رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 6 مارس، 2016 0 تعليق

من المستحيلات- إضعاف الأمة ينافي تعاون المسلمين

     من أوجب الواجبات تعاون المسلمين، وتكاتفهم واتحادهم، وقد سعت دول إسلامية كثيرة لتعزيز هذا التعاون مصداقا للآية الكريمة: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة:2)، وقوله سبحانه: {وَالْعَصْرِ. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (العصر).

     ومن التعاون بين المسلمين ضمان وحدتهم، وعزتهم وعدم السعي إلى تفرقتهم وإذلالهم وإضعافهم. ومن ذلك ما تقوم به بعض الدول والأفراد والجماعات من نشر الخراب والدمار في بلاد المسلمين؛ فإضعاف المسلمين وتدمير مقدراتهم بأي حجة هو عمل يصب في صالح أعداء الأمة.

     فهل يعقل أن نجد معظم الدول الاسلامية مناطق صراع وحروب وإرهاب؟ فها هي ذي سوريا، والعراق حاضرتا الإسلام، وعاصمتا العلم والثقافة تئنان تحت طائلة التدخل في شؤونهما، وتشتكيان من الإرهاب! حتى كادتا في حكم اللاوجود..  يقول مايكل هايدن- الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) لـ سي إن إن (CNN): «إن الأوقات الحالية تشهد تغييرات وصفها بـ(التكتونية)» (نسبة إلى تحرك طبقات الأرض التكتونية التي تسبب الزلازل، وتحرك القارات وتغير تضاريس الأرض) ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط على حد تعبيره.

     جاء ذلك في مقابلة مع CNN؛ حيث قال هايدن: «الذي نراه هو انهيار أساسي للقانون الدولي، نحن نرى انهيارا (بالاتفاقيات) التي تلت الحرب العالمية الثانية، نرى أيضا انهيارا في الحدود التي تم ترسيمها في معاهدات فيرساي وسايكس بيك، ويمكنني القول: بأن سوريا لم تعد موجودة، والعراق لم يعد موجودا، ولن يعود كلاهما أبدا، ولبنان يفقد الترابط، وليبيا ذهبت منذ مدة».

وتابع قائلا: «هذه أوقات تكتونية ومن ضمنها الحرب ضد الإرهاب، وهي أوقات في غاية التعقيد».

     إذاً الذين سعوا إلى تدمير الأمة الإسلامية عليهم أن يدفعوا ثمن عبثهم، وقيمة تلاعبهم بمقدرات الأمة، وإمكاناتها. وهم ليسوا من الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بل جل أعمالهم الأمر بالمنكر والتخريب والتدمير وإضعاف الأمة قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة:71)، وقول النبي  صلى الله عليه وسلم : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (أخرجه البخاري ومسلم). فتأمل حال المؤمنين التي خطها لهم رسول الله  صلى الله عليه وسلم من التواد والتراحم والتعاطف!

     فالتواد أي: تواصُلهم الجالبِ للمحبَّةِ؛ كالتَّزاوُرِ، والتَّهادي، وتراحمهم أي: بأنْ يرحَمَ بعضُهم بعضًا بأُخوَّةِ الإسلامِ، لا بسببٍ آخرَ، وتعاطفهم أي : يُعينَ بعضُهم بعضًا، كما يُعطَفُ طرَفُ الثَّوبِ عليه ليُقوِّيَه، كمثَل الجسدِ بالنِّسبةِ إلى جميعِ أعضائِه، إذا اشتكى عضوٌ منه تَداعَى له سائرُ جسدِه، أي: دعَا بعضُه بعضًا إلى المشاركةِ بالسَّهرِ؛ لأنَّ الألمَ يمنَعُ النَّومَ، والحُمَّى؛ لأنَّ فقدَ النَّومِ يُثيرِها.

وفي الحديثِ تأكيد على أنَّ المؤمنينَ كالجسدِ الواحدِ. وفيه: اهتمامُ المسلمين بعضِهم ببعضٍ في جميعِ شؤونِهم.

 

فمتى تكف هذه الدول عن إضعاف الأمة، وتتخلى عن مشروعها التوسعي، والساعي في ثناياه إلى القضاء على الدول الإسلامية الواحدة تلو الأخرى؟.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك