رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. محمد ضاوي العصيمي 30 ديسمبر، 2018 0 تعليق

منزلة سنة النبي صلى الله عليه وسلم

لا يخفى على أحد أن أوجب الواجبات وأعظم المهمات بعد توحيد الله -تعالى- هو طاعة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ولهذا لا يتم إيمان إنسان حتى يفرد الله -تعالى- بالعبادة، ويفرد النبي صلى الله عليه وسلم بالمتابعة، وهما شرطا قبول العمل عند الله -تعالى-؛ فمن كان مخلصاً ومبتدعاً لم ينفعه علمه، ومن كان مرائيا ومتبعاً لم ينفعه عمله؛ ولهذا قال غير واحد من أهل العلم حديث عمر، وعائشة، هما ميزان قبول العمل أعني بهما: «إنما الأعمال بالنيات»، «من أحدث في أمرنا هذا»، وفي هذه المقالة سيكون الكلام حول منزلة سنة النبي صلى الله عليه وسلم .

- أولاً: يجب أن نعلم أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وحي كما أن القرآن وحي؛ ولهذا لم يأت بشرع من عنده بل هو وحي يوحى، وأنه[ لم يكتم شيئاً: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ}(المائدة:67)، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يتقول في دين الله شيئاً: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ}(الحاقة:44).

 سنة رسول الله وحي

     ومن الأدلة أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحي، وأن له حق التحليل والتحريم، قوله -تعالى-: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} (التوبة:29)، وقوله {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} (الأعراف:157).

 عمل الصحابة

     وهذا كان عمل الصحابة -رضوان الله عليهم-؛ فهذا عمران بن حصين؛ لما قال له رجل: إنكم تحدثوننا بأحاديث لم نجد لها أصلا في القرآن؛ فغضب عمران وقال: إنك امرؤ أحمق، أتجد في كتاب الله الظهر أيضاً لا يجهر فيها بالقرآن، إن كتاب الله أبهم هذا والسنة تفسره.

     وهذا ابن مسعود لما ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم : «لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات»، بلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب؛ فجاءت إليه وقالت: إنه بلغني عنك أنك لعنت كيت، وكيت، فقال: ومالي لا ألعن من لعن رسول الله وهو في كتاب الله؛ فقال: لقد قرأت ما بين الوحين، فما وجدت فيه ما تقول، قال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه أما قرأت في قوله -تعالى-: {وما أتاكم}، قالت بلى: قال أما إنه قد نهى عنه» (البخاري).

 من أسباب ضلال الخوارج

وكذلك من أسباب ضلال الخوارج تركهم العمل بالسنة، وكانوا يقولون بيننا وبينكم كتاب الله؛ فكانت النتيجة هو التأويل الباطل، والتحكم بالنصوص.

من صور الضلال

وهذا الموضوع العظيم لما أغفلناه وأهملناه، خرجت لنا صنوف من الضلالات المختلفة في ترك الأخذ بالسنة وإهمالها، ومن أصناف الضلال في هذا الباب:

1) القرآنيون الذين لا يرون السنة مصدراً للتشريع.

2) التحجج بالتجارب البشرية على النصوص النبوية! ونجيب هؤلاء أيهما نأخذ كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نهانا عن الربا، أو تجارب الدول والمؤسسات التي في ظاهرها استفادت من الربا؟! هل نأخذ بكلام رسول الله الذي نهانا عن الخروج على الأئمة؟ أم بتجارب موهومة في الظاهر؟

3) ومن أنواع الضلال معارضة الحديث والسنة بالهوى والجهل؛ فبعض المتعالمين اغتر بكثرة المادحين، والمتابعين، والمشجعين، أو بالشهادات التي يحملها، حتى جعله ينصب نفسه متكلماً فيما يجهل في الكلام في سنة النبي صلى الله عليه وسلم .

4) ومن أنواع الضلال في هذا الباب التعصب المذهبي.

5) ومن أنواع الضلال، تلقيب بعضهم نفسه عبقريا، ودكتوراً، وفيلسوفا، ومفكراً، حتى بات يغتر بنفسه ويفسر النصوص بهواه، وليس بالرجوع إلى كلام الأئمة المعتبرين.

 وسائل العلاج

1) وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم وأنها من طاعة الله {وأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لعلَّكُم تُرحمون} (آل عمران:32)، {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (الحشر:59)، وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم  من خالف أمره: «كل أمتي يدخل الجنة إلا من أبى، قالوا ومن يأبى يا رسول الله: قال من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى».

2) عدم تقديم قول أحد على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان من كان، قال -تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}( الأحزاب:36)، ومن تأمل حال الصحابة العمل في التعامل في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته في القليل والكثير، علم عظم مكانتهم، والسبب الذي لأجله رفعهم الله، والأمثلة كثيرة؛ فهذا نبينا لما خلع خاتم الذهب بعد أن جاءه النهي، خلع الصحابة خواتمهم؛ لما خلع نعاله، خلعوا نعالهم.

3) الحذر من البدع والمحدثات، وتجنبها حتى لو كانت جميلة في عين من يراها، مطربة في أذن من يسمعها؛ فالبدع كلها ضلالة.

4) ترك آراء الرجال المخالفة لكلام رسول الله وحديثه؛ فإذا كان ابن عباس ترك كلام الشيخين أبا بكر وعمر؛ فكيف بمن دونهما، وقد أطبقت كلمة الأئمة الأربعة على مقولتهم: «إذا صح الحديث فهو مذهبي»، وكان الشافعي يقول: إذا رأيتم قولي يخالف قول رسول الله؛ فاضربوا به عرض الحائط.

5) الحرص على العمل بالسنة وإحياؤها بين الناس وبيان فضيلة التمسك بها. 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك