رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إيمان الوكيل 6 مايو، 2014 0 تعليق

مفاهيم غائبة عن حياتنا الأسرية(9) التقـــــــدير



يجب أن تعرف الزوجة أن الشعور القاتل لدى الرجل عندما يقضي ساعات طويلة في العمل، ثم لا يجد تقديراً من قِبَل الزوجة

عبري بابتسامة رضا وسعادة لأي هدية مهما كانت صغيرة من زوجك؛ فابتسامة أحد الزوجين في وجه الآخر يعطي الآخر انطباعًا بالتقدير والاهتمام

 

الأسرة هي المؤسسة الأولى المسؤولة عن إعداد الطفل ليكون عنصراً صالحاً فعّالاً في المجتمع، ولكن لا تخلو أي أسرة من وجود مشكلات عديدة لسبب أو لآخر وبدرجات متفاوتة, وقد تؤدي هذه المشكلات إلي تفكك الأسرة وانفراط عقدها، ولكن إذا تم تشخيص الداء سهل وصف الدواء؛ لذا كان لابد من التعرض لبعض المفاهيم التي غابت عن حياتنا الأسرية التي على أساسها تبنى العلاقات السوية وتستمر، ونتناول ذلك في سلسلة أسبوعية نحاول من خلالها تسليط الضوء باختصار على كل مفهوم لعله يكون طوق نجاة لكثير من الأسر التي غابت عنها هذه المفاهيم، ونتناول اليوم أحد هذه المفاهيم وهو (التقدير).

     التقدير هو لغة بين الزوجين ورضاهما عن بعضهما وتفانيهما في الحب ورقتهما في المعاملة؛ فهو سر من أسرار السعادة الزوجية واستقرار الأسرة، ولا شك أن كل إنسان يتمنى أن يحظى بالتقدير من الأشخاص المحيطين به، وتزداد هذه الرغبة بين الزوجين؛ حيث يسعدا كثيراً عندما يلاقى أحدهما التقدير من الآخر، وعدم هضم حقه أو إنكار فضله على تعبه وجهده لبناء الأسرة، فذلك يشعرهما بالتحفيز الذي من شأنه أن يجعلهما مستمرين في العطاء، فالحاجة للتقدير حاجة إنسانية عامة، ومعظم الخلافات تنشأ عن عدم تقدير أحد الزوجين لمتاعب الآخر، أو عدم إنصافه وإهماله لحقوق شريكه.

التقدير بين الزوجين

     لا يدرك الرجل بأن الشيء القليل بالنسبة إلى المرأة مهم تمامًا مثل الشيء الكبير، فعليه أن يستشعر طبيعة العلاقة الزوجية وجسامة الأمانة وعظم مسؤوليات الزوجة، فهي التي تتحمل العبء الأكبر في التنشئة، فتحمل وتلد وتقاسي مصاعب التربية؛ فبزواجكما وهبت نفسها لك، وتحتاج دائما إلى تقدير ذلك لتشعر بأن تعب اليوم قد زال أمام ذلك التقدير منك. أما عن الرجل فهو يختلف عن المرأة في تأثره بالكلام ولكن يهتم بالأفعال، فتقديره لا يكون بسؤاله عن تفاصيل عمله ولم تأخر؟ أو أين كان؟ ولكن بتهيئة نفسك وبيتك له، ولا يشغلك عنه أي أمر أثناء وجوده لشعوره بتقديرك لتعبه خلال يومه، وحين تعترف الزوجة بالحصول على منفعة وقيمة شخصية من جهود الرجل وتصرفاته يشعر هو أنه مقدَّر حق قدره، والتقدير عند الرجل يشعره أن جهوده لا تذهب سدى، وبالتالي يعطي أكثر، كما أن هذا التقدير يدفعه آليا إلى احترام شريكه أكثر.

     وهنا يجب أن تعرف الزوجة أن الشعور القاتل لدى الرجل عندما يقضي ساعات طويلة في العمل، ثم لا يجد تقديراً من قِبَل الزوجة، وفي بعض الأحيان يجد ضغوطاً إضافية من قبيل عدم الاهتمام به، وكلما زادت ساعات العمل كانت على حساب حياته الأسرية والزوجية، وهنا تؤدي الزوجة دورها بامتياز عندما تتفهم الضغوط التي يواجهها في موضوع الإنفاق على الأسرة، فتقدير الزوج من أهم مفاتيح شخصيته.

التقدير وتربية الأبناء

     حق الوالدين على الأبناء لا يستطيع أن يحصيه إنسان، فهما سبب وجود الأبناء والبنات بعد الله -عز وجل- في هذه الحياة، ولن يستطيع الأبناء أن يحصوا ما لاقاه الأبوان من تعب وأذى ومشقة، ولن يكافئ الولد والديه على ما قاما به من رعاية وتربية إلا كما قال صلى الله عليه وسلم : «لا يجزي ولد والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه» مسلم.

     وكم من مرات سمعنا هذه الجملة من الوالدين وهم يشكون حالهم مع أولادهم «مبقاش في أولاد بيقدروا تعب أبوهم وأمهم»، فالتقدير ليس بسمة تُخلق في نفوس الأبناء، بل هي سلوك يعتاد عليه من الصغر، ولغة ُتغرس به، ففي صغره يرتبط الطفل بأبويه بحب شديد، ولا يدرك فكرة الاحترام والتقدير لما يتحملانه من أجله؛ فهو فقط يقلدهما في كل ما يفعلانه، فعليكما باحترام الأجداد والمبالغة أحياناً في ذلك أمام الطفل، تعودا على تقبيل أيديهما كلما التقيتما، واشرحا لم تفعلان ذلك؟ لأنهما أبي وأمي، وهما سبب وجودي، وهما من سهرا وتعبا لأجلي، أيضا افعلي ذلك مع زوجك، كل ذلك مجرد شكليات بسيطة تزرع التقدير في نفس طفلك مع تقديرك الدائم أيضاً له عند قيامه لأي عمل لمساعدتك، مع عدم المبالغة في الدلال، ولا تتطاولي في النقد لكي لا يشكل ذلك ضغطاً على الطفل.

عدم التقدير الزوجي وأثره

     عدم التقدير هو أقوى سبب لإهمال الطرفين بعضهما الآخر، فالرجل عندما ينسى إنسانية المرأة وأنها محترمة، كرمها الله -سبحانه وتعالى- حتى وإن أنفق عليها، وجعلت القوامة له، فهو بذلك يحدث شرخا عظيما في كيان الأسرة؛ ولذلك حث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم  على الإحسان إلى الأهل بقوله «خيركم خيركم لأهله»، وكذلك المرأة عندما لا تقدر ما يقوم به الرجل من أجل إسعادها وإسعاد الأسرة وتحمل المسؤولية، فإنها بذلك تشعر الزوج بأنها فقط تستفيد منه وأنها لا تحبه , وقد نبه الحديث الشريف إلى تلك المرأة التي يحسن إليها زوجها طوال الدهر ثم ترى منه أمرا يسيرا أغضبها، فتقول: «ما رأيت منك خيرا قط» وسمي ذلك بـ «الكفران»، فبعض الزوجات تغرق في المقارنات ببعض الأسر والأزواج وكيف يقضون أوقاتهم؟ ولا تكلف نفسها في مقارنة ساعات العمل، أو الجهد الذي يبذله الزوج، وكثيراً من هذه التصرفات ما تؤدي إلى جحوده ولا مبالاته ونفوره منها؛ لهذا يأتي أهمية التقدير في التعامل والرفق والشعور بالطرف الآخر، فغياب التقدير مرض إن تفشى في الأسرة فرقها، ويعود ذلك إلى غياب التفاهم والتوافق بين الزوجين، وتغلب التوتر والصمت على علاقتهما، وتربص كل منهما بالآخر وتصيده لأخطائه، ونصف الزوج الذي يقدر زوجته والزوجة التي لا تنكر فضل زوجها بأنهما شريكان عاقلان يريدان لسفينة حياتهما أن تسير في أمان، بل إن حكمتهما قد تصل إلى حد أن يخترع كل منهما للآخر أفضالاً بأن يحوِّل الواجبات اليومية العادية إلى أفعال استثنائية ويشكره عليها بصدق ودون افتعال، فللتقدير فعل السحر في الحياة الزوجية.

طرق وكلمات للتعبير عن التقدير

- الكلمة الطيبة تؤثر في نفوس الأزواج تأثيرًا إيجابياً كبيراً، «سلمت يداكِ»، «وجودك نعمة»، «أحمدُ اللهَ أن رزقني إياك» تعبيراً عن سعادتك بطهي زوجتك مثلا.. وتكون علناً أمام الأطفال والمقربين من الأهل، فهي من الكلمات التي تسعد الزوجة، ولاسيما إذا كان بصوت عال ومسموع أمام الجميع؛ مما يجعلها فرحة بتقدير زوجها لها.

- عبري بابتسامة رضا وسعادة لأي هدية مهما كانت صغيرة من زوجك؛ فابتسامة أحد الزوجين في وجه الآخر يعطي الآخر انطباعًا بالتقدير والاهتمام، ولاسيما إن أضيفت إلى هذه الابتسامة الجميلة لمسة يد ناعمة تعبيرًا عن الفرح والامتنان الذي قام به أحد الطرفين.

- ربتة حنان على الظهر من المكافآت التي تدخل على المرأة البهجة والسعادة عند قيام الزوج به أثناء قيامها بأحد المواقف الجميلة أو التصرفات اللطيفة؛ حيث يحفزها على المزيد من العطاء والتضحية، ومن جميل ما قالهُ العقلاء في الأمثال: «إذا قصرت يدك بالمكافأة فليطل لسانك بالشكر».

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك