رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: هند الشطب 9 ديسمبر، 2019 0 تعليق

معوقات زواج الفتيات

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير». رواه الترمذي وغيره،  قد يكون عنوان المقال مستغربا في الوقت الحاضر، ولا يتقبله الكثير من الناس، وهذا ما توصلت إليه من خلال سؤال شريحة من نساء المجتمع بخصوص زواج البنات بعد البلوغ؛ فوجدت عدم تقبل فكرة زواج البنات من الأهل بعد البلوغ؛ لأنهم يرونها صغيرة وغير مؤهلة للزواج، كذلك لاحظت أن الأهل لايسمحون بمناقشة هذا الموضوع  مع البنات؛ لأنهم يعدون ذلك من الممنوعات  في الأسر، وكذلك المجتمع لا يتقبل أن تختار البنت الزوج المستقبلي، وأيضا الكثير من البنات قد يفكرن بالزواج، لكن يخشين التصريح خشية العواقب وتغيير النظرة لهن.

نقطتان مهمتان

     لماذا الموضوع الآن؟ لأنه محط اهتمام ثلة من مصلحي المجتمع، من شيوخ، ومستشارين أسريين، وأساتذة للمظاهر التي انتشرت في المجتمع، من انحرافات، وسلوكات خطيرة، تهدد بتفكك المجتمع وانهيار القيم الإسلامية، وسوف أتناول موضوع عقبات زواج البنات بعد البلوغ من خلال نقطتين تخصان النساء وهما: كيفية إقناع البنت بالزواج عند البلوغ، والثانية كيفية إقناع أهل الفتاة بالزواج عند البلوغ.

أولا: كيفية إقناع البنت بالزواج

     كما نعلم أن الزواج بعد البلوغ يلبي حاجة فطرية في الإنسان، والحاجات الإنسانية يجب أن تشبع بالسبل السوية، وهو الزواج، وغالبا ما تكون البنات بعد البلوغ مستعدات للزواج، هذا إذا ما كان الأمر يسير طبيعيا، لكن اليوم نرى أن هذا الكلام غير مقبول من البنت البالغة؛ ذلك لأن ثقافة البنت من ثقافة بيئتها ومحيطها ومجتمعها؛ فمن غير الممكن أن أقنع البنت مباشرة بالزواج ودون أي مقدمات؛ لأن البنت البالغة التي بلغت الرابعة عشرة في الوقت الحاضر تعد طفلة، هذا ما يتردد على مسامعها؛ لذا فهي تعيش تلك المرحلة غير متصورة إمكانية الزواج في هذا السن، كما أحب أن ألفت الانتباه لنقطة مهمة وهي:

البلوغ لا يعني الرشد

     إن البنت قد تبلغ لكن قد تكون غير راشدة؛ فالبلوغ غير الرشد، ونجد هذا في قول الله -تعالى-: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا}(النساء: 6)، حتى إذا بلغو النكاح يدل على قدرة البنت، أو الولد على النكاح، وهذا كان معمولا به إلى وقت قريب في الدول الإسلامية، إلى أن دخلت لنا المفاهيم الغربية، وحددت سن البلوغ بثماني عشرة سنة، وهذا السن ليس عليه دليل شرعي، وكما أشارت الآية: {فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم}؛ فمن كان قادرًا على إدارة ماله، فهو قادر على إدارة شؤون الأسرة وتحمل مسؤولياتها.

     قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: و(الرشد): العمل الذي ينفع صاحبه، و(الغي): العمل الذي يضر صاحبه؛ فعمل الخير رشد، وعمل الشر غي، والرشد هو الاستقامة على الحق مع الصلابة في ذلك، وهناك ما لا يحصى من الأدلة في السنة على مشروعية الزواج بعد البلوغ.

خطوات مهمة

وبعد التأكد من أن البنت راشدة وتعرف الحق من الباطل والاستقامة؛ فيمكن أن نتخذ الخطوات التالية في إقناعها بالزواج. 

الحوار الفعال

     إن البنت البالغة قادرة على الزواج، لكن التأخير يأتي من عدم وجود القناعة الكافية لوجود ثقافة (أنتِ طفلة)؛ فتعيش البنت في مرحلة الطفولة، وتمتد الى ما بعد حتى الثامنة عشرة؛ لأنها أُقنعت بهذا، وهذا يؤثر على النضج العقلي لها، وعدم تحملها للمسؤولية، وعدم تقديرها لذاتها، والشعور بعدم الاستقلالية والعجز، وممكن أن تحدث القناعة بالحوار مع الأهل، أو المتخصصين الاجتماعيين أو الأسريين.

الإعداد المبكر للبنات

وهذا يقع على جهات عدة منها الأسرة، والمدرسة، والمجتمع.

دور الأسرة

وهذا يقع على عاتق الأمهات بالدرجة الأولى، ثم المدرسة والمجتمع؛ فينبغي للبنت أن تعرف الحياة الزوجية وحقوق الزوجين، وتُدرب على كيفية التواصل الجيد مع الزوج وإدارة شؤونها المنزلية وتربية الأطفال واحترام الآخرين.

دور المدرسة

وجود مادة تثقيفية في الحياة الزوجية، والأسرية، وحقوق الزوجين، والتواصل الفعال بين الزوجين، وإدارة شؤون المنزل، والميزانية، وتربية الأطفال مهم جدا.

دور المجتمع

     ومن ذلك إقامة الدورات التدريبية بخصوص تأهيل الشابات للزواج، وتشجيعهن على الزواج المبكر، ودعمهن لإقامة مشاريع بسيطة توفر لهن نوعا من الاستقلالية، وتزيد ثقتهن بأنفسهن، وهذا يمكن أن تقوم به الجمعيات الخيرية في الأحياء، ولجان التنمية الاجتماعية بدعم من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.

كذلك وضع منهج مدرسي يؤهل البنت للحياة الزوجية، ويوضح الحقوق، والواجبات، والأحكام الشرعية المتعلقة بالزواج، والطلاق، والتعامل بين الزوجين من قبل الوزارات المتخصصة التعليم والتنمية الاجتماعية.

ثانيا : كيفية إقناع أهل البنت بالزواج عند البلوغ

(1) إشاعة الثقافة الشرعية والرجوع للنصوص وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وكيف أن بنات النبي صلى الله عليه وسلم والصحابيات تزوجن بأعمار مبكرة.

(2) عقد الندوات التثقيفية بهذا الخصوص مع المتخصصين من المستشارين الأسريين، والأطباء، والمختصين، الاجتماعيين، والنفسيين، ومناقشة الأمر من مختلف جوانبه، وشرح مفاسد تأخر الزواج على البنات، وتوضيح مزايا الزواج بعد البلوغ؛ لما تتعرض له البنات من فتن في الوقت الحاضر، من خلال وسائل التواصل، أو في المدارس، وعموم المجتمع، ونتيجة لاطلاع البنات على مالم يكن يعرفنه سابقا، وانتشار المواقع الإباحية، والمسلسلات، والأفلام الهابطة.

(3) عقد دورات تدريبية بهذا الخصوص حتى يتعلم الأهل كيف يتعاملون مع زواج البنات، وتهيئتهن للزواج بعد البلوغ ولاسيما الأمهات.

(4) تشجيع الحوار الفعال بين البنات وأهلهن، وكيفية الوصول لحوار ناجح لمناقشة الزواج عند البلوغ.

(5) عدم رد الخاطب الكفء إن تقدم للبنت البالغة بعد أخذ رأيها وموافقتها؛ لأن ذلك سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام والسلف الصالح في تزويج بناتهن من الكفء.

(6) عدم تأخير زواجها بدعوى تزويج الأخت الكبرى؛ فهذا من العضل المنهي عنه في الإسلام؛ لما يترتب على هذا من الفساد والفتن.

والأمر لاشك يحتاج إلى دراسة علمية مستفيضة، حتى نحيط به من مختلف جوانبه؛ لنستطيع إيجاد حلول مناسبة له.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك