مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه (1)
لا شك أن الحديث عن الجهاد حديث مهم؛ لأنه قد دخله ما دخله من اللَّبس وسوء الفهم، نتيجة لقلة العلم والبعد عن التحقيق، والبعد عن التواصل مع أهل العلم الأثبات المحققين، ومن هنا حصل ما حصل من انحراف في فهم المراد من الجهاد، وأعقب هذا الفهم المنحرف سلوك منحرفً؛ لذا سوف يكون الحديث والنظر في كلام أهل العلم، وفي حديثهم عن الجهاد من حيث: تعريفه، وشروطه، وضوابطه، ومواكبة أهل العلم -رحمهم الله- لتاريخ الأمة كلها، ومعرفتهم بأحوالها وظروفها، ومواطن قوتها وضعفها، كل ذلك بَيَّنًهُ ديننا، فديننا أكمله ربنا -عز وجل- فلا ينقص أبدًا.
تعريف الجهاد
الجهاد لغة مأخوذ من الْجَهْد أو الْجُهْد، وهو بذل الوسع، والعمل ببذل الطاقة.
أما تعريفه الاصطلاحي: إذا أطلق في الغالب ينصرف إلى جهاد الكفار وقتالهم، من المعاندين، والمحاربين، والمرتدين، والبغاة، ونحوهم، ومقصوده إعلاء كلمة الله -عز وجل-، وهذا هو المعنى الخاص للجهاد.
أما المعنى العام فكما عرفه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «هُوَ بَذْلُ الْوُسْعِ وَهُوَ الْقُدْرَةُ فِي حُصُولِ مَحْبُوبِ الْحَقِّ».
يقول ابن القيم -رحمه الله-: {وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ جِنْسَ الْجِهَادِ فَرْضُ عَيْنٍ إِمَّا بِالْقَلْبِ، وَإِمَّا بِاللِّسَانِ، وَإِمَّا بِالْمَالِ، وَإِمَّا بِالْيَدِ، فَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُجَاهِدَ بِنَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ}.
فعلى كل مسلم أن يجاهد بنوع من هذه الأنواع، بالقلب، أو باللسان، أو بالمال، أو باليد، ونقول في عصرنا الحاضر: وبالقلم أيضا.
أقسام الجهاد... أنواع الجهاد:
أولا: جهاد الكفار، وهو نوعان: جهاد الطلب، وجهاد الدفع.
ثانيا: جهاد المنافقين والمرتدين.
ثالثا: جهاد البغاة، وهم الذين يخرجون على الإمام إمام المسلمين الحق.
مراتب الجهاد
قال العلماء: إن الجهاد له أربع مراتب: جهاد النفس، وجهاد الشيطان، وجهاد الكفار والمنافقين، وأصحاب الظلم والبدع والمنكرات.
المرتبة الأولى: جهاد النفس:
إن جهاد النفس له أربعة أنواع:
النوع الأول: جهاد في بذل العلم وتعلم أمور الدين والْهَدْى والذي لا فلاح للنفس ولا سعادة لا في المعاش ولا في المعاد إلا بتحصيله، لا نريد أن تكون الأمة كلها عالمة، إنما المفروض على كل مسلم نوع من العلم فرض عين ، فعليه أن يبذل جهده لتحصيل العلم الذي هو فرض عين في حقه، وهو: أصول الدين وقواعده كالصلاة وأحكامها، والوضوء وأحكامه، وحقوق الوالدين، يعرف المعاملات التي يمارسها في حياته.
النوع الثاني: جهاد العمل، بمعنى بذل الجهد في الأعمال الصالحة، ولهذا سميت أحكام الشرع تكاليف شرعية؛ لأنها لا تكون إلا ببذل جهد وكلفة، والله -سبحانه وتعالى- قال لنا: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} (سورة البقرة : الآية 286)، فالله يكلفنا لكنه لم يكلفنا إلا قدر طاقتنا، وقال تعالى : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (سورة التغابن: الآية 16) {لَا تُكَلَّفُ نُفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا}(سورة البقرة: الآية 233)، فبذل الجهد للعمل جهاد، ولهذا قال أهل العلم: جهادها -أي النفس- على العمل به بعد العلم. فلا يكون العمل صحيحًا إلا بعلم؛ لذا بوب البخاري باب (العلم قبل القول والعمل).
النوع الثالث: جهاد الدعوة إلى الله على بصيرة، والدعوة بابها واسع ليست مختصة ببعض المؤهلين من طلبة العلم، ولكن أنت عليك دعوة، ولا سيما في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً»( 4)، فالمسلم مكلف بدعوة أهل بيته، والقيام على أولاده، والقيام على من تحت يده، ولا سيما إذا كنت مسؤولا على من تحت يدك من العمال أو الموظفين، كمدير مدرسة، ومدير عمل، مدير مصنع، فلابد أن تجاهد في دعوتهم وإصلاحهم بقدر ما عندك من علم وصلاحيات، وما عليك من مسؤوليات.
النوع الرابع: الصبر على مشاق الدعوة، والكلام على الصبر باب واسع جدًا.
المرتبة الثانية: جهاد الشيطان:
قال العلماء: إن له مرتبتين: جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان، فالمسلم إذا كان في ديار الإسلام وعند أهل العلم يكون سليم القلب بإذن الله، إلا إذا أقحم نفسه في أمور علمية لم يبلغها فإنه قد يقع في شُبَهٍ، لكن عامة المسلمين والذين هم قريبون من العلم إن شاء الله يسلمون من مداخل الشيطان.
وجهاد الشيطان على دفع ما يلقي من الشبهات والشكوك تكون للذين يقتحمون أنواع بعض العلوم والمعارف وهم لم يحصلوا الآلة الكافية.
المرتبة الثانية: جهاد الشهوات، والشهوات مدخل للشيطان عريض؛ ولهذا قال سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُواًّ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير} (سورة فاطر : الآية 6)، ولا شك أن الشهوات كثيرة وجاذبة، قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ المَآب} (سورة آل عمران: الآية 14)، فالشهوات سواء في المأكولات، في المشروبات، في النساء، زينة الأموال، زينة المراكب، متاع الدنيا بكل أنواعه، لا شك أن للشيطان فيه على النفس مدخلا عظيما، ومن أعظم ما يجاهد به الإنسان نفسه هو جهاد الشهوات.
المرتبة الثالثة: جهاد الكفار والمنافقين:
قال الله تعالى:{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِم} (سورة التوبة : الآية 73) وقد لا يكون جهاد المنافقين بالقتال بقدر ما يكون باللسان، والقلب، والمال، واليد.
هذا في الجملة فيما يتعلق بمراتب الجهاد وأقسامه.
جهاد الطلب:
جهاد الطلب هو: تطلب الكفار في عقر دارهم، بمعنى أن المسلمين يقاتلون الكفار ليس لإجبارهم على الدخول في الدين فالله -عز وجل- يقول: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّين}(سورة البقرة : الآية 256)، وإنما من أجل أن تفتح الأبواب أمام الدعوة، وليسمع الناس دين الله -عز وجل-، ولهذا قال سبحانه في جهاد الطلب كما يسميه العلماء: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوَهُمْ وَخُذُوَهُمْ وَاحْصُرُوَهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم} (سورة التوبة : الآية 5)، وقال: {وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة} (سورة التوبة : الآية 36)، وقال: {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّه} (سورة التوبة : الآية 41)، وقال: {إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُم} (سورة التوبة : الآية 39) وقال: {وَقَاتِلُوَهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه} (سورة الأنفال : الآية 39) ومرة قال: {وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} (سورة البقرة : الآية 193) وقال سبحانه: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى القَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الحُسْنَى} (سورة النساء: الآية 95).
جهاد الدفع:
جهاد الدفع يكون فرض عين، بينما جهاد الطلب فرض كفاية، على ما سوف يأتي إن شاء الله من تفصيل بما يتعلق بالإمام ومسؤوليته في ذلك، فجهاد الدفع هو حين يقتحم الكفار ديار المسلمين، أو شيئاً من ديار المسلمين، فيكون حينئذ المدافعة والمقاومة، وتكون فرض عين متدرجة على من كانوا متلصقين بالكفار، ثم من يليهم، وهكذا ، ومن ذلك قول الله -عز وجل-: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} (سورة البقرة : الآية 190) وقال: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ القَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا}
{وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِياًّ وَاجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا} (سورة النساء : الآية 75).
الجهاد يكون فرض عين إذا حضر المسلم المكلف القتال، والتقى الزحفان، وتقابل الصفان، وإذا حضر العدو بلدًا من بلدان المسلمين تَعَيَّنَ على أهل البلد قتاله وطرده، وهو جهاد الدفع ، واستَنْفَرَ إمام المسلمين الناس وطلب منهم ذلك؛ لأن الله - سبحانه - قال: {انفِرُوا خِفَافًا} (سورة التوبة : الآية 41)، يعني إذا استنفركم الإمام، وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:«وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ، فَانْفِرُوا»( 5) {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} (سورة التوبة : الآية 41) وقال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْض}(سورة التوبة : الآية 38).
هذان هما نوعا جهاد الكفار: جهاد الدفع، وجهاد الطلب .
المرتبة الرابعة: جهاد البدع والمنكرات:
هذا النوع من الجهاد يكون باليد، واللسان، والقلب، حسب المراتب التي بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ»، وحديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عند مسلم «مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ، وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ» هذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمراتبه.
مسؤولية المسلم في هذا متدرجة ، فأهل الحسبة لهم دورهم في منكرات الأسواق، والمنكرات العامة، والمنكرات الظاهرة، والمسلم له مسؤوليته في المنكرات في بيته ومع أهل بيته، وكذلك المسئول في دائرته، قد يزيل المنكر بيده في بيته، أو كان من أهل الحسبة، أو يزيل بلسانه إذا كان يستطيع، وإذا خاف على نفسه فينكر بقلبه، وإنكار القلب لا يُعذر فيه مسلم، بمعنى: بغض المنكرات وكره وقوعها من المسلم، فلابد للمسلم أن يتمعر وجهه حينما يرى حرمات الله تُنْتَهك، ولهذا قال -النبي صلى الله عليه وسلم- في الإنكار بالقلب: «وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ».
شروط الجهاد
ذكر العلماء -رحمهم الله- شروطا ينبغي أن تتوفر فيمن يجاهد في سبيل الله منها: الإسلام، و البلوغ، والعقل، والحرية، والذكورية، فالمرأة الأصل أنه لا جهاد عليها، لكنها قد تحضر المعارك لحاجة، إما لمداواة الجرحى أو ما إلى ذلك كما هو معروف في الإسلام، وقد تُقَاتِل، وقد تُدَافِعُ ، وهذا حسب الضرورة، لكن الأصل في الوجوب أنه على الذكور، وكذلك السلامة من العاهات المانعة من القتال، أي أن يكون قادرًا ليس أعمى ولا أعرج، ولا مريضا؛ لأن الله تعالى يقول: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى المَرِيضِ حَرَج} (سورة النور: الآية 61)، والشرط السابع الاستطاعة والطاقة.
الاستطاعة والطاقة
الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والذكورية واضحة وظاهرة، وليس فيها ما يحتاج إلى مزيد بسط، أما الاستطاعة فهي التي تحتاج إلى مزيد تحرير وتحقيق، وهي التي تفسر حال الأمة في الجهاد طوال تاريخها، بما في ذلك عهد النبوة في عهد نبينا -محمد صلى الله عليه وسلم-، وعهد الخلفاء الراشدين الذين قال فيهم النبي -صلى الله عليه وسلم- «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ».
فإذا لم يتمكن المسلمون من الجهاد، فإن هناك أحكامًا أخرى يجب أن يلتزموا بها من الصبر وترك القتال؛ لأنهم غير قادرين فيُكتَفى بجهاد الدفع ورد العدوان بقدر الإمكان، بل أحيانا قد يُصَالِحُ إمامُ المسلمين وإن كان في ذلك ضعف، سواء بمقابل، أو بغير مقابل.
صلح الحديبية وما فيه من دروس:
إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاتل قريشا تارة وصالحهم تارة أخرى، كما في صلح الحديبية المشهور؛ ففي صلح الحديبية من الفقه والحكم والعجائب ما يجعل الأمة على بصيرة من دينها، وبصيرة من أمرها، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رؤيا أنه سوف يعتمر، وأخبر أصحابه، وأمر أصحابه أن يتوجهوا إلى البيت من المدينة، فتوجه حوالي ألف وخمسمائة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن وصلوا الحديبية، فعلمت قريش، فأرسلوا سهيل بن عمرو ليصالحوا النبي -صلى الله عليه وسلم- على ألا يدخل هذا العام ويدخل العام القادم، فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا فَدَعَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكَاتِبَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، قَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقَالَ المُسْلِمُونَ: وَاللَّهِ لاَ نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ» ثُمَّ قَالَ: «هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ، وَلاَ قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَاللَّهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ، وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ البَيْتِ، فَنَطُوفَ بِهِ» ، فَقَالَ سُهَيْلٌ (ص:196): وَاللَّهِ لاَ تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً، وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَكَتَبَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، قَالَ المُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى المُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ» ، قَالَ: فَوَاللَّهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَأَجِزْهُ لِي» ، قَالَ: مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ، قَالَ: «بَلَى فَافْعَلْ» ، قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ، قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: أَيْ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى المُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ؟ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا، قَالَ: «بَلَى» ، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ، قَالَ: «بَلَى» ، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: «إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي» ، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: «بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ العَامَ» ، قَالَ: قُلْتُ: لاَ، قَالَ: «فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ» ، قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الحَقِّ.
ففي هذا الحديث دليل على عظم إيمان أبي بكر -رضي الله عنه-.
سماه الله -عز وجل- فتحا وهو صلح الحديبية: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا} (سورة الفتح: الآيتان 1،2) لاشك أن الشروط التي وافق عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأمر من الله وبوحي من الله، قال تعالى: {فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} (سورة الفتح : الآية 27) هو صلح الحديبية، وقال تعالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} (سورة الفتح: الآية 20) ما هذه مغانم المغانم؟ كانت في خيبر بعدها. وقال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِم} (سورة الفتح : الآية 18).
حينما رجع النبي -صلى الله عليه وسلم- ووقع الصلح ورجع في هذه السنة أو سنة ونصف الذين أسلموا أكثر من الذين أسلموا طوال سبع عشرة سنة؛ لأنه قد صارت هدنة، وأصبح المسلمون يتحدثون بحرية، ويعبدون الله بحرية، بدليل لما جاء فتح مكة بعدها بسنة أو سنة ونصف كان الذين مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في فتح مكة عشرة آلاف، وكانوا في صلح الحديبية ألفًا وخمسمائة فقط، فالمقصود أن القتال والحرب يكون مع الاستطاعة.
وفيه صلح الحديبية من الأحكام: جواز تقديم مصلحة المهادنة في السلم والصلح على القتال، إذا كان فيها مصلحة.
إذن ولي الأمر
القتال والدعوة إليه مسؤولية الإمام وولي الأمر، لا يجوز لأحد من المسلمين أن يدعو إلى الجهاد وقتال الكفار إلا بإذن ولي الأمر، الذي جعله الله وقاية وسِتْرًا بين المسلمين وبين عدوهم، للحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ، فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ»، يعلق الإمام النووي على هذا الحديث فيقول: “الْإِمَامُ جُنَّةٌ: أَيْ: كَالسِّتْرِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَدُوَّ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ، وَيَمْنَعُ النَّاسَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَيَحْمِي بَيْضَةَ الْإِسْلَامِ، وَيَتَّقِيهِ النَّاسُ، وَيَخَافُونَ سَطْوَتَهُ، وَمَعْنَى يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ: أَيْ: يُقَاتَلُ مَعَهُ الْكُفَّارُ، وَالْبُغَاةُ، وَالْخَوَارِجُ، وَسَائِرُ أَهْلِ الْفَسَادِ وَالظُّلْمِ مُطْلَقًا”. اهـ.
وكما هو معلوم فإن الأئمة لا يتخذون رأيًا من عند أنفسهم، بل عندهم مستشارون ، من يعرفون ظروف السلم الحرب، وظروف القوة، وظروف القوة للطرف الآخر.
فلابد أن يكون الجهاد تحت راية ينظمها ولي الأمر، ويرتب أحكامها الشرعية، كما هو ثابت في سنته -صلى الله عليه وسلم-، وسنة الخلفاء الراشدين، وهذا معلوم مشهور، والتاريخ معلوم في ذلك.
وننقل كلام أهل العلم والفقهاء -رحمهم الله- في ذلك، يقول ابن قدامة -رحمه الله-: «وَأَمْرُ الْجِهَادِ مَوْكُولٌ إلَى الْإِمَامِ وَاجْتِهَادِهِ، وَيَلْزَمُ الرَّعِيَّةَ طَاعَتُهُ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ».
ويقول البهوتي الحنبلي معلقا على كلام ابن قدامة وشارحًا : وَأَمْرُ الْجِهَادِ مَوْكُولٌ إلَى الْإِمَامِ وَاجْتِهَادِهِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِحَالِ النَّاسِ وَبِحَالِ الْعَدُوِّ وَنِكَايَتِهِمْ، وَقُرْبِهِمْ وَبُعْدِهِمْ. وَيَلْزَمُ الرَّعِيَّةَ طَاعَتُهُ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ لقوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُم} (سورة النساء : الآية 59) وقوله: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوه} (سورة النور: الآية 62).اهـ.
والإمام الكاساني الحنفي يقول: وَأَمَّا بَيَانُ مَا يُنْدَبُ إلَيْهِ الْإِمَامُ عِنْدَ بَعْثِ الْجَيْشِ أَوْ السَّرِيَّةِ إلَى الْجِهَادِ، فَنَقُولُ – وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: إنَّهُ يُنْدَبُ إلَى أَشْيَاءَ، مِنْهَا أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا، لِأَنَّ النَّبِيَّ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – مَا بَعَثَ جَيْشًا إلَّا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا؛ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْأَمِيرِ مَاسَةٌ، لِأَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ وَسِيَاسَةِ الرَّعِيَّةِ، وَلَا يَقُومُ ذَلِكَ إلَّا بِالْأَمِيرِ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ فِي كُلِّ حَادِثَةٍ إلَى الْإِمَامِ.
فالانحرافات والأخطاء التي حصلت في وقتنا بسبب ترك العمل بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإهمال شروط الجهاد الصحيح، وأخلاقياته وآدابه.
فعلى سبيل المثال الخوارج خرجوا على الأئمة ولم ينفعوا الإسلام، ولم ينشروه ، مجرد قتال وسفك دماء ولم يسلم منهم أحد، وكذلك الفئات الضالة المنتشرة في العالم الإسلامي لم يزدد الإسلام بها إلا بلاء وتشويشا، فليس هذا طريق الدعوة، ولا طريق نصر الإسلام، ولا طريق عزة الإسلام والمسلمين.
أيضا مما يستتبع ذلك أنه يجوز للإمام عقد الذمة مع من يرى، كأهل الكتاب، والمجوس، وعقد الهدنة مع الكفار، حتى قال العلماء: يجوز عقدها من غير جزية، يعني من غير مقابل لمصلحة معينة، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلح الحديبية، فإنه عقد معهم هدنة بدون مقابل، بل حتى فيها شروط بدا في ظاهر الأمر أنها مجحفة في حق المسلمين.
كما يجوز إعطاء الكافر المفرد الأمان من كل مسلم، ليدخل الكافر بلاد المسلمين.
وهذه كلها أمور تدل على أنه ليست حالة المسلمين دائما مع الكفار هي حالة قتال بل قتال ، ومهادنات، وصلح، ومصالحات.
موانع الجهاد
أي الموانع التي تمنع وجوبه على آحاد المسلمين، وتمنع الإمام من حقه في إقامة الجهاد.
الأول : عدم قدرة المسلمين واستطاعتهم على القتال، لضعف قوتهم، أو قلة عددهم، إذا رأوا ضعفا ما استطاعوا لا يلزمهم الجهاد، لكن هذا لا يعني أنهم لا يبذلون الجهد في تحسين أوضاعهم والاستعداد إلى آخره، لكنه لا يلزمهم القتال والبدء بالقتال.
الثاني: إذا كان هناك عقد ومعاهدة مع الكفار لا يجوز أن ننقضه، إلا إذا وجد ما يستدعي من إخلال بالشروط، أو انتهاء مدة إلى آخره، كما حدث في فتح مكة فإن سبب الفتح نقض قريش لشروط صلح الحديبية.
الثالث: أن تكون هناك مصلحة ظاهرة في عدم القتال، كما في صلح الحديبية، وإن كان المسلمون معهم قدرة ورأوا أن المصلحة في عدم القتال لهم ذلك.
فالموانع: إما عدم القدرة، أو وجود معاهدة، أو رأوا أن المصلحة ألا نقاتل لأن مصلحة الأمة أو لأن الدعوة تنتشر أكثر، إلى آخره هذه كلها أمور يقدرها الإمام، أو أن تكون المفاسد أكبر فحينئذ لا يجوز؛ لأن درء المفاسد مُقَدَّمٌ على جلب المصالح، وهذه المصالح والمفاسد يقدرها الإمام، ومن خلفه من أهل العلم والرأي، وأصحاب الخبرات القتالية، والخبرات العلمية.
لاتوجد تعليقات