من المستحيلات- مليونير الدثرة
سكراب، أثاث مستعمل، خردة كلها مسميات يمكن أن تكون دثرة، والدثرة الشيء غير المرتب، كالأغراض المتناثرة يمينا ويسارا، وقد تكون الدثرة كنزا ثمينا، وذهباً خالصا لبعض الناس، فيقول المثل الأجنبي:Somebody is Trash is Someone Else is Treasure أي أن دثرة بعضهم تعد ذهبا لبعضهم الآخر!
- وبعض هذه الدثرة تكون محل تلاعب، وثراء غير مشروع! فالتخلص السريع من الأثاث، والأجهزة، والكمبيوترات، والمعدات بحجة أنها قديمة، أو للرغبة فقط في التجديد ولاسيما من بعض المدراء المنتفعين؛ حيث يتصل هؤلاء على المسؤولين ليبينوا أن أثاثهم وأجهزتهم قديمة، وأن لديهم ميزانية لشراء أثاث وأجهزة جديدة، وبالتالي يسارع هؤلاء إلى اقتناء الأشياء الجديدة، ورمي الأشياء القديمة سكرابا ليتلقفه المدراء المنتفعون والمتواطئون مع متعهدين لشراء الدثرة، فيثري هؤلاء وهؤلاء ويكون هذا الثراء بطريقة مشروعة ظاهرا ولكنه بلا شك محرم؛ لما فيه من التلاعب والغش!!
- وأغلب الدثرة التي تشاهدها مكدسة في الأماكن الخلفية للمؤسسات الحكومية في المستشفيات، والمدارس، والأماكن العامة، وحتى الشوارع والطرقات، فهي مخلفات يمكن الاستفادة منها بقليل من الصيانة؛ فلو سُلِّمت هذه الدثرة إلى ورشة للتصليح داخل هذه المؤسسات لوفرت مبالغ كثيرة على الدولة.
- فعلي المسؤولين القضاء على الدثرة بالطريقة الصحيحة، أما إن كانت قديمة وبالية ولا تصلح للاستعمال فيتم التخلص منها بالطريقة المعهودة، وهذا يدخل في النظافة العامة التي حث عليها ديننا العظيم قالصلى الله عليه وسلم : «نَظِّفُوا أَفْنِيَتَكم ، ولا تَشَبَّهُوا باليهودِ تَجْمَعُ الأكْبَاءَ في دُورِها»، والفناء هي الساحة داخل البيت أو خارجه، والأكباء جمع كبا وهو الزبد المتكاثف في جنبات الماء، وعليه فإن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالنظافة العامة وعدم رمي الأغراض هكذا، بل وحثصلى الله عليه وسلم على إماطة الأذى عن الطريق قالصلى الله عليه وسلم : «الإيمانُ بِضْعٌ وسبعونَ أو بِضْعٌ وستُّونَ شُعبةً . فأفضلُها قول لا إلهَ إلَّا اللهُ . وأدناها إماطةُ الأذى عن الطَّريقِ والحياءُ شُعبةٌ من الإيمانِ»؛ فعد إماطة الأذى عن الطريق من الإيمان بالله.
- وأما إن كان ما يرمى هو صالح للاستعمال فلا ينبغي رميه، ويعد هذا من الإسراف حتى ولو احتاج بعض التصليح، لذا ذم ديننا الإسراف قال -تعالى-: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، وقالصلى الله عليه وسلم : «كُلوا واشرَبوا وتَصدَّقوا والْبَسوا ما لم يخالِطْهُ إسرافٌ أو مَخيَلةٌ»، وكان صلى الله عليه وسلم يصلح من ثيابه وثوبه ولا يرميهم هكذا فقد سئلت عائشةَ -رضيَ اللهُ عنها-: ما كان النَّبيُّصلى الله عليه وسلم يعملُ في بيتِهِ؟ قالت: «يخصِفُ نعلَهُ ، ويعملُ ما يعملُ الرَّجلُ في بيتِه». وفي روايةٍ : قالت : «ما يصنَعُ أحدُكُم في بيتِهِ : يخصِفُ النَّعلَ ، ويَرْقَعُ الثَّوبَ ، ويَخِيطُ».
- وإن كان القصد التلاعب والاستيلاء على المال العام، والإثراء من أموال الدولة، فإن هذا حرام لا يجوز، ويجب أن يحاسب فاعله، ويرد ما أخذ من أموال. إنَّ رسولَ اللهصلى الله عليه وسلم استعمل عاملًا، فجاءه العاملُ حين فرغ من عملِه، فقال: يا رسولَ اللهِ، هذا لكم وهذا أُهديَ لي، فقال له : «أفلا قعدتَ في بيتِ أبيكَ وأمكَ، فنظرتَ أيُهدى لك أم لا»، ثم قام رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عشيةً بعد الصلاةِ؛ فتشهَّد وأثنى على اللهِ بما هو أهلُه، ثم قال: «أما بعد، فما بالُ العاملِ نستعملُهُ، فيأتينا فيقول: هذا من عملِكم، وهذا أُهديَ لي، أفلا قعدَ في بيتِ أبيهِ وأمهِ فنظر : هل يُهدى لهُ أم لا، فو الذي نفسُ محمدٍ بيدهِ، لا يغلُّ أحدُكم منها شيئًا إلا جاء به يومَ القيامةِ يحملهُ على عُنقهِ، إن كان بعيرًا جاء به لهُ رغاءٌ، وإن كانتْ بقرةً جاء بها لها خُوارٌ، وإن كانت شاةً جاء بها تيعرُ، فقد بلغتُ».
لاتوجد تعليقات