رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 8 فبراير، 2016 0 تعليق

مع توقف مباحثات السلام واستمرار تعنت الحوثيين وصالح في اليمن- هل سيكون الخيار العسكري السيناريو الوحيد للحسم؟

مع توقف مباحثات السلام وتمسك الأطراف المتحاربة في اليمن بمواقفها، عاد الخيار العسكري ليفرض نفسه على الوضع، ووصلت المواجهات إلى مشارف صنعاء، القوات الموالية للحكومة والمدعومة من التحالف، الذي تقوده السعودية، تبحث عن نصر كبير في تعز؛ حيث تم تجنيد الألوف وتدريبهم، كما تم فتح جبهتين في صنعاء بهدف استنزاف الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، لتسهيل مهمة القوات، التي تم تجهيزها لاستعادة السيطرة على مدينة تعز.

     وفي حين تتمسك بطلب الإفراج عن المعتقلين، ورفع الحصار عن مدينة تعز قبل الذهاب إلى الجولة الثالثة من مباحثات السلام، يشترط الحوثيون والرئيس المخلوع وقف غارات طائرات التحالف للقبول بالمشاركة؛ ما جعل الأمم المتحدة تعلق المباحثات إلى أجل غير مسمى.

العودة إلى المربع الأول

     ومن الجدير بالذكر أنه بعد انقضاء تسعة أشهر على بدء عمليات التحالف العربي بقيادة السعودية، واستعادة القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد، اتضح استحالة استمرار الحرب في عمق الشمال اليمني؛ حيث ترابط جماعة (الحوثيين) وقوات الرئيس المخلوع. وظن الكثيرون أن عملية السلام باتت وشيكة، لكنْ مع التحضير للجولة الثالثة من المفاوضات، بدا الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح أكثر عنادا في مواجهة السعودية، وأكد أن الحرب لم تبدأ بعد!، وعادت العملية السياسية إلى مربعها الأول.

اختراق المواقف المتصلبة

     ويجول المبعوث الدولي الخاص باليمن إسماعيل ولد الشيخ منذ أسبوع في المنطقة بهدف إحداث اختراق في جدار المواقف المتصلبة، لكنه لم يتمكن حتى اللحظة من التوصل إلى ذلك، وفي الوقت نفسه، تبدو أطراف دولية غربية حريصة على استعجال قرار وقف العمليات العسكرية السعودية في اليمن لكي تتفرغ هذه الدول لجني ثمار الاتفاق النووي مع إيران.

سيناريوهات الحسم

      سؤال يفرض نفسه أمام السيناريوهات المتوقعة لخيار الحسم العسكري هل سيكون الحسم بهذه السهولة؟ لا شك أن أتباع الحوثي وصالح سيستميتون، ويقاتلون حتى آخر لحظة، فمشهد المعركة معقد ومتداخل لكن هذه الاحتمالات قد تحدث بطريقة أو بأخرى إن مضى خيار الحسم العسكري إلى نهايته.

     القبائل، يمكن أن تنتفض في أي لحظة مع وجود إغراء وهذا ثابت في تاريخ القبيلة؛ حيث الجانب النفعي المباشر يمثل محددا رئيسيا للدخول في تحالف وأحيانا يمثل بديلا في حال التخلي الاضطراري عن الروابط العصبوية تحت ضغط الأمر الواقع، حدث ذلك بطريقة معكوسة أثناء تحضير صالح الحوثي للسيطرة على صنعاء.

تواصل مهم

ستحتاج السلطة الشرعية إلى فتح خط ساخن مع الزعامات بواسطة شخصيات موثوقة وذات مصداقية من أبناء هذه المناطق، تتولى تفكيك التحالفات في معسكر الحوثي صالح وتمزيقها بطريقة لا علاج لالتئامها مجددًا على الأقل في المدى المنظور.

غير ذلك هناك الكثير من أبناء القبائل الذين تعرضوا للظلم وجرى ملاحقتهم، وتشريد ذويهم، وهؤلاء ينتظرون لحظة الانقضاض على الميليشيات ومعسكرات صالح في مناطقهم بمجرد وجود غطاء عسكري للجيش الوطني.

     في الوقت نفسه هناك آلاف المقاتلين من أبناء هذه المناطق من أفراد المقاومة الشعبية والجيش الوطني يؤدون دورًا محوريًا في الانتصارات التي يحرزها الجيش على تخوم العاصمة؛ حيث تضرر من وجود هذه العصابة جميع اليمنيين في كل مكان، وليس هناك بيت واحد نجا من آثار الدمار المادي والاجتماعي والنفسي لهذه الميليشيات.

هؤلاء سينتفضون سواءً كانوا في الأرياف أم في المدينة، ما سيحوّل الحاضن الاجتماعي المفترض إلى مايشبه حزاماً ناسفاً يحيط بالميليشيات، وهنا ستبدأ الانهيارات تتوالى.

الوعد الغيبي

لكن في المقابل هناك الآلاف الذين سيصمدون في المعركة: المتعصبون، والعقائديون الذين تعرضوا لتعبئة كراهية، ويخوضون المعركة بوصفها وعدا غيبيا بالنصر.

     ثم إن المعركة بطبيعتها لا تتيح خيارًا؛ فالتسليم يعني الانتحار، وفقدان كل شيء، لكن القتال في هذه الحال هو الخيار الوحيد باعتباره خيار (الشرف) وفقا للمفاهيم التقليدية؛ حيث الخيار العدمي للموت دون الهدف أشرف وأخف وطأة لمقاتلين يعتقدون أنهم ذاهبون إلى الجنة، وبحوزتهم المفاتيح وصكوك الغفران.

في هذه النقطة سيكون الرهان على غزارة سفك الدماء، وكثافة الدمار، ولاسيما إذا قرروا القتال حتى آخر لحظة، وحولوا المدنيين إلى دروع بشرية.

ضغوط دولية

     في هذه الظرف، ربما يراهنون على نظام من الضغوط الدولية من المتوقع أن تقودها القوى الكبرى وعلى رأسها أمريكا، من أجل تسوية سياسية؛ لأن الحسم ليس في صالح من يسعى إلى بناء توازنات ترسم خطوط العلاقات الطائفية في بنية المجتمع اليمني، واستيعاب ملامحها في السلطة السياسية التوافقية.

إن لم تفض الضغوط الدولية المتوقعة لإيقاف الحسم العسكري، فسيتم العمل من أجل خوض معركة دامية وفادحة تجعل إيقافها ضرورة سياسية إقليمية ودولية.

آليات القبائل

     لكن علينا ألا نغفل الآليات التي تتبعها القبائل في تسوية الصراعات، فقد نشاهدها مجددًا تفرض نفسها على المسار العسكري والسياسي، مستفيدة من أعراف تبقي نوعا من التواصل الاجتماعي، الذي يصبح في لحظة ما بمثابة مخرج طوارئ يساعد أحيانا في حقن الدماء، وتوفير  نوع من الضمانات (لمراضاة) ( المهزوم) بما يكفل له مخرجا مشرفا الى حد، لكن هذه الطريقة غالبا تبقي بذرة للمشكلة في المستقبل!

غير أن هذا الأمر قد لا يكون فعالا تمامًا في مواجهة (الطائفيين) الذين سيكونون بمثابة انتحاريين، يرفضون أي حلول، تجعلهم أمام نوع آخر من الاستسلام، حتمي ولا مفر منه.

هدف إيراني

     تريد إيران ولا شك إطالة أمد المعركة لتكون أعنف، وتستنزف اليمنيين، تضمن لها الإبقاء على ذراع كامن، يصعب بناء تسوية من دونه، غير ذلك تريد استنزاف دول الجوار؛ ذلك ما يمكنها من مقايضة تجعلها صاحب الحظوة في ترتيب ملفات مختلفة على رأسها الملف السوري.

سيحدث ذلك بالطبع ضمن خيارات دولية ترغب في دور إيراني أكبر في المنطقة، دورًا يساعد في تعميق الانقسام في التركيبة الديمغرافية لدول المنطقة.

ويبقى كل شيء محتملا، لكن الحسم في صنعاء سيطفئ بقية المناطق حتما، وسيفضي إلى انهيار تام في بقية الجبهات باعتبارها مركز التحكم والسيطرة والمال.

     غير أن سؤالا مهما يظل قائمًا: هل تستطيع قوات الجيش والمقاومة تحرير صنعاء، قبل أن تخلّص تعز المحاصرة والمنكوبة؟ ربما تظل تعز ملفا مفتوحا، إذا قرر اللاعبون، إعادة لملمة المركز أولا، ليسهل ترويض الأطراف، كي لا تكون اللاعب المؤثر في ترتيبات نظام الدولة وتركيبة السلطة مستقبلا.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك