رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 27 أغسطس، 2022 0 تعليق

من أرشيـف علماء الدعوة السلفية في الكويت- الشيخ عبد الله السبت- رحمه الله (17)مغالطات يجب تصحيحها

 

 

علينا أن نظهر السلفية الحقة علمًا ومنهجًا ودعوة وننادي بها قولا وفعلا وتطبيقًا

من سمات المبتدعة تهميش دور العلماء المعاصرين كالشيخ الألباني والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهم اللهوالشيخ العباد والشيخ الفوزان وغيرهم

دعوتنا مركزة على إصلاح الأمة لأننا نعلم يقينا أن التغيير لن يحصل إلا إذا تغير الناس

 

هذه محاضرات ألقاها الشيخ عبدالله السبت -رحمه الله- على أوقات متفرقة ومجالس متنوعـة، دارت حول إيضاح مفهـوم المنهج السلفي الصافي، وكشف عُوار الدعوات المشوهة له، أثراها بالأمثلة الحية التي تُلامس الواقع، بأسلوبٍ موجز لا حشو فيه، سهل ميسّر، بقوة حجة، واطلاعٍ تام بحال الجماعات الإسلامية المعاصرة، موجَّهٌ إلى أفهام عُموم الناس، غير مختَصٍ بنخبةٍ معينة، قام بجمعها وترتيبها الأخ بدر أنور العنجري، في كتاب (ملامح أهل الحديث) المطبوع حديثاً، ومنه استقينا مادة هذه السلسلة.

     لما جاءت مايسمى بـ(الصحوة الإسلامية) وانتشر المد الإسلامي في العالم، هنا وقعت مغالطة، ظن الناس الذين ليس لديهم علم بالتاريخ، أنه في السابق لا توجد نهضة إسلامية، وليس هنالك علماء ولا دعوة، حتی جاء (البنا) و(المودودي) و(سيد قطب) وأظهروا ماسمي بـ(الصحوة الإسلامية)، وهذه مغالطة.

نعم هناك علماء

      ففي جيلهم وعصرهم كان هناك علماء مثل محب الدين الخطيب، وأحمد شاكر وغيرهما، وأنا ذكرت هذا سابقا - في رسالة صغيرة أسميتها «دعوة للتأمل» - أن كل زعماء الجماعات الإسلامية ليس فيهم عالم، يعني إيتوني بحديث واحد خرجه تقي الدين النبهاني أو المودودي أو سيد قطب أو النورسي أو محمد إلياس، أو فتوى واحدة منهم مؤصلة، ومعنی مؤصلة أي أنه يأتي بحكم ويقول: قال الله كذا، وقال رسول الله كذا، وقال أحمد كذا وقال الشافعي كذا والصواب كذا، فلا يوجد لهؤلاء فتوى مؤصلة، انظر (ظلال القرآن) من أوله إلى آخره، تجد كلاما طويلا، فيه حق وباطل، وانظر (رسائل المودودي) ورسائل البنا -رحمهم الله-، تجده كلاما ليس فيه تأصيل علمي.

      لكن اقرأ كلام محب الدين الخطيب وكلام أحمد شاكر -رحمهم الله- وعلماء الأمة في ذلك الوقت، تجده كلاما مؤصلا، وكان علماء الدعوة أتباع محمد بن عبدالوهاب في الجزيرة موجودين، وفي الهند الشيخ صديق حسن خان، وصاحب (تحفة الأحوذي) الشيخ عبدالرحمن المباركفوري، وصاحب (عون المعبود) الشيخ العظيم آبادي، وفي اليمن الشيخ الشوكاني، فيوجد علماء سلفيون في العالم الإسلامي.

جرثومة الخلط والتلبيس

     فجاءت هذه الصحوة -التي يسمونها (الصحوة الإسلامية) -مع الأسف الشديد- فأوقعتنا في خلط، وارتكبت مجموعة حماقات، كانت في بدايتها غير مؤثرة على الخط السلفي، فإذا جئت ترى جماعة المودودي ففي شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا، وإن جئت للإخوان ففي البلاد العربية، وإن جئت إلى النورسيين وما حولهم ففي تركيا، فما كان هناك تداخل بينهم وبين السلفيين، فالسلفيون لوحدهم وهؤلاء لوحدهم، ولم يكن أحد في كل العالم الإسلامي يخلط، فما كان الإخواني ولا المودودي ولا جماعة قطب يقولون نحن سلفيون، ولذلك كان الإنسان يكفي أن يقول (أنا سلفي) ليميز نفسه.

قضايا التوحيد ومحاربة الشرك

      وهؤلاء الناس تجدهم في قضايا التوحيد ومحاربة الشرك -ولا سيما (القطبيون) منهم الآن- شديدين جدًا، ولهم كتب في هذه القضايا وقضايا الأسماء والصفات، حتى يقول قائل: بماذا يختلفون عنا؟ نقول: ارجع للخوارج الأولين، الذين كانوا في عهد علي ومعاوية -رضي الله عنهما-، لم يكن عندهم قبور، ولم يكن عندهم شرك، وما عندهم تأويل للأسماء والصفات، وإنما الخلاف معهم في مسألة المنهج وفهم الصحابة -رضي الله عنهم-، أنأخذ بفهمهم؟ {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد أهتدوا} (البقرة: 137)، أم هم رجال ونحن رجال؟ هذه هي التي فرقتنا عن الخوارج الأولين، ومن ثم كل ما جاء بعد ذلك من انحراف عند الخوارج الأولين؛ جاء عند هؤلاء، ولكن هؤلاء أسوأ؛ لأنهم أضافوا له التقنية، فأصبح لهم (مذهب ليل، ومذهب نهار).

 

من آثار دعوتهم

      كيف سعى القطبيون لجمع الجماعات الإسلامية ؟ قالوا نأخذ من «السلفيين» العقيدة، ونأخذ من «الإخوان المسلمين» الحركة، وهكذا! نحن نقول: لا، دیننا كامل لیس بناقص، یعني هل الأمة قبل (محمد سرور) وقبل (البنا) ليس فيها دعوة؟ أقيمت دول، مثل الملك عبدالعزيز بن سعود -رحمه الله- أقام دولة، وبأقل جهد بشري، أما الإخوان فقتلوا من شباب الأمة الآلاف في دول مختلفة، وصرفوا من أموال الأمة مئات الملايين، والنتيجة: ما حكموا شيئا، حتى قرية ما حكموا، في أفغانستان قتلوا مئات البشر وذهبت الأموال، والنتيجة: حكمها العلمانيون!

المنهج الذي سلكوه

      إذا المنهج الذي سلكوه بما يسمى (السياسة العصرية) منهج فاسد، وهم ما يسمون هذه سياسة! ما أتوا بشيء، ما أتوا بدولة، ولا أتوا بنظام، إذا طريقتنا - التي يسمونها طريقة العجائز- أسلم.

      أما نحن فدعوتنا مركزة على إصلاح الأمة؛ لأننا نعلم يقينا أن الحكم لن يأتي لـ(أمة مهلهلة)، وإنما لا يمكن أن يحصل التغير إلا إذا تغير الناس، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} (الرعد: 11)، هذه قاعدة، وذكرنا مرارا أن الحكم والتمكين يأتي من السماء، وهذه القضية لا يريدون أن يفهموها.

اسم ناله التشويه

      إذا هذا الاسم -اسم السلفية- ناله التشويه، فالتشويه الأول -وهو سلفيو العقيدة إخوانيو المذهب-، ثم جاءت السلفية الثانية وهي (سلفية المبدَّعة)، فصار فرزهم صعبًا، في كل شيء يوافقوننا إلا أن عندهم غلوا، ثم جاءتنا جماعات التكفير وتسموا كلهم بالسلفيين، فظهرت في الساحة ما يسمى بـ: السلفية العلمية، والسلفية الجهادية، والسلفية الثورية، فماذا نفعل؟

      هل نهجر اسم السلفية الصحيحة؟ نقول لا، بل نستمر على هذا الاسم وننادي به ونسعى إلى تنقيته، لا ينبغي أن يترك، فليس لديناغيره، لكن عدل فيه فنقول: نحن الطائفة الناجية، نحن الفرقة المنصورة، نحن أتباع السلف، فنحرص على إظهار مذهبنا بوضوح، ولكي نظهره لابد لنا من بذل الجهد في تعلم العلم الشرعي؛ لأن صاحب العلم يستطيع أن يجابه.

من سمات هؤلاء

      من سمات هؤلاء أنهم يركزون على قضايا الجهاد، والجهاد حق بلا شك، كما قال -صلى الله عليه وسلم -: «من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو، مات على شعبة من نفاق»، لكن هذا الحق أريد به باطل؛ فأصبحوا ينادون بجهاد ليس له معنى، كل أربعة أشخاص أو خمسة أو عشرة -كما في العراق والصومال وأفغانستان - تجمعوا خلف جبل وأعلنوا الجهاد! ونحن منهيون أن نقاتل تحت راية عمية، فالجهاد لابد له من ضوابط: له إمام وله تمایز صف وقدرة، حتى لا يهلك المسلم.

همشوا دور العلماء

      ومن سماتهم: أنهم همشوا دور العلماء، المعاصرين كالشيخ الألباني والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين -رحمهم الله-، والشيخ العباد والشيخ الفوزان وغيرهم، همشوا دورهم، وجعلوا دورهم أنهم يجاملون الحكام، ويتهمونهم ويقولون مثلا: إن الألباني مرجئي! لماذا هذا التهميش؟! حتى لا تتخذ الناس العلماء قدوة، كما ذكر ذلك عنهم سفر الحوالي - قدیما: دعوهم مساكين يكفيهم الفتاوی، وسموهم كذلك: علماء الحيض والنفاس! وسبحان الله! الكلام نفسه ذكره أهل البدع في عهد الإمام الحسن البصري عن علماء السنة في ذلك الوقت، فتشابهت أقوالهم بتشابه قلوبهم وأفعالهم.

علينا ألا نترك السلفية

      إذا علينا مع كل هذا الحل الذي جاء للدعوة السلفية، ألا نترك السلفية الاسم، أن نتمسك به، وأن نظهره، وأن نجتهد على تنقيته، لكن هذا ومحاولة يحتاج منا إلى علم، كما قال الإمام البخاري -رحمه الله-: باب العلم قبل القول والعمل، واستدل بقول الله -عز وجل-: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} (محمد: 19)، فإذا قام السلفيون في العالم بطلب العلم الصحيح، وأظهروا أنفسهم وشبابهم علماء قدوة للأمة؛ فهؤلاء يسقطون بسرعة؛ لأن عندهم خواء، فلابد أن تظهر السلفية الحقة علمًا ومنهجًا ودعوة، وإذا سئلنا نقول: نحن سلفيون وهؤلاء أدعياء، فلابد أن نستمر بإظهار السلفية، وننادي بها قولا وفعلا وتطبيقاً.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك