رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 29 نوفمبر، 2016 0 تعليق

من المستحيلات- المرأة ودورها في بناء المجتمع المسلم

 -تحتل المرأة مكانة مرموقة وبارزة في الحياة العامة؛ إذ تشكل نصف المجتمع؛ فهي التي تلد وتربي النصف الأخر، وهي امتداد أصيل للإنسانية، ولديننا، وتقاليدنا.

 -إنسانيا: جاء إبراهيمُ -عليه السلام- بهاجر وبابنها إسماعيلَ -عليه السلام- إلى مكة، حتى وضعها عند البيتِ، وليس بمكةَ يومئذٍ أحدٌ، وليس بها ماءٌ، ثم قَفَّى إبراهيمُ -عليه السلام- منطلقًا؛ فتبعتْهُ أمُّ إسماعيلَ، فقالت: يا إبراهيمُ، أين تذهبُ وتتركنا بهذا الوادي، الذي ليس فيهِ إنسٌ ولا شيٌء؟ فقالت لهُ ذلك مرارًا، وجعل لا يتلفتُ إليها، فقالت لهُ: آللهُ الذي أمرك بهذا ؟ قال: نعم، قالت: إذاً لا يُضَيِّعُنَا، ثم رجعتُ؛ فانطلقَ إبراهيمُ -عليه السلام- حتى إذا كان عند الثَّنِيَّةِ؛ حيثُ لا يرونَهُ، استقبلَ بوجهِهِ البيتَ، ثم دعا، ورفع يديهِ فقال -عليه السلام-: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ربنا عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يَشْكُرُونَ}.

 -وجعلت أمُّ إسماعيلَ تُرْضِعُ إسماعيلَ -عليه السلام- وتشربُ من ذلك الماءِ، حتى إذا نفد ما في السِّقَاءِ عطشتْ وعطشَ ابنها، وجعلت تنظرُ إليهِ يَتَلَوَّى، أو قال يتلبَّطُ؛ فانطلقت كراهيةَ أن تنظرَ إليهِ؛ فوجدتِ الصفا أقربُ جبلٍ في الأرضِ يليها؛ فقامت عليهِ، ثم استقبلتِ الوادي تنظرُ هل ترى أحدًا؟ فلم تَرَ أحدًا، فهبطتْ من الصفا حتى إذا بلغتِ الوادي رفعتْ طرفَ درعها، ثم سعت سعيَ الإنسانِ المجهودِ حتى إذا جاوزتِ الوادي، ثم أتتِ المروةَ فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدًا؟ فلم تَرَ أحدًا، ففعلت ذلك سبعَ مراتٍ، قال ابنُ عباسٍ: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم :" فذلك سعيُ الناسِ بينهما»؛ فلما أشرفت على المروةِ سمعت صوتًا، فقالت صَهْ - تريدُ نفسها-ثم تَسَمَّعَتْ، فسمعت أيضًا، فقالت: قد أُسْمِعْتُ إن كان عندكَ غَوَاثٌ، فإذا هي بالمَلَكِ عند موضعِ زمزمَ؛ فبحث بعقبِهِ، أو قال: بجناحِهِ، حتى ظهرِ الماءِ؛ فجعلت تَحُوضُهُ وتقولُ بيدها: هكذا، وجعلت تغرُفُ من الماءِ في سقائها وهو يفورُ بعد ما تغرفُ.

 -قال ابنُ عباسٍ: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:" يرحمُ اللهُ أم إسماعيلَ، لو كانت تركت زمزمَ - أو قال: لو لم تغرف من الماءِ - لكانت زمزمُ عينًا معينًا»، قال: فشربت وأرضعتْ ولدها، قال لها الملَكُ: لا تخافوا الضَّيْعَةَ، فإنَّ ها هنا بيتُ اللهِ، يبني هذا الغلامُ وأبوهُ، وإنَّ اللهَ لا يُضَيِّعُ أهلَهُ. (رحم الله أم إسماعيل) كلمة نطق بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم  في حق أم الإنسانية هاجر. لقد كانت مؤمنة بالله، حق الإيمان، إيماناً راسخاً، وثقة بالله، وتحملاً للمسؤولية في بناء  حضارة إنسانية. سعت هاجر بين الصفا والمروة؛ فسعت معها الأمة إلى يوم الدين، ثم ارتوت الأمة من خوف هاجر على ابنها إسماعيل -عليه السلام- فكانت زمزم؛ فالمرأة تبني حضارة.

 -وإسلاميا: نجد أن تنمية المجتمعات المسلمة يأتي من الاهتمام بالمرأة، قال صلى الله عليه وسلم:" ارفُقْ يا أنجَشَةُ، وَيحَكَ، بالقَوارير»، هكذا اهتمام الإسلام، حتى في أثناء سفر المرأة، فكيف في حياتها كلها؟! فرفقا بالمرأة من ظلم القوانين والأعباء والمعاناة التي تريد أن تخرجها عن مهمتها الرئيسة في بناء الأمة.

 -فالنساء أولا، هذا مبدأ نبوي قبل أن يكون مبدأ عالميا، فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم  إذا سلَّمَ، قام النساءُ حين يَقضي تسليمَه، ويَمكُثُ هو في مَقامِه يسيرًا قبل أن يقومَ، قال: نرَى - واللهُ أعلمُ - أن ذلك كان لكي ينصَرِفَ النساءُ، قبل أن يُدرِكَهنَّ أحدٌ من الرجالِ، فنحن حينما نقدم النساء ونقوم بكل ما يحتاجونه فنحن ننطلق من هدي رسولنا الكريم وديننا العظيم.

 -وكانت أمنا خديجة -رضي الله عنها- عنصر الأمن والاستقرار في بداية الوحي والدعوة؛ حينما رجع النبي ُصلى الله عليه وسلم إليها يرجُفُ فؤادُهُ، فقال صلى الله عليه وسلم:" يا خَدِيجَةُ، ما لي؟» وأَخْبَرَها خبرَ الوحي، وقال: «قد خَشِيتُ عَلَى نفسي». فقالَتْ له: «كَلا، أَبْشِرْ، فو اللَّهِ لا يُخْزيك اللَّهُ أبدًا، إنك لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحديثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْري الضيفَ، وَتُعينُ عَلَى نَوائبِ الحَقِّ»؛ ولهذا نحن على يقين بأن للمرأة دوراً فاعلاً ليس في بيتها وشؤون حياتها فحسب، بل في المجتمع كله وفي الحياة عامة.

 -هذه هي المرأة في العمق الإنساني والإسلامي، والمرأة هي الأم الحنونة الغالية، إن لزمْتها فإن الجنة عند قدميها، والأخت العزيزة التي تخاف على أخيها وترعاه {وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}، والزوجة الحبيبة: «أكملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهمْ خُلُقًا، و خِيارُكُمْ خِيارُكُمْ لِنِسائِهِمْ»، «والمرأةُ في بيت زوجِها راعيةٌ وهي مسؤولةٌ عن رعيَّتِها، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه». والمرأة هي العنصر الأساس في بناء الأسرة، والبنات هنَّ قرة العين وحجابنا من النار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجاباً من النار يوم القيامة».

هكذا المرأة العربية المسلمة كانت ولازالت تشارك في مسيرة البناء والنماء المجتمعي، مع التأكيد على اهتمامها بتربية النشء، التربية الصالحة؛ ليكونوا لبنة طيبة في جدار المجتمع المسلم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك