رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 10 ديسمبر، 2017 0 تعليق

مصيبة الأمة بمـــوت العلماء الشيخ د. محمد موسى نصر – في ذمة الله

فجعنا قبل أيام بخبر وفاة الشيخ العلامة المقرىء الدكتور محمد موسى آل نصر ( 1954-2017) -رحمه الله وغفر له- إثر حادث سير في منطقة تبوك في السعودية أثناء توجهه إلى أداء العمرة.

     ولا شك أن العلماء هم ورثة الأنبياء، أقامهم الله -تعالى- حماة للدين، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين ، وتدليس الغاوين، فلا ريب أن موت العلماء خطب جلل ورزية عظيمة وبلاء كبير؛ إذ الأشخاص كلما كان دورهم عظيماً وأثرهم كبيراً كانت المصيبة بفقدهم أشد؛ ولهذا كان من أعظم المصائب التي يبتلى بها الناس، وتحرك نفوس الأكياس موت العلماء؛ لأن هذا سبب لرفع العلم النافع، وانتشار الجهل الناقع.

     وكلما مات عالم نكون قد خسرنا وارثاً من ورثة النبوة؛ فالأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورّثوا العلم، وخسرنا العدول الذين ينفون عن دين الله التحريف والتأويل، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «يَرِثُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَتَحْرِيفَ الْغَالِينَ» رواه البيهقي.

سيرته العطرة – رحمه الله -

     محمد موسى آل نصر  هو عالم وداعية أردني من أصول فلسطينية، متخصص في علوم القرآن والقراءات، حاصل على الدكوراة في التفسير وعلوم القرآن، يعد من الدعاة السلفيين في الأردن ومن أشهر القراء فيها، كان يعمل أستاذاً مساعداً لمادة الحضارة العربية الإسلامية في الجامعة الأهلية بالأردن

نسبه

 هو الشيخ الدكتور المقرئ محمد بن موسى بن حسين بن حسن بن أحمد آل نصر، من بني نصر من قبيلة هوازن ومنهم الصحابي الجليل مالك بن عوف النصري رضي الله عنه .

ولادته

 ولد في مخيم بلاطة في مدينة نابلس الواقعة في فلسطين سنة (1374 هـ - 1954م).

أسرته ونشأته وطلبه للعلم

     نشأ في بيت صلاح ودين، وكان جده إماماً معروفاً في بلده بالصلاح والتقوى. ولد والده في مدينة يافا في فلسطين هاجر وأسرته من (مدينة يافا) إثر نكبة (1948)، وسكنوا في مخيم بلاطة؛ وبحكم كون أبيه مزارعاً انتقل إلى أريحا؛ حيث أنهى دراسته الابتدائية، ثم نزلوا غور الأردن، وهناك أنهى دراسته الإعدادية، ثم سكن الزرقاء، وفيها أنهى دراسته الثانوية.

     ثم رحل الشيخ في طلبه للعلم إلى المدينة النبوية، وهناك التحق بالجامعة الإسلامية وحصل على شهادة البكالوريوس سنة (1401هـ)، تخصص قراءات وعلوم القرآن، وحصل على الماجستير من جامعة البنجاب (عام 1984م) في الباكستان بتقدير (جيد جداً) في العلوم الإسلامية، وحصل أيضاً على ماجستير من وفاق الجامعات الباكستانية بتقدير (ممتاز) في العلوم الإسلامية واللغة العربية.

     سافر إلى باكستان لمدة ثلاث سنوات؛ حفظ فيها القرآن الكريم، والتقى بالشيخ عطاء الله حنيف، ولازمه لمدة شهر، وأجازه الشيخ في أسانيد الكتب التسعة، والتقى أيضاً بالشيخ بديع الدين الراشدي، وأجازه بثبته في كتب الحديث، وكانت بينه وبين الشيخ مراسلات.

     حصل على شهادة الدكتوراة في التفسير وعلوم القرآن بتاريخ(27 / 7 / 1997م) من جامعة القرآن بأم درمان بالسودان، وكان موضوع الأطروحة: (اختيارات الإمام أبي عبيد القاسم بن سلام ومنهجه في القراءة) وحصل على تقدير (ممتاز).

وكانت بداية معرفته بالشيخ محمد ناصر الدين الألباني في أوائل السبعينات من خلال كتبه: (صفة صلاة النبي)، و(تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد)، و(السلسلة الصحيحة)، و(السلسلة الضعيفة) وغيرها.

     وسـافر إلى دمشق الشام في أواسط السـبعينات، وهناك التقى بالشيخ الألباني -رحمه الله- في المكتبة الظاهرية؛ حيث طرح عليه أسئلة إثر شبه ألقاها بعض أهل البدع من التكفيريين؛ فأجابه الشيخ -رحمه الله- إجابات شافية، وعندما هاجر الشيخ الألباني -رحمه الله- إلى الأردن، واستقر فيها، لزمه الشيخ حتى وارى جسده التراب.

مشاهير شيوخه

1- العلامة الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله ـ.

2 - الشيخ عبد الفتاح القاضي -شيخ القراءات -رحمه الله ـ.

3- الشيخ عطاء الله حنيف -رحمه الله.

4- الشيخ بديع الدين الراشدي -رحمه الله.

ثناء العلماء عليه

أثنى عليه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، وكان يقدمه للإمامة في بيته وفي الأسفار، وكان دائماً يقول: ((معنا إمامنا)).

وكان الشيخ- رحمه الله - يرسل إليه الطلبة لتلقي القراءات عنه.

وأثنى عليه- أيضاً-  الشيخ ابن باز -رحمه الله- عندما سمع قراءاته في مكتبه، وقال: «قراءتك طيبة، وليس فيها تكلف ولا تعسف، وأثنى عليه خيراً»، وزكاه الشيخ- أيضاً- ليشارك في توعية الحجاج.

جهوده الدعوية

1 - عقد حلقات تعليم القرآن وأحكام التجويد.

2 - من مؤسسي مجلة (الأصالة)، وكان رئيساً لها منذ صدورها وحتى الآن، وكان من محرريها، وكتابها.

3 - من مؤسسي مركز الإمام الألباني للدراسات المنهجية والأبحاث العلمية - ونائبا لمدير المركز .

4 - المشاركة في المؤتمرات الإسلامية، واللقاءات الدعوية، والدورات العلمية في عدد من دول العالم، مرات متعددة، مثل: أمريكا، بريطانيا، فرنسا، إندونيسا، وغيرها.

5 - عمل مع وزارة الأوقاف الأردنية (إماماً وخطيباً ومدرساً للقراءات ومدققاً للمصحف ومحكماً للمسابقات) منذ عام (1981 - 1987م).

6 - تولى تدريس مادة التجويد وعلوم القرآن والتفسير في جامعة العلوم التطبيقية -كلية الآداب، قسم الشريعة- حتى عام (2000م).

7- انتدب للعمل في البحرين تحت إشراف مركز الدعوة والإرشاد السعودي لمدة أربع سنوات منذ عام (1987 ـ 1991م) .

مؤلفاته

وللدكتور -رحمه الله-  محمد موسى نصر عدد من الأبحاث والكتب والرسائل تتجاوز في مجموعها الـ 100 في العقيدة والمنهج والفقه والأحكام وفي الطب النبوي.

حسن الخاتمة

     مات -رحمه الله- وهو في الطريق إلى طاعة الله -تعالى- لأداء مناسك العمرة، وبتوفيق من الله-تعالى-، ثم بجهود مباركة من عدد من الشيوخ الأفاضل، والوجهاء الكرام: صدرت الموافقة الرسمية-من سموّ أمير منطقة المدينة المنوّرة-جزاه الله خيراً-بدفن فضيلة الشيخ أبي أنس محمد موسى آل نصر-تغمّده الله برحمته-في مقبرة البَقيع، والصلاة عليه في المسجد النبوي المبارك، رحم الله الشيخ، وعفا عنه، وغفر له.

     وفي الختام نعزي أنفسنا وأهله وتلاميذه وطلاب العلم والمسلمين بوفاته، ونقول -كما علمنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم -: «لله  ما أعطى، ولله ما أخذ، وكل شيء عنده إلى أجل مسمى». نسأل الله أن يغفر له ويرحمه وأن يجعله في الفردوس الأعلى من الجنة .

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك