رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد أحمد العباد 3 أبريل، 2011 0 تعليق

من تراجعات الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ( 2 )

 

باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فلا شك أن قضية القدس والأقصى هي قضية كبرى، تشغل بال عموم شرائح الأمة ومنها شريحة: (الأدباء والشعراء ) الذين عاصروا ويعاصرون أحداث هذه القضية المؤلمة ومجرياتها، ويتناولونها في أشعارهم وكتاباتهم، ومن تلك الأشعار قصيدة مشهورة تبلغ أبياتها قريباً من (30) بيتاً نظمها الشاعر الأديب د. أحمد بن عثمان التويجري - وفقه الله لما يحب ويرضى - والتي ابتدأها بقوله:

دم المصلين في المحراب ينهمرُ

                                   والمستغيثون لا رجعٌ ولا أثرُ

       وقد ورد في هذه القصيدة بيتان هما محور هذه المقالة ؛ لتطرق الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- إليهما في لقاء الباب المفتوح (رقم: 16، سؤال: 2)، وهما قوله – أي: الشاعر -:

أما لنا بعد هذا الذل معتصم

                                  يجيب صرخة مظلوم وينتصر

أما لنا بعد صلاح الدين يعصمنا

                                  وقد تكالب على استعبادنا الغجر

وقد كان للشيخ رحمه الله تجاه البيتين السابقين موقفان:

1 –  الموقف الأول: التوقف في حكمهما:

        وهو المستفاد من قول صاحب السؤال للشيخ رحمه الله: «في الأسبوع قبل الماضي كان لكم فتوى عن هذين البيتين: وقد قمت باستئذان صاحب السؤال، وكان لكم توقف فيهما».

2 – الموقف الثاني: التفصيل في حكمهما على النحو التالي:

أ - «إذا كان لا يريد (في البيت الأول) المعتصم نفسه، إنما أراد أن يهيئ الله لنا قائداً عظيماً بطلاً كـ المعتصم، فإن هذا لا بأس به، ولكن يُنهَى عن إطلاق هذا اللفظ على هذا الوجه ؛ لأنه يوهم أننا ندعو المعتصم نفسه، وما أوهم الباطل فإنه ينبغي التحرز منه.

ب - «وأما إذا كان يريد الاعتصام بشخصٍ - وهو المعتصم - فهذا شركٌ أكبر ؛ لأنه دعا ميتاً ودعاء الأموات شرك؛ قال الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} فجعل الله دعاءهم عبادة».

ثم علق الشيخ -رحمه الله- على البيت الثاني وهو «أما لنا بعد صلاح الدين..» إلخ فقال:

       «هذا أيضاً يقال فيه كالأول...، والبيت فيه شيء من الركاكة، وعلى كل حال هذا البيت بالنسبة للبيت الذي قبله أهون ؛ لأنه كأنه يقول: ليس لنا أحد بعد صلاح الدين يعصمنا ! فنقول له: إن هذا الإطلاق فيه نظر:

1 - لأن الذي يعصمك من الشر قبل صلاح الدين هو الله تعالى.

2 - ثم إن صلاح الدين ليس أعظم قائدٍ في الأمة الإسلامية، فأعظم قائد في الأمة الإسلامية هو رسول الله [ ثم من تلاه من الخلفاء والقواد المسلمين كخالد بن الوليد وغيره .

ووجَّه الشيخ -رحمه الله- أخيراً نصيحة لمن يستشهد بمثل هذه الأبيات فقال: «ومثل هذه الأبيات يجب على الإنسان أن يتحرز منها وألا يذكرها إلا مقرونةً ببيان أنها ليست بشيء، وأن إطلاقها لا يجوز ». اهـ.

وأَلفِتُ - قبيل الختام - انتباه القارئ الكريم إلى أن للشيخ، رحمه الله، فتاوى وتعليقات على عدد من الأبيات الشعرية لعلها لو جمعت لبلغت جزءاً لطيفاً ، كفتواه في أبياتٍ أولها: « ومَن تعرض للغربان يزجرها...» إلخ، وكذلك تعليقه على قصيدة قيلت في مدحه بعد قدومه للمدينة النبوية، وتضمنت: (عتاباً شديد اللهجة) كما يقول ناظمها.

وكذلك تعقبه للقصيدة التي قيلت في مدحه وَوَرَدَ فيها قول الناظم:

ما دام فينا ابن صالحٍ شيخُ صحوتِنا

                                      بمثله يُرتجى التأييدُ والظفرُ

فطلب منه الشيخ تعديله ليكون:

ما دام منهاجُنا نَهجَ الأُلى سلفوا

                                      بمثله يرتجى التأييد والظفر

         وغيرها من الفتاوى والتعليقات التي لا يتسع المقام لإيرادها؛ لذا أكتفي بما تقدم ذكره، والله أعلى وأعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك