مع قدوم عام دراسي جديد- كيف تخلق جواً دراسياً ممتعاً وبناءً
مع إطلالة كل عام دراسي جديد تشهد الأسر انطلاق أبنائها الطلاب والطالبات بمراحلهم العمرية المختلفة إلى فصول الدراسة ، فيما يتبع ذلك شيء من التضجر والملل الشكاوى من الحياة الدراسية وكل ما يتعلق بها من ترتيبات وأحداث، وتكتظ كثير من وسائل التواصل الاجتماعي مع مقدم العام الدراسي بالرسائل والصور الساخرة التي توحي لمتلقيها بأن المدرسة وعالم الدراسة يزخر بالملل والرتابة، ونسمع كلمات وعبارات التذمر من عدد من الطلاب والطالبات، وكأن العام الدراسي هاجس وشر لا بد من تجاوزه كيفما كان ، ويبقى التساؤل هل من سبيل يقود أبناءنا وبناتنا إلى رحلة دراسية ممتعة؟ وهل من حافلة تنقلهم من أجواء التذمر والملل نحو عام دراسي ممتع ومليء بالجد والنجاح؟.
إن خلق جو دراسي ممتع وجاذب في نفوس الأبناء مهمة مشتركة بين أطراف كثيرة، أولها: الأسرة ثم المدرسة بإدارتها وإرشادها ومعلميها ومقرراتها وبرامجها اللاصفية وبيئتها العامة وكذلك بيئتها الصفية، فكل هذه العوامل لها دور كبير في صناعة المتعة أو قتلها في نفوس الطلاب والطالبات؛ بل حتى العوامل الخارجية كالإعلام أو المجتمع الخارجي لها دور مهم في زراعة هذه المتعة أو استبدال الكراهية والتذمر بها.
ومن الأمور التي تساعد الأسر في رسم لوحة دراسية بهيجة في قلوب أبنائهم وبناتهم ما يلي:
التدريس
1- استمتاع الوالدين بتدريس أبنائهم؛ ففاقد الشيء لا يعطيه ومتى خلت نفوسنا من الاستمتاع بتدريس أبنائنا وتعليمهم فإننا لن نستطيع منحهم تلك المتعة، أو أن نجعلهم يشعرون بها، ويتم ذلك من خلال إشعار أبنائنا بحجم المتعة والفائدة التي ينالونها من وراء الدراسة، وأنها ليست عبئا يوميا ثقيلا، عليهم تحمله لحين التخلص منه، وليعلم الوالدان أن إخلاص النية لله -عز وجل- واحتساب الأجر في قيامهم على تعليم أبنائهم من أعظم ما يقلب عناءهم في تدريسهم إلى متعة جميلة.
الحديث
2- الحديث الإيجابي مع الأبناء والبنات عن الدراسة وطلب العلم وربطها بالمزايا المادية والمعنوية وما يترتب عليها من مكاسب لهم في دينهم ودنياهم كربطها بأجر طلب العلم وحب الله -سبحانه وتعالى- للعلم وأهله، وأجر التماس طريق من طرق العلم كونه طريقا مؤديا إلى الجنة، إلى جانب المزايا الدنيوية من درجات علمية عالية، ومكانة اجتماعية مرموقة، وإمكانية الحصول على وظائف مناسبة ودخل مادي مناسب ، ولابد من التنويع في ذكر هذه المزايا والمحفزات المادية والمعنوية بما يتواءم مع استيعاب الأبناء وطموحاتهم؛ فهذا يمنحنا نتائج إيجابية بهذا الخصوص.
الإشارة
3- الإشادة بإنجازاتهم الدراسية ولو كانت صغيرة ومعتادة؛ فكلما أشعرنا الطفل أو المراهق بإنجازاته، وذكرناه بها، وشكرناه عليها، وأثنينا عليه بيننا وبينه، أو أمام الآخرين من الأقارب أو الإدارة المدرسية والمعلمين، ساعده ذلك على حبه واستمتاعه وتفانيه في دراسته بإذن الله سبحانه وتعالى.
التقصير
4- تقبل تقصيره الدراسي وكظم غيظنا إزاءه؛ لأن التقصير طبيعة بشرية؛ فينبغي تقبلها والسعي إلى تعديلها وتحسينها وتطويرها حتى نشعر أبناءنا بالرضا عن ذواتهم.
5- ألا نجعل الدراسة هي عنوان العلاقة فيما بيننا وبينهم؛ فيخطئ بعض الآباء والأمهات حينما يربطون رضاهم عن أبنائهم وحبهم لهم بإنجازاتهم الدراسية أو العكس؛ فالطبيعي أن الدراسة جزء من الحياة وليست كل الحياة، فثمة أبناء مستوياتهم الدراسية متوسطة أو عادية، لكن لديهم إنجازات حياتية مختلفة؛ فينبغي ألا يطغى هذا على هذا.
هذه بعض العوامل المختصرة التي تساعد الوالدين- بإذن الله- بالتعاون مع المدرسة في بناء المتعة الدراسية وحب المدرسة في نفوس أبنائهم وعقولهم، ونسأل الله أن يحفظ جميع أبناء المسلمين وبناتهم، وأن يهديهم ويوفقهم لما فيه صلاح دينهم ودنياهم، والحمد لله رب العالمين.
لاتوجد تعليقات