رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 13 أبريل، 2015 0 تعليق

من يقاتل من..؟ ماذا يحدث في مخيم اليرموك؟

المخيم في حالة من التدمير والقصف المستمر ونزوح عشرات الآلاف من الأسر، إلى جانب الحصار والتجويع

من أبرز الألوية التي تضمها المعارضة، لواء الضباط الأحرار، والجيش السوري الحر، وجبهة تحرير سوريا الإسلامية

 يشارك حزب الله اللبناني في تجويع سكان المخيم إلى جانب قوات النظام والميليشيات الطائفية العراقية والإيرانية

 

حالة من الغموض والضبابية سادت أحداث مخيم اليرموك الفلسطيني الأخيرة، وسط مشاهد الذبح والانتقام وبيانات النصر والتأييد والثبات، التي تصدرها الفصائل المتقاتلة من هنا وهناك، تلك الأحداث التي عمقت نكبة اللاجئين الفلسطينيين الذين وُرطوا في تعقيدات الصراع السوري ووجدوا أنفسهم بين وحشية القتل وقسوة الحصار، والكل يتساءل عن حقيقة ما يحدث في هذا المخيم الذي عانى الويلات بعد اندلاع الثورة السورية ومايزال، فماذا يحدث هناك؟ ومن يقاتل من؟ ولمصلحة من؟

ثلاثة أعوام من المعاناة

     ما يقارب الثلاثة أعوام ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين يعيش حالة من الصراع السياسي بين جيش النظام السوري، وقوى المعارضة المسلحة، فضلاً عن دخول جماعات فلسطينية مسلحة في أتون الأزمة الدائرة.

     وأعقب هذا الصراع حالة من التدمير والقصف المستمر ونزوح عشرات الآلاف من الأسر، إلى جانب الحصار والتجويع الذي أنهك كاهل الفلسطينيين والسوريين معًا في المخيم الذي يعد أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سوريا.

تفجر الأحداث

     بدأت الأحداث يوم الأربعاء الأول من أبريل الحالي عندما دخل مسلحو تنظيم الدولة مخيم اليرموك واشتبكوا مع كتائب أكناف بيت المقدس؛ مما تسبب في سقوط قتلى وجرحى من الجانبين، ثم عاود التنظيم يوم الخميس هجومه على المخيم؛ مما مكنه من السيطرة على أهم أحيائه وشوارعه، ومخيم فلسطين المجاور له.

      ثم عاود التنظيم الهجوم مرة أخرى يوم السبت ليعزز موقفه في المخيم، ويعلن سيطرته على أكثر من 90% من مساحته (وتخليص المسلمين من النظام النصيري والمرتدين) على حد قول قادة التنظيم.

ووفق مراكز حقوقية وشهادات ناشطين، فقد أثخن التنظيم قتلا في المخيم، وشن عمليات انتقام واسعة ضد جنود وأشخاص يحسبهم في دائرة الكفار والمرتدين.

ذبح وخطف

     ومن خلال حساب (ولاية دمشق) بتويتر، أقر التنظيم بأنه نفذ عمليات قتل ضد جنود مرتدين -على حد قوله-، بينما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لذبح بعض خصومه في مخيم اليرموك.

     وتحدثت مصادر من جبهة التحرير الفلسطينية عن مقتل أكثر من عشرين شخصًا وخطف العشرات، بينما ماتزال بعض العائلات تحاول الخروج من المخيم (وسط انتشار القناصة في الشوارع).

أنباء متضاربة

ولا شك أن تضارب الأنباء بين استتباب الوضع لتنظيم الدولة الإسلامية وثبات مقاتلي كتائب أكناف بيت المقدس.

 كما تم تداول حديث عن عمليات انتقام واسعة وصراخ المدنيين المنهكين أصلا بفعل الحصار والجوع زاد من غموض الحدث، وجعل كثيراً من المراقبين عاجزاً عن تفسير ما يحدث.

     وبينما أكد التنظيم أنه سيطر على الموقف، وأعلن قطع رؤوس من سماهم المرتدين، نشرت الكتائب بيانًا شددت فيه على ثبات مقاتليها لمنازلة من وصفتهم بالبغاة والخوارج حتى طردهم من المخيم الفلسطيني المنكوب.

تواطؤ النظام السوري

     ولم يستبعد بعض المراقبين تواطؤ النظام السوري مع تنظيم الدولة بهدف إشعال القتال بين مختلف الفصائل المسلحة ليتسنى له تجميع قواه الخائرة في معظم الجبهات؛ حيث ذكر المرصد السوري ومقره في بريطانيا أن طائرات سلاح الجو السوري قصفت المخيم يوم السبت.

مواجهة تنظيم الدولة

     في الوقت ذاته ووفق مواقع وتغريدات لناشطين من المخيم، لبت فصائل عدة بينها أجناد الشام وجيش الإسلام نداء كتائب أكناف بيت المقدس وتداعت لمواجهة التنظيم، وفي أكثر من بيان وتوضيح، شددت الكتائب على أنها اختارت الثبات لنصرة الشعب الفلسطيني، وأرسلت خطابات شكر لجهات انضمت لحملة عسكرية أطلقتها لطرد مسلحي التنظيم ونصرة الفلسطينيين.

حماس تحذر

     وفي ردها على الموقف، حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من توريط الفلسطينيين في الصراع السوري، ودعت الفصائل المسلحة للعمل على حقن الدماء وضمان سلامة المدنيين، وقال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية،  في بيان أصدره مكتبه: إن حركته تتابع باهتمام بالغ ما يجري في مخيم اليرموك، داعيا إلى (تحييد المخيم) والفلسطينيين من الصراع الدائر في سوريا، ودعا هنية كافة الجهات المعنيّة إلى العمل على حقن فوري للدماء في مخيم اليرموك، ووقف الاقتتال.

ما الفصائل المتقاتلة في المخيم؟

أولا: النظام السوري

وهو عبارة عن القوات الموالية للنظام السوري، التي تخضع لإمرة النظام السوري.

ثانيًا: المعارضة السورية المسلحة

عناصر من الجيش الحر

     وبدأ بروز هذه القوات حينما تقدمت باتجاه مخيم اليرموك، بذريعة وجود مسلحين داخل المخيم موالين للنظام، وكان يقصد بهم مقاتلو الجبهة الشعبية القيادة العامة، التي تقاتل إلى جانب النظام.

ومن أبرز الألوية التي تضمها المعارضة، لواء الضباط الأحرار، والجيش السوري الحر، وجبهة تحرير سوريا الإسلامية، تعد أكبر تجمعات المعارضة السورية المسلحة.

      أما بالنسبة للألوية والحركات التي تم تكوينها هي لواء التوحيد، وألوية صقور الشام، وتجمع أنصار الإسلام، فضلاً عن الجبهة الإسلامية السورية، وكتائب أحرار الشام، وحركة الفجر الإسلامية، وهيئة دروع الثورة.

ثالثًا: جبهة النصرة

     وهي من أهم الجماعات في سوريا، وقد أسست أواخر عام 2011، وتنشط الجبهة في معظم المحافظات السورية، كما تحيط بها الكثير من جدران التكتم والسرية؛ حيث لا يُعرف عدد مقاتليها بالضبط بالرغم من تقديرات بأنه يقترب من ستة آلاف.

رابعًا: الجبهة الشعبية الفلسطينية– القيادة العامة

أحمد جبريل مسؤول المكتب السياسي في الجبهة الشعبية- القيادة العامة

     والجبهة الشعبية هي تنظيم أسسه أحمد جبريل سنة 1958 سراً، وأعلن عسكريًّا عام 1965 في عملية عسكرية استهدفت تفجير نفق عيلبون تحت اسم جبهة التحرير الفلسطينية، الذي عرف هو الآخر انشقاقًا سنة 1977 بقيادة (أبو العباس) وطلعت يعقوب اللذين كونا جبهة التحرير الفلسطينية.

خامسًا: كتائب أكناف بيت المقدس

تأسست كتائب أكناف بيت المقدس على أرض الشام، وهو اسمها الكامل الذي تُعرف به في سوريا، قبل فترة قصيرة من بدء الحصار المشدد على المخيم في أوائل مارس/ آذار 2013.

وقد تكونت هذه الكتائب من عناصر غالبيتها فلسطينية كانت تنتمي لفصائل مختلفة، لكن أكثرها كانت من حركة حماس التي دعمت (الثورة السورية).

     وتضم الكتائب نحو 200 مقاتل، ويتم دعمهم من الجبهة الإسلامية المعارضة في سوريا، وأخذوا على عاتقهم حماية مخيم اليرموك؛ إذ إنهم يتزودون بالسلاح والذخيرة من المناطق الجنوبية التي تسيطر عليها الجبهة الإسلامية وجيش الإسلام وجبهة النصرة.

سادسًا: داعش

      يعد (داعش) تنظيمًا يضمّ عناصر من جنسيات مختلفة، يقاتل النظام السوري ومقاتلي المعارضة حلفاء الأمس الذين استاؤوا من تجاوزاته، وقد استولى هذا التنظيم على مدينة الفلوجة غرب العراق مؤخرًا.

     وتدرج التنظيم في مراحل عدة قبل أن يصل إلى ما هو عليه اليوم، فبعد تكوين جماعة التوحيد والجهاد بزعامة أبي مصعب الزرقاوي في عام 2004، تلا ذلك مبايعته لزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن ليصبح تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.

سابعًا: حزب الله

يشارك حزب الله اللبناني في تجويع سكان مخيم اليرموك في العاصمة السورية دمشق إلى جانب قوات النظام والميليشيات الطائفية العراقية والإيرانية، بالتعاون مع قوات النظام السوري.

     وحزب الله هو تنظيم سياسي عسكري موجود على ساحة لبنان السياسية والعسكرية على مدى أكثر من عشرين عامًا، وقد اكتسب وجوده عن طريق المقاومة العسكرية للوجود الإسرائيلي ولاسيما بعد اجتياح بيروت عام 1982م.

مخيم اليرموك

أقيم مخيم اليرموك على أرض استأجرتها مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق، تعود ملكيتها لآل الحكيم، وتتبع من حيث التقسيم العقاري لمدينة دمشق إلى شاغور بساتين.

     بدأت عملية نقل اللاجئين الفلسطينيين إليه في عام 1954م - 1955م بعد أن كانوا يسكنون المساجد والمدارس والمشافي في دمشق فضلاً عن التجمع الذي أطلق عليه اسم مخيم الأليانس (حي الأمين)، وقدمت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم مساعدة مالية مقدارها 300 ل.س، لكل غرفة يتم بناؤها.

      بلغ العدد الإجمالي لسكان المخيم في عام 1994م (187510) نسمة ومن الصعوبة بمكان تحديد عدد السكان الفلسطينيين على وجه الدقة إلا أن إحصاءات المؤسسة العامة للاجئين الفلسطينيين تشير إلى وجود (97540) لاجئا فلسطينيا في مخيم اليرموك حتى العام 2002م.

     ومن الجدير ذكره أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم لا تعترف بمخيم اليرموك منذ تكوين بلدية مخيم اليرموك وتكليفها الإشراف على تنظيم شؤون المخيم وذلك منذ عام م1964.

التأثر بأحداث سوريا

     في أحداث 2011 - 2014 كان المخيم نفسه ملجأ لكثير من أهالي ريف دمشق وأهالي أحياء العاصمة دمشق التي تعرّضت للقصف، كمدن ببيلا ويلدا في الريف وكأحياء التضامن والحجر الأسود والقدم والعسالي وغيرها، وبقي المخيم آنذاك هادئا نسبياً وبعيداً عن التوترات، لكن وفي منتصف شهر كانون الأول من العام 2012 بدأت حملة عسكرية على المخيم بعد تقدم قوّات المعارضة من الأحياء الجنوبيّة في دمشق، فقصف جامع عبد القادر الحسيني في المخيم الذي كان يؤوي الكثير من النازحين من الأحياء المجاورة وسقط العديد من الأشخاص بين قتيل وجريح، ثم اندلعت اشتباكات بين طرفي النزاع، الجيش النظامي السوري والجيش الحر مع بعض العناصر الفلسطينية التي انشقّت عن اللجان الشعبية التابعة لأحمد جبريل، تلا ذلك تمركز للدبابات عند ساحة البطيخة في أول المخيم، عندها بدأت موجة نزوح للأهالي بأعداد هائلة.

     أخذت الاشتباكات تتصاعد، وتركّزت خاصّة في بداية المخيم عند ساحة البطيخة وحي الناصرة (شارع راما)، وساحة الريجة وبلديّة المخيم في شارع فلسطين، وانتقلت عدوى السيارات المفخخة من باقي أحياء دمشق إلى المخيم أيضاً، فانفجرت سيارات عدة  كان أخطرها انفجار ساحة الريجة الذي ألحق أضراراً مادّية بالغة بالمباني. بعد فترة أعلنت قوات المعارضة والجيش الحر سيطرتها على شارع الثلاثين، الشارع الواصل بين المخيم وحي الحجر الأسود، ثمّ تعرّضت الأبنية المطلة على هذا الشارع إلى قصف عنيف من قبل الدبابات دمّر أجزاء منها، ولاسيما أن هنالك ثكنة عسكرية تابعة لقوات النظام قرب المخيم مقابل جامع سفيان الثوري الواقع في حيّ القاعة.

(بحاجة لمصدر)

     ويرد الرفاعي عضو مجلس قيادة الثورة أنه لا يوجد مسلحون داخل المخيم لا من الجيش السوري الحر ولا من الدولة الإسلامية في العراق والشام، ولا من جبهة النصرة كما يدعي النظام السوري، وكل المسلحين غادروا مخيم اليرموك شهر 12/2013.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك