رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.أحمد الجسار 25 سبتمبر، 2019 0 تعليق

مع بداية العام الدراسي الجديد – وصايا وتوجيهات لطلاب العلم


ها هم أولاء أولادنا من بنين وبنات، ينتظمون في عام دراسي جديد، جعله الله عاما مباركا على الجميع، ووفق أبناءَنا وبناتِنا إلى تحصيل العلم النافع، وإلى النجاح الذي تقر به أعين الوالدين والأهلين، ولا شك أن للعلم أهميةً في حياة الناس، فقد فتح الله برحمته على الإنسان مصادر العلم، فوصل بذلك إلى ما نراه من وسائل سهلت حياة الناس، وقد جعل الله من أسباب بلوغ ذلك العلمَ الذي يُبنى بعضُه على بعض، حتى وصل الإنسان إلى ما وصل إليه. فبالعلم تُشَيَّدُ الحضاراتُ، وَتُبْنَى الدولُ وتتطور المجتمعات.

أهمية العلم

     وقد أدركت الأمم أهمية العلم؛ ولذلك لا تجد دولة من الدول إلا وهي تتيح التعليم لأبنائها، وتجعل له وزارة خاصة، وتخصص له ميزانية مستقلة تصل في بعض الدول إلى أكثر من سدس ناتجها القومي، بل تجعل التعليم الأساسي إلزاميا؛ لأن الجهلَ ما فَشَا في أمةٍ من الأممِ إلا قَوَّضَ أركانها، وَصَدَّعَ بُنيانها، وكان سببَ هلاكِها.

وصايا لطالب العلم

وهذه بعضُ الوصايا لطالب العلم، أسألُ اللهَ الإخلاصَ فيها، وأن ينفع بها:

شكر الله -تعالى

- أولها: الشكر لله -تعالى- على ما يسر من سبل التعلم، ولاسيما في بلدنا هذا، أدام اللهُ عليه الخيرات والبركات.

النية الصالحة

- ثانيا: النية الصالحة في طلب العلم: فالنية شأنها عظيم: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى». (متفق عليه)، فوجِّه نيتك يا طالب العلم إلى أن تنفع نفسك، وتكفيها ذل السؤال، وذلك بالحصول على ما يؤهلك للعمل، وابتغاءِ الرزق الحلال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أطيبَ ما أكلَ الرجلُ من كسبِه». (رواه أبو داود والنسائي). وأن تحتسبَ كذلك في طلب العلم أن تنفع أهلك، وتساهم في تقدم وطنك.

آيات الله في الكون

- ثالثا: وفي طريق طلب العلم تنظرُ وتتعرفُ على آيات الله في الكون والنفس، فلا يزيدك ذلك إلا تعظيما لله، الذي جعل هذا الكون يسير وفق هذا النظام المحكم، فيزداد يقينك بوجود الله، وبعظمته، وقدرته، وعلمه، وقوته، وحكمته.

التزام الأدب

- رابعا: التزام الأدب مع المعلم، فإن للمعلم حقَّ الاحترام والتواضعَ له. وما زال الكبراء من العلماء يذكرون فضل معلميهم في الصغر، فحفظ الجميل خلق أصيل. قال الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-، وقد أخذ من علم الإمام الشافعي -رحمه الله-: ما صليت صلاة منذ أربعين سنة إلا وأنا أدعو للشافعي -رحمه الله-، وصَلَّى زيدُ بنُ ثابتٍ ذات مرةٍ على جنازة، ثم قُرِّبَتْ له بغلةٌ ليركبها -وهو من كبار وعلماء الصحابة رضي الله عنهم-، فجاء ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما فأخذ بركابه، فقال له زيد: خَلِّ عنها يا بنَ عَمِّ رسولِ الله، فقال ابنُ عباس: هكذا أُمِرنا نفعلُ بالعلماءِ والكُبراء.

فالمعلمُ له حق التوقير، والاحترامِ والتقدير.

حسن الخلق

- خامسا: حسن الخلق مع الزملاء في المدرسة، فإن في ذلك فرصةً لإظهار ما تربى عليه الطالبُ في بيته وعندَ أهله من الآداب والأخلاق، فهو سفير أهله في المجتمع.

مرافق المدرسة

- سادسا: المحافظة على مرافق المدرسة: فإنها ملكيةٌ عامة، انتفع بها مَنْ قبلَك، وقد وصلت إليك، فاحرص على المحافظة عليها لمن بعدَك. فإن علامةَ الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». (متفق عليه).

الوسائل الشرعية

- سابعا: اتباع الوسائل الشرعية في التعلم والنجاح، والحذرُ من الأسباب المحرمة كالغِش والعياذُ بالله. فمن غش فقد خرج من دائرة المؤمنين: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من غش فليس مني». (رواه مسلم). وما فائدة النجاح في الدنيا الفانية على حساب الآخرة الباقية؟ ولقد ذم النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل، قال: «يبيع دينه بعَرَضٍ من الدنيا». (رواه مسلم).

التوبةُ من المعاصي

- ثامنا: التوبةُ من المعاصي، فعلى طالب العلم الإقلاع عن الذنوب، بفعل الواجبات وترك المحرمات، فإن العلم نور، والمعصية ظلمة في القلب تطفئ نور العلم. قال الإمام مالكُ بنُ أنسَ للشافعي وهو صغير، لما رأى فطنته وذكاءه: يا بني إني أرى أن الله قد ألقى في قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية.

دعاء الوالدين

- تاسعا: اغتنام دعاء الوالدين: وذلك ببرهـما وطاعتِهما والإحسانِ إليهما، فلعل دعوةً مستجابةً منهما ينفعك الله بها. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثُ دعَواتٍ يُستجابُ لَهنَّ لا شَكَّ فيهنَّ: دعْوةُ المظلومِ، ودعْوةُ المسافرِ، ودعْوةُ الوالدِ لولدِه». (رواه ابن ماجه).

اللجوء إلى الله

- عاشرا: عليك بالدعاء: فإنه من أعظم الآداب والأسباب، المعينةِ للطلاب، بإذن الله -تعالى-. فلا تغفل عن الدعاء، فإنك مهما بلغت فإنك فقير إلى الله -تعالى-، وإلى عونه وتوفيقه. فادع الله في كل شأنك، فإنك في عبادة ما دعوت. قال النبي -[-: «الدعاء هو العبادة». (رواه أبو داود). ادع الله، ولا يمنعْك تقصيرُك في جنب الله، فكلنا مقصرون وخطاؤون، وخيرُ الخطائين التوابون. ومن أخلص الدعاء لله كان حريا بالإجابة بإذن الله. قال الله -تعالى-: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} (العنكبوت 65). ألا يعلمُ أنهم سيشركون؟ بلى! لكنهم لما أخلصوا الدعاء نجاهم. فإنك أيها المسلم أولى باستصحاب الدعاء.

رسالة للمعلمين والمعلمات

     وهذا تذكير لإخواني وأخواتي المعلمين والمعلمات، الذين سلمناهم أمانة تعليم أبنائنا وبناتنا، نرجو أن تحرصوا على أداء هذه الأمانة بما يرضي اللهَ -تعالى-، وأن تجعلوا التربية الصالحة، والهدايةَ إلى مكارم الأخلاق هـمًّا تضيفونه إلى همّ التعليم، فقد وصف الله -عز وجل- نبيه بالأمرين معًا: التربيةِ والتعليم، بل قدم التربيةَ الموصوفةَ بالتزكيةِ على التعليم؛ وذلك -والله أعلم- أن التربيةَ هي المقصودةُ، والتعليمُ وسيلةٌ لها، فقال -تعالى-: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (الجمعة 2).

القدوة الصالحة

     وإن مما ينبغي أن يحرص عليه المعلم أن يكون قدوة صالحة لطلابه، في أقواله وأفعاله، وفي مظهره وتصرفاته، وأن يحرص على النصح لهم. فإن المعلم مُرَبٍّ وواعظٌ، كما أنه معلمٌ ومدرس. ومن أحسن في عمله {فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (هود 115).

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك