رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. علي الزهراني 16 نوفمبر، 2020 0 تعليق

معالم التوجيه التربوي في الحلقات القرآنية – الاهتمام بإثارة الدافعية والرغبة الذاتية في الحفظ لدى المتعلم


يجد الكثير من الطلاب صعوبة في الحفظ، بل ربما يجد بعضهم صعوبة في حفظ مايطلب منهم حفظه في الحلقات القرآنية، وسبب ذلك ليس ضعف القدرات العقلية، أو ضعف حافظة الطالب في الغالب، وإنما السبب في ذلك هو ضعف الدافعية أو الرغبة الذاتية لدى الطالب، الأمر الذي يجعله لايقبل على الحفظ والتعلم؛ بسبب ضعف الرغبة والعزيمة؛ لأن بعض الطلاب يأتون إلى الحلقة مدفوعين من آبائهم ثم لايجدون في الحلقة القرآنية ماييسر تلك البواعث والمستحقات الذاتية حتى يقبل المتعلم على الحفظ والمراجعة والمنافسة في ذلك الميدان.

     والباحث يرجع سبب ذلك إلى ضعف هذه الرغبة، وعليه فالواجب على المعلم أن يحرص على مراعاة هذا الجانب والبحث عن البواعث التي تدفع الطلاب إلى حفظ القرآن الكريم، وقد دلت الدراسات النفسية المعاصرة على وجود مايحرك الإنسان إلى تحقيق الهدف المحدد والمرغوب تحقيقه، وعليه فواجب القائمين على الحلقات القرآنية تأكيد ضرورة إثارة هذه البواعث لدى الطلاب، والتركيز عليها حتى يصبح الطالب مدركاً لهدفه، عارفاً بثمرة حفظه، راغباً فيما يحفظ؛ حيث دلت الدراسات على أن القدرة على استرجاع الخبرات السارة أفضل من القدرة على استرجاع الخبرات المؤلمة، وبهذا يتطلب الأمر أن يُنفَّذ التعلم في بيئة تربوية يغمرها الود والتقدير.

 الاستعانة بجهاز الحاسوب في حفظ القرآن:

     لقد أصبح جهازالحاسوب من الوسائل الفعالة في التعلم والحفظ، وتوجد برامج متخصصة في هذا الميدان، سواءً بكتابة ما تم على الجهاز ثم مقارنته بالآيات القرآنية المخزنة في برامج الحاسوب أم تسجيلها على الجهاز عن طريق الميكرفون ثم الإستماع إلى الصوت المسجل، وهذا يحفز على الحفظ؛ لأن المتعلم يأنس لسماع صوته أو عن طريق سماع القراءة من أحد المشائخ أو أكثر، في ظني أن هذه وسيلة تساعد على الحفظ، وتشجع عليه، والمطلوب تهيئة برامج مناسبة لهذا المجال أو توفير مثل هذه البرامج وتقديمها للطلاب عن طريق جمعيات حفظ القرآن برسوم رمزية، مصحوبة ببعض التوجيهات التربوية المناسبة التي يتم عرضها على الجهاز.

تكرار الحفظ سبيل الإتقان

     يعد أسلوب التكرار أحد أساليب الحفظ الأساسية، ودون التكرار لن يحصل الحفظ المتقن؛ حيث إن التكرار من طرائق الحفظ ومقصده التأثير في النفس، وتثبيت المعلومات، وقد أكد الزرنوجي أن الحفظ الموزع أفضل من التكرار المتصل؛ حيث قال: «إن التكرار يتبع فيه الطرائق الآتية:خمس مرات أول يوم، ثم أربع مرات في اليوم الثاني، وثلاث في اليوم الثالث ومرتان في اليوم الرابع، ومرة في اليوم الخامس، وهذا أدى إلى الحفظ»، ولايعني هذا الاقتصار على خمس مرات بل ربما زاد على ذلك لكن المهم توزيع التكرار من الأكثر إلى الأقل، وهذا الرأي ذهبت إليه علماء التربية الحديثة».

 التلاوة المثمرة

يعد إتقان التلاوة بمفهومها الحقيقي إحدى مهمات الحلقات القرآنية، والتلاوة المثمرة هي التي تتضمن مفهوم التلاوة الشامل:

1- التلاوة اللفظية: والمقصود بهذه التلاوة قدرة الطالب على إتقان التلاوة الصحيحة دون زيادة أو نقص في أحكام التجويد كما هو متبع عند أهل الاختصاص.

2- تلاوة المعنى: والمقصود بهذه التلاوة تربية الطلاب في الحلقات القرآنية على التدبر والتفكر في الآيات التي يتلونها ويحفظونها ويسمعونها، وهذا الأمر لن يتم إلا إذا أدرك الطلاب معاني الآيات وتفسيرها وأسباب نزولها مع مراعاة قدراتهم ومستوياتهم.

3- التلاوة الحكمية: والمقصود بها ثمرة التلاوة (الحفظ داخل الحلقات القرآنية)؛ بحيث يلتزم الطلاب في الحلقات القرآنية بأوامر ونواهي الآيات القرآنية التي حفظوها وسمّعوها وعدم الخروج عنها، ومخالفتها بأقوالهم أوسلوكهم.

 أساليب التجديد في حفظ القرآن الكريم:

     يعد استغلال أوقات الإجازات في حفظ القرآن الكريم في بيئة جديدة من التجديد في أساليب حفظ القرآن الكريم، ولقد لاحظت في السنوات الأخيرة بعض المعلمين يختارون الطلاب المتميزين الراغبين في الحفظ فيأتون بهم إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة، أو المسجد النبوي بالمدينة المنورة أو مكان مناسب؛ حيث ينقطع هذا المعلم مع طلابه طول مدة الإجازة على أن تتخللها فترات للراحة تكون أسبوعية، أويعطى إجازة أسبوع بعد نهاية كل شهر ليذهب الطالب إلى والديه إن ‏كانوا بعيدين عن مكان إقامتهم، وقد استطاع عدد كبير منهم أن يحفظوا ويتقنوا القرآن الكريم، وكانوا يحددون بعض البرامج التربوية المصاحبة بهدف العناية بالجوانب الإيمانية والأخلاقية التي كان لها أثرها على سلوكهم وحفظهم وتفاعلهم، لدرجة أنها أنستهم وتنسيهم وحشة فراق الأهل وغربة المكان.

9- العناية بالتربية الإيمانية  في الحلقات القرآنية:

     يعد الاهتمام بالتربية الإيمانية في الحلقات القرآنية أحد الوسائل الفعالة في مواجهة الانحرافات السلوكية؛ حيث إن الحلقة التي تركز على التربية الإيمانية، وتعمل على غرسها في نفوس طلابها منذ التحاقهم بالحلقة القرآنية؛ تؤدي إلى تنمية جوانب شخصياتهم، ومما يساعد على ذلك وجود برامج تربوية تكون مرتبطة بالمسجد الذي يتردد عليه الطالب سواءً للصلاة أم للدرس أم حفظ القرآن، التي سوف تثمر شحنة إيمانية لايمكن أن تقف في وجهها أي أفكار انحرافية، ويستمر هذا الإيمان يدفع إلى الشعور بالرضى والاقتناع بأن هذه الحياة ليست نهاية المطاف، ومن ثم يعمل على تحقيق الغاية التي خلق من أجلها، ويسلم من المشكلات والضغوط المختلفة التي يتعرض لها الإنسان في حياته، ولا سيما في هذا العصر المضطرب والتائه في بحار مظلمة من الأفكار المادية العمياء، في مجتمع تكاد تسيطر عليه العلمانية التي هي أحد أذرعة الغزو الفكري المتنوع الأوجه والأقنعة.

أثر الوسط التربوي

     وبهذا يتضح أن لنا أثر الوسط التربوي الصالح في نجاح التربية الإيمانية، مع الحذر من اليأس في البيئة التربوية غير الصالحة، بل إن الواجب على المشرفين والمعلمين وأولياء أمور الطلاب بذل كل الجهود؛ لتحقيق متطلبات التربية الإيمانية في الحلقات القرآنية، والدارس لسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - يلحظ عنايته بهذه التربية في غربة الإسلام الأولى في مرحلة الإعداد والتكوين في مكة وما تبعها من ملامح التربية الشمولية في العهد المدني الذي أثمر التمكين، بعد أن تكاملت الأصول الإسلامية وميادينها في المجتمع المدني، وتنوعت أساليب بناء الشخصية المسلمة.

     ولذلك يحتاج الطلاب إلى تذكيرهم بهذا الأمر، وتعويدهم عليه، وسوف يجدون ثمرته عاجلاً مما يجعلهم يستحضرونه بعدئذ ذاتياً فيقوى حفظهم ويزيد، ويقل الجهد المبذول في الحفظ فلا يصاب الطالب بالسآمة والملل والإرهاق، وقد أكدت دراسة تجريبية «إننا نتعلم بسرعة أعظم إذا ماعقدنا العزم على أن نتعلم، ولهذا ينبغي أن يعقد الطلاب العزم إذا أرادوا أن يتعلموا، وأن يشعروا بأن تعلمهم وحفظهم يستحق الجهد المبذول»، وقد كان السلف يراعون بهذا الجانب في تعليمهم القرآن الكريم؛ حيث إن الطرائق عندهم هي: التكرار، والفهم.

وجاءت الدراسات والبحوث والتجارب الحديثة في علم النفس تؤكد ذلك، بمعنى أن الحفظ مع الفهم أسرع وأثبت وأدعى إلى عدم النسيان وأقوى على الإسترجاع.

 

إتقان مفهوم التلاوة الحقيقي

 

يعد إتقان التلاوة بمفهومها الحقيقي إحدى مهمات الحلقات القرآنية، والتلاوة المثمرة هي التي تتضمن مفهوم التلاوة الشامل:

1- التلاوة اللفظية: والمقصود بهذه التلاوة قدرة الطالب على إتقان التلاوة الصحيحة دون زيادة أو نقص في أحكام التجويد كما هو متبع عند أهل الاختصاص.

2- تلاوة المعنى: والمقصود بهذه التلاوة تربية الطلاب في الحلقات القرآنية على التدبر والتفكر في الآيات التي يتلونها ويحفظونها ويسمعونها، وهذا الأمر لن يتم إلا إذا أدرك الطلاب معاني الآيات وتفسيرها وأسباب نزولها مع مراعاة قدراتهم ومستوياتهم.

3- التلاوة الحكمية: والمقصود بها ثمرة التلاوة (الحفظ داخل الحلقات القرآنية)؛ بحيث يلتزم الطلاب في الحلقات القرآنية بأوامر ونواهي الآيات القرآنية التي حفظوها وسمّعوها وعدم الخروج عنها، ومخالفتها بأقوالهم أوسلوكهم.

 

 

من الأمثلة على دوافع حفظ القرآن

ومن الأمثلة على إثارة مثل هذه الدوافع مايلي:

 أ- بيان عظيم الأجر والثواب لحافظ القرآن الكريم في الدنيا والآخرة.

ب- تشجيع التنافس الشريف بين الحفاظ.

ج- إشعار المتعلم بالإنجازات والنجاحات التي حققها في حفظه.

د - إقامة البرامج التربوية والرحلات والزيارات الميدانية للتلاميذ.

إن توفير هذا الجو في الحلقات القرآنية يؤدي إلى التفاعل والحفظ.

 

تعريف الطلاب بدعائم الحفظ المتين

 

يستطيع الطالب الحفظ والتقدم فيه بيسر وسهولة إذا عُرِّف ببعض العوامل المساعدة على الحفظ حتى تراعى في حفظه ومراجعته لكتاب الله -عز وجل- في الحلقة القرآنية.

إن معرفة هذه الدعائم سوف تجعل عملية الحفظ عند الطالب تتم بيسر وسهولة، ويبقى ماحفطه الطالب من آيات مدة طويلة يتمكن من تذكرها في المواقف المختلفة أو إذا طلب منه استرجاعها.

     وفي ظني أن أحد الأساليب المهمة هو أن يعرف التلميذ هذه الدعائم كما يعرف اسمه، ولايبدأ في الحفظ إلاّبعد إدراكها، والباحث لن يتحدث عن بيان هذه الدعائم بالتفصيل؛ لأن المجال لايتسع لذلك، ولكن يُرغِّب في تأكيدها ومراعاتها في الحلقات القرآنية والإشارة إلى أهمها ومن هذه الدعائم مايلي:

1- الإخلاص في النية؛ لأن نية الطالب تثمر التوجه الكامل إلى الحفظ والفهم والعمل بما يهدي إليه القرآن.

2- فهم معاني النصوص المحفوظة إجمالاً؛ لأن ذلك يساعد على الحفظ وبقاء المحفوظ كما دلت الدراسات والبحوث التربوية في ذلك.

3- ثقة الطالب بقدراته؛ لأنها سوف تساعده على الحفظ؛ لأن الحفظ وسيلة عقلية يقوى ويضعف بحسب هذه الثقة؛ لذا ينبغي على معلم الحلقات أن يوجه الطلاب إلى العوامل المساعدة على الحفظ الجيد، ويحذرهم من العوامل التي تحول دون الحفظ المتين، مثل: ضعف الثقة بالنفس والاضطرابات النفسية فهذه من معاول هدم الحفظ.

     وقد دلت الدراسات والبحوث أن التميذ إذا بدأ في تعلم مادة وهو لايثق بنفسه وبقدرته على الحفظ فهذه أول ضربة قاصمة لعملية التعلم ومايتقبلها من حفظ وتذكر، ولابد أن يثق الطالب بنفسه ليقوم بالتعلم والحفظ، والثقة بالنفس تولد الاستعداد الذهني والتحفز البدني ومن دونها تفتر الهمة ويتبلد الذهن.

4- التعود والتمرن على حصر الانتباه وقصد الحفظ: يؤكد التربويون هذا الدعم للحفظ باعتبار أن الاعتياد والقصد يعملان على سرعة الحفظ وثباته، باعتبار أن تكرار الآيات المرغوب حفظها، لتثمر الاستظهار الفاعل مالم يصاحبها حصر الانتباه، وقصد الحفظ المتمثل في الرغبة والعزم عليه.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك