رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 21 يناير، 2020 0 تعليق

من درر الأعلام – كيـــــــــــف نتـحـصــــــن من الشبهات والشهـوات؟

 
الشيخ: عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله
 
سئل الشيخ ابن جبرين -رحمه الله-: ما التحصينات التي ترونها كفيلة لحفظ الناس من الوقوع في أمراض الشبهات والشهوات، وفي ظل ما يبثه الإعلام والقنوات الفضائية ووسائل التواصل وغيرها من سموم؟؛ فقال -رحمه الله:
يُراد بأمراض الشبهات، ما يبثه دعاة الضلالة، والغواية من الدهريين وأهل الكفر والإلحاد وغيرهم، وكذا شبهات المُبتدعة ، والفرق الباطنية ، والصوفية، والقبوريين، وهكذا الدعاة إلى المعاصي، الذين يدعون إلى التبرج والاختلاط، وتعاطي المسكرات، والأشربة، والأطعمة، المحرمة، والمعاملات الربوية ونحوها، وقد عمت المصيبة بهؤلاء، ونشروا سمومهم عبر وسائل الإعلام، وكذا في كتبهم المطبوعة وعلى ألسن دعاتهم، الذين عمَّت بهم البلوى، ودخلوا بلاد الإسلام، وصاروا يشكِّكون في الإسلام وفي تعاليمه، كما بثوا شُبهاتهم في القنوات الفضائية، وقد انخدع بهم خلق كثير، واستحسنوا ما يدعون إليه.
عظمت المصيبة
     وعظمت المصيبة بوجود الانحلال من الدين ، وتعظيم أولئك الكفار، والمُبتدعة، وأهل المعاصي، وتصويب طريقتهم؛ فكثر الذين وقعوا في حبائلهم، وصادتهم تلك الشِّباك المُلتوية، وأصبحوا من جند إبليس وأعوانه، حتى تضرر بهم آباؤهم، وإخوانهم، وزملاؤهم. 
 
العلم الصحيح
     فنُوصي كل مؤمن تقي أن يحصِّن نفسه بالعلم الصحيح المُستوحى من الكتاب والسنة، ومن عقائد سلف الأمة؛ فإن من عرف ذلك سهُل عليه معرفة الباطل؛ فمتى سمع شيئا من تلك الشبهات أبطلها وفنَّدها، وحذر منها من ينخدع بها، وإنما تَروج تلك الشبهات، والدعايات على الجهلة، وضعفاء البصائر ممن فاته العلم الصحيح، وانخدع بتلك الشبهات التي يموه بها دعاة الكفر والضلال.
 
الابتعاد عن الشبهات
     كما نتواصى بالابتعاد عن سماع تلك الشبهات؛ فيبتعد المسلم الموحد، ولاسيما ضعيف العلم والحجة عن قراءة كتب المُبتدعة، وسماع مقولاتهم وشبهاتهم؛ فإن سماعها وقراءتها من وسائل تمكنها في القلوب؛ فيصعب بعد ذلك تحويلها ومحوها، لكن من رزقه الله علما صحيحا، وأدلة صريحة في إبطال الباطل؛ فإنها لا تضره تلك الشبهات؛ فله أن يسمعها ليرُد على أهلها، وليبين للعامة، وللسُّذَّج، والجهلة تهافتها وتناقضها،  وأما من ليس عنده قدرة على تفنيدها؛ فإن الأولى صيانة سمعه وبصره عن تلك المضللات، حتى لا يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك، ولقد كان كثير من العلماء يحذرون من مجالسة المبتدعة وسماع كلامهم، ولو احتجوا بآيات قرآنية، وأحاديث نبوية؛ لأنهم يحملونها على غير المراد بها، ويستدلون بها على باطلهم، وقد روى الإمام ابن بطة في كتابه: (الإبانة الكبرى) آثارا كثيرة عن السلف في تحذيرهم من مجالسة المبتدعة، ومن سماع شبهاتهم. 
 
مجالسة العلماء
     وهكذا نُوصي المسلم المُوحد بمجالسة العلماء من أهل السنة والجماعة، والأخذ عنهم، وقبول نصائحهم؛ فإنهم أولى من يُقتدى به، وإذا حصل بينهم اختلاف؛ فعلى طالب العلم أن يختار من هو أوثق وأقرب إلى الصواب، وإذا حصل بين العلماء منافسة تقتضي مقاطعة أو مخالفة؛ فعليه أن يحمل ذلك على أحسن المحامل، ولا يتعصب لأحدهم لمجرد ميل، أو تفضيل بغير دليل؛ فإن الإنسان محلُّ النسيان، والعِصمة إنما هي للرسل.
 
التحصن بالدين
     كما نُوصي الشاب التقي أن يتحصن بالدِّين، وأن يُكثر من الأعمال الصالحة، ويُكثر من ذكر الله -تعالى-، والاستعاذة به من وساوس الشيطان؛ فإن ذلك من أسباب الوقاية من هذه الشبهات، وهكذا يَحذر كل الحذر من الانخداع بالدعايات إلى اقتراف الشهوات المحرمة، ويفعل ما يحصنه من ذلك؛ فلا ينخدع بالدنيا وزخرفها وزينتها، ويَركَن إليها وينسى الآخرة، ويغبِط أو يُنافس أهل الثروات، وأهل الممتلكات والمخترعات، ولا يعجب بهم، ولا يتمنى ما هم فيه؛ فقد قال الله -تعالى-: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}؛ فإن هذه الشهوات، وهذه الممتلكات فتنة لكل مفتون، ولا ينخدع بها وبأهلها إلا ضعفاء البصائر؛ فلو كانت الدنيا تَزن عند الله جناح بعوضة، ما سقى منها كافرا شربة ماء، وقد جاء في الحديث: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، كما أننا نُوصي من يريد نجاة نفسه، أن يتحصن بما أباح الله له فيبادر إلى الزواج المبكر، حتى لا يقع في الفواحش بسبب الفتن التي تُعرض أمامه، من النساء المتبرجات، والصور الفاتنة عبر القنوات الفضائية، وفي الصحف، والمجلات المحلية والأجنبية؛ فمتى حصن نفسه لم تَنبعث له هِمَّة إلى تلك الشهوات المُحرمة.
 
الابتعاد عن سماع الأغاني
     وهكذا -أيضا- يبتعد عن سماع الأغاني والملاهي؛ فإن الغِناء بريد الزنا، ويُنبت النفاق في القلب، كما يُنبت الماء الزرع، وهكذا عليه أن يبتعد عن مجالسة العُصاة والفسقة، الذين يدعون إلى تعاطي المُسكرات، والمُخدرات، وشرب الدخان، وأكل القات، وغير ذلك من المحرمات، ويقتصر على ما أباح الله له من المآكل والمشارب؛ فإن فيها غُنية عن الحرام. 
 
الابتعاد عن الأشرار
     أخي الشاب، اعلم أن من قوي إيمانه فإنه يبتعد عن الأشرار وعن الشرور؛ لأن إيمانه القوي يحجزه عن مجالسة الأشرار، ويحجزه عن أعمالهم، بل تراه يمقتهم ويزدريهم ويحتقرهم، وإذا رأى من يجر لباسه، ويتبختر في مشيته، ويتكبَّر على الناس، ويُعجب بنفسه، احتقره وابتعد عنه وحذر منه، وإذا رأى من يشرب الدخان والمسكرات، أو يتعاطى المخدرات، أو يفتخر بشيء من ذلك، احتقره وازدراه، وعرف ضعف عقله؛ وبسبب ضعف عقله، وقع فيما وقع فيه من هذه المحرمات، التي لا يقع فيها إلا ضعيف الإدراك، وضعيف المروءة وضعيف المعرفة.
 
كثرة المغريات والفتن
وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من كثرة المغريات وأنواع الفتن، وأخبر أن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً، ويمسي كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا، ونخشى أن يكون هذا الزمان؛ لما نراه ونلمسه من دعايات الضلال ودعاة الفسوق والعصيان، ومن كثرة المنحرفين المنخدعين ببهرج الدنيا وزخرفها؛ فعسى الله أن يأتي بأمر من عنده، وأن يوفق أئمة المسلمين للعمل بالشرع والتحاكم إلى الشريعة الإسلامية، والجهاد في سبيل الله، وإقامة الحدود، والمحافظة على تعاليم الإسلام؛ وذلك مما يحصل به النصر والتمكين، والله الموفق والمعين، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك