رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: علي المشّوح 14 ديسمبر، 2020 0 تعليق

من أهم أسباب النصر الصدق وحسن التوكل على الله


صدق الله -سبحانه وتعالى- عندما قال: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذلِكَ جزاءُ الْكَافِرِينَ (26) ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يشاء وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

  

صدق الله هو الناصر والمعز، والمذل، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، هذا الذي يجب أن يعتقده المؤمن أن النصر والتوفيق من الله -تبارك وتعالى.

يوم حنين وذات أنواط

     يوم حنين وما أدراك ما حنين؟! بعد أن فتح المسلمون مكة بعد تسعة عشر يوما، علموا أن أهل ثقيف وهوازن يجمعون لحرب المسلمين؛ فبادرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتوجه اليهم بجيش عدده اثنا عشر ألفا، عشرة آلاف مسلمو الفتح وألفين من الأعراب الذين دخلوا الإسلام حديثا، وأخذ المسلمون الجدد يرددون قولا: «لن نغلب اليوم من قلة» كما قال -تعالى-: {إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} ما ضيقها إلا القول السيء والظن السيء بالله -عز وجل-، والكلام الشنيع، فلما مروا على أناس يعلقون سيوفهم على شجرة ليجلبوا بها النصر؛ فقالوا يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنها السنن،لقد قلتم كما قال قوم موسى لموسى: {اِجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَة}، «لتتَّبعنَّ سَننَ من كانَ قبلَكم حذو القُذَّةِ بالقُذَّةِ حتَّى لو دخلوا جحرَ ضبٍّ لدخلتُموه».

لايكون النصر بالعدد فقط

     ثم شاعوا لن نغلب اليوم من قلة، نحن كثرة وهم قلة، وخرجت ثقيف بجيوشها مجموعة قبائل ثاروا ثورة واحدة، خرجوا بنسائهم وأطفالهم وإبلهم وغنمهم وكل ما يملكون، حتى جاء الرجل بكل ما يملك إما أن يموت ويهلك أو يرجع منتصراً {ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ}. الذي يظن النصر بالعدد والجهد والسلاح فقط هذا ظنه خطأ، اختبأ أهل ثقيف وراء الحجارة، ودبروا لهم كمينا، فلما توسط المسلمون في الوادي، جاءتهم السهام من كل ناحية، ففر الجيش، ولم يبق إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - معه تسعة أشخاص فقط أو عشرة، يقول: يا ناس، أنا محمد بن عبد الله، هلّموا إلي، وهو يتقدم ومعه تسعة، يتقدم ببغل ليس على فرس ولا على ناقة وكان معه عن يمينه العباس، وعن شماله الحارس.

الثبات والعودة إلى النصر

     وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتقدم متوكلاً على الله؛ فهو يعلم أن النصر من الله، وأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - يردد أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب، يا أصحاب العقبة، وأصحاب سورة البقرة هلّموا إلي، فبدأ الصحابة يرجعون، حتى انضم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة رجل، وهؤلاء المائة هم الذين حققوا النصر، واثنا عشر ألفاً ما فعلوا شيئاً، مائة صادقة كفت، قال جابر - رضي الله عنه -: «فو الله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسرى مكتفين عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم ».

     أنزل الله الملائكة، وأنزل سكينته على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والطمأنينة والثقة بالله والتوكل على الله، قالوا رأينا مثل بساط أسود نزل من السماء بين القوم الكافرين، وأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - حفنة من تراب وألقاها على وجوههم؛ فانشغلوا بحبات التراب، وسلمت رقابهم للمسلمين، وكان النصر والتوفيق من الله -عز وجل-، وجعل كلمة الذين كفروا السفلى، انهزموا شر هزيمة، وفروا وتركوا نساءهم وأموالهم. إذا أرد الله نصر قوم أتى به، قال -تعالى-: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

القلة الصادقة

     يبين هذا حتي يتعلم الدعاة إلى الله -عز وجل-، والداعين إلى الإصلاح والعدل والإيمان والأمانة أنهم بصدقهم وتوكلهم على الله سوف يكون ما يريدون، ليس بالكثرة، قال -تعالى-: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ}، فلا يستعجل الإنسان النصر، ولو كان الذين يسعون إلى الإصلاح عددا قليلا، لابد أن نعتقد أن التوفيق من الله، وحفظ البلاد والعباد من الله، عليك ببذل السبب.

بذل السبب والتوكل على الله

     والتوكل على الله والصدق مع الله، لن تُغلب وأنت متوكل على الله؛ لأن الله هو الذي يغير الأمور، فلابد من بذل الأسباب، وإياك أن تتبع الذين قالوا: «لن نغلب اليوم من قلة»، أو الذين قالوا: «اجعل لنا أنواطا كما لهم أنواط»، والذين يظنون أنهم بجهدهم ورشاويهم سوف يغيرون البلاد والعباد، لن يغير الله شيئا إلا بتوفيق الصالحين وإخلاصهم لله -عز وجل-، فلابد للإنسان أن يكون صادقا مع الله في دعائه في الليل والنهار، صادقا في دعوته، صادقا في علمه، صادقا في عمله، ولا بد أن يكون صادقا مخلصا، ولا ينظر إلى النتائج، فالنتائج والتوفيق من عند الله، فلا يغتر بجهل الجاهلين، ولا يغتر بكثرة أو بعدد، ولكن يتوكل على الله فهو نعم المولى ونعم النصير.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك