رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 4 أكتوبر، 2016 0 تعليق

من المستحيلات- تدمير النسيج الاجتماعي

هل نحن نسعى إلى تدمير نسيجنا الاجتماعي؟! وكيف؟ ولماذا؟

- ولكن قبل أن أجيب عن هذه الأسئلة ألقي الضوء على ما كنا عليه في فترة الستينات وما قبلها؛ فالكويت بلد صغير، أحياؤه قليلة، وسكانه معروفون، والعلاقات الاجتماعية متناغمة لا يشوبها أمور غريبة أو كبيرة.

- ففي المجتمع الكويتي القديم كانت الروابط الاجتماعية قوية جدا، ولا تحس أن هناك غنياً وفقيراً، كبيراً وصغيراً، وجيهاً ووضيعاً، بل الكل في بوتقة واحدة تميزها اللحمة المشتركة، والتكافل وشد الأزر؛ مصداقا لقول نبينا[: «مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى»؛ لذا فلم يكن يقع في هذا المجتمع الصغير أحد؛ فمن كان في ضائقة هب الجميع لنجدته ومساعدته. وتأمل في أسلوب التهادي للأطعمة تجد أن المحتاج غير معروف بينهم؛ فالكل يهدي للآخر طعاما،  وإذا غرقت إحدى السفن لأحد التجار، هب الجميع في بناء سفينة أخرى له. لقد ساهم هذا التماسك والتلاحم في ضمان الاستقرار الاجتماعي، والأمن والأمان بين جميع المواطنين والمقيمين.

- فالتاجر في المجتمع الكويتي القديم لم يكن متسلطا، يحاول استغلال ظروف المحتاج ليبني مجده وغناه، ولم يكن الفقير ناقما على التاجر؛ فيسعى إلى سرقته والنيل منه، كما أن التاجر كان دائم البذل والعطاء؛ فمعظم المؤسسات التعليمية الأولى هي من هبات التجار وتبرعاتهم.

- هذا التعاون والتكافل في المجتمع شجع الكثيرين للانطلاق في الحياة وبناء أنفسهم، وكذلك شجع على الهجرات إلى الوطن من الدول المجاورة؛ فأضحت الكويت قبلة لمن يريد الأمن والاستقرار. ولم تكن هذه الهجرات بعد ظهور النفط، لا بل هي قبل النفط بكثير. لقد أصبحت الكويت ميناء تجاريا مرموقا بين دول كبيرة وعريقة، وبلدا فتيا متطلعا للتقدم والازدهار بفضل الله ثم بفضل ما بين أفراد المجتمع من ترابط وألفة ومحبة.

- ولكن الآن هل هناك من يسعى لتدمير نسيجنا الاجتماعي؟ وكيف؟ ولماذا؟ أقول: نعم! فالفقير يراد له أن يظل فقيرا أو يزداد فقرا! والغني يريد أن يزداد غنى حتى ولو على حساب الفقير، لقد تراجع دور بعض العوائل التجارية المرموقة والمعروفة في الكويت أمام ضغوط الحياة، وأمام ظهور التجار الجدد؛ فضعف دورها في المساهمة المجتمعية، كما وحلت الحكومة محلها في كثير من المجالات، ولاسيما المؤسسات الخيرية والتعليمية، وكأن لسان الحال يقول: إن الحكومة هي الراعية لكل شيء ولا دور للتجار في علاقتهم بالمجتمع! حتى الدور الإصلاحي في السياسة والاقتصاد، نجده أيضا تراجع في ظل التقارب المفتعل بين التجار والحكومة.

- إن مجتمعا متماسكا بكل فئاته هو الجدار الواقي بعد فضل الله ضد العابثين والمفسدين والانتهازيين.

- يجب أن يعود المجتمع الكويتي متماسكا بكل مشاربه؛ لأن الفترة القادمة فترة حرجة تتطلب أن نقف جميعنا صفا واحدا، وسدا منيعا تجاه كل من يريد سوءا بهذا البلد وأهله.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك