رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد أحمد العباد 30 سبتمبر، 2010 0 تعليق

مصاهرات آل علي وآل الزبير تؤكد عمق العلاقة وبطلان ما يفتريه دعاة الفتنة ومكفِّرو خير القرون-كانت فاطمة كثيرة الثناء على عمر بن عبدالعزيز رحمه الله وتقول: «لو بقي ما احتجنا بعده إلى أحد»

 

باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فهذه نبذة حول إحدى بنات أمير المؤمنين رابع الخلفاء الراشدين المهديين علي بن أبي طالب ] وهي فاطمة رحمها الله ورضي عنها- وأسكنها فسيح جناته، فإلى المادة:

1 - اسمها ونسبها:

هي فاطمة بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ابن فهر، القرشية الهاشمية، قال ابن أبي حاتم في (المراسيل) ص261: «وهي فاطمة الصغرى»، وأما أمها فهي أمُّ ولدٍ لعلي ].

2 – مولدها:

لم أقف رغم التتبع - فيما بين يدي من المصادر – على ما يشير إلى سنة ولادتها على وجه الدقة والتحديد، ولكن من المؤكد أنها ولدت قبل عام 31 هـ بسنوات قليلة ويستنتج ذلك بأمور منها:

أ  - ما ذكره أحد الرواة من تلاميذها – وهو موسى الجهني – أنه دخل عليها ولها من العمر 86 عاماً.

ب- وما ذكره المؤرخون من أن وفاتها كانت سنة 117هـ.

ج- وكذلك ما ورد من بكائها بعد استشهاد الزبير بن العوام رضي الله عنه عام 36 هـ؛ مما يشعر أنها كانت مميزة وواعية بما يجري من الأحداث آنذاك.

3 - زواجها وأولادها:

تزوجها محمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب فولدت له: (حميدة)، ثم تزوجها بعده: سعيد بن الأسود بن أبي البختري الأسدي فولدت له: (برَّة وخالداً)، ثم تزوجها بعده: المنذر بن عبيدة بن الزبير بن العوام فولدت له: ( عثمان وكندة ). «انظر: نسب قريش للزبيري 46، الطبقات الكبرى لابن سعد 8 / 466».

قلت: ومثل هذه المصاهرات تؤكد عمق العلاقة والرابطة بين آل علي ] من جهة وبين آل الزبير وآل عقيل وآل الأسود بن أبي البختري رضي الله عنهم، كما تؤكد بطلان ما ينقله أعداء أهل البيت – كذباً وزوراً – على لسان علي أو بعض أبنائه وأحفاده رضي الله عنهم أنهم وصفوا عقيل بن أبي طالب ] بأنه «ذليلٌ حقيرٌ!» كما في « مجالس المؤمنين ص78 ط: إيران!»، أو أن الزبير ] كان من أئمة الكفر والعياذ بالله ! كما في (تفسير العياشي 2/ 83).

4 - بكاؤها لمقتل الزبير بن العوام ]:

عن عبد الرحمن بن أبي الزناد قال: «لما جاء نعي الزبير إلى علي ] صاحت فاطمة بنت علي عليه، فقيل لعلي: هذه فاطمة تبكي على الزبير! فقال علي: «فعلى من بعد الزبير إذا لم تبك عليه ؟!». انظر: تهذيب الكمال للمزي (9/328).

وهذا يؤكد ما ورد ضمن الفقرة السابقة من تأكيد أواصر المحبة والعلاقة بين آل علي وآل الزبير رضي الله عنهم، وبطلان ما يفتريه دعاة الفتنة مُكَفِّرو خير القرون.

5 - المرأة لا تتشبه بالرجال:

يذكر عروة بن عبد الله بن قشير أنه دخل على فاطمة بنت علي بن أبي طالب، قال: فرأيت في يديها مَسَكَاً غلاظا في كل يد اثنين اثنين، قال: ورأيت في يدها خاتما وفي عنقها خيطا فيه خرز، قال: فسألتها عنه فقالت: «إن المرأة لا تَشَبَّهُ بالرجال». «أخرجه ابن سعد في الطبقات (8/466) وجوَّد إسناده الشيخ الألباني».

6 - احثوا في وجوه المداحين التراب:

يقول عيسى بن عثمان: كنت عند فاطمة بنت علي، فجاء رجل يثني على أبيها عندها فأخذت رمادا فسفت في وجهه. «أخرجه ابن سعد في الطبقات (8/466) وأيضاً جوَّد إسناده الشيخ الألباني».

قلت: وهذا الفعل قد يكون مأخوذاً من حديث: «إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب» ومما حُمِل عليه الحديث: ما إذا كان المادح يغلو في المدح، أو يمدح لأجل العطاء والمال، والله أعلم.

7 - فاطمة وحادثة مقتل الحسين ]:

أورد ابن جرير الطبري في تاريخه (3/339) رواية ضعيفة الإسناد لكونها من مرويات أبي مخنف لوط بن يحيى وهو الراوي المتروك الذي يتكئ على مروياته دعاة الفتنة ومروّجو الطائفية، وهذه الرواية - على ضعف إسنادها – هي خيرٌ وأفضل من كثيرٍ من مروياته التي يحرص الطائفيون على نشرها ؛ حيث إنهم لزيغ قلوبهم يطيرون فرحاً بأي روايةٍ له تضمنت طعناً في الصحابة أو التابعين رغم بطلانها سنداً ومتناً.

أما هذه الرواية فهي موقفٌ ورد فيه ذكر فاطمة - رحمها الله - يرويه أبو مخنف عن الحارث بن كعب: بأن آل الحسين ] «لما أرادوا أن يخرجوا من الشام دعا يزيد عليَّ بن الحسين ثم قال: لعن الله ابن مرجانة – والي الكوفة - أما والله لو أني صاحبه ما سألني – أي: الحسين - خصلةً أبداً إلا أعطيتها إياه، ولدفعتُ الحتفَ عنه بكلِّ ما استطعت ولو بهلاكِ بعضِ ولدي، ولكن الله قضى ما رأيت، كاتبني في كل حاجة تكون لك».

وكساهم يزيد وأوصى بهم رسولاً فخرج بهم وكان يسايرهم بالليل فيكونون أمامه حيث لا يفوتون طرفه، فإذا نزلوا تنحى عنهم وتفرق هو وأصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم، وينزل منهم بحيث إذا أراد إنسانٌ منهم وضوءاً أو قضاء حاجةٍ لم يحتشم، فلم يزل ينازلهم في الطريق هكذا ويسألهم عن حوائجهم ويلطفهم حتى دخلوا المدينة.

ثم قال الحارث بن كعب: فقالت لي فاطمة بنت علي: «قلت لأختي زينب: يا أخيّة! لقد أحسن هذا الرجل الشاميُّ إلينا في صحبتنا، فهل لكِ أن نصله؟» فقالت: «والله ما معنا شيءٌ نصله به إلا حليّنا».

قالت فاطمة: «فأخذت سواري ودملجي، وأخذت أختي سوارها ودملجها فبعثنا بذلك إليه واعتذرنا إليه، وقلنا له: هذا جزاؤك بصحبتك إيانا بالحسنِ من الفعل».

فقال الرجل: «لو كان الذي صنعت إنما هو للدنيا، لكان في حليِّكُن ما يرضيني ودُونَه، ولكن والله ما فعلته إلا لله ولقرابتكم من رسول الله [».

8 - لو بقي لنا عُمَرُ ما احتجنا إلى أحد:

يقول جويرية بن أسماء: سمعت فاطمة بنت علي بن أبي طالب ذكرت عمر بن عبد العزيز فأكثرت الترحم عليه وقالت: دخلت عليه وهو أمير المدينة يومئذ، فأخرج عني كل خصيٍّ وحرسيٍّ حتى لم يبق في البيت أحد غيري وغيره، ثم قال: «يا ابنة علي ! والله ما على ظهر الأرض أهل بيت أحب إلي منكم، ولأنتم أحب إلي من أهل بيتي». «أخرجه ابن سعد في الطبقات (5/388)».

وفي رواية عن جويرية قال: « دخلنا على فاطمة بنت علي بن أبي طالب فأثنت على عمر بن عبد العزيز، وقالت: «فلو كان بقي لنا ما احتجنا بعده إلى أحد». «سير أعلام النبلاء (5/131)، تاريخ ابن عساكر (45/196)».

9 - رواية حديث بعد مجاوزة الثمانين:

يقول موسى الجهني رحمه الله: دخلت على فاطمة بنت علي، فقال لها رفيقي أبو مهل: « كم لك ؟ » قالت: «ست وثمانون سنة»، قال: «ما سمعت من أبيك شيئا ؟» قالت:  «حدثتني أسماء بنت عميس أن رسول الله [ قال لعلي ]: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي». «أخرجه أحمد في المسند (6/369)».

10 – بعض المرويات الأخرى عن فاطمة رحمها الله:

أ - عن رزين، قال: سمعت فاطمة بنت علي بن أبي طالب تقول: «لعن رسول الله [ واصلة الشعر بالشعر». «أخرجه ابن أبي شيبة ( 8 / 301 )».

ب - عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم قال: حدثتني فاطمة بنت علي بن أبي طالب قالت: قال أبي ] عن رسول الله [: «من أعتق نسمة مسلمة أو مؤمنة وقى الله بكل عضو منها عضوا منه من النار». «أخرجه النَّسَائِي في السنن الكبرى (4857)».

ج - عن المسور بن الصلت قال: سمعت فاطمة بنت علي تحدث عن أبيها علي بن أبي طالب ] قال: «يهلك فيّ رجلان: محب مفرط، وعدو مبغض، فمن استطاع منكم ألا يكون واحدة منهما فليفعل». «أخرجه ابن عساكر في تاريخه ( 42 / 297)».

11 - وفاتها:

توفيت فاطمة رحمها الله في عام 117 هـ وقد جاوزت الثمانين سنة كما ذكره ابن جرير وغيره، وتصادف هذه السنة نفس السنة التي توفيت فيها سكينة ابنة الحسين بن علي ]. انظر: تاريخ الإسلام للذهبي (7/313).

ختاماً: أسأل الله أن يجمع فاطمة ووالديها وإخوانها وذرياتهم في الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، والله أعلى وأعلم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك