معــانٍ في الدعوة إلى الله
فقه الجندية: يعني أنه إن لم أجد لنفسي دورًا في الدعوة أقوم به سأسعى لأصنع لنفسي دورًا؛ كنعيم بن مسعود -رضي الله عنه- في الأحزاب: «فأُخذِّل ما استطعت», أو كأبي بصير في الحديبية فأرجح كفة أهل الإسلام.
فقه الجندية: يعني أن أثق في القيادة لا أقدسها، وأن أدعو لها بالسداد والتوفيق لا بالعصمة، وأطيع في المعروف: كالصحابة مع عمرو بن العاص -رضي الله عنه- في ذات السلاسل.
فقه الجندية: يعني أن أتقن عملي وأؤديه مِن غير تشغيب أو سفسطة؛ لعدم وجود المعطيات التي تمتلكها القيادة، وليس مطلوبًا مِن القيادة -على الدوام- أن تفصح لي عن كل صغيرة وكبيرة، مثل موقف الصحابة يوم الحديبية «بالطبع مع وجود الوحي الأمر يختلف، ولكن أقصد المنهجية».
- فقه الجندية: يعني أن أقدر عملي ولا أحقره حتى ولو كان صغيرًا؛ لأني لا أنظر إلى صغر العمل، ولكن أنظر إلى عظم الأجر من الله -عز وجل-.
- فقه الجندية: يتلخص في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : «طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ» (رواه البخاري).
أما فن الأدوار
فهو يتمثل في أمثلة منها: جيش كبير يقوده قائد عظيم: كخالد بن الوليد -رضي الله عنه-، ربما كان فيه جندي عظيم اسمه معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، أو حلقة علم فيها عالم عظيم كمعاذ بن جبل -رضي الله عنه- فيها طالب عظيم اسمه خالد بن الوليد -رضي الله عنه-.
- فن الأدوار: يعني أن أبا هريرة -رضي الله عنه- يحفظ، وأبو بكر -رضي الله عنه- يقود، وزيد بن ثابت -رضي الله عنه- يتعلم اللغات، وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- يقرأ القرآن ويعلمه، وأبي بن كعب -رضي الله عنه- يعلم العلم.. والأدوار واضحة, والكل -رضي الله عنهم ورضوا عنه-.
فقه الأدوار يعني أن يجيد الكل دوره، إما:
1- مفكر: يجيد التفكير والتحليل وعرض الرؤى.
2- مخطط: يأخذ وينتقي مِن هذه الأفكار ما يخدم الأهداف.
3- قائد: يجيد التعامل مع البشر والتواصل معهم والتأثير فيهم.
4- مُروِّج: يحسن عرض الفكرة والدعاية لها.
5- منفذ: جندي مقاتل يؤدي ما عليه وينفذ بإتقان.
6- مراقب فقيه: يحفظ اللوائح والقوانين ويعدل الخلل ويوجه.
7- محب مترب: على هذه الأدوار الست يفهمها ويراها مجسمة في قدوات، ليتقن إحداها أو بعضها أو كلها بقدر توفيق الله وعونه واجتهاده هو.
سلمان -رضي الله عنه- رغم أنه حديث عهد بإسلام يقترح فكرة استراتيجية يُسخر لها الجيش، والنبي صلى الله عليه وسلم ينصت لها، بل وينفذها، ويصبح الخندق (خندق سلمان)! جنود مؤدون مبدعون، وقائد ينصت ويحتوي ويحترم مَن تحته.
- فقه الجندية وفن الأدوار: يعني أن يقترح الخباب بن المنذر -رضي الله عنه- في بدر تغيير موقع الجيش، والقيادة توافق دون تردد، لوجاهة الاقتراح. القيادة الشورية هي السبيل الأمثل لتعليم فقه الجندية، وفقه الجندية هو السبيل الأمثل للقيادة الشورية.
ولابد مِن التنبه المستمر مِن فيروسات التدمير لمنظومة العمل الجماعي بين القيادة والجندية؛ فهي أخطاء يقع فيها كل طرف:
أولاً: من جهة الجنود:
1- سوء الأدب في التعبير عن الرأي مع التحدث مِن غير علم أو معطيات.
2- التسرع المتهور والحماس العشوائي.
3- النفاق المقنع بداعي الأدب أو أن القيادة تعرف كل شيء عن أي شيء فينتج عنه السكوت عن الحق.
4- روتينية المهام حين تُؤدى مَن غير روح.
ثانيًا: أما مِن جهة القيادة:
1- عدم الإنصات أو الإنصات الانتقائي.
2- احتكار الرأي.
3- الحرص على تربية النسخ لا القادة، وأزعم أن القائد الذي لا يخرج قادة ليس بقائد.
4- مرض (الشخصنة) وهي أن يُبنى النظام على مزاجية القائد لا فاعلية النظام، وحلها أن يبنى النظام على المنهجية لا على المزاجية، وما يحدث في غياب القائد مؤشر لاستمرار المرض أو الشفاء منه.
وأخيرًا: «فإن القيادة ليست هي تأثيرك وأنت موجود بين أفراد فريقك، بل هي ما يفعلها أفراد فريقك في غيابك»، ولعلنا نطلق على هذه القاعدة: (أم القواعد القيادية).
لاتوجد تعليقات