رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 1 يونيو، 2015 0 تعليق

من يصنع الطائفية؟

 من يصنع الطائفية Sectarianism؟ ولماذا يصنعها؟ ومن ضحاياها؟ وكيف يقعون في أتونها؟ لعل هذه الأسئلة وغيرها هي التي تتداعى كلما حدث تفجير إرهابي هنا، أو عملية انتحارية هناك.

     والطائفة جزء من كل، وهي جماعة من الناس، وقيل أقلها رجلان وقيل: ثلاثة؛ لذا فالانتماء إلى طائفة ليس عيبا، والاعتزاز بالطائفة ليس خطأ.. ألم يخاطب القرآن المؤمنين بالطائفة، فقال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}، وتأمل هذا التوجيه الرباني في الآية الكريمة بأن حث هذه الطائفة التي تريد أن تتخصص في الدعوة والجهاد بأن تتعلم أولا وتتفقه في الدين، فإن هي أحكمت ذلك وقتها فقط تقوم بالدعوة والنذارة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكل ذلك عن بصيرة ودراية ووضع كل شيء في مكانه المناسب.

     ولكن ما هو الخطأ والعيب هو التعصب للطائفة دون وجه حق فيؤدي هذا التعصب إلى أن تنسب لها ما ليس فيها من البطولة والكرم والتضحيات.. وتعظم أشخاصا من الطائفة حتى ترتقي بهم إلى مرتبة الصحابة والأنبياء أو تزيد! وقد يؤدي هذا التعصب للطائفة أن إرتكاب أفعال وجرائم ظنا منها أنها بذلك تدافع عن الطائفة وأفكارها.

     لقد أصبحت الطريق إلى تأجيج الطائفية مكشوفة. وواضحة المعالم لكل مراقب ومتابع! فقط ابحث عن المستفيد من إثارة الطائفية حتى تعرف مَنْ وراءه؟، وما أهدافه ومراميه. فالزعم بأن للطائفة مشروعا لإنقاذ الأمة، أو هدايتها إلى الطريق القويم يجر الأمة جرا إلى المعتقد ذاته، أو المذهب، أو الأفكار حتى ولو كان تحت حد السيف هو أبرز هذه الخدع الواضحة التي لم تعد تنطلي على المثقفين والمتعلمين إنما تنطلي على البسطاء والسذج والمرتزقة!

     وعادة ما ينساق الأقل علما، والأقل تأهيلا، والأقل وعيا إلى الشطط والحدة في تبني قضايا الطائفة، والدفاع عنها بضراوة، ويرى أن أي طائفة أخرى لا شيء وهي عنده مثل الهباء المنثور، والأرض المستباحة، والعصف المأكول أمام طائفته فيستحل الدماء، ويستمرئ الإرهاب ضد الآخرين؛ فتتحول طائفته إلى طائفة انتقامية لا ترى إلا الدماء والقتل والتعذيب والتشريد، كل هذا باسم الدين تارة وباسم الولاء للطائفة تارة أخرى وتحت مسميات الصيحات بأسماء اشخاص الطائفة الذين وصلوا بهم إلى حد القدسية.

ويقع ضحايا الطائفية بالحماسة المفرطة التي صنعت لهم، وبالإغراءات الوهمية التي زينت لهم من خلال الرموز التي تنفخ في التعصب للطائفية ليل نهار، من خلال مشايخ ومنظرين ومفكرين يتم الغسيل الدماغي الجماعي لهم يوميا.

     ومما فاقم التعصب للطائفية أن تبنته دولا صار لها مشروعا للتمدد والتوسع، والقضاء على المخالف، وتحجيم بقية الطوائف دون وجه حق، وهي لا سبيل لها للنفاذ إلى غيرها من الدول إلا بتأجيج الطائفية وركوب حصانها الطروادي. وهي في سبيل هذا وفرت الأموال تدفعها للعملاء والأتباع رشاوى وعمولات حتى ينفذوا أجندتها، وكذلك الإعلام والفضائيات يروجون مبالغاتهم ومزاعمهم وتضليلهم على العامة البسيطة. فيتحول المشروع إلى مشروع ابادة وتصفيات لطوائف كثيرة وكبيرة.

ولقد عمد الاستعمار الغربي في العالم الإسلامي ومن بعده الأنظمة الشمولية إلى الدفع بطوائف وأقليات للسيطرة، والنفوذ، وجعلت الطائفية جزءا من السياسة، وأصبحت انتماء إيديولوجيا بعد أن كانت عقيدة خاصة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X