رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أحمد الشحات 1 فبراير، 2018 0 تعليق

مقدمات للنهوض بالعمل التطوعي الإسلامي

إن واقعنا الدعوي المعاصر يشهد بحق أزمة كبيرة لابد أن يولي لها أبناء الصحوة قدرًا من الوقت والفكر لمحاولة تلمس خطوات حلها أو التحجيم من آثارها، تلك المشكلة هي اعتماد الدعوة في الأساس علي مجموعة من المتطوعين غير المتفرغين في الأصل لهذا العمل، بل إن العمل الدعوي غالبا ما ينازعه ويزاحمه في حياة الداعية مشكلات الحياة كلها التي يتعرض لها الرجل العادي، من الانهماك في عمل دنيوي يستقطع منه قدرًا كبيرا من الوقت والجهد، ثم الزوجة والأولاد وغيرها من مشاغل الحياة، وفي وسط هذا الزخم لابد له من المحافظة على قدر ثابت من العمل والبذل للدعوة وإلي أن تنفرج هذه الأزمة، وأن يوجد لها حلولها المناسبة نريد زيادة نسبة المتطوعين والعاملين من أجل الدعوة حتى لا تنحصر الدعوة في النهاية في عدد من الأشخاص، ويؤثر الباقي الوقوف في ساحات المشاهدين.

تعريف العمل التطوعي

     العمل التطوعي يشمل كل عمل من أعمال البرّ يقوم به المتطوع لتقديم عمل خيري غير ربحي سواء كان عينيا أم بدنيا أم فكريا يقدمه عن رضا وقناعة بقصد الإسهام في مصالح معتبرة شرعاً، يحتاج إليها قطاع من المسلمين.مثل الصدقة، وتعليم العلم، وتحفيظ القرآن، وأعمال الدعوة بشتى صورها، ونحو ذلك من الأعمال الخيِّرة التي يتعدى أثرها إلى شريحة أو أكثر من شرائح المجتمع الإسلامي.

     والجدير بالذكر أن العمل التطوعي إذا توافرت فيه الظروف الملائمة فإن أداءه يفوق أداء الموظفين مدفوعي الأجر، وقد أثبتت التجارب والدراسات أن بعض الأجهزة الرسمية لا تستطيع وحدها تحقيق غايات وخططها كافة ومشاريع التنمية دون المشاركة التطوعية الفعالة للمواطنين والجمعيات الأهلية التي يمكنها المساهمة بدور فاعل في عمليات التنمية نظراً لمرونتها وسرعة اتخاذ القرار فيها؛ ولهذا اعتنت الدول الحديثة بهذا الجانب لمعالجة مشكلات العصر والتغلب على كثير من الظروف الطارئة.

أدله فضل العمل التطوعي

     ولمَّا كان محلَّ العمل التطوعي ومجاله أعمال البرّ والخير، فلا عجب أن يكون جزءاً من عمل المسلم، وأن تأتي النصوص الشرعية بالدعوة إليه، والأمر بالمسارعة فيه، وذلك في نصوص عديدة، مثل قول الله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. وقولِه {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} أي: بادروا بفعل الخيرات وسارعوا إليها.ومنه قوله تعالى عن أنبيائه: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ).

     وهو شأن المؤمنين الصادقين، كما في قوله -سبحانه-: {أوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}، وهذا بعكس أهل النفاق ودعاة الضلالة، فقد وصف الله -عز وجل- المنافقين بأنهم ينفرون من العمل الخيري، ويتضايقون منه، ويشحون به: {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً}.

     بل بيّن الله -عز وجل- أن المنافقين يقللون من شأن العمل الخيري، ويحاربون أهله ويشككون في نواياهم، ويسخرون منهم، كما قال الله -عز وجل-: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

     وقال  -صلى الله عليه وسلم - «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه،من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما سترة الله يوم القيامة»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة، تعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة»، وقوله «الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان»، وقوله «لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين» وقوله «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار ».

أهمية العمل التطوعي

- فيه إشباع للرغبات وتحقيق للذات وشغل الفراغ.

- فيه فتح باب للتعود على الاحتساب والأجر من عند الله -عز وجل.

- يجعل المتطوع يشعر بالسعادة لمشاركته من حوله وتخفيف معاناتهم في السراء والضراء.

- يتيح الفرصة لتبادل الخبرات الكثيرة والمفيدة.

- ينمي القدرات الذهنية لدى المتطوع، ويعمل على إرساء قاعدة متينة من السلوكيات الحميدة في المجتمع.

- يعود على الثقة بالنفس وتحمل المسؤوليات ومواجهة المشكلات مباشرة.

- يعد ظاهرة اجتماعية حميدة للدلالة على حيوية المجتمع وإيجابيته وتقدمه.

عوامل نجاح العمل التطوعي

     العمل التطوعي لابد له من مقومات وأسباب تأخذ به نحو النجاح؛ ولذلك من الأهمية بمكان معرفة أسباب النجاح ليتم الحرص عليها وتفعيلها وتثبيتها، وفي المقابل معرفة الأسباب التي تؤدي إلى الفشل والإخفاق ليتم البعد عنها وعلاجها في حال الوقوع فيها أو في بعضها ومن أسباب نجاح العمل التطوعي:

1- إخلاص النية لله -تعالى- في العمل التطوعي قال -تعالى- في مدح المتطوعين: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}.

2- الكفاءة والخبرة والقوة والأمانة.

3- الإتقان فهو ضمان لحصول الجودة، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - «إن الله كتب الإحسان على كل شيء».

4-التخطيط السليم يوفر الجهد والوقت ويضمن جودة العمل.

5- الحرص على أن يكون العمل ضمن جماعة؛ فكلما كان العمل التطوعي جماعيا كلما كان أدعى للنجاح؛ لتوافر الطاقات والمواهب المختلفة وتلاقح الأفكار، والأهم أن العمل الذي تكثر فيه النيات الصالحة يكون أكثر بركة.

6- أن يوكل بكل متطوع العمل الذي يتناسب مع إمكاناته وقدراته.

معوقات العمل التطوعي

- الجهل بأهمية العمل التطوعي، والظن أن فيه مضيعة للوقت.

- السعي وراء الرزق وعدم وجود وقت كاف للتطوع.

- استغلال مرونة التطوع إلى حد التسيب والاستهتار.

- التسويف وعدم المبادرة.

- احتقار تقديم القليل والتقليل من شأنه.

- غياب التخطيط السليم وعدم توافر برامج خاصة لتدريب المتطوعين قبل تكليفهم بالعمل.

- عدم التقدير المناسب للجهد الذي يبذله المتطوع وعدم الاهتمام بالنواحي التشجيعية.

- إرهاق كاهل المتطوع بالكثير من الأعمال الإدارية والدعوية.

- وجود قدر من الحذر أو الخوف يؤدي إلي تقييد الأعمال وتحجيمها.

- الخوف من التوسع خشية عدم إمكان تحقيق السيطرة والإشراف.

- عدم بث روح التطوع بين أبناء المجتمع منذ الصغر.

- عدم توفر المبالغ نتيجة عدم بذل الأموال.

- عدم الاهتمام بمشكلات المتطوع الأسرية والإدارية؛ لما لها من تأثير على العمل التطوعي.

بعض المقترحات لتطوير العمل التطوعي:

1- تنشئة أفراد المجتمع تنشئة اجتماعية سليمة وذلك من خلال غرس قيم التضحية والإيثار وروح العمل الجماعي في النفوس.

2- أن تضم البرامج التأهيلية للصغار والشباب بعض المقررات التي تركز على مفاهيم العمل الجماعي التطوعي وأهميته وحث الشرع عليه ودوره الحيوي، ويقترن ذلك ببعض البرامج التطبيقية؛ مما يثبت هذه القيمة في نفوس الشباب.

3- بث روح الثواب والعقاب في حس المتطوع.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك