رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أ.د سليمان بن عبد الله أبا الخيل 16 سبتمبر، 2014 0 تعليق

مفهوم الإمامة ووجوب لزومها وحرمة الخروج عليها

الإمامة: هي حراسة الدين وسياسة الدنيا به.

الإمامة الصغرى: وهي إمامة الصلاة، وهي دليل على الإمامة الكبرى وتربية عليها وتوجيه لها.

الإمامة الكبرى: وهي الإمامة التي يوصف بها ولي المسلمين أو الحاكم أو الأمير.

مكانتها في الدين:

     قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم  واجبات الدين بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» (أخرجه أبو داود)، فأوجب تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض تنبيها بذلك على سائر أنواع الاجتماع».

وقال أيضا -رحمه الله-: اتفق جميع أهل السنة والمرجئة والشيعة والخوارج على وجوب الإمامة، وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام عادل يقيم فيهم أحكام الله، ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

طرائق ثبوت الإمامة:

أولا: الاختيار:

والذي يقوم به أهل الحل والعقد، وهم العلماء والرؤساء ووجها  الناس، وهي الطريقة التي تمت بها تولية أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وقصة توليته مشهورة ولها صورتان:

1- تعدد من اجتمعت فيه شروط الإمامة: فيختار أهل الحل والعقد واحدا منهم يقوم بالأمر كما حصل في بيعة أبي بكر رضي الله عنه، فكانت البيعة الخاصة لما بايعه عمر رضي الله عنه وأهل الحل والعقد وكانت البيعة العامة على المنبر.

فوائد من البيعة العامة في قصة أبي بكر رضي الله عنه :

- أنه لا يشترط الاجتماع التام على اختيار خليفة فلا تضر مخالفة بعض القوم كمخالفة سعد بن عبادة رضي الله عنه .

- أن البيعة تتم من قبل أهل الحل والعقد أولا ثم تتم البيعة العامة.

2- اتحاد من اجتمعت فيه شروط الإمامة: وقد اختلف على قولين في انعقاد الإمامة له دون بيعة.

ثانيا: العهد والاستخلاف:

وهو اختيار الإمام عند شعوره بقرب أجله أو لأي سبب شخصا يراه أهلا للخلافة والإمامة يعهد إليه بذلك من بعده، وقد حكي الإجماع على جواز الإمامة بعهد من قبله لأمرين:

- أن أبا بكر رضي الله عنه عهد بها إلى عمر  رضي الله عنه.

- أن عمر  رضي الله عنهعهد بها إلى أهل الشورى رضي الله عنهم جميعا.

ولها صورتان:

1- أن يتحدد المعهود إليه بأن يعهد إلى واحد فقط، كما فعل أبو بكر  رضي الله عنه.

2- أن يتعهد المعهود إليه بأن يكون اثنين فأكثر وهو على ضربين:

- أن يجعلها شورى بينهم لا يقوم فيها أحد على الآخر فيختارون من بينهم إماما.

- أن يرتب الخلافة فيهم فيقول الخليفة بعدي فلان فإذا مات ففلان كما رتب النبي صلى الله عليه وسلم أمراء الجيش في مؤتة (أخرجه البخاري في صحيحه).

ثالثا: القهر والاستيلاء والغلبة:

وذلك إذا تصدى للإمامة من غير عهد ولا بيعة فتنعقد له الإمام وواجبات ة إذا استتب له الأمر وإن لم يكن جامعا لشرائط الإمامة بأن كان فاسقا أو جاهلا لينتظم شمل الأمة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «فمتى صار قادرا على سياستهم، إما بطاعتهم أو  بقهره فهو ذو سلطان مطاع إذا أمر بطاعة الله».

     وقال الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله-: «الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان، له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا؛ لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحد، ولا يعرفون أحدا من العلماء ذكر أن شيئا من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم».

البيعة:

البيعة لغة: المبايعة والطاعة والمعاقدة والمعاهدة، وذلك كأن الشخص يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين لا ينازعه في شيء من ذلك ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر في المنشط والمكره.

ولا بد منها لتنصيب الإمام من قبل أهل الحل والعقد ثم المسلمين عموما.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربو عنق الآخر» (أخرجه مسلم في صحيحه).

تحذير الشيخ محمد العثيمين -رحمه الله- من التهاون في البيعة:

فقد سئل الشيخ -رحمه الله- عن بعض الناس الذين يقولون: إن البيعة للإمام الأعظم فقط وأنا لم أبايع، وأن البيعة للملك وليست لإخوته فقال:

     الرد على القول بأنها للإمام الأعظم فقط: لا شك أن هذا خطأ، وإذا مات فإنه يموت موتة جاهلية؛ لأنه ليس في رقبته بيعة لأحد، فمن كان ولي الأمر في منطقة فهو ولي أمرها، ولو قلنا بغير ذلك لقلنا بأن الناس ليس لهم خليفة وكلهم يموت موتة جاهلية وهذا ضلال، فالأمة تفرقت من عهد الصحابة فكان ابن الزبير في مكة وبنو أمية في الشام، وما زال المسلمون يعتقدون أن البيعة لمن له السلطة في المكان الذي هم فيه ولا أحد ينكر ذلك، فالقائل بهذا القول «شاق لعصا المسلمين من جهة عدم التزامه بالبيعة، ومن جهة أنه خالف إجماع المسلمين من عهد قديم».

وأما قوله بأنه لم يبايع: فهذه دعوى جاهل، فإن الصحابة بايعوا أبا بكر عن طريق أهل الحل والعقد وليس عن طريق كل شخص، ثم أكد الشيخ رحمه الله أنه بايع الملك خالد -رحمه الله- وبايع الملك فهد -رحمه الله- وليا للعهد.

وقوله بأنه ما بايع لإخوة الملك: فيجاب عنه بأنه إذا بويع الإنسان بالإمرة على بلد ما ثم جعل له ولي عهد فإنه هو ولي عهده من بعده، فإذا انتهت ولاية الأول صار الثاني ولي الأمر دون مبايعة وإلا صارت فوضى.

علاقة الحاكم بالمحكوم والمحكوم بالحاكم:

على الحاكم أن يراعي أحوال رعيته، وأن يبذل قصارى جهده لتحقيق مصالحهم الدينية والدنيوية، ويرحمهم ويجبهم ويخالطهم ويعاشرهم ويتفقد أمورهم.

 علاقة المحكوم بالحاكم:

يجب على المحكوم الطاعة للحاكم في غير معصية، وتعظيم ولي الأمر واحترامه، وأن تكون المحبة والولاء والثقة هي أساس العلاقة فيما بينهم.

حقوق الحاكم وواجباته على الأمة:

1- بذل الطاعة له ظاهرا وباطنا يقول الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء:59)، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «السمع والطاعة على المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية» (أخرجه البخاري).

2- بذل النصيحة له سرا وعلانية لقولهصلى الله عليه وسلم : «الدين النصيحة ثلاثا قيل لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (أخرجه مسلم).

3- نصرتهم ظاهرا وباطنا.

4- معرفة عظم حقهم، فيعامله بما يجب له من الاحترام والإكرام.

5- إيقاظه عند غفلته وإرشاده عند هفوته.

6- تحذيره من عدو يقصده بسوء.

7- إعلامه بسير عماله الذين هو مطالب بهم.

8- إعانته على ما تحمل من أعباء مصالح الأمة.

9- رد القلوب النافرة عنه إليه وجمع محبة الناس عليه.

10- الذب عنه بالقول والفعل والمال والنفس والأهل ظاهرا وباطنا سرا وعلانية.

حقوق الأمة على الإمام:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «سبعة يظلهم الله في ظله» وذكر منهم «.. إمام عادل» (أخرجه البخاري)، وقال صلى الله عليه وسلم : «إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها» (أخرجه مسلم في صحيحه).

أ- الحقوق والواجبات الأساسية:

السعي إلى تحقيق مصالح الإمامة «إقامة الدين وسياسة الدنيا به».

المقصد الأول: إقامة الدين:

 وتتمثل في:

أولا: حفظه: ويكون كالآتي:

1- نشره والدعوة إليه بالقلم واللسان والسنان.

2- دفع الشبه والبدع والأباطيل ومحاربتها.

3- حماية البيضة وتحصين الثغور.

ثانيا: تنفيذ الدين: عن طريق أمور عدة كذلك، منها:

1- إقامة الشرائع والحدود وتنفيذ الأحكام:

من جباية الزكاة، وتقسيم الفيء، وتنظيم الجيوش، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، وإقامة الحدود والتعزيزات.

2- حمل الناس عليه بالترغيب والترهيب.

المقصد الثاني: سياسة الدنيا بالدين:

والمراد به إدارة جميع شؤون الحياة وتدبيرها وفقا لقواعد الشريعة ومبادئها وأحكامها المنصوص عليها أو المستنبطة منها وفقا لقواعد الاجتهاد السليم، وينتج عنه مقاصد فرعية:

1- القيام بحقوق العباد على اختلاف درجاتهم.

2- جمع الكلمة وعدم الفرقة.

3- عمارة الأرض لصالح الإسلام والمسلمين.

ب- الحقوق والواجبات الفرعية:

وهي من قبيل ما لا يتم الواجب إلا به، مثل:

1- استيفاء الحقوق المالية لبيت المال.

2- الاهتمام بأهل الحق والعدل والمتبعين للكتاب والسنة على فهم السلف المبتدعين عن الفتن وإثارة الناس ونشر الفرقة.

3- الإشراف على تدبير الأمور وتفقد الرعية.

4- الرفق بالرعية والنصح لهم.

5- القدوة الحسنة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك