رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 16 أغسطس، 2016 0 تعليق

من المستحيلات- السقوط الذريع للقومية العربية

     لقد فشل القوميون العرب في إقامة وحدة عربية حقيقية، ولم يقدموا حتى تصورا عمليا يناسب شعاراتهم البراقة، التي أنفقوا بسببها الجهد والمال ودخلوا حروباً خاسرة، فسقط آلاف القتلى والجرحى وتبع هذا تراجع في التنمية وإخفاق في الاقتصاد حتى أضحت الشعوب العربية شعوباً متأخرة، والبلاد العربية بلاداً متخلفة، وأنظمتها السياسية أنظمة بطش وطغيان إلا قلة قليلة من الدول المستقرة، التي لم تعان من الثورات الغاشمة، والشعارات الفارغة.

- لقد تخلت القومية العربية عن مبادئ كثيرة في سبيل قيامها، وأولها عدم  التعامل مع الإسلاميين، والاستفادة منهم في بناء الدول والمجتمعات، وتبنى القوميون الفكر العلماني الليبرالي لإقصاء التوجه الإسلامي؛ فانشغلت كثيرا في هذا الصراع ولم تستطع الاستفادة من الطاقات الهائلة لدى التيار الإسلامي، ولم توظفه في بناء المشروع الوحدوي، وحصرت الدين في المسجد، بحجة أنه ليس له حظ في السياسة، وبالتالي فصلت الدين عن الدولة، وحاربت كل من يدعو لإقامة شعائر الدين على أسس سليمة.

     وهكذا شهدت المجتمعات العربية صراعا مريرا بين التيارين الإسلامي والعلماني، لبقاء القومية واستماتتها للهيمنة والاستيلاء على مقاليد الحكم.

     لقد استبشرت الجماهير العربية في نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات بتحول الملكيات العربية (مصر - سوريا - العراق - ليبيا - اليمن) إلى جمهوريات، وهتفوا خلف زعماء الانقلاب الذين رفعوا شعار الوحدة العربية، وبذلت الجماهير كل ما تملك لهذه الثورات على أمل أن ينهض  هؤلاء الزعماء بالشعوب، ويقدموا لها ما تطمح له من إنجازات وعزة في مواجة الأعداء، ولاسيما الكيان الصهيوني ولكن هذا الأمل لم يتحقق.

      وكان من مساوئ هؤلاء الزعماء أن أدخلوا الشعوب العربية في حروب كثيرة، حرب ضياع فلسطين 1948، ونكسة 1967، أو حرب الأيام الستة التي منيت فيها الجيوش العربية بهزيمة نكراء، ثم حرب الاستنزاف 1969، وحرب 1973 التي بدأت بنصر ثم ثغرة الدفرسوار، والحرب العراقية الإيرانية، وحرب احتلال العراق للكويت، واستمر قادة الانقلاب زهاء 30 سنة من البطش والحكم بالحديد والنار والحال على ماهو عليه بل أسوأ.

     ولم تنجح الأحزاب العربية على مختلف مسمياتها في إيجاد مشروع نهضوي ينقذ الأمة من تبعات الاستعمار، وما تلاه من ثورات، بل أسهمت إسهاما كبيراً في إبقائه على حالته من التشرذم والتأخر والضعف.

     وكانت نتائج الحروب العربية العربية مريرة؛ فحروب مثل اليمن والكويت ولبنان، والآن العراق وسوريا واليمن وليبيا، كلها بسبب تشبث الأحزاب بالسلطة، والتعاون مع أي أحد للبقاء مع تصفية الخصوم والأعداء، وترك البلاد تغرق في أمراض التخلف، في التعليم والصحة والخدمات، وتراجع على المستويات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية كافة.

- لقد أسهم دعاة القومية في تحطيم الشخصية العربية، وحطموا معها جميع القيم الإنسانية، وجميع سبل الإبداع وتحرر الفكر، ولم يتركوا في الساحة إلا فكرهم السقيم وشعاراتهم المريضة، حتى أصبحت الشعوب العربية شعوبا هامشية، تسعى وراء لقمة العيش، ليس لها دور في البناء والتنمية والإبداع. لقد قتلوا في الإنسان وكل ما يسهم في رقي المجتمعات العربية.

     لقد أصبح التفرق والاختلاف السمة الغالبة للحكومات العربية، وأضحى التخطيط لتحطيم الآخر والاستيلاء على ثروات الغير هو الهدف الأسمى، وانشغلت الدول العربية ببعضها حتى فتحت المجال بوعي أو بدون وعي للأعداء لكي يجدوا موطئ قدم وطريق لينفذوا منه، حتى تمكن الأعداء من شق صف العرب، وخضعت شعوب بأكملها للهيمنة الخارجية، وسخرت جميع مقدراتها للأجنبي؛ مما زاد في تخلفها وتراجعها.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك