رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 14 فبراير، 2022 0 تعليق

من أرشيـف علماء الدعوة السلفية في الكويت – الشيخ أبو معاوية عبد الله السبت- رحمه الله (2) الدافع لهذا البيان والحديث

 

 هذه محاضرات ألقاها الشيخ أبومعاوية عبدالله السبت -رحمه الله- على أوقات متفرقة ومجالس متنوعـة، دارت حول إيضاح مفهـوم المنهج السلفي الصافي، وكشف عوار الدعوات المشوهة له، وأثراها بالأمثلة الحية التي تُلامس الواقع، بأسلوبٍ موجز لا حشو فيه، سهل ميسّر، بقوة حجة، واطلاعٍ تام بحال الجماعات الإسلامية المعاصرة، موجَّهٌ إلى أفهام عُموم الناس، غير مختَصٍ بنخبةٍ معينة، قام بجمعها وترتيبها الأخ بدر أنور العنجري، في كتاب (ملامح أهل الحديث) المطبوع حديثاً، ومنه استقينا مادة هذه السلسلة.

     نستكمل في هذه الحلقة ما بدأنا الحديث عنه من أسباب حرص أهل الحديث (أهل السنة والجماعة) على إيصال الخير للناس، ودور السلفيين في ذلك يقوم على أمرين، الأول: تبصير الناس بالدرب الصحيح، والثاني: تصفية دين الإسلام من الشوائب، ثم أجاب الشيخ عن سؤال: هل بیان منهج السلف وتمیزه وذكر من خالفه، يعد من لوازم هذا العصر؟

وأجاب الشيخ بأن هذا من أوجب الواجبات؛ لأن المسلمين وقعوا في عصرنا هذا في أمور، منها: انتشار الجهل بحقيقة الفرق، ومنها أننا ابتلينا في عصرنا هذا بأناس يحملون راية التكفير، ويزعمون أنهم سلفيون.

الانحراف ليس منهج السلف

     فإذًا، أصبح الانحراف يطرح للناس على أنه هو منهج السلف وطريقتهم؛ ولذلك صار بعضهم يسميهم (سلفيون خارجون من السلفية)، وهذا ليس صحيحًا؛ لأن السلفية منهج وأساس، وهؤلاء فكرهم فكر الخوارج بلباس عصري، ووسائل الإعلام العالمية لها دور في هذا التلبيس، كما في مرحلة السبعينيات والثمانينيات لما اشتهرت جماعة (جهیمان) ونسبت للسلفية زورا، فبعض الناس يكون أصله ومنشؤه سلفيا، ولكن واقعه لیس سلفيا؛ ولذلك لو قرأت ما كتب عن جماعات التكفير، وعن أصولهم وفروعهم، وما جمعوه من مذكرات، وما طرحوه من أطروحات في تحقيقات معهم، تجدها تدور في ظاهرها على أنها سلفية، فمن الذي يميز؟

لابد من التمايز الصريح

     فلابد أن يعلن السلفيون عن رايتهم ويرفعوها؛ حتى لا يضل الناس من ناحية، ولا يشوهوا منهج السلف وعقيدتهم من ناحية أخرى؛ فكان لابد من التمايز الصريح في الطرح، فهذا هو السبب الثاني الذي يجعلنا نحرص على إظهار منهج الفرقة الناجية، وبيان موقفها من كل هذا، وتصورها لما يجري في الدنيا.

كتاب معالم الانطلاقة الكبرى

     ولذلك اشتهر عند الناس كتاب (معالم الانطلاقة الكبرى عند أهل السنة والجماعة) فقرأه الكثير على أنه كتاب يمثل التيار السلفي المعاصر، والكتاب ٩٠٪ منه جميل، لكن فيه بلاء في آخره، فهو ينادي لتجميع الجماعات، وأنه الطريق إلى إيجاد الأمة، فعدنا عودًا على بدء كما قالوا.

     إذا الذي يطرح من قبل كثير من التيارات المعاصرة، مثل كتابات (الصاوي) تطرح الطرح السلفي، ويستدل بالدليل لكن ليس على مراد السلف بل على مراده هو، ولذلك عندما تقرأ كتابه (الثوابت والمتغيرات) ولديك 60٪ من المنهج السلفي تنخدع به؛ لأنه يأتي بكلام جميل ومنقولات عن ابن تيمية، فينقل منه ما يشتهي، ويؤخر بعض الجمل عن بعضها الآخر، فيتحقق له ما یرید.

السبب الثالث: الإنسان عدو ما يجهل

- الأمر الثالث: الذي يجعلنا أيضا نقدم هذا البحث هو أنهم يقولون دائما: إن الإنسان عدو ما يجهل، فصار طرح السلفية للناس طرحا مشوها، ولا سيما من قبل خصومها، فمرة يطرحونها لهم على أنهم تكفیریون، فالعوام من الناس يروننا نقول: الكتاب والسنة، والذين يقتلون المسلمين في الجزائر يخرجون بيانا باسم الكتاب والسنة وفقه السلف! والذين يذبحون المسلمين في مصر يقولون: الكتاب والسنة وفقه السلف! والذين يخرجون للمظاهرات يقولون: الكتاب والسنة، فإذا الناس قد يعادون دعوتنا ويحاربون منهجنا؛ ظانين جهلاً أن هذا الذي يرونه كله هو منهج السلف.

السلفية ليست مدا ثوريا

     ولذلك ترى كثيرا من الكتاب يصورون للناس أن هذه هي قضية السلفية، تُصور السلفية على أنها مد ثوري، والناس يسمعون ويصدقون، ثم تُصور السلفية في العالم أيضا على أنها مذهب متحرر لهدم المذاهب الإسلامية، وهذا الذي دندن حوله (البوطي) كثيرا في كتاباته، ولا سيما كتابه (السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي)، ودندن حوله غيره في مصر وفي سورية وفي العالم العربي، تُصور للناس أن الدعوة السلفية هي ضد المذاهب.

الاهتمام بأحوال المسلمين

     ثم بعد ذلك مما تشوه به الدعوة في أيامنا هذه هو قول بعضهم: ليس عندكم اهتمامات بأحوال المسلمين، وهذه شبة وجب تبيينها للناس، وأن هذه الدعوة المباركة تدعو إلى الجهاد الشرعي، وتدعو إلى الله -سبحانه وتعالى- على بصيرة وبيان، فإذا عرف الناس جهاد السلفيين الشرعي عبر تاريخهم كله، ووقوفهم أيضًا أمام الانحراف الموجود في العالم الإسلامي قديما وحديثا، عند ذلك تظهر هذه الدعوة بالمظهر الذي يجب أن تسود فيه الدنيا.

هذا هو الدرب الذي أمرنا أن نسير عليه

     فإذًا هذه الأسباب وغيرها هي التي دفعتنا، ويجب أن تدفع كل مطلع على هذه العقيدة وعلى هذا المنهج؛ أن بين ذلك للناس، وأن نقول لهم: هذا هو الدرب الذي أمرنا أن نسير عليه، ومن سار على غيره فهو هالك لا محالة، كما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم .

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك