رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر المحلي 28 يونيو، 2010 0 تعليق

مهزلة الهجوم على المناهج في مجلس الأمة متى تنتهي؟ أهل السنة لا يحرمون زيارة القبور ولا يقرون سب الصحابة رضي الله عنهم

 حذر النوائب د. على العمير ومحمد المطير ومحمد هايف وفلاح الصواغ  ود. وليد الطبطائي من محاولات لإدخال العقائد الفاسدة في دولة الكويت، مؤكداً أن العقيدة السليمة التي نشأ عليها أبناء الكويت ستبقى بعيدة عن البدع والشركيات وكل العقائد الفاسدة والشاذة. ورفضوا الانتقاد غير المبرر الموجه إلى وزارة التربية على خلفية امتحان التربية الإسلامية الذي تضمن سؤالاً عن دعاء أهل القبور، وآخر حول الموقف من سب الصحابة، مؤكداً أن انتقاد مناهج التربية الإسلامية هو تشكيك في عقيدتنا، وهي عقيدة أهل السنة والجماعة.

وتساءل هايف: ما دام بعضهم يزعم أنه يحترم الصحابة، فما الذي يضره إذا تم توجيه الطلبة توجيهاً حسناً وراقياً إلى معرفة مكانة وقدر الصحابة رضوان الله عليهم، والذين لهم فضل كبير على الأمة بعد الله ونبيه الكريم عليه السلام؟!

وأضاف: إذا لم يدرس تأصيل احترام الصحابة في منهج التربية الإسلامية، فماذا ندرس في هذا المنهج؟! مشدداً على تأصيل هذا الاحترام في مناهجنا الدراسية؛ فحب الصحابة وتقديرهم يزيد في الإيمان، وبغضهم وسبهم من الكفر والنفاق.

وأشار إلى أن آل البيت والصحابة اجتمعوا على الحب والعلاقات الطيبة ، وكان بينهم نسب وعلاقات ود ، ومن يقرأ التاريخ وأسماء آل البيت وأصحاب علي بن أبي طالب الله وجنه وزوجاتهم وأبنائهم يلاحظ هذه العاقة المتميزة، أما المتأخرون الذين دأبوا على التشكيك في هذه العلاقة فإن عليهم قراءة التاريخ جيداً.

وأكد هايف أن القول بأن الميت قادر على جلب الخير ودرء الشر عن الناس، من البدع، وقال: إذا كان هذا الميت خلال حياته غير قادر على شفاء المرضى وجلب المنافع ، فكيف يأتي قبره الآلاف من الناس وبألسنة مختلفة يطلبون حاجاتهم ويريدون هذا الميت أن يفهمهم، وزاد: أي جهل وأي عقل هذا؟ مجددا التأكيد على أنه لن تقوم قائمة للعقائد الفاسدة في بلادنا.

وقد أثار عدد من النواب جدلا حول السؤالين اللذين تضمنهما امتحان التربية الإسلامية للصف التاسع بمنطقة العاصمة التعليمية حول: «سب الصحابة ودعاء أصحاب القبور» مما جعلهم يطالبون بتغيير المناهج محاولين شق الصف وإثارة النعرات الطائفية؛ مما جعل بعض الشخصيات والجمعيات الأخرى تنضم إليهم لإثارة الطائفية في المجتمع؛ مما يدل على عدم احترامهم لعقيدة الأغلبية التي كانت الكويت تفتخر بها طوال تاريخايها، ومن الغريب أن هذه المشكلات الطائفية لم تكن مطروحة من قبل رغم أن المنهج كان يتضمن مثل هذه الأمور العقدية التي تؤكد العقيدة الإسلامية الصحيحة.

عقيدة أهل السنة في زيارة القبور

يقول الدكتور عبد الله بن صالح بن عبد العزيز الغصن موضحا أن أهل السنة لا يحرمون زيارة القبور، ولكنهم يحذرون من الوقوع في البدع المحدثه والشركيات التي حذر منها الرسول [:

كانت زيارة القبور في بداية الإسلام مباحة على البراءة الأصلية، فكان الناس يزورون المقابر ويذهبون إليها، حتى جاء النهي من الرسول [ عن زيارة القبور مطلقاً، وذلك خوفاً على أصحابه في بداية إسلامهم أن تتعلق نفوسهم بأهل القبور، حيث لم يمض على إسلامهم زمن طويل، وقد كان لأهل الجاهلية صولات وجولات في الاستنجاد بأهل القبور، والاستغاثة بهم مما يفضي إلى الشرك أو ذرائعه.

ولما استقر التوحيد في نفوس الصحابة، وامتلأت نوراً، جاء نسخ النهي عن زيارة القبور إلى الإذن والترغيب فيها، كما جاء عن رسول الله [ أنه قال: «إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها».

وبقيت زيارة القبور مشروعة لعموم الأحاديث، ومنها حديث أبي سعيد الخدري (ت - 74هـ) ] أن رسول الله [ قال: «إني نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة».

ومنها حديث بريدة ] قال: كان رسول الله [ يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا: «السلام عليكم يأهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية».

ومنها حديث عائشة (ت - 58هـ) رضي الله عنها قالت: كان رسول الله [ إذا كانت ليلتي يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد».

وحديث أبي هريرة (ت - 57هـ) ] قال: زار النبي [ قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، وقال: «استأذنت ربي بأن أستغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت»، ومنها ما روي عن عائشة (ت - 58هـ) رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله [: كيف أقول يا رسول الله في زيارة القبور؟ قال: «قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون».

وزيارة القبور تنقسم إلى قسمين: زيارة مشروعة، وزيارة غير مشروعة:

فأما القسم الأول: وهو الزيارة المشروعة: فهي زيارة القبور من أجل تذكر الآخرة، والسلام على أهلها، والدعاء لهم، فهذه من مقاصد الزيارة الشرعية التي يمكن إجمالها فيما يلي:

1 - تذكر الآخرة والاعتبار والاتعاظ، ورقة القلب، كما هو الوارد في الأحاديث النبوية.

2 - إحسان الزائر إلى الميت بالدعاء له.

3 - إحسان الزائر إلى نفسه باتباع السنة، والوقوف عند ما شرعه الرسول [، وهو استحباب الزيارة، وعدم هجر السنة.

4 - حصول الأجر والثواب المترتب على فعل السنة.

وهذا النوع من الزيارة مستحب.

والقسم الثاني: الزيارة غير الشرعية، وهي أقسام:

أ - الزيارة المحرمة: وهي التي تتضمن شيئاً من المناهي الشرعية، ولم تصل إلى درجة البدعة وإن كانت من كبائر الذنوب، كالنياحة والجزع، ولطم الخدود، وكثير من الأفعال التي يفعلها العامة مما يوحي بالتسخط على قدر الله، كما روى أنس (ت - 93هـ) ] قال: مرّ النبي [ بامرأة تبكي عند قبر، فقال: «اتقي الله واصبري»، قالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي [؛ فأتت إليه [ فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك؟ فقال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى».

ب - الزيارة البدعية: وهي أن يزور قبراً من أجل أن يصلي عنده، أو يدعو الله عنده، أو يقرأ القرآن عنده.

ج - الزيارة الشركية: وهي التي يدعى فيها المقبور من دون الله، ويطلب إليه قضاء الحوائج، ودفع المكروه وتفريج الكرب أو يصلى له أو يذبح له أو ينذر له.

قال ابن عبد الهادي (ت - 744هـ) رحمه الله في بيان هذا القسم غير المشروع: «كل زيارة تتضمن فعل ما نهى عنه، وترك ما أمر به كالتي تتضمن الجزع، وقول الهُجْر، وترك الصبر، أو تتضمن الشرك أو دعاء غير الله، وترك إخلاص الدين لله، فهي منهي عنها، وهذه الثانية أعظم إثماً من الأولى - أي تضمن الزيارة الشرك أو دعاء غير الله - ولا يجوز أن يصلي إليها، بل ولا عندها، بل ذلك مما نهى عنه النبي [»، وهذه من وسائل الشرك كما سبق.

ثم ذكر قوله [: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها».

فالفرق بين الزيارة الشرعية وغير الشرعية: أن الزيارة الشرعية تتضمن السلام على أهل القبور، والدعاء لهم، وهو مثل الصلاة على جنائزهم، ومن شرطها ألا تتخذ القبور عيداً.

أما الزيارة غير الشرعية التي تتضمن تشبيه المخلوق بالخالق: فينذر زوار القبور للمزور أو يسجدون له ويدعونه، بأن يحبوه مثل ما يحبون الخالق فيكونون قد جعلوه لله نداً، وسووه برب العالمين، وهذا منهي عنه في كتاب الله؛ لأنه من الأعمال الشركية، حيث يقول: عزّ وجل: { مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ < وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} (آل عمران: 79 - 80).

وقال - سبحانه -: {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً * أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} (الإسراء: 56 - 57).

وقال عزّ وجل: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ < وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} (سبأ: 22 - 23).

والمقصود بالخطاب في زيارة القبور هم الرجال دون النساء، فالترغيب في زيارة القبور، إنما هو خاص بالرجال، وقد أجمع العلماء على أنه يستحب للرجال زيارة القبور، وقد حكى الإجماع على استحباب زيارة القبور للرجال الإمام النووي رحمه الله في (المجموع).

 مناشدة نيابية

 وناشد أغلبية النواب في مجلس الأمة عبر وسائل الإعلام المختلفة وفي بيانات منفصلة وزيرة التربية من عدم إلغاء منهج العقيدة الذي هو أساس الدين الذي تدين به دولة الكويت وعلمائهم والغالبية العظمى، واستمروا على هذا النهج المبارك الذي يتفق مع القرآن العظيم والسنة المطهرة وفهم الصحابة الكرام رضي الله عنهم؛ لأن هذه هي الوسطية التي تدعو إلى نبذ الغلو في حب الصحابة أو التهجم على بعض الصحابة أو التعدي عليهم، وأي حذف للمنهج هو تعد على ثوابت الدين وركائزه، وهذه مسؤولية يتحمل عواقبها ووزرها من يتخذ القرار الجائر ويعرض البلاد إلى فتنة واحتقان وتصعيد وفوضى وإذكاء لنارها التي طالما كانت خامدة منذ استقلال الكويت ونهل من معين هذه المناهج أمراء الكويت السابقين والوزراء والوجهاء والعلماء والمصلحين...

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك