رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. محمد إبراهيم منصور 24 أغسطس، 2017 0 تعليق

من تحديات المنهج الإصلاحي – التحدي الفكري وتصحيح المفاهيم

الناظرون مِن خارج الحركة الإسلامية لتاريخها بالنسبة للفصيل الإصلاحي الذي ينتهج (المنهج السلفي) كانوا على ثلاث نظرياتٍ، النظرية الأولى: تقول إن الحركة الإسلامية كلها شيء واحد، وأن الأمر ما هو إلا تبادل أدوار، وهؤلاء لا يصدقون أن هناك فصيلاً إصلاحيًّا اختار الإصلاح كخياراً إستراتيجياً، وليس خيارٍا تكتيكيا، والنظرية الثانية ترى أن هناك فصيلاً إصلاحيًّا يختلف عن غيره، والنظرية الثالثة وهي نظرية المراقِب الذي يراقِب التصرفات والمواقف، والتعليقات المختلفة حتى التي على وسائل التواصل الاجتماعي ليكوِّن رؤية: هل فعلاً هناك فصيل إصلاحي أم لا؟

 

     هذا بلا شك تحدٍ كبير أمام حملة المنهج الإصلاحي ليثبتوا مِن خلال الواقع العملي أن الإصلاح خيار إستراتيجي لهم، وليس خيارًا تكتيكيًّا، وأن الموقف أو التعليق الذي يتحمل الأمرين إن حمله حامل على الاحتمال الأسوأ لم نستطع أن نخطئه؛ لأن التاريخ يشهد له.

     ولا شك أن الحفاظ على النقاء الفكري، وتصحيح المفاهيم من أهم التحديات التي تواجه حملة المنهج الإصلاحي، فالذي يطالِع التاريخ يتبيَّن له تلك الحقيقة، وهي أن كل انحراف عن ثوابت المنهج النقي للفكر الإسلامي الصحيح يقود إلى فتنٍ ومحنٍ، وصراعاتٍ مدمرة؛ فالخوارج ما صاروا خوارج إلا حين أسسوا تحركهم على أساسٍ فكري منحرف عن الفكر النقي، وأقنعوا أتباعهم به، وعلى أساسه كفـَّروا المسلمين، واستباحوا دماءهم وأموالهم، والشيعة كذلك، وغيرهم مِن أصحاب الأفكار المنحرفة.

     وفي واقعنا الحاضر: هؤلاء الشباب الذين يفجِّرون ويقتلون، ويخرِّبون بلادهم، ويشوهون صورة العمل الإسلامي، بل ويشوهون صورة أمتهم ودينهم، ويصدون عنه!

أصل الخلل

      وإنما أصَّل ذلك خلل فكري تم اللعب عليه وتزيينه للشباب حتى صاروا معاول هدم لبلادهم بدلاً مِن أن يكونوا لبنات بناء؛ فالانحراف الفكري يؤدي بلا شك إلى انحرافٍ سلوكي، وأخطر ما يكون على استقرار الدول اهتزاز البنية التحتية الشبابية لها بالانحرافات الفكرية والسلوكية، سواء كان بالتفريط والانحلال والإلحاد أم كان بالإفراط والغلو والتطرف؛ ولذلك فكل منهج إصلاحي لا يتبنى رؤية واضحة لحماية الشباب مِن الانحراف الفكري والسلوكي، وفي الوقت نفسه رؤية لتوجيه الطاقات الشبابية في الاتجاه الصحيح اتجاه البناء والإصلاح التدريجي «لا الصدامي» - كل منهج إصلاحي لا يمتلك تلك الرؤية الواضحة في هذا فهو منهج قاصر، وكل منهج يحمل -وبجدية- هذه الرؤية منهج أصحابه همْ مِن أوائل المستهدفين في هذا التحدي.

استهداف الدعوة السلفية

     وهذا يفسِّر لك: لماذا (الدعوة السلفية) في مصر وفي غيرها من البلدان الإسلامية التي على المنهج الوسطي المعتدل نفسه مستهدفة مِن كلا الجانبين: الجانب الإلحادي الداعي إلى التفريط والانحلال، والجانب المغالي الداعي إلى العنف والتكفير؟!

     ففي مصر على سبيل المثال وقفت (الدعوة السلفية) على مدى تاريخها مواقف واضحة في مواجهة الانحرافات الفكرية والسلوكية بما لا يدع مجالاً للشك في أن هذه الرؤية واضحة عند قادتها وأبنائها، ومِن ذلك: الموقف مِن (التكفيريين) وغيرهم من أصحاب الفكر المتطرف والمنحرف في السبعينيات، فقد قامتْ بإصدار مصنفات تؤصِّل للرد عليهم، وتفند شبهاتهم، وعمل مناظرات معهم، وعمل دورات توعية للشباب؛ لتحصينهم ضد تلك الأفكار والتحذير منها بيْن القواعد الشبابية، والإجابة على تساؤلات الشباب.

     وكذلك الموقف مِن الجماعة الإسلامية في الثمانينيات والتسعينيات؛ حيث أصدرت (الدعوة السلفية) أبحاث ومصنفات عدة لبيان صور الخلل في المنهج العنيف الذي كانت تنتهجه (الجماعة الإسلامية) في ذلك الوقت في التعامل مع قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدام مع المجتمع ومؤسسات الدولة، وعقدتْ لذلك دوراتٍ للشباب على نطاقٍ واسع، ونشرتْ موادً مسجلة تؤصِّل للرد على الشبهات التي كانت تُلقى على الشباب في ذلك الوقت؛ حتى قامت (الجماعة الإسلامية) بعمل المراجعات التي رجعتْ في جملتها إلى ما كانت تؤصِّل له الدعوة السلفية مِن قبْل!

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك