رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 16 سبتمبر، 2019 0 تعليق

مع توفر أسباب تحصيله وسهولة التواصل مع العلماء – لماذا تراجع الاهتمام بطلب العلم؟


من الإشكالات التي ظهرت في الآونة الأخيرة، عزوف الشباب عن طلب العلم، حتى أصبحت المساجد التي تقام فيها الدروس العلمية خاوية؛ فلا تكاد ترى فيها إلا القليل النادر مِنَ الطلبة، وهذا القليل النادر لا تكاد ترى فيهم مجتهدا في الطلب إلا القليل النادر أيضًا، وهذا لعمر الله خطرٌ عظيمٌ على الأُمَّة؛ لأنَّ ذلك إيذان بتحقق حديث رسول الله -[- الذي في (صحيح البخاري)(7307): «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْزِعُ العِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ العُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ، فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ، يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ، فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ»، حول هذا الموضوع التقت الفرقان بعدد من المشايخ الفضلاء، لأخذ رأيهم حول أسباب هذه الظاهرة وكيفية علاجها.

 

 من أعظم النعم

     في البداية أكد رئيس اللجنة العلمية بجمعية إحياء التراث الإسلامي الشيخ محمد الحمود النجدي أنَّ من أهم الأسباب التي جعلت الشباب ينصرفون عن العلم الشرعي، عدم استشعارهم بأهميته وأنه من أعظم النعم وأعلى المراتب والمنازل عند الله -عز وجل-، وهو ميراث الأنبياء والطريق الموصل إلى جنات النعيم كما قال الله في كتابه: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ}، فجعل شهادة أهل العلم بعد شهادته -سبحانه وتعالى- لنفسه وبعد شهادة ملائكته المقربين وهذا تشريف لأهل العلم وأي تشريف فقال -سبحانه وتعالى-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}.

المثابرة والتضحية

     وعن أهمية تحصيل العلم وطرائق تحصيله قال الشيخ النجدي: ولما كان هذا الأمر تشريفا عظيمًا عاليًا فإن تحصيله لا يكون بالسهولة ولا بالراحة والكسل فتحصيل العلم الشرعي يحتاج إلى جهد وإلى المثابرة والتضحية وبذل الثمين من الوقت والجهد وربما المال والسعادة دائمًا لا يعبر إليها إلا على جسر التعب، وورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة».

الصبر والمثابرة

     ثم أشار الشيخ النجدي إلى أنَّ كثيراً من كلام السلف الصالح رحمهم الله -تعالى- كان فيه حث طلبة العلم على الصبر والمثابرة، فنحن نرى كثيرًا من الطلاب والطالبات إذا أعلن عن دورة علمية تجد الحضور في أولها يكون كثيفًا ومزدحمًا ثم لا يلبث الحضور أن يتناقص، كما أننا نجد بعض الشباب في كثير من الأحيان يأتي إلى الكتاب ويفتح الكتاب ويقرأ لا تمر به دقائق معدودة حتى يمل ويغلق الكتاب ثم ينظر في الهاتف ويقوم من مكانه ويتحرك، كذلك أحيانا الشيخ في الدرس يتكلم مدة خمس أو عشر دقائق ثم يبدأ بعض الحضور في التململ والرغبة في القيام.

 

طريق طويل

     وأضاف الشيخ النجدي أن الصبر والمثابرة لابد منهما في هذا الطريق الطويل، وكما قال يحيي بن أبي كثير -رحمه الله-: «لا يستطاع العلم براحة الجسد»، وهذا التعب قد يستمر مع الإنسان ليس هو لمجرد وقت محدود وينتهي لأن طلب العلم باب عظيم يستمر إلى آخر حياة الإنسان، كما قيل لإمام السنة الإمام أحمد -رحمه الله- «إلى متى تطلب هذا الحديث يا أبا عبدالله؟ فقال: «من المحبرة إلى المقبرة»، مع أنه كان إماما كبيرًا في العلم والفقه والحديث وعلل الحديث، لكنه أخبر أنه سيستمر في طلب العلم ولا ينقطع عن طلبه وطلب الفوائد والنكات الفقهية والحديثية والأصولية والعقائدية لا يترك ذلك إلى أن يموت ويدخل القبر رغم أنه كان أعلم وأحفظ أهل زمانه لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحفظهم له.

سير السابقين

     كما أكد الشيخ النجدي أن القراءة في سير السابقين من أهم الحلول لهذه الظاهرة لأن معرفة العناء والتعب والمشقة التي كانوا يجدونها في طلب العلم يحفز الإنسان ويعينه على مواصلة الطريق، فكثير من السلف الصالح كان يسافر على رجليه دون وسيلة نقل ولا دابة ولا شيء، يسافر مسافات طويلة وليال طويلة في الطرقات وفي البراري في الانتقال من بلد إلى بلد طلبًا لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكتابته وجمعه.

الصبر على كل عارض

     وأضاف الشيخ النجدي أن الصبر على كل عارض دون طلب العلم أحد الحلول الناجحة، فالعوارض كثيرة: الوظيفة، والزواج، والأولاد، وعمل البيت... كل هذه عوارض تحول بين الإنسان وبين طلب العلم، والإمام الشافعي -رضي الله عنه - يقول: «حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه والصبر على كل عارض دون طلبه»، فينبغي للإنسان أن لا يترك طلب العلم ولو وجدت هذه العوارض وهذه الموانع مع إخلاص النية لله في هذا الباب وطلبه لله ورغبة فيما عند الله -عز وجل.

سؤال الله الإعانة

     وختم الشيخ النجدي حديثه بوصية للجميع بسؤال الله تعالى الإعانة على هذا الباب فلا سهل إلا ما جعله الله سهلا ومن أنفع الدعاء كما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قول العبد: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».

واجب الدعاة والمربين

     من جهته أكد الشيخ ناظم المسباح أنَّ على الدعاة والمربين واجباً كبيراً في إشغال الشباب وتوجيههم ولاسيما في ظل الانشغال بوسائل الاتصال الحديثة التي تعد من أسباب انصراف الشباب عن طلب العلم، فهذه المواقع سرقت الوقت من الشباب فلم يجدوا وقتا لمجالسة العلماء ولا التفرغ للقراءة والتحصيل؛ لذلك الواجب على الدعاة والمربين استغلال هذه الوسائل ببيان فضل العلم وأهمية العلماء ومنزلتهم، فعليهم أن يحفزوا الشباب ويرغبونهم في طلب العلم الشرعي، كذلك علينا أن نختار من يجيد نشر العلم وتبسيط العلوم الشرعية للمبتدئين ويعطى كل شخص على حسب مستواه الشاهد، وهنا أن على الدعاة والمربين واجباً كبيراً ومسؤولية ضخمة في حل إشكالات هذه الظاهرة.

الانشغال بالدنيا

     من جهته قال الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف الشيخ رائد الحزيمي: من وجهة نظري أن السبب الرئيس لتراجع طلب العلم وعزوف الشباب عن مجالسة العلماء الانشغال بالدنيا والمباحات، والإغراق فيها، والانشغال بوسائل التواصل الاجتماعي، وكل هذا يصرف ذهن الشاب واهتماماته إلى غير طلب العلم الشرعي.

العجلة في الطلب

     كذلك من الأسباب التي تجعل الطلبة يزهدون في مجالسة العلماء، العجلة في طلب العلم وهي من أعظم الآفات التي تقطع على الطلاب مواصلة طريق الطلب؛ وتحول بينهم وبين التدرج في طلبه كما ينبغي، فيضيع عليهم من الوقت أضعاف ما أرادوا اختصاره، ولا يختصر طالب العلم طريقَ الطلب بأحسن من طلبه على وجهه الصحيح، ودراسته دراسة متقنة متأنّية، بتدرّج وترفّق تحت إشراف علمي من غير تعجل ولا مكاثرة.

     ومن أسباب العجلة في طلب العلم: ضعف الصبر على تحمّل مشقّة طلب العلم، وضعف البصيرة بطول طريقه، وإيثار الثمرة العاجلة من التصدّر والرياسة به على حقيقة تحصيل العلم النافع والانتفاع به، والاغترار بالذكاء والحفظ السريع؛ فيستعجل تصوّر المسائل والحكم فيها باطّلاع قاصر، وأدوات ناقصة، ويكثر على نفسه من المسائل بما لا يمكنه إتقان دراستها على وجه صحيح؛ فيقع في فهمه لمسائل العلم خطأ كثير، واضطراب كبير.

الكتاب الإلكتروني

     وأضاف الشيخ الحزيمي: إن من ضمن الأسباب اليوم وجود الكتاب الإلكتروني والاعتماد على (الإنترنت) ومواقع التواصل الاجتماعي في الحصول على المعلومة، واكتفاء الطالب بمشاهدة المقاطع الدعوية القصيرة التي قد تعطيه نوعاً من التميز عن أقرانه بكسبه لمعلومة معينة, لكنها لا تعطيه التأصيل العلمي المطلوب والعميق، ولا شك أن كثرة هذه المقاطع وإن كانت مفيدة للعوام إلا أنها صرفت كثيراً من طلبة العلم عن البحث العلمي وعن القراءة وعن التأصيل.

الحل بيد الشاب

     وعن الحل لهذه الظاهرة قال الشيخ الحزيمي: الحل بيد الشاب، فلابد أن يضع لنفسه هدفاً ينظر بعد خمس وعشر سنين من هو؟ وماذا يريد يجب أن يكون؟ وما الذي يريد أن يحققه؟ وما هي البصمة التي يريد أن يتركها؟ ولابد أن تعلمَ أيها المُنْصَرِف عنْ طلَب العلم الشرعي أن هذا الفعل يجعلك من الهمج الرعاع، قال على بن أبي طالب - رضي الله عنه -: «الناسُ ثلاثة: عالِم ربَّانِي، ومتعَلِّم على سبيل نجاة، وهَمَج رِعاع، أتْباع كل ناعِق، يَمِيلون مع كلِّ ريحٍ، لَم يسْتضيئوا بنور العِلْم، ولم يلْجَؤُوا إلى رُكْنٍ وثيق». فقسَّم -رضي الله عنه - الناس إلى ثلاثة أقسام: عالم رباني، ومتعَلِّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، والهمَجُ من الناس - عافاني الله وإياكم أن نكونَ منهم - هم حمقاؤُهم وجهَلَتُهم، الذين لا يُعتَدُّ بهم، وَوَصَفَهُم - رضي الله عنه - بأنهم: أتْباع كل ناعق؛ أي: مَن صاح بهم ودعاهم تبِعُوه، سواء دعاهم إلى هُدى، أم إلى ضَلال، فإنهم لا عِلْم لهم بالذي يُدْعَوْن إليه: أحق هو أم باطل؟

مطالعة سير السلف

     كما أكد الشيخ الحزيمي على أن النظر في سيَر سلفِنا الصالح، وكيف كانتْ هِمتهم هِمة علياء من أهم أسباب العلاج، فعن أبي عبيد، أنه كان يقول: كنتُ في تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة، وربما كنتُ أستفيد الفائدة مِن أفواه الرجال، فأضعها في الكتاب، فأبيتُ ساهرًا؛ فرحًا منِّي بتلك الفائدة، وأحدكم يجيئني، فيقيم عندي أربعة أشهر، خمسة أشهر، فيقول: قد أقمتُ الكثير، وقال ابن القاسم -رحمه الله-: أفضَى بِمَالِكٍ طلَبُ الحديث إلى أن نقضَ سقفَ بيتِه، فباع خشبَهُ، وهذا يحيى بن مَعين - رحمه الله - خلَّف له أبوه ألف ألف دِرْهم، فأنفقها كلَّها في تحصيل الحديث، حتى لَم يبقَ له نَعْلٌ يلبَسُه.

الشباب في أي مجتمع

     وفي هذا السياق قال الشيخ أحمد الوكيل من علماء الحديث في جمهورية مصر العربية: إن إدراك أهمية مرحلة الشباب وكيفية استغلالها الاستغلال الأمثل وتوفير البيئة المناسبة للشباب ليحقق هذا الهدف من أوجب الواجبات، فالشباب في أي مجتمع أو بلد أو أمة يمثلون الشارة والعلم والعلامة على نبض ذلك المجتمع ونهضة الأمة وقوتها، ومقدار صلابتها ومتانتها وتمسكها بقيمها وعاداتها، ومدى انسلاخها وتفككها من هويتها، والناظر إلى اهتمام أي بلد بهذه المرحلة العمرية الشبابية - لا التي قبلها مرحلة الطفولة ولا التي بعدها مرحلة الشيوخ والكهولة- يعرف مستقبل ذلك البلد وإلى أين يسير ويتجه، فهم غدًا القادة وأصحاب الريادة في كل مجالات الحياة.

الصِّحَّة والفراغ

     وأكد الشيخ الوكيل أن أغلب الذين انصرفوا عن طلب العلم والاهتمام به غفلوا عن قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فيما رواه عنه ابن عباس -رضي الله عنهما-: «نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصِّحَّة والفراغ»، وفي رواية بتقديم الثانية على الأولى: (الفراغ والصِّحَّة)، وفي رواية بتقديم أوله على آخره: «إن الصِّحَّة والفراغ نعمتان من نعم الله مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس»، وكل هذه الروايات صحيحة في مسند الإمام أحمد وفي كتاب الزهد له، واللفظ الأول في صحيح البخاري وغيره، ومغبون من الغبن وهو النقص، يعني مثلًا أن تبيع بأقل من ثمن الأصل، أو تشتري بأضعاف الثمن. وقيل ضعف الرأي وفساده، والمعنى العام كما قال العلماء -رحمة الله- عليهم، هو أن غالب الناس لا ينتفع بالصحة ولا بالفراغ، بل تصرف صحتك وقوتك وطاقتك وشبابك في غير محل الفائدة فيصير وبالًا عليك وعلى أهلك وبلدك ومجتمعك، وتصرف وقتك وعمرك وزهرة أيام حياتك في غير محل الفائدة فيصير وبالًا عليك وعلى أهلك وبلدك ومجتمعك، وأضاف أن أولياء الأمور عليهم عبء كبير في التوجيه العام للشباب للإفادة من أوقاتهم.

حياة كريمة

     كما أكد الشيخ الوكيل على أن توفير فرص عمل للشباب وتوفير حياة كريمة لهم من أهم أسباب الإعانة على طلب العلم، فكيف يكون للشباب وقت يتفرغون فيه لطلب العلم ومزاحمة العلماء بالركب في المساجد وغيرها، وهم يعانون طلب الرزق ليل نهار.

دور الوالدين

     أما الموجه العام السابق للتربية الإسلامية ورئيس جمعية الماهر بالقرآن الشيخ جاسم المسباح فقال: إن قلة القراءة وعدم الصبر على التعلم من أهم الأسباب في العزوف عن طلب العلم، فالعلم يحتاج إلى صبر ويحتاج إلى إخلاص لله -تبارك وتعالى-، مؤكدًا على دور الوالدين في تحبيب الأبناء منذ الصغر وفي طلب العلم وقراءة القران والحديث الشريف والتفقه في الدين كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين».

النظرة الدونية

     وأضاف الشيخ المسباح: إن من ضمن الأسباب، النظرة الدونية لمن يتعلم العلم الشرعي؛ مما يؤدي إلى عزوف الشباب عن الطلب، وهذه النظرة موجودة في مجتمعنا، فتجد نظرتهم لمن يدرس الطب والهندسة وغيرها من العلوم الدنيوية نظرة المتميزين والمبدعين.

الشعور بالتبعية والمسؤولية

     وعن علاج هذه الظاهرة قال الشيخ المسباح: لابد من الشعور بالتبعة والمسؤولية العظيمة الملقاة على كاهل الدعاة وطلبة العلم، وتذكير أنفسهم بها على الدوام، فالشاب مطالبٌ بتغيير نفسه من حال الجهل إلى حال العلم، ومن حال القعود إلى حال الإقدام، ومن حال العمى إلى حال البصر، ومطالبٌ أن يفعل ذلك بأهله وخاصَّته: زوجته وأبنائه وذويها، ثم مَنْ وراءهم من المحيطين به والمخالطين له، والناس أجمعين، ما رأت عينه، وسمعت أذنه، وطالت يده، وقدمه، وهذا الشعور يجعله دائمًا في حالة من الإقدام وعدم الفتور والتراجع عن هذه المهمة العظيمة.

العبادة والذكر

     وأضاف الشيخ المسباح، أن العبادة والارتباط بذكر الله سبحانه دافع أساسي للعلم، وإنما تاه من تاه لبعده عن ذكر الله وعبادته وانشغاله بالدنيا، فلزوم عبادته -سبحانه- وذكره يجد الإنسان في قلبه ميلا لتعلم علمه وتفقه فقهه، ويجد قلبه دائمًا حاضرًا ويؤثر الآخرة على الدنيا.

السُكْر الثوري

     من جهته قال الباحث في شؤون الدعوة والحركات الإسلامية د. أبو بكر القاضي، أن أحد أهم الأسباب في عزوف الشباب عن طلب العلم والانصراف عن العلماء هو ما أسميه بالسُكْر الثوري الذي أدى إلى اهتزاز الثقة بالرموز والأعلام من العلماء والدعاة.

فوضى الإفتاء

     وأضاف القاضي أن فوضى الإفتاء ولاسيما في النوازل والقضايا المصيرية واقتحام باب السياسة الشرعية ممن لا يحسنها أدى إلى تنفير عام للجماهير فضلا عن طلبة العلم عن بعض العلماء بل أكثرهم، فأصبح من ينتسب إلى الالتزام جزءاً من مشكلات مجتمعه، وليس جزءاً من حلول هذه المشكلات.

الانفجار المعلوماتي

وأكد القاضي على أن من أهم الأسباب الانفجار المعلوماتي وانتشار وسائل التعليم ومواقعه؛ مما أدى إلى إدمان البحث عن المعلومة اليسيرة بدون تكاليف الطلب والمذاكرة والتأدب بآداب الطلب.

فتن الشبهات والشهوات

      وختم القاضي كلامه أن من أهم الأسباب عواصف الفتن من الشبهات والشهوات التي جففت كل منابع الدفء في العمل الدعوي سواء في المساجد أم في المحاضن التربوية والدعوية أم في العمل الطلابي والشبابي، وأفقدت هذه الفتن كل وسائل الدعوة بريقها وبهاءها ولم تعد هدفا أو غاية لكثير من الشباب لتأثرهم بهذا الواقع المرير.

نظرة دونية

     من جهته أشار رئيس جمعية تجمع سنابل الخير اللبنانية ومدير معهد القبس للعلوم الشرعية الشيخ زياد الرفاعي، أن من أسباب تراجع الاهتمام الشباب بالعلوم الشرعية هو انشغال عموم الناس بالعلوم الدنيوية التي أصبح يروج لها ويرفع من شأنها على حساب العلوم الشرعية، كما أن الناس نتيجة لهذا التوجه بدأوا ينظرون إلى أصحاب العلوم الشرعية نظرة دونية بخلاف أصحاب العلوم الدنيوية.

الانشغال بالدنيا

     وأضاف الشيخ الرفاعي أن من الأسباب أيضًا الانشغال بلقمة العيش نظرًا للأحوال الاقتصادية الصعب التي تمر بها معظم بلدان المنطقة، حثي أصبح الشاب بحاجة إلى أن يعمل أكثر من 18ساعة لتحصيل قوت يومه وقوت أولاده أو تأمين مستلزمات معيشته كزواجه على سبيل المثال، فأصبح وقت العمل مستهلك للجهد والتعب فاين يجد هذا الشاب وقتًا لحلقات العلم وكذلك الجلوس في مجالس العلماء.

الخلافات بين طلبة العلم

     كذلك أشار الرفاعي إلى أن الخلافات الكثيرة بين طلاب العلم ولا سيما المبتدئين منهم علي وسائل التواصل والردود هنا وهناك ووجود بعض القنوات الفضائية التي تخصصت في الانتقاص من العلماء والتكلم فيهم، أدى إلى انصراف كثير من الطلبة عن طلب العلم وحدث لكثير منهم نوع من الإحباط والهزيمة النفسية بل وصل الأمر ببعضهم إلى الانتكاس وترك الالتزام.

انحراف بعض الدعاة

كما أكد الرفاعي على أن من أهم الأسباب كذلك والتي يجب أن نقف عندها وقفة مصارحة مع أنفسنا ونعترف بها هي انحراف كثير من الدعاة عن مسار الدعوة الصحيحة مما أدى إلى فقدان الثقة في كثير منهم والانصراف عنهم.

تناغم بين المؤسسات

     وعن الحلول المقترحة لهذه الظاهرة قال الشيخ الرفاعي: حقيقة لابد أن يكون هناك تناغم علي مستوي الأفراد ومستوي الأجهزة الدينية والمؤسسات، فعلي الأفراد من أولياء الأمور الاهتمام بتربية أبنائهم على علو الهمة وحب العلم الشرعي وأهله ووضعه في أولويات سلم التربية حتى ينشأ الأبناء على الارتباط الوثيق بأهل العلم والرجوع إليهم في كل شؤونهم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك