رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 22 سبتمبر، 2021 0 تعليق

مطلب التجديد يرتبط بالدين

  

     نحن نعاني سطحية المفكر لا سطحية الدين، وقوانين التطور لا تتعارض مع الموروث الفقهي والشرعي ، بل الدين متجدد ومتطور ومناسب لكل زمان ومكان؛ ذلك أن الذي خلق البشر هو أعلم بما ينفعهم ويسير حياتهم، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، ولا جمود مع النص الشرعي في ظل القياس والاجتهاد، قال -صلى الله عليه وسلم -: «يَبعثُ اللَّهُ على رأسِ كلِّ مائةٍ مَن يجدِّدُ لهذهِ الأُمَّةِ أمرَ دينِها».

-  والدين لم يتراجع عن دائرة التأثير، بل ضعف الناس وابتعدوا عن الدين أمام الهجمات التغريبية والفكر الشمولي الشرقي، والاستعمار للدول الإسلامية على مدى عقود من الزمان، ومحاولة طمس الهوية الشرعية في المجتمعات المسلمة.

- والناس حيال الدين فريقان: مؤمن وغير مؤمن، وكل مجتمع سواء من المؤمنين أم من غيرهم له بيئته وتعاملاته الخاصة،  وقد بين الدين الحنيف الأسلوب الصحيح في التعامل مع غير المؤمنين، وحرص على نقلهم من دائرة عدم الإيمان إلى دائرة الإيمان دون إكراه، كما قال ربنا -جل وعلا-: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، وقوله -تبارك وتعالى-: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، ولكن هذا لا يعني عدم التعامل معهم أبدا؛  فالكلام عن التعصب الديني لا محل له في إطار الفهم الشامل للدين، بعيدا عن الممارسات الأحادية لأفراد المسلمين المبنية على اجتهادات خطأ، وفي نطاق ردات الفعل على محاولات طمس الهوية والشخصية المسلمة.

- والدين قادر على تلبية حاجات النظام الاجتماعي، ولديه القدرة على بناء شخصية متوازنة متفاعلة في المجتمعات المتعددة.

- لا يوجد مانع في الدين من التطور والحضارة ؛ لأن الدين دائما وأبدا قادر على استيعاب هذا الأمر، والتكيف الأمثل مع الواقع، كما أن استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية نظام محكم ودقيق في الفقه الإسلامي، فيه توازن بين الثابت والمتغير، وما المجمعات الفقهية وهيئات كبار العلماء إلا نموذج عملي على استيعاب الدين لكل المتغيرات والحوادث المستجدة؛ فالدين صالح لكل زمان ومكان.

- كما أن الإجماع سبيل لاستنباط الأحكام الفقهية، وهو نوعان: قطعي وظني، فالقطعي: ما يعلم وقوعه من الأمة بالضرورة، كالإجماع على وجوب الصلوات الخمس، وهو الذي يعنينا هنا؛ إذ هو أحد الأصول الثلاثة التي لا يجوز مخالفتها، وهي: الكتاب، والسنة الصحيحة، والإجماع، وهو إجماع السلف من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهم، ومن الأدلة على صحته: قوله -تعالى- في سورة النساء: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء: 115).

- إن دين الأمة لا يمكن تجاوزه بحجة التحديث والتطور، بل ينبغي فهمه فهما صحيحا لكي يكون الأساس في نهضة الأمة من جديد، بعيدا عن المثيرات الغربية المتذبذبة، وينبغي ألا نشغل أنفسنا بمن يحمل راية الدين؟ هل الدولة أم المؤسسات الدينية أم الأفراد؟ فالجميع مطالب بتقديم الدين نموذجَ حياة قولا وعملا.

- والدين عقيدة وأخلاق ومعاملات، وصالح لحياة الناس، وليس تاريخا يمكن تجاوزه وعدُّه إرثا فقط! إن الدين داخل في نطاق التاريخ والجغرافيا، وفي إطار الزمن الماضي والحاضر والمستقبل، والمستقبل -بإذن الله- لهذا الدين.

- ولا يمكن أن يكون الدين أمرا ماضيا أومعطلا لحركة الإنسان، كما يزعم بعض ضعاف المفكرين، فالدين ظاهر ومستمر، ولا يمكن للحداثة أو غيرها أن تنافس الدين في الوجود والديمومة.

- والدين وحدة كاملة لا تتجزأ، فلا يجوز أخذ بعضه وترك بعضه، كالتفريق بين الصلاة والزكاة، كما قال أبوبكر -رضي الله عنه-: «والله لو منعوني عقالا» يقصد الزكاة، فهو إيمان وأخلاق وتشريع وسياسة واقتصاد. يقول الشيخ عبدالعزيز ابن باز: «وليس في الدين قشور، بل كله لب وصلاح وإصلاح».

- إن تجاوز الدين هو تجاوز للدنيا والآخرة، وهو تجاوز النجاح إلى الفشل، والنجاة إلى الهلاك، فليعِ هؤلاء المفكرون لكي لا يُدخلوا الأمة في مزالق الخراب والتفرق والتيه.


 

20/9/2021م


لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك