رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 12 ديسمبر، 2022 0 تعليق

من مؤلفات الشيخ عبدالله السبت -رحمه الله – كتاب: صـلاة الجمـاعـة

قراءة في كتاب

إعداد:

 د. خالد سلطان السلطان

بهاء سعد

 

بعد رحلة طويلة ومشرقة قضاها شيخنا الوالد عبدالله بن خلف السبت -رحمه الله- في مجال العلم والدعوة إلى الله، حتى انتهت هذه الرحلة المباركة -بقدر الله- بوفاة شيخنا في 19شوال 1433 الموافق 7/9/1012؛ فتوجهت الهمة لجمع مؤلفات شيخنا الراحل؛ فقام د.خالد جمعة الخراز، ود. خالد سلطان السلطان بإخراج مجموع مؤلفات الشيخ عبدالله بن خلف السبت، وهو أول عمل جمع علوم الشيخ -رحمه الله-، كان ذلك في عام 1438 / 2017، وكان عمل الباحثيْن هو جمع كتب الشيخ ورسائله وترتيبها بحسب سنة الطبع والتعليق عليها بالتخريج لأحاديثها، وشرح بعض الغريب من كلماتها، وتصويب أخطائها الطباعية، مع إعداد ترجمة مختصرة لمؤلفها -رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته وجزاه الله خير الجزاء-، واليوم بين أيدينا كتاب: (صلاة الجماعة) للشيخ عبدالله السبت -رحمه الله- الذي طبع سنة 1397 ه الموافق 1977م.

سبب التأليف

ذكر الشيح -رحمه الله- أنه كتب هذه الرسالة لأسباب عدة أهمها:

- أن ديننا الإسلامي الحنيف جعل الصلاة من أهم أركان الدين، وإن من الواجب المحافظة عليها والإتيان بها كما يريد الله -تعالى- ويريد رسوله - صلى الله عليه وسلم .

- للصلاة منزلة كبرى في الإسلام؛ لذلك حذر الشارع من التهاون في أدائها؛ لما لها من أثر كبير في إصلاح المسلم وتقوية إيمانه.

- رافق الصلاة مجموعة من العبادات مثل الوضوء والسعي إلى المسجد وغيرها، ومن أهم ما اعتنى الشارع به، أداؤها جماعة؛ لما في ذلك من الفوائد الكثيرة والمنافع العظيمة.

أسباب التهاون في جماعة المسجد

     ثم بين الشيخ أن هذه المنافع العظيمة للصلاة ضُيعت بترك صلاة الجماعة والتهاون في أدائها، وضيع جمهور المصلين آداب صلاة الجماعة وحسن السعي إليها؛ فحرموا بذلك خيرا كثيرا، والذي ساعد على هجر المساجد - وإن كان الآن الحال قد تغير بإقبال الشباب على المساجد-، ما يردده الإخوة الوعاظ من القول بأن صلاة الجماعة سنة مؤكدة، فجَّر ذلك إلى التهاون في حضورها.

موعظة بليغة

     ثم ذكر الشيخ -رحمه الله- موعظة بليغة للمصلي فقال: اعلم -أخي المصلي بصَّرك الله بالحق-، أن للشيطان طرقاً كثيرة لصدك عن الصلاة وعن مناجاة ربك، فأول الطريق ترك الجماعة، ويليه ترك التسبيح عقب الصلاة ويليه ترك الصلاة - كما شاهدناه - فكيف تسوِّغ لنفسك ترك أجر سبع وعشرين درجة والاكتفاء بدرجة واحدة؟! أبلغ الحال بك أنِ استغنيت عن الأجر والحسنات، إن للحسنات سوقا كبيراً غداً عند رب العالمين، فتدبر هذا واعقله، ولا يغرنك كثرة المتقاعسين الذين عقد الشيطان عليهم، فلا يقومون لصلاة إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، يقومون إليها كسإلى، فحذار أن يجرك الشيطان لصفه! واعلم أن السكينة لا تدرك في البيت، وإنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر، ألست منهم أنت؟ واعلم أنه جاء في حديث البخاري، أن: «من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له نزلا ً في الجنة كلما غدا أو راح»، فهل استغنيت عن هذا؟ وفي هذا بيان لمن وفق للخير وهدي إليه.

أدلة القائلين بوجوب صلاة الجماعة

أورد الشيخ أدلة القائلين بوجوب صلاة الجماعة من القرآن والسنة كالتالي:

  الأدلة من القرآن الكريم

     أورد الشيخ ثلاثة أدلة من القرآن الكريم دالة على وجوب صلاة الجماعة نذكر منها قول الله -تبارك وتعالى-: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}، في الآية أمر بإقامة الصلاة وهذا الليل وعلى أن الجماعة فرض عين، أمر الله بالجماعة وهم في حاله الحرب والخوف ولو كانت الجماعة سنه لكان تركها وفي هذه الحالة أولى، وقوله -تعالى-: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}.

ثانيا: الأدلة من السنة المطهرة

     استدل -رحمه الله- بستة أحاديث نبوية صحيحة، ما بين تصريح وصريح ومنها: «عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر» وهو حديث صحيح.

- وحديث: «إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم»، وما رواه مسلم في صحيحه أنَّ رجلا أعمى قال يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرخص له، فلما ولى دعاه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «هل تسمع النداء؟» قال: نعم، قال: «فأجب»، قلت: فكون الأعمى لا رخصة له في ترك الجماعة، فكيف يرخص للبصير؟ فقال القائلون بأنها سنة، ويرد عليهم بأن الأمر المطلق للوجوب ولا يصرف عنه إلا بقرينة، فكيف إذا كانت القرينة تقوي هذا الأمر؟

ثالثا: الأدلة من أقوال أهل العلم

استدل الشيخ -رحمه الله- بخمسة أدلة من أقوال العلماء منها:

     قال البغوي -رحمه الله: «ذهب غير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له»، ومنها قال الحسن البصري: «إن منعته أمه عن العشاء في جماعة شفقة لم يطعها»، وقال عطاء بن أبي رباح ليس لأحد من خلق الله في الحضر والقرية رخصة إذا سمع النداء إلى الصلاة، ومن قال بوجوبها أيضا ابن خزيمة والشافعي والبخاري وابن حبان وداود وأهل الظاهر والحنابلة واسحاق وعامه أهل الحديث وبعض أصحاب الشافعي.

أدلة القائلين بأنها سُنَّة

وعن أدلة القائلين بأنها سُنَّة، استدل الشيخ -رحمه الله-بأربعة أدلة منها:

     عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة»، ومنها: «إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة» رواه أحمد والترمذي، قالوا هذه نصوص تثبت أن المصلي وحده له صلاة، وعلى ذلك تكون هذه النصوص صارفة للأحاديث الأخرى إلى الاستحباب. ثم اعتذروا عن الأدلة الأخرى بأعذار ذكرناها في عقب كل دليل.

ونقول جواباً على ذلك:

     إن هذا الذي قالوه ليس بمخالف فيه، وهو: أننا أيضاً نثبت صلاة من صلى وحده من غير جماعة؛ إذ إنها واجبة وليست شرطاً -كما بيناه- وعليه: فهذه الأحاديث إنما هي لبيان صحة صلاة من صلى وحده.

ختام الرسالة

      ختم شيخنا -رحمه الله- رسالته المباركة بهذا الفصل اليسير الذي ألزم فيه هذه الأحاديث ترد على القائلين بالشرطية وببطلان صلاة من صلى وحده؛ فالرجل له أجر الصلاة وعليه إثم ترك الجماعة، وليس في هذا تعارض فالرجل يأثم على تركه الواجب دون عذر، ويؤجر على فعله الواجب.

      ومن ذلك: يظهر لنا أنه لا تعارض بين الأحاديث؛ فغاية ما فيها إثبات صلاة من صلى لوحده، وليس فيها أن يعذر من ترك الجماعة، ومعلوم أن ترك الواجب لا يُبطل العمل ما لم يكن ركناً فيه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك