من المستحيلات – البعد اليمني الخليجي
بكل المقاييس تبدو اليمن أقرب إلى دول الخليج منها إلى أي دولة إقليمية أخرى، ومن يعرف طبيعة الشعب اليمني عن قرب يدرك هذه الحقيقة، وما عدا ذلك هو من قبيل الهيمنة وبسط النفوذ، ووضع الأمور في غير محلها.
فتشترك اليمن والسعودية بشريط حدودي طوله تقريبا 1770 كيلومتر، ويعمل أكثر من مليوني يمني في السعودية، التي هي ملجأ لكثير من الطالبين للاستقرار الاقتصادي والأمني. وهذا الكلام أيضا ينسحب على دول الخليج العربية، في حين لا يتواجد اليمنيون إلا بأعداد قليلة في الدول الاقليمية القريبة ولا تشكل أي مساندة اقتصادية تذكر للداخل اليمني، واليمن هي الخاصرة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية. لقد كان لمساهمات اليمنيين في العمل في دول الخليج دور كبير ومهم ولا يزال.
كما أن اليمنيين هم عرب، ويتكلمون اللغة العربية، ويشعرون أنهم منتمون للأمة العربية، وأنهم هم أصل العرب؛ فهم العرب العاربة والمستعربة نسل قحطان مهد الحضارات العربية القديمة فكيف يرضون بالالتصاق بالدول الإقليمية غير العربية؟!
وارتبطت اليمن أيضا بمنظومة من المساعدات التنموية من أكثر من 60 عاما بدول الخليج من خلال المساهمة الفاعلة في الاقتصاد والتعليم والصحة والبنية التحتية؛ فالشريك الاستثماري التجاري الأول في اليمن هم الخليجيون وفي مقدمتهم السعودية، وقد ساهمت الكويت بدور فعال منذ عام 1964 في الجهود الإنمائية لليمن، من خلال الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي (تأسست 1953)؛ إذ تم تنفيذ 226 مشروعاً بقيمة 420 مليون دولار، ثم في عام 1968 ساهم الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية (تأسس 1961) في تمويل 29 مشروعاً بقيمة 253 مليون دولار، فضلا عن 21 منحة ومعونة فنية بقيمة 10 مليون دولار تقريبا، ثم في عام 2001 تم تخفيف عبء خدمة ديونه تجاه اليمن وتقديم معونة بقيمة 6 مليون دولار، وقدمت الكويت وحدها من خلال مؤتمر المانحين 200 مليون دولار لتمويل 5 مشاريع إنمائية، ثم 500 مليون دولار عام 2012 في الاجتماع الوزاري لمجموعة اصدقاء اليمن في نيويورك.
وأيضا كان لمجلس التنسيق السعودي اليمني (تأسس 1976) دور كبير في المشروعات الإنمائية الضخمة في اليمن مع إعادة جدولة الديون المستحقة والمقدرة ب 249مليون دولار، وتصاعدت المساعدات السعودية لليمن منذ عام 2000م بتقديم قرض بقيمة 300 مليون دولار، وإنشاء مصفاة تكرير النفط في حضرموت بتكلفة تقدر ب 400 مليون دولار، وإقامة شركة قابضة مشتركة ب 200 مليون دولار وإنشاء شركة للثروة السمكية بقيمة 20مليون دولار، وأخرى للتنمية الزراعية بقيمة 90 مليون دولار، وتم في صنعاء في فبراير 2000م التوقيع على إنشاء مجلس الأعمال السعودي - اليمني حيث ارتفع النشاط الاستثماري السعودي في اليمن إلى 500 مليون دولار.. ولا شك أن للدول الخليجية الأخرى مساهمات كبيرة في اليمن كدولة الإمارات؛ حيث قدمت في عام 2015 فقط مساعدات بقيمة 207 ملايين دولار، وكذلك دولة قطر، التي
أسست (مؤسسة قطر للتنمية في اليمن) عام 2007، بهدف تخصيص مبلغ (500) مليون دولار في شكل منح وقروض ميسرة وغيرها الكثير من المساعدات التنموية.
ويبقي الدور الآن على اليمنيين أنفسهم في اختيار مسارهم نحو الاستقلال والاستقرار والنماء الاقتصادي، أو التبعية والهيمنة الإقليمية وبالتالي زعزعة الأمن والصراعات والتخلف.
لاتوجد تعليقات