رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. طه فارس 28 أبريل، 2015 0 تعليق

مـن الصفـات التربوية للمعلم – معرفةُ علمِ نفسِ الطُّفولة والمُرَاهَقة

ينبغي على المُعلِّم أن يتمتعَ بفهمٍ كاملٍ للأُسُسِ النَّفسيةِ للتَّعلُّم، ويشمل ذلك: أسسَ التَّعلُّم الجيد، ونظرياتِ التعلُّم المختلفةَ وتطبيقاتها في مجال التَّدريس، والخصائصَ الجسمية والعقلية للطلاب، ولاسيما في المرحلة التي يقوم بالتدريس فيها؛ فالتعامل مع الطلاب يختلف حسبَ المَرَاحل العُمْرِيَّة التي يَمُرُّ بها، ولكلِّ مرحلةٍ مقتضياتُهَا العقليةُ والنفسيةُ.

     كما يجب أن يمتلك المعلِّم القدرةَ على الاستفادة من معرفته لهذه الخصائص في تعامله مع طلابه في مواقف التَّدريس المختلفة؛ وكذلك في مواقف النشاط الأخرى خارج غرفة الصف، أو قاعةِ التَّعلُّمِ.

 إتقانُ لغةِ التَّخاطبِ:

     من الضروري جداً أن يتقن المُعلِّم لغةَ الطلاب التي يخاطبُهم بها؛ ليستطيعَ إيصالَ المعلومة إليهم بطريقة صحيحة، ويُلوِّنَ لهم في أساليب الخطاب، ويُورِدَ المترادفاتِ عند عدمِ فهم الطلاب لبعض المفردَات، وإلا فلا يمكنُ أن يحدث التفاعلُ والإقناع المطلوبيْن في العمليَّة التَّعليميَّة

     فإذا كانت لغةُ التَّخاطبِ في قاعَة الدرس هي العربيةُ فينبغي على المعلِّم أن يلتزم الفُصْحَى، ويبتعدَ عن التَّفَاصح واختيارِ المُفرَدات الصَّعبة والمهجورة، بل يختار منها الواضحَ المُتداولَ، لِيفهمَ الطلبةُ كلامَه، أما التحدث بالعامية واللهجات الدَّارجة؛ فينبغي على المعلِّم أن يبتعدَ عنهما قدرَ الإمكان.

القدرةُ على الضَّبطِ والسيطرة:

     المعلِّم الناجح هو ذلك الذي يتميَّز بالقدرة على ضَبط الطلاب والسيطرة على تصرفاتهم داخلَ قاعة الصف، ويضعَ الأمورَ في مواضِعِهَا، فلا يلينُ حيث ينبغي عليه أن يشتدَّ لحسم المواقف، ولا يشتدُّ؛ حيث ينبغي عليه التَّساهلُ والتَّغاضِي، بل يعطي كلَّ موقفٍ من المواقف ما يستحقُّهُ منَ الشدَّةِ واللين.

      كما ينبغي عليه أن يكون محيطاً وعارفاً بأساليبِ العَبَثِ والشَّغبِ لدى بعض الطلاب، مُتَنَبِّهاً لحركاتهم، وإلا أصبحَ الصفُّ مَيداناً للعبث والشَّغبِ والفوضى؛ مما يعودُ سَلباً على عملية التعليم، التي لن تُؤتِي أُكُلَهَا في مثل هذه الأجواء المضطربة.

 العَدْلُ بين الطُّلاب:

العَدْلُ خلافُ الجَوْرِ، وهو القَصدُ في الأمور، وما قام في النفوس أنَّهُ مستقيم، وهو الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط والتَّفْرِيط، وهو كذلك المساواةُ في المكافأة إنْ خيراً فخيرٌ، وإنْ شراً فَشَرٌ.

 وعَدْل المعلم بين طلابه هو من عوامل نجاحه، فلا ينبغي له أن يميل إلى فئة منهم دون فئة، ولا أن يفضِّل أحداً على أحد، إلا بما يمتلكُه من ذكاء ونباهة وحرص على التعلم.

 فلذلك ينبغي أن يعاملهم بطريقة واحدة يستوي فيها الجميع؛ فلا فرق بين غني وفقير، ولا قريب وغريب، ولا أبيض وأسود، بل كلُّهم في الحقوق والرعاية سواء.

 كما ينبغي عليه أن يعطي كلَّ طالبٍ حقَّه من الاهتمام، والعناية، والدرجات، والمعزِّزَات الإيجابية، والنَّظَرات، ونحو ذلك، دونما ميل أو محاباة أو مجاملة لطالب على حساب الآخر.

 القدوة الحسنة:

     ينبغي على المُعَلِّم أن يكون قدوةً لطلابه في الأخلاق الطيبة الحسنة والقيم الإسلامية، والسلوك السويِّ، والعمل الجادِّ المُخْلِص؛ لأنَّ عُيون الطلاب مفتوحةٌ عليه تَرْقُب تصرفاته وأخلاقَه، فإن آنَسُوا منه خُلقاً حسناً وسلوكاً سويَّاً تَأسَوا وتأثروا به، وإن كانت الثانيةُ فإنَّه يكون قدوةً سيئةً لمن يقتدي به منَ الطلاب، أو مَوْضعاً للانتقاد والاستهجان لتصرفاته من بعضهم الآخر.

 تَنمِيَةُ مَوَاهِبِ المُبْدِعين:

     لا يخلو فَصلٌ من فصول الدِّرَاسة من بعض الطلبة المُتَميِّزين النَّابِهين، فلذلك ينبغي على المُعَلِّم أن يُوليَ هؤلاء الطلاب مزيدَ عنايةٍ واهتمام؛ لِيُنَميَ مواهبَهم، ويَصْقُلَ إبداعاتِهم، وذلك من خلال التَّشجيع والتَّوجيه، والتَّواصل الدَّائمِ معهم، وبذلِ موادِ المعرفة التي تُساعدهم على تطوير مواهبهم.

 كما أنَّه منَ المُفيد أن يُعْلِمَ إدارتَه بأسمائهم، ويقترحَ الطرائق الفَعَّالَة لرِعَايتهم وصَقْل مواهبهم.

 فهم الاتجاهات العالمية وتأثيرها:

    ينبغي على المُعَلِّم أن يكون مُدْرِكاً لِمَا يُحِيط حولَه من مُؤَثِّراتٍ فكريةٍ واتجاهاتٍ عالميةٍ، تُخَلِّفُ أثَرَاً في نفوسِ الطُّلاب وعقائِدِهم، وطريقةِ تفكيرِهِم، مُتَفَهِّمَاً لِمَشكلاتِ الحياة المُعَاصِرة، يستمع إلى اعتراضاتِ الطُّلاب وشُكُوكِهِم ومشكلاتهم بِصَدْرٍ رَحْبٍ دونَ ضَجَرٍ ولا مَلل ولا إنكار، ويتتبعُ أسبابَهَا لِيعَالجَهَا بِحِكمَة ورَوِيَّةٍ.

 مَحَبَّةُ الطلاب والإشفاقُ عليهم:

     المُعلِّم كالأَبِ، فلذلك لابُدَّ له من أن يكون مُحبَّاً لطلابه، مُشفِقَاً عليهم، مُتَفقِّداً لأحوالهم، مُشَارِكاً لهم في حَلِّ مشكلاتهم، حتى يُصبحَ مَكمَنَ أسرَارِهم، ومَرْجِعَهُم في خَصَائصهم ومشكلاتهم، ومُعِينَاً لهم في حاجاتهم، فينتج عن ذلك علاقةٌ وثيقةٌ بينه وبينهم؛ أساسها الأُخُوةُ والحُبُّ في الله تعالى.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك