى النور بإذن ربهم، فإذا ماتوا صرنا كالأيتام على موائد اللئام ، حفظهم الله ورعاهم وسدد على الحق خطاهم 

     أخي الحبيب: «كان أيوب السختياني -رحمه الله- يقول: إني اُخبَرُ بموت الرجل من أهل السنة كأني أفقد بعض أعضائي»

أخي الحبيب: هيا نتسامح ونتغافر ونجمع شعثنا ونغفر لبعضنا الزلات.

     أخي الحبيب: لك ولمن مات من أحبابك، قال: «سبعة يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته» من علم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئرا،ً أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورَثَ مُصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته».

اللهم اجعلنا ممن إذا مات ماتت معه سيئاتُه، واجعلنا ممن إذا مات عاشت بعده حسناته.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك