رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: فلسطين - ميرفت عوف 8 أكتوبر، 2012 0 تعليق

منهج شرعي مميز وتخصصات جامعية كما العلوم الإنسانية-التوجيهي الشرعي.. يحقق آمال المجتمع الفلسطيني بإيجاد جيل واع بدينه!!

 

يُعد التعليم الشرعي أحد أهم روافد المجتمع الفلسطيني المسلم لإيجاد جيل قادر على سبر أغوار العلم الشرعي من الأئمة والدعاة وخدم المساجد.

غير أن حصر هذا التعليم في الصف السابع حتى العاشر، أي الذي يبدأ ببداية المرحلة الإعدادية وينتهي مع بداية الثانوية ليعود الطالب مجددًا إلى مدارس التعليم العادي، لم يكن مرضيًا لمدارس الأوقاف التي أرادت أن تؤصل للعلم الشرعي وأن تنشر الوعي والفكر الإسلامي بأسسه القويمة وأساليبه السليمة.

الجهود تواصلت لإيجاد مسار جديد لتعليم شرعي متكامل لا ينقطع في مرحلة من مراحل الدراسة، وبفضل الله الكريم في العام الدراسي السابق وبالتعاون بين وزارة الأوقاف ووزارة التربية والتعليم أوجد مسار خاص بالثانوية العامة (التوجيهي) في العلوم الشرعية وسميَّ: التوجيهي الشرعي. (الفرقان) تعرض لتجربة التوجيهي الشرعي ومراحل إعداد مناهجه واعتماده من وزارتي التربية والتعليم ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وتبصر أهمية التعليم الشرعي وكيف يمكن الارتقاء به.

     فضل الشيخ محمد راضي – 45 عامًا – أن يدرُس أبناؤه العلوم الشرعية في كافة مراحلهم التعليمية، وكان ذلك يتوافق مع رغبة أبنائه حفظة القرآن الكريم، وعندما اقترب ابناه التوأمان -أحمد وفاطمة - من التخرج في الصف العاشر الشرعي كان يتوقع أن يبقى قرار وزارة التربية والتعليم الفلسطينية بذهاب أبنائه لاستكمال الدراسة في تخصص «العلوم الإنسانية»؛ حيث لا يوجد الثاني الثانوي الشرعي.

     تغيرت الأمور بفضل الله – عز وجل – وتمكنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية من إيجاد مسار خاص بالثانوية العامة (التوجيهي) في العلوم الشرعية وسميَّ: التوجيهي الشرعي، وهو معتمد من وزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الأوقاف، وذلك بعد إيجاد منهج دراسي خاص بـ«التعليم الشرعي» الثانوي يجمع بين العلوم الإنسانية والعلمية فضلاً عن دراسة تخصصات موسعة من العلم الشرعي يكون معها الطالب أقدر على سبر أغوار دينه وتفقيه أهله بأمورها، الشيخ محمد سعيد تمكن أبناؤه في هذا العام من أن يكونوا ملتحقين بالتوجيهي الشرعي، يقول ابنه أحمد: «درست الثاني الثانوي الشرعي والحمدلله انتقلت في هذا العام إلى التوجيهي الشرعي، فأنا أحب دراسة المواد الشرعية وقد اعتدت عليها منذ كنت صغيرًا، ويضيف الفتى أن اعتماد شهاداتهم من وزارة التعليم العالي سيمكنه وشقيقته من الدراسة في الجامعات الفلسطينية بكل أريحية.

انتصار للتعليم الشرعي

     يقول نائب مدير عام التعليم الشرعي في وزارة الأوقاف بالضفة الغربية محمد الكيلاني: إنه بفضل الله الكريم مثَّل العام الدراسي 2011- 2012 بداية الانطلاقة نحو تعليم شرعي معتمد يمكن الطالب من استكمال حياته الجامعية ليس في تخصص العلوم الشرعية فحسب بل أيضًا في مختلف تخصصات العلوم الإنسانية كاللغة العربية والحقوق والتاريخ وغيرها.

     وأوضح الكيلاني أن الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا بشرح تفاصيل أكثر عن التعليم الشرعي لأولياء الأمور وللطلبة عبر الندوات واللقاءات وورش العمل المختلفة، كما سعت إلى تدعيم أهميته وحاجة المجتمع الفلسطيني له عبر اعتماده كفرع من فروعاً الثانوية العامة في الوطن، وأوجدت له منهجا شرعيا مستقلا، يدرس فيه الطالب مواد تخصص العلوم الإنسانية فضلاً عن المواد الشرعية المتخصصة من حديث وفقه وقرآن كريم.

     ويشير الكيلاني في حديث خاص بـ«الفرقان» إلى أن نجاح التجربة الأولى من التوجيهي الشرعي لهذا العام بنسبة 100% سيؤدي إلى زيادة الإقبال ولاسيما بعد قرار الجامعات باستقبال طلبة التوجيهي الشرعي في تخصصات العلوم الإنسانية والعلوم الشرعية.

     ويقول الكيلاني: «حاولنا التخفيف عن كاهل الطالب لنساعده على التحصيل بشكل أفضل، فلم يعد الطالب يدرس المقررات الشرعية بوصفه تخصصاً منفصلاً بجانب المقررات الدراسية التي تقررها وزارة التربية والتعليم، وبات الطالب يأخذ الحصص نفسها التي يأخذها نظراؤه في الفروع الأخرى».

     بينما العقبة الأخرى التي ذُللت مع تخريج أول فوج من التوجيهي الشرعي في الضفة الغربية هي اعتراف الجامعات الفلسطينية بشهادة الثانوية العامة الشرعية وإقرار الوزارة تعامل الجامعات مع أولئك الخريجين كخريجي فرع العلوم الإنسانية بحيث أعطتهم الحق في استكمال دراستهم الجامعية إما في التعليم الشرعي أو في أي علم من العلوم الإنسانية كاللغة العربية والتاريخ والحقوق.

منهج شرعي مميز

     البداية لم تكن سهلة، فإعداد منهج شرعي فلسطيني يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين، وذلك بالتعاون ما بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ودائرة المناهج في وزارة التربية والتعليم.

     مدير عام المناهج الإنسانية بوزارة التربية والتعليم بالضفة الغربية علي مناصرة يؤكد في حديث خاص لـ«الفرقان» أنه تم تشكيل فريق عمل متخصص تكون من 25 أستاذا جامعيا في العلوم الإسلامية لمراجعة المناهج التي يدرسها طلاب المدارس الشرعية في الصف الحادي عشر وذلك لإثرائها وتطويرها بالإضافة عليها أو تخفيفها بالحذف من المواد التي تُثقل كاهل الطالب أو تعديلها.

      ويُبيِّن مناصرة أن التغذية الراجعة للمواد التدريسية التي تلقاها الطلبة في أول تجربة للتعليم الشرعي تؤكد نجاح المناهج، ويضيف لنا: «الكثير من الأكاديميين أعجبوا بالكتب الدراسية للتوجيهي الشرعي وأكدوا أنها شاملة وتؤهل الطالب للدراسة الجامعية في أي مجال من مجالات العلوم الإنسانية».

     في السابق كان الطالب في الصف الحادي عشر يدرس خليطا من العلوم الشرعية المفصلة بالإضافة إلى كتب العلوم الإنسانية والعلوم الصادرة عن وزارة التعليم العالي؛ مما يُشكل عبئًا ويجعل مستوى التحصيل لدى الطلبة منخفضا، وهذا ما تم تلافيه في المناهج الجديدة كما يقول مناصرة الذي تابع: «كان الطالب في المدارس الشرعية يتقدم للامتحانات النهائية في 20 مادة علمية وأدبية وفقهية أو يزيد على ذلك، غير أننا خففنا الكثير عن كاهله».

     وتضم المواد الدراسية لطلبة التوجيهي الشرعي بحلتها الجديدة منهج اللغة العربية الخاص بوزارة التربية والتعليم العالي والمقرر على الثانوية فضلاً عن منهج اللغة الإنجليزية المقررة من وزارة التعليم للثانوية المهنية والتجارية لكونه أيسر قليلًا، وكذلك منهجي الرياضيات والتاريخ الخاصين بفرع العلوم الإنسانية ناهيك عن المناهج الشرعية المتخصصة من قرآن كريم، وحديث شريف، وفقه معاملات ونظم إسلامية وغيرها من أصول العقيدة الإسلامية وفنون الخطابة والدعوة التي يدرسها في الصف الحادي عشر ابتداءً ليتأهل لدراسة المناهج الأعمق والأشمل في التوجيهي.

خير للناس

     الأستاذ المشارك في كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بغزة د. ماهر السوسي يشدد على أهمية العناية بالعلم الشرعي في المجتمع المسلم، ويبين في حديث خاص بـ «الفرقان» أن طبيعة الدين الذي نشأ المسلمون عليه في فلسطين تفرض على الجهات الرسمية أن توجههم لطبيعة الفكر الإسلامي، ولاسيما في الأحكام الشرعية، وقال د. السوسي: «الأصل في المجتمع المسلم أن كل سلوكه وتصرفاته محكومة بالشريعة لتحقق الهدف المنشود بنشر الفكر والثقافة الإسلامية القويمة».

     وتبدو نتائج تعميم واعتماد التعليم الشرعي في المدارس والجامعات إيجابية جدًا على المجتمع الفلسطيني من وجهة د. السوسي، فيؤكد أن ازدياد شريحة طالبي العلم الشرعي من شأنها أن تُسهل عملية انتشار الثقافة الإسلامية وأن تؤصل للمبادئ الإسلامية في التعاملات وتصقل المجتمع وتنهي ما بقيَّ لدى أفراده من مخالفات شرعية وبدع وخرافات يعتقدون بصحتها وهي عارية عنها وبريئة منها، ويُضيف أن التعليم الشرعي خير للناس جميعًا وفقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»، وأكد أن هذه الميزة بجانب سابقاتها باتت أمرا مطلوبا ومُلِّحا للمجتمعات الإسلامية في ظل عصر العولمة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك