رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 22 مايو، 2023 0 تعليق

من محاسن الشريعة الإسلامية – حجاب المرأة المسلمة

الإسلام أراد للمرأة المسلمة أن تبقى درَّة مَصونة، عزيزة كريمة، لا تَطمح إليها أعينُ الناظرين، ولا تمتدُّ إليها أيدي العابثين، فأحاطَها بالصيانة والسِّتر، وأمرها بالعفاف والطُّهر، وصانها بلباس الحشمة عن التهتُّك والتبرج والابتذال، وحرَّم عليها الخلوة بالرجال، وقد جعل الله -تعالى- اللباس زينة وسترًا، وطريقًا للخير ومظهرًا للتقوى، ولم يترك الناس على حالة العُري الأولى، بل خلق لهم ما يستر سوءاتهم ويُواريها، فقال -تعالى-: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} (الأعراف: 26).

أولاً: لماذا الحجاب؟

       لقد أجمع العلماء على وجوب الحجاب على المرأة المسلمة البالغة العاقلة الحرَّة، فهو طاعة وعبادة لله عزوجل، لأن الله ورسوله أمرا بالحجاب، قال -تعالى-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (الأحزاب: 36)، وقال -تعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} (الأحزاب: 59)، إنه الاستسلام المطلق لشريعة الله -سبحانه- من هؤلاء المؤمنات، مع شعورهن بالأمن والثقة واليقين.

الحجاب إيمان

      قال -تعالى-: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ} (النور: 31)، وقال: {وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} (الأحزاب: 59) فالخطاب بالحجاب للمؤمنات؛ وكأن الملتزمة بالحجاب هي المؤمنة الحقة التي أطاعت ربها؛ لأنه وصفها بالمؤمنة، فهي طائعة لله مؤمنة به.

الحجاب طهارة لقلب  المرأة والرجل

     قال -تعالى-: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب: 53) ففي الآية أمر من الله للمؤمنين إذا سألوا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً أن يسألوهن من وراء حجاب، وعلل ذلك بأن سؤالهن بهذه الطريقة يؤدي إلى طهارة القلوب، وعفة النفوس، والبعد عن الريبة وخواطر السوء، وحكم نساء المؤمنين في ذلك كحكم أمهات المؤمنين؛ لأن قوله -تعالى-: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} علة عامة تدل على تعميم الحكم؛ إذ جميع الرجال والنساء في كل زمان ومكان في حاجة إلى ما هو أطهر للقلوب وأعف للنفوس، فالآية الكريمة فيها الدليل الواضح على أن وجوب الحجاب حكم عام في جميع النساء، وليس خاصا بأمهات المؤمنين، وإن كان أصل اللفظ خاصا بهن؛ لأن عموم علته دليل على عموم الحكم فيه.

الحجاب علامة على شرعية

      فالحجاب علامة شرعية على الحرائر فيعرفهن من في قلبه مرض فيبتعد عنهن: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (الأحزاب: 59) وصلاح الظاهر دليل على صلاح الباطن، وإن العفاف تاج المرأة، وما رفرفت العفة على دار إلا أكسبتها الهناء، والآية الكريمة تدعو جميع النساء إلى التستر والعفاف؛ لأن التستر لا يعرضها للأذى؛ بخلاف المتبرجة فإنها معرضة للأذى والطمع فيها، ولا سيما من ضعاف الإيمان.

الحجاب حياء

      والحياء مأخوذ من الحياة، فلا حياة دونه، وهو خلق يودعه الله في النفوس التي أراد -سبحانه- تكريمها، فيبعث على الفضائل، ويدفع في وجوه الرذائل، وهو من خصائص الإنسان وخصال الفطرة، وخلق الإسلام، والحياء شعبة من شعبة الإيمان، وهو من محمود خصال العرب التي أقرها الإسلام ودعا إليها، وما الحجاب إلا وسيلة فعالة لحفظ الحياء، وخلع الحجاب خلع للحياء، وجرأة على المألوف، وباب إلى كل أسباب الفتنة والفوضى.

الحجاب يدعو إلى مكارم

الأخلاق ويدفع الأطماع

       الحجاب داع إلى مكارم الأخلاق من العفة والاحتشام والحياء والغيرة، وهو وقاية اجتماعية من الأذى، وأمراض قلوب الرجال والنساء، فيقطع الأطماع الفاجرة، ويكف الأعين الخائنة، ويدفع أذى الرجل في عرضه، وأذى المرأة في عرضها ومحارمها، ووقاية رمي المحصنات بالفواحش، ودنس الريبة والشك، وغيرها من الخطرات الشيطانية.

ثانيًا: شبهات حول حجاب المرأة

 هناك شبهات يتكئ عليها بعض من لا يرون أن الحجاب فرض على النساء، بل ويدعون المرأة إلى كشف حجابها، ومن تلك الشبهات:

الشبهة الأولى: أن الحجاب

 تشدد والدينُ يسر

       والجواب عن هذا أن نقول: نعم، إن دين الله دين مبني على اليسر ودفع المشقة، وأدلة هذا كثيرة في كتاب الله وسنة رسوله -[-، وليس في لبس المرأة للحجاب مشقة؛ لأنه التزام بشرع الله الذي هو صالح لكل زمان ومكان، وإنما يشق ذلك على من كان في نفسه نقصانُ رضا بذلك الشرع الحكيم، حتى ولو وجد فيه بعض المشقة، وكان هذا الأمر فيه رضا الله -تعالى- فإن هذه المشقة ستهون ما دامت في طاعة الله -تعالى- وفي حدود الطاقة البشرية؛ ولذلك سميت أوامر الشريعة ونواهيها تكاليف؛ لأن فيها كلفة، ولكنها كلفة تُحتمل، أما ادعاء أن ترك الحجاب مصلحة عصرية، فهذا قول من يريد أن يطوّع الشرع للواقع، ولا يجعل الواقع تابعًا للشرع كما أراد الله -تعالى-؛ فالمصالح المعتبرة شرعًا هي المصالحة التي لا تخالف الشريعة، أما إذا خالفتها، فلا يحل الأخذ بها.

الشبهة الثانية: إن عفة المرأة

 في ذاتها وليس في حجابها

      ونرد على ذلك فنقول: صحيح أن الحجاب لا يلزم منه أن تكون كل من لبسته عفيفة، بل هو أمر شرعي فرضه الله -تعالى- لمصلحة المرأة ومصلحة الرجال الناظرين إليها؛ فالحجاب للمرأة مكمل لعفافها وليس خالقًا له، وقد شرعه الله -تعالى- لتكتمل طهارة المرأة وعفتها به، ولا يعني ذلك أيضا أن كل من لم تلتزم الحجاب تصبح غير عفيفة؛ فلا تلازم مطلقا. ومن ناحية أخرى، شُرع الحجاب للنساء حرصًا على عفة الرجال؛ حتى لا تقع أبصارهم على المفاتن التي تخدش العفة وتؤدي إلى العواقب الوخيمة بعد ذلك، بل قد تكون النظرة الشرعية إلى دفع هذه المضرة عن الرجال أعظم.

الشبهة الثالثة: احتجاجهم بقاعدة تبدل الأحكام بتبدل الزمان

      والجواب عن هذه الشبهة المدحضة، أنه لو كان قولهم مقبولا على ظاهره للزم أن يكون مصير جميع الأحكام مرهونا بأعراف الناس وعاداتهم، وهذا غير مقبول؛ لأن المسلم منضبط في عاداته وأعرافه بضابط الشرع، فلو خالف العرفُ الشرع، قُدم الشرع ولا شك؛ وذلك لقطعية صحة أحكام الشرع وسلامتها.

الشبهة الرابعة: أن الحجاب من عادات الجاهلية وهو تخلف ورجعية

      والجواب عن ذلك: أن هذا القول قول من لا يعرف الجاهلية، فكيف له أن يعرف حقيقة الإسلام؟! فالحجاب الذي فرضه الله على المرأة المسلمة غير الحجاب الذي كان سائداً في الجاهلية، صحيح أن بعض النساء كن يرتدين حجابًا، وذلك لحرص العرب على الحشمة وصون العرض، لكن ذلك الحجاب ناقص عما أمر به الإسلام؛ ولذلك نهى الله النساء المؤمنات أن يتشبهن بنساء الجاهلية في حجابهن الناقص؛ فقال -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)}(الأحزاب:33)؛ قال ابن كثير-رحمه الله-:» والتبرج: أنها تلقي الخمار على رأسها، ولا تشده فيواري قلائدها وقرطها وعنقها، ويبدو ذلك كله منها»؛ فالسفور هو الرجعية الحقيقية؛ لأنه يرجع بالمرأة إلى التكشف بعد الستر والحجاب، وإلى التبذل بعد الحشمة والعفاف، وإلى الإهمال والتفريط بعد الحفظ والصون، وإلى الفسوق بعد الإيمان.

 

 

شروط حجاب المرأة المسلمة

لقد وضع العلماء شروطا لحجاب المرأة المسلمة، من خلال الأدلة الواردة في الكتاب والسنة، وهذه الشروط باختصار هي:

- أن يكون الحجاب ساترا لجميع البدن.

- أن يكون ثخينا لا يشفّ عما تحته.

- أن يكون فضفاضا غير ضيّق.

- ألا يكون مزينا يلفت أنظار الرجال.

- ألا يكون مطيّبا.

- ألا يكون لباس شهرة.

- ألا يُشبه لباس الرجال.

- ألا يشبه لباس الكافرات.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك