من ادعاء حقوق المرأة إلى أسلمة زائفة – النسوية إلى أين؟
- عُرِفت النسوية نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 في أوروبا ثم امتدت إلى عدد من الدول العربية وتمثلت مطالبها بتعليم النساء ومنحهن حقوقًا متساوية في التصويت والتملك والظهور في المجال العام
- أصبح الإنترنت فضاء مهمًّا للحركات النسوية حول العالم فالنساء يشكلن أكثر من 70% من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في أكثر من دولة
- تسعى النسوية إلى التمرد على عادات المجتمع وعقوق الآباء ونبذ الدين والانحلال عن أحكام الشرع والنتيجة هي تفكك الأسرة وذهاب الحاضنة الاجتماعية وفساد المجتمع والثورة على كل موروث
- يعدّ الفكر النسوي بمفهومه الغربي سلاحًا فتاكا للقضاء على لحمة المجتمعات الإسلامية وإشاعة الفوضى والانحلال الخلقي تحت شعار حقوق المرأة ونبذ العنف والمساواة بين الجنسين
- ينبغي الاهتمام بالإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ومراقبة ما ينشر فيها من قبل الجهات المختصة وأولياء الأمور حماية لكيان الأسرة ومستقبل الشباب
- من العوامل المهمة في مواجهة الأفكار النسوية الاهتمام بالتربية الإسلامية للأبناء والبنات والحرص على تنمية الرقابة الذاتية إزاء ما يرد من أفكار منحرفة وضلالات
تعدّ الحركة النسوية - في إطار نشأتها الاجتماعية والفكرية والروافد الثقافية التي غذّتها أيديولوجيا- غربية محضة، يراد أن تُصَدَّر للعالم كله بصفتها نموذجًا عالميا، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد على مدى سنوات طويلة، ولكن الخطر الأكبر فيما يخص دولنا العربية والإسلامية أن تصبح تلك الأفكار المنحرفة قدوات سيئة تهدد بناتنا، وتبث ثقافة الحرية الغربية لتكرس مظلومية المرأة وسطوة المجتمع الذكوري على النساء دون وجه حق، وأن تنبري بعض النسويات -باسم الدين- وتحت غطاء التجديد في الخطاب الإسلامي إلى التشكيك في النصوص القرآنية وليّها للتوافق مع تلك التوجهات للحصول على مكاسب مادية ومعنوية.
التعريف والنشأة
تعرّف موسوعة (كامبريدج) النسوية بأنها «الاعتقاد أن النساء يجب أن تتلقى مستوى الحقوق والسلطة والفرص والمعاملة نفسها التي يتمتع بها الرجال»؛ وقد عُرفت نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 موجة نسوية امتدت في أوروبا وصولاً إلى عدد من الدول العربية وأبرزها مصر وسوريا ولبنان؛ حيث تمثلت في المطالبة بتعليم النساء ومنحهن حقوقاً متساوية في التصويت والتملك والظهور في المجال العام. بينما جاءت الموجة الثانية في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن العشرين وعرفت بكونها موجة اجتماعية اقتصادية؛ حيث انتقدت الصور النمطية السائدة للمرأة، وعرفت هذه الموجة آنذاك بثورة الشباب على العادات الاجتماعية والاقتصادية الراسخة، واتخذت صراعا جيليا ملحوظا. أما الموجة الثالثة فقد جرت في بداية التسعينيات، للمطالبة باستكمال منح الحقوق المتساوية للنساء، وهو ما مهد لدخول التقاطعية في حقل دراسات المرأة، وهكذا أصبحت الهوية جزءاً لا يتجزأ من دراسات المرأة وهو ما أسس فيما بعد لمجال دراسات النوع الاجتماعي Gender studies. فيما انطلقت الموجة الرابعة بعد عام 2012، وتميزت بدرجة عالية من الاعتماد على الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة؛ حيث ركزت على الاحتجاج على العنف المبني على النوع الذي تواجهه النساء، ولا سيما التحرش والاغتصاب وغيرها من مظاهر العنف، ولعل أبرز هذه الوقائع التي نالت شهرة كبيرة حدثت في صناعة السينما العالمية في هوليود، وتورط فيها بعض المشاهير من المنتجين والمخرجين.الانترنت والحركات النسوية
وقد أصبح الإنترنت فضاء مهما للحركات النسوية حول العالم، ويكفي أن نعلم أن النساء يشكلن أكثر من 70% من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في أكثر من دولة، وتجدر الإشارة إلى أن التقاطعية هي إحدى القضايا الرئيسية عند النسوية المعاصرة، بمعنى ربط قضايا النسوية بما تتعرض له المرأة في العديد من المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، مع تصاعد الدعوات إلى تكثيف الجهود لتغيير السياسات والقوانين تغييرا كبيرا حتى تلبي طموحاتهن، فيما سلطت الحركة النسوية (الراديكالية) -وهي الموجة الأحدث- الضوء على الدور الاجتماعي للنضال ضد الاضطهاد الذكوري والنظام الأبوي، وأثارت قضايا لم تتم معالجتها في السابق، مثل الهوية الجنسية، والحقوق الجسدية، والتحرر الجنسي.النسوية في السياق العربي
انتقلت النسوية -بفعل عوامل عديدة- للعالم العربي في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين في أعقاب الثورة الفرنسية عام 1789، لكن لم تأخذ زخمها العميق كما هي حاليا، إلا بداية من عقد الثمانينات من القرن العشرين؛ نظرا لأن تركيز الشعوب العربية في النصف الأول من القرن العشرين كان منصبا على محاربة الاستعمار الغربي، وخلال الستينيات، والسبعينيات، كانت الشعوب العربية منشغلة بفكرة الصراع مع إسرائيل.الأب الروحي للحركة النسوية العربية
ويعدّ قاسم أمين الأب الروحي لما عرف بالحركة النسوية العربية التي ولدت مع كتابه (تحرير المرأة)، ثم حملت الراية هدى شعراوي وغيرها من دعاة التحرر، وقد نشأت المنظمات النسائية في تلك الفترة بوصفها أذرعة للأحزاب القومية واليسارية، وما تزال مثل هذه الأفكار تستورد تباعاً كلما حصل تطورات فكرية لهذه الحركة في موطنها الأصلي، لنشهد كل فترة من الزمن ظهور بعض الحركات والظواهر السلبية في المجتمع العربي والمسلم. وما حصل في الآونة الأخيرة من مطالبة رموز النسويات بإسقاط الولاية، والهجمة الشرسة على الثوابت، وهروب الفتيات للغرب، وإعلانهم الإلحاد، لم يكن وليد الصدفة، وإنما كان نتيجة جهد ممنهج وتخطيط ماكر؛ حيث ظهرت -في السنوات الأخيرة عبر قنوات التواصل- المطالبات بالتحرر الجنسي والتمرد على عادات المجتمع وعقوق الآباء، وحرية الإلحاد ونبذ الدين والتحلل من أحكام الشرع، والنتيجة هي تفكك الأسرة وذهاب الحاضنة الاجتماعية، وفساد المجتمع والثورة على كل موروث.مخاطر الحركات النسوية
يعدّ الفكر النسوي -بمفهومه الغربي- سلاحًا فتاكا للقضاء على لحمة المجتمعات الإسلامية، وإشاعة الفوضى والانحلال الخلقي تحت شعار (حقوق المرأة ونبذ العنف والمساواة بين الجنسين)، وتزامن مع ذلك انطلاق تيار آخر أشد خطورة أفرزه الفكر النسوي الغربي، وهو تيار نسوي متطرف يطالب بتغيير البنى الاجتماعية والثقافية والعلمية واللغوية والتاريخية باعتبار أنها متحيزة للذكر، وفي داخل هذا التيار نشأت جيوب تدعو إلى دين جديد (الوثنية النسوية) (femal paganism) أو دين المرأة الجديد الذي يقوم على أساس تأليه المرأة مقابل الأديان الذكورية التي فيها الإله ذكر، فلابد أن يكون للمرأة إله أنثى في الدين الجديد. وأخطر ما فيه الدعوة إلى تدمير الأديان، والتخلي عن الأنوثة باعتبارها سبب ضعف المرأة وهيمنة الرجل عليها، فالأنوثة تقود إلى الزواج، والزواج يقود إلى الأمومة، والأمومة تقود إلى تكوين الأسرة، ففي كل هذه المراحل تكون المرأة الطرف الأضعف، والرجل يكون الطرف المهيمن.إجراءات خطيرة
واتخذ هذا التيار عددًا من الإجراءات الخطيرة جدا، بالسعي إلى تقويض مفهوم الأسرة المعروف وإحلال الأسرة الديمقراطية محلها، والمطالبة بحق المرأة في الإجهاض بحرية بحسب الطلب، وتسهيل ذلك، والدعوة إلى إعطاء المرأة حريتها الجنسية، وتمخض عن ذلك صياغة نظرية نسوية لتحقيق المساواة التماثلية بين الجنسين، ولا يتم ذلك إلا بخلخلة الثنائية السيكولوجية والاجتماعية التقليدية بين الذكر والأنثى، وإيجاد بديل عنها وهو مصطلح (الجندرة) الذي يقوم على أساس تغيير الهوية البيولوجية والنفسية للمرأة، وعلى إزالة الحدود النفسية التي تفرق بين الجنسين على أساس بيولوجي أو نفسي أو عقلي، كذلك يزيل الهوية الاجتماعية التي تحدد دوراً مختلفاً لكل واحد من الجنسين في الحياة وتمايزه عن الجنس الآخر.أبشع أساليب النسويات
ومن أبشع أساليب النسويات بغض الرجال وتشويه صورتهم في أذهان المراهقات، وتحطيم القدوة في حياتهن، بل وتصوير الأب على أنه مصدر للظلم، والحرص على تهوين أمر عقوق الوالدين، وأن الفتاة لها حريتها الشخصية، وليس لأحدٍ الحق في التحكم بها، وأن الأب مجرد خادم! عليه إحضار متطلبات الأسرة فقط، وتصوير الإخوة على أنهم ذكور حازوا كل المميزات، واستأثروا بها على الإناث، وأنهم مصدر من مصادر الظلم ضد الأخوات، ويجب مقاومتهم وكرههم، والحرص على انتزاع الحقوق منهم وعدم طاعتهم. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، ولكن يتم تصوير الأم بأنها ليست سوى مربية، يجب عليها القيام بمهامها تجاه ابنتها، فإن تركتها على حريتها فهي أمٌّ متفتحة، وإن صادمتها ومنعتها من الانفلات في مستنقعاتهن، فهي مجرد مربية ليس لها حق الطاعة، ولا يلزم برها ولا الالتزام بتوجيهاتها، ويجب التحرر من قيودها.تخوين أولياء الأمور
إلى جانب تخوين أولياء الأمور عن طريق سرد قصص التعنيف، وإبراز التناقضات، وتوجيه الإشارات السلبية لعلماء الدين مع لمحات من الاستهزاء بالنصوص الدينية، حتى تتكون حالة التمرد لدى الفتاة، وتتكون شخصيتها المنحرفة، فتثور على دين ربها، وتنزع طاعة ولي أمرها، وتتمرد على أسرتها، والتشجيع على النشوز على الزوج وعدم طاعته، والسعي إلى الانعتاق من أغلاله، والتغرير بالمتزوجات على أن الانفصال عن الزوج نوع من الحرية والمتعة والسفر بلا قيود، وتصوير حالات الطلاق التي تنشأ عن هذا الفكر على أنها حالات ناجحة، وعمل حفلات الطلاق.التشنيع على الزواج ورفضه
ومن رسائلهم الخبيثة التشنيع على الزواج ورفضه بالكلية، وتفسيره بالعبودية والذل للمرأة، وإقناع البنات أن هذا المشروع مبني على العنصرية الذكورية، والتأكيد على فشله، وأنه سجن يقيد الحريات، ويكبت المشاعر، ويكرس الظلم الذكوري، ويسخر المرأة خادمة وآلة للولادة، تقول إحدى النسويات: «الزواج مقبرة، والتي ستُدفن فيه طيلة حياتها هي المرأة»، وتقول أخرى: «كيف تصلي المرأة لإله احتقر المرأة ؟!» -تعالى- الله عن ذلك علوا كبيرا ! وتقول أخرى: «مناهج التعليم تهين المرأة ويعود الفضل في ذلك طبعا للقرآن والأحاديث»! وبذلك تعالت الدعوات إلى إلغاء مؤسسة الزواج، وإلى تحرير المرأة من الحمل والإنجاب، وإحلال الحمل والإنجاب الصناعي، وإلغاء دور المرأة في تربية الأطفال وإعفاؤها من ذلك، ومن القيام بالأعمال المنزلية وإقامة مراكز تربوية لتربية الأطفال داخل المجتمع وليس بالبيت، ويكفي أن نعلم أن العام 2021 شهد 42 مليون عملية إجهاض، والأعداد في تزايد مستمر.النسوية في ميزان الشريعة
لقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله؛ فالمسلمة في طفولتها لها حق الرضاع، والرعاية، وإحسان التربية، وهي في ذلك الوقت قرة العين، وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها، وإذا كبرت فهي المعززة المكرمة، التي يغار عليها وليها، ويحوطها برعايته، فلا يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء، ولا ألسنة بأذى، ولا أعين بخيانة، وإذا تزوجت كان ذلك بكلمة الله، وميثاقه الغليظ؛ فتكون في بيت الزوج بأعز جوار، وأمنع ذمار، وواجب على زوجها إكرامها، والإحسان إليها، وكف الأذى عنها، وإذا كانت أما كان برُّها مقروناً بحق الله-تعالى-وعقوقها والإساءة إليها مقروناً بالشرك بالله، والفساد في الأرض، وإذا كانت أختاً فهي التي أُمر المسلم بصلتها، وإكرامها، والغيرة عليها، وإذا كانت خالة كانت بمنزلة الأم في البر والصلة، وإذا كانت جدة، أو كبيرة في السن زادت قيمتها لدى أولادها، وأحفادها، وجميع أقاربها؛ فلا يكاد يرد لها طلب، ولا يُسَفَّه لها رأي، وإذا كانت بعيدة عن الإنسان لا يدنيها قرابة أو جوار كان له حق الإسلام العام من كف الأذى، وغض البصر ونحو ذلك، وما زالت مجتمعات المسلمين ترعى هذه الحقوق حق الرعاية، مما جعل للمرأة قيمة واعتبارًا لا يوجد لها عند المجتمعات غير المسلمة.الفكر النسوي مضاد للمبادئ الإسلامية
لا شك أن الفكر النسوي - بمفهومه الغربي وسياقه الحداثي- مضاد للمبادئ الإسلامية التي أنزلها الله في كتابه، وأخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- من التفريق بين الرجل والمرأة في الأحكام الشرعية والتمييز بين الجنسين في الخصائص؛ فكل جنس له حقوق تلائم طبيعته ووظائفه، وقد منح الشرع الرجل صلاحيات لتحقيق المصلحة وحفظ الحقوق، كما في قوله -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}. وقوله -تعالى-: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}، وقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}، وفي الشهادة قوله -تعالى-: {فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}، وفي الميراث قوله -تعالى-: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ}، وفي حق التعدد قوله -سبحانه-: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}، وقوله في انتساب الذرية للأب: {ادعوهم لآبائهم}، وفي تحريم الإجهاض والوأد قوله -تعالى-: {ولا تقتلوا أولادكم}، وفي تحريم العلاقات خارج إطار الزواج قوله -تعالى-: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}، وفي تحريم اللواط قوله -تعالى-: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ}، والأحاديث الصحيحة الواردة في هذا المعنى كثيرة. وقد نصح العلماء الربانيون الأمة في تلك الفترة قال العلامة المحدث أحمد شاكر: «نريد أن نحفظ أعراض المسلمين، وأن نحارب ما أحدث (النسوان) وأنصار (النسوان) من منكرات الإباحية والمجون والفجور والدعارة، هؤلاء النسوان اللائي ليسن لهن رجال، إلا رجالاً يشبهن الرجال! هذه الحركة النسائية الماجنة، التي يتزعمها المجددون وأشباه المجددين، والمخنثون من الرجال، والمترجلات من النساء، التي يهدمون بها كل خلق كريم، يتسابق أولئك وهؤلاء إلى الشهوات، وإلى الشهوات فقط».النسوية المتأسلمة
برزت على السطح في الآونة الأخيرة طائفة نسوية تتستر بالإسلام، وتقوم بدور خطير مضلل في قراءة المصادر الإسلامية وتفسير النصوص الدينية بناء على التفسير السياسي والتاريخي والعقلي، وتبعها في ذلك بعض المفكرين الإسلاميين، ويسعين سعيا كبيرا إلى المشاركة السياسية والنقابية وإلى تحقيق التمكين والتأثير الاجتماعي والتشريعي من خلال تقلد المناصب والإدارات المختلفة.إبطال الأحكام الشرعية
وتكمن الخطورة في أمثال هؤلاء أنهن يبطلن الأحكام الشرعية الثابتة في القرآن والسنة والإجماع وآثار الصحابة، ويرددن فقه الأئمة الأخيار بحجة أنها تفاسير وشروح ذكورية قامت على اضطهاد الفقهاء واحتقارهم للمرأة؛ فيحرفن معاني القرآن ويطعنَّ في رواة الحديث ومعانيه، كما صنعن في رد حديث: «لن يفلح قوم»، وغيرها من النصوص التي وردت مخالفة لأهوائهن ومبادئهن. ولكل أمر شرعي تفسير منحرف عندهن، فالحجاب لم يأت توصيفه في القرآن والمراد به ستر العورة المغلظة أو الاحتشام على حسب العرف، وهو عادة اجتماعية في مجتمع ذكوري عربي، والنقاب عادة يهودية، والتعدد شرع للتكافل الاجتماعي، وكان أمرا طارئا، والحديث الوارد في الولاية العامة لا يثبت، وتنصيف الإرث للمرأة كان على حسب ظرفها الاجتماعي والتاريخي، وتنصيف دية المرأة من دية الرجل باطل لم يرد في القرآن، وشهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل هذا خاص بحال المرأة في الزمن الأول ووضعها الاجتماعي؛ حيث لم تكن تشارك في المعاملات الاقتصادية، وهكذا يعطلن أحكام الشريعة اتباعا للهوى وتأثرا بأطروحات المستشرقين الذين يشككون في مسلمات الدين، وكثير منهن تلقين تعليمهن في جامعات الغرب، قال -تعالى-: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}. وهكذا نرى كيف توظف تلك النّسويات المتأسلمة الدّين مرجعية وركيزة لإصلاحاتهن المزعومة؛ بحيث يمكن رؤية النسويات على أنهن فرع من المفسرات اللاتي يؤسسن حججهن في الإسلام وتعالميه، ويسعين إلى المساواة الكاملة بين النساء والرجال في الفضاء الخاص والعام وإلى تضمين غير المسلمين في الخطاب والنقاش.أخطر ما في الفكر النسوي
أخطر ما في الفكر النسوي الدعوة إلى تدمير الأديان، والتخلي عن الأنوثة باعتبارها سبب ضعف المرأة وهيمنة الرجل عليها؛ فالأنوثة تقود إلى الزواج، والزواج يقود إلى الأمومة، والأمومة تقود إلى تكوين الأسرة، ففي كل هذه المراحل تكون المرأة الطرف الأضعف، والرجل يكون الطرف المهيمن.تيار يهدد أمن المجتمع
مثل هذا التيار الفكري خطير، ويهدد أمن المجتمع وثقافة بناتنا، وهو كالسرطان، ينتشر في أوساط المراهقات بطريقة سريعة، ولا سيما عند ضعف الوازع الديني وضعف التربية الاجتماعية وغياب الرقيب، وإذا سقطت الأسرة ضعفت البنية الداخلية، وقل الولاء للوطن، وتفككت اللحمة بين المجتمع، وكانت العاقبة وخيمة.التوصيات
- ينبغي التنبة لمثل هذه الحركات النسوية المنحرفة المحاطة بمشاريع وبرامج وشعارات براقة وبيان خطرها ووسائلها وأساليبها في الوصول إلى بيوتكم ونسائكم وبناتكم.
- بيان الموقف الشرعي من حقوق المرأة وواجباتها بوضوح، وترسيخ كون الشريعة مرجعاً لنا هو قبول هذا الموقف والانقياد له في المجتمع المسلم.
- الاهتمام بالتربية الإسلامية للأبناء والبنات والحرص على تنمية الرقابة الذاتية إزاء ما يرد من أفكار منحرفة وضلالات.
- الاهتمام بالإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ومراقبة ما ينشر فيها من قبل الجهات المختصة وأولياء الأمور حماية لكيان الأسرة ومستقبل الشباب.
- بيان مخاطر تحرر المرأة المزعوم وما جناه على المرأة الغربية وكيف يتنافى مع طبيعة المرأة وخصائصها التكوينية.
- التنشئة الصالحة للأسرة المسلمة، وتبدأ منذ الوهلة الأولى في اختيار الزوجة الصالحة الناصحة؛ فالأبناء -في الغالب- على دين أمهاتهن، وأغلب عظماء الإسلام نشؤوا أيتامًا في أحضان أمهات صالحات.
- الحرص على ترسيخ القيم الإيجابية والأخلاق الإسلامية وبث الرقابة الداخلية في نفوس الأبناء والبنات، وأن الله -تعالى- مطَّلِعٌ على خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأن نعظم رقابة الله في قلوبهم، وأن يكون للقرآن والسنة مكانة عظيمة في نفوسهم، وأنهما المرجع الأساسي لكل شؤون الحياة.
- إشاعة روح الحوار بين أفراد الأسرة، وأن يتقبل الوالدان ما يرد عليهما من تساؤلات وحوارات، والحرص على إيجاد الحلول لها، وتقبل الأبناء والبنات والاستماع إلى مخاوفهم حتى لا يقعوا ضحية الغرباء من ضعاف النفوس ومروجي الشبهات والشهوات.
- السعي الجاد لمعالجة مشكلات المرأة المسلمة، وتذليل العقبات التي تحول دون تمكينها من أداء دورها المشروع في المجتمع في تكوين الأسرة وحسن التربية وتحقيق الكفاية المادية المناسبة بنظر شرعي.
- التوعية والتوجيه لأفراد المجتمع عن خطر هذه الأفكار التي يروج لها أعداء الملة والدين لاستهداف أبنائنا وبناتنا، وذلك من خلال منابر الجمعة، ومِنصَّات الإعلام، والمدارس والجامعات، ووسائل التواصل الاجتماعي، لكبح جماح تلك الجماعات والمنظمات، ووأدها في مهدها، وبيان حقيقتها.
- الحذر من أصدقاء السوء ومعرفة أقران الأبناء والبنات وتحذيرهم من صديق السوء فالمرء على دين خليله.
- الإكثار من الدعاء وتحصين الأبناء بالأذكار الشرعية، وأن نكثر من الدعاء لهم بالهداية والصلاح، والحفظ من شر الأشرار، وكيد الفجار، وشر طوارق الليل والنهار.
لاتوجد تعليقات