رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: فَتْحي بِن عَبدِ الله المَوْصِليِّ 19 ديسمبر، 2018 0 تعليق

منهج الأنبياء في حمل الشرائع وتبليغ الأوامر

     قال تعالى: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ}، يدرك كل صاحب بصيرة أن منهج الأنبياء في تلقي الشرائع وتنفيذ الأوامر، وفِي التزكية والترقية، وفِي التكليف والتبليغ منهج حكيم وسديد، وقد لخصته الآية في قوله -تعالى-: {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا}، ففي التلقي تأتي القوة، وفِي التبليغ والتعليم والتمسك يأتي الحُسن والأحسن.

ولذا يتعين على القائم بأمر الدعوة أن يحمل الدعوة بقوة؛ فإذا أراد أن يأمر أو ينهى أو يبلغ غيره عليه أن يختار لهم الأحسن؛ إذ قد لا يصلح لهم الأقوى، ومن الأخطاء الفاجعة والأفعال المؤلمة في الدعوة خطآن:

- الأول: عندما يأخذ الداعية الشرع بالقوة ويريد من غيره أيضا أن يحمله بالقوة من غير ملاحظة الفروق بينه وبينهم.

- والخطأ الثاني: أن يختار الداعية لنفسه الأحسن والأصلح ويختار للناس الأقوى.

لكن القرآن فصّل: إذا أخذت الدين فخذه بقوة، وإذا بلغته للناس فأمرهم بالأحسن، وهذا هو الأصل العام.

والفقيه يميّز بين مقام القوة ومقام الأحسن؛ إذ هما من دقيق العلم والفهم.

ويدخل في الأخذ بالقوة خمسة أمور: «القوة في الإرادة والنية، القوة في الانقياد والامتثال، القوة في العلم والبصيرة، القوة في الأخذ بالعزيمة، وقوة الإيمان في القلب».

ويدخل في الأمر بالأحسن أمور خمسة أيضاً: «يختار لهم الأحسن في الثواب، والأحسن من الأحكام، والأيسر من الأفعال، والراجح من الأقوال والأفعال، والأصلح في الحال والمآل».

هما مقامان: مقام للنفس ومقام لغيرها؛ ففرق بين ما يحمل عليه الداعية نفسه، وبين ما يحمل عليه غيره في سلم التربية ومدارج الترقية ولاسيما مع كثرة الشواغل، وعموم البلوى، وانتشار الفتن، والتعلق بالحظوظ وضعف الهمم.

وهذه الوقفة التأملية هي حد دقيق بين الحكمة والشدة، وبين الاعتدال والإسراف، وبين التدرج والتعجل.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك