رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 20 أغسطس، 2017 0 تعليق

مسيرة 100 عام في خدمة الحرمين الشريفين – مشاريع رائدة تحت شعار خدمة الحاج شرف لنا

شهد الحرم المكي الشريف على مدار التاريخ العديد من التوسعات، بدأت في عهد الخلفاء الراشدين وما تزال مستمرة حتى وقتنا الحالي، آخرها تلك التي رفعت طاقته الاستيعابية لأكثر من 2 مليون مصلٍ للفرض الواحد و100 ألف طائف بالكعبة في الساعة الواحدة. وتعمل المملكة العربية السعودية بمختلف قطاعاتها في هذه المشاريع وفق شعار (خدمة الحاج شرف لنا) للإسهام في رفع طاقتها لاستيعاب الملايين الذين يفدون كل عام للحج أو العمرة، وسهولة حركة الحجيج وانسيابيتها في مختلف المراحل.

توسعة  عمر بن الخطاب

     وبدأت أولى عمليات التوسعة في عهد الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب، وتحديدا في عام 17 هـ؛ حيث قام الخليفة بتوسعة مساحة المسجد لتبلغ 260 مترا مربعا، بعدما اشترى بعض البيوت القريبة من الحرم، فيما تبرع آخرون ببعضها الآخر ثم هدمها، وأحاط المسجد بجدار قصير.

توسعة  عثمان بن عفان

     فيما توسعت مساحة المسجد أكثر، إلى ما يقرب من 4390 مترا مربعا، في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان - رضي الله عنه -؛ حيث اشترى البيوت التي ظلت قريبة من الحرم وهدمها، وأدخل الأعمدة الرخامية إلى المسجد، وذلك عام 26 هـ.

الدولة الأموية

     أما الدولة الأموية فقد شهدت توسيع الحرم على مرحلتين ، أولهما على يد الصحابي عبدالله بن الزبير عام 60 هـ إذ أعاد بناء الكعبة إثر حريق شب في ثوبها وخشبها. بينما كانت التوسعة الثانية في عهد الأمويين والرابعة في التاريخ الإسلامي على يد الوليد بن عبدالملك عام 91 هـ، مستغلا تسبب سيل جارف في زيادة مساحة المسجد، كما زاد من الأعمدة التي جلبها من مصر وسوريا، وشيد شرفات يستظل بها المصلون.

الدولة العباسية

     وقد شهدت الدولة العباسية ثلاث مراحل للتوسيع أولهما على يد أبي جعفر المنصور واستمرت ثلاث سنوات، بدأت من 137 إلى 140 هـ، وقد زيد فيها مساحة الركن الشمالي للحرم، فضلا عن تغطية فوهة بئر زمزم، وإعادة تصميم حجر إسماعيل بالرخام.

     وجاء المعتضد بالله في المرحلة الثانية للتوسعة التي استغرقت ثلاث سنوات أيضا، من عام 281 إلى 284 هـ، لينشئ عددا من الأبواب داخل الحرم المكي وخارجه كما زاد الأعمدة. وخلال المرحلة الثالثة أنشأ المقتدر بالله (باب إبراهيم) ليزيد من مساحة المسجد عام 306 للهجرة.

الحرم في العصر الحديث

     وماتزال المملكة العربية السعودية تولي اهتماما خاصاً بمشاريع توسعة الحرم، منذ أن بدأها الملك عبدالعزيز الذي شهد عهده صيانة المسجد وإصلاحه بالكامل عام 1344 هـ، ثم ترميم الأسقف وطلاء الجدران والأعمدة عام 1334 للهجرة، وتم تجديد مصابيح الإنارة وزيادتها إلى ألف مصباح عام 1347 هـ، وإنارة المسجد الحرام بالكهرباء وتنصيب المراوح الكهربائية عام 1373 هـ.

توسعة الملك سعود

     وفي الوقت الذي وصلت فيه مساحة المسجد إلى 28 ألف متر مربع، جاء الملك سعود بن عبدالعزيز ليستمر في أعمال التوسعة التي بدأت عام 1375 هـ، واستمرت نحو 10 سنوات، وشملت فتح شارع خلف الصفا، وإعادة تصميم أرض المسعى، وبناء طابقين للمسعى، وبناء سقيا زمزم، وكذلك شهد عهد الملك سعود توسعة المطاف، وزيادة قبو زمزم بصنابير المياه، واستبدال الشمعدانات الست بحجر إسماعيل بخمس نحاسية تضاء بالكهرباء.

توسعة الملك فهد

     وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، تم وضع حجر الأساس لمشروع «أكبر توسعة للمسجد الحرام منذ 14 قرنا» الذي بدأ عام 1409 هـ، وشمل إضافة مساحة جديدة إلى الناحية الغربية للمسجد، وإضافة مبنى جديد إلى الحرم لاستقبال الزيادات في الحج ومواسم العمرة، وتضمنت أعمال التوسعة تجهيز الساحات الخارجية لاستيعاب المصلين، ووصلت مساحة المسجد حينها 356 ألف متر مربع.

توسعة الملك عبد الله

     أما في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، فقد جرى اعتماد توسيع الحرم المكي على ثلاثة مراحل تشمل اتساع ساحات الحرم لمليوني مصلٍّ وتوسعة صحن المطاف، والساحات الخارجية، ومنطقة الخدمات والتكييف ومحطات الكهرباء والمياه.

توسعة الملك سلمان

     تعد التوسعة الثالثة للحرم المكي التي دشنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، امتدادا للتوسعات التاريخية السابقة التي ذكرناها، وقد دشن خادم الحرمين الشريفين خمسة مشاريع رئيسة هي: مشروع مبنى التوسعة الرئيس، ومشروع الساحات، ومشروع أنفاق المشاة ومشروع محطة الخدمات المركزية للحرم، ومشروع الطريق الدائري الأول. وتبلغ مسطحات البناء في التوسعة 1.470.000 متر مربع، كما يبلغ مسطح بناء مبنى التوسعة 320.000 متر مربع لاستيعاب 300.000 مصل، أما الساحات فيبلغ مسطح البناء فيها 175.000 متر مربع لاستيعاب 280.000 مصل.

     ووفرت توسعة الملك عبدالله للمسعى ثلاثة أدوار وأربعة مناسيب للسعي، تتصل مباشرة بأدوار التوسعة السعودية الأولى للمسجد الحرام، فيما يرتفع دور سطح المسعى الجديد عن أدوار الحرم الحالي، ويتم الوصول إليه عن طريق سلالم متحركة ومصاعد، إضافة إلى ثلاثة جسور علوية.

     كما اشتمل المشروع على توسعة منطقتي الصفا والمروة بما يتناسب مع التوسعة العرضية والرأسية، وركبت أربعة سلالم كهربائية جديدة من جهة المروة، لتسهيل الحركة إلى خارج المسعى، كما اشتملت التوسعة الجديدة على ممرات مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة من ذوي الإعاقات الحركية، إضافة إلى توفير مناطق للتجمع عند منطقتي الصفا والمروة، كما بدئ البناء في مئذنة جديدة بارتفاع 95 مترا، ليتناسب عدد المآذن وشكلها مع مساحة التوسعة الجديدة للمسعى.

30 مليون حاج ومعتمر

     ومن بين المبادرات المدرجة في رؤية 2030 زيادة عدد الحجاج والمعتمرين إلى 30 مليون حاج ومعتمر سنويًا؛ حيث من المقدر أن يرتفع العدد إلى ما يقارب 17 مليون حاج بحلول العام 2025 مقارنة بـ 12 مليون في العام 2012، الأمر الذي سيعزز من مساهمة قطاع السياحة الدينية في الاقتصاد الوطني الذي يساهم حاليًا بما يصل إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بحسب المدينة.

 

 

الخدمات الصحية

تصنف الخدمات الصحية الحكومية المتوافرة في مدينة مكة المكرمة إلي خدمات دائمة وخدمات موسمية مرتبطة بموسم الحج وخدمات أخرى.

1- الخدمات الصحية الرئيسة الدائمة: يتوافر بمكة المكرمة سبعة مستشفيات دائمة، تتكامل فيما بينها لتوفير خدمة صحية عالية الجودة والكفاءة لجميع المواطنين والمقيمين والحجاج والمعتمرين علي مدار العام، وجار استكمال تجهيز مدينة الملك عبدالله الطبية بسعة 1500 سرير.

2- الخدمات الصحية الموسمية: يوجد بمكة المكرمة أيضا سبعة مستشفيات موسمية لتوفير الخدمات الصحية في المشاعر المقدسة طوال موسم الحج، أربعة منها بمشعر منى وثلاثة بعرفات.

3- الخدمات الصحية الأخرى: تتوافر في العاصمة المقدسة العديد من المرافق الصحية الأخرى التي تقدم خدماتها للسكان والحجاج والمعتمرين، سواء التابعة لجهات حكومية أم التابعة للقطاع الأهلي، مثل مستشفي قوى الأمن و المركز الطبي الجامعي لجامعة أم القرى، كما يوجد أيضا العديد من المستشفيات والمستوصفات والعيادات الطبية الأهلية والمراكز الصحية الحكومية.

 

توسعة المطاف

وقد تمت زيادة مساحة المسعى؛ حيث بلغ مسطح بنائه 57.000م2 لاستيعاب 70.000 مصل، وزيادة في الطاقة الاستيعابية من 44.000 شخص/ ساعة في السعي إلى 118.000 شخص/ ساعة.

     كما تمت الزيادة في توسعة المطاف؛ حيث وصل مسطح بناء 60.000م2 لاستيعاب 90.000 مصل، فيما بلغ مسطع بناء مبنى الحرم القائم قبل التوسعة 356.000م2، لاستيعاب 600.000 مصل بما في ذلك المسعى قبل التوسعة والساحات، بينما يقدر إجمالي الطاقة الاستيعابية للحرم المكي الشريف بعد استكمال جميع عناصره بـ1.850.000 مصل، وتعد هذه التوسعة هي الأكبر على مدار التاريخ؛ حيث تستخدم فيها أحدث تقنيات البناء والأنظمة الحديثة.

     أما بالنسبة للمطاف فقد كانت سعته قبل التوسعة على النحو التالي: عدد الطائفين 50.000 طائف/ ساعة، وعدد المصلين 188.000 مصل، والمساحة الاجمالية نحو 150.000 م2، فيما أصبحت بعد التوسعة على النحو التالي: عدد الطائفين 107.000 طائف/ ساعة، وعدد المصلين 278.000 مصل والمساحة الاجمالية نحو 210.000م2.

قطار المشاعر المقدسة

     يربط قطار المشاعر بين مشعر منى ومزدلفة وعرفات، ويستهدف تقليص الاعتماد على الحافلات في التنقل بين المشاعر؛ إذ سيغني عن استخدام أكثر من 30,000 حافلة، كما يستهدف رفع مستوى الأمان أثناء عملية التنقل بين المشاعر، ونقل أعداد كبيرة من الحجاج خلال فترات زمنية قصيرة مقارنة بالوسائل الأخرى، ومن ثم الإسهام في انسيابية الحركة المرورية لما تبقى من الحافلات التي ما تزال مستخدمة.

     ويتنقل القطار بين تسع محطات رئيسة في عرفات، ومنى ومزدلفة؛ حيث يمر بثلاث محطات مختلفة في مشعر عرفات، ويتنقل بعدها ليمر بثلاث محطات أخرى في مزدلفة، وبعد ذلك يتوقف في المحطة الأولى في أول مشعر منى، ثم في وسطه، فيما تكون محطته الأخيرة عند الدور الرابع في منشأة جسر الجمرات.

 

مشروع جسر الجمرات

     تم بناء أول جسر للجمرات من دورين في عام 1975م لتسهيل رمي الجمرات ؛ لكن مع زيادة أعداد الحجاج، أصبح هذا الجسر لا يكفي لاستيعاب الأعداد المتزايدة كل عام؛ لذا قررت المملكة العربية السعودية هدم الجسر بعد أداء مناسك الحج عام 2006م، واستبداله ببناء منشأة جديدة للجمرات متعددة الأدوار، لاستيعاب أكبر عدد من الحجاج، وتسهيل عملية رمي الجمرات وانسيابيتها بأمن وسلامة.

     وبلغ طول جسر الجمرات الجديد 950 متراً وعرضه 80 متراً، ويتألف من خمسة طوابق، يبلغ ارتفاع كل طابق 12 متراً، وله 12 مدخلاً و12 مخرجاً من الاتجاهات الأربعة، فضلا عن منافذ للطوارئ على أساس تفويج 300 ألف حاج في الساعة.

      كما يوجد مهبطا للطائرات المروحية لحالات الطوارئ.  ويحتوي مشروع جسر الجمرات أيضاً على نظام تكييف، معزز برشاشات مياه تساعد على تلطيف الجو والتقليل من درجة الحرارة إلى حوالي 29 درجة مئوية، وفي المستوى الخامس من المنشأة تمت إضافة مظلات كبيرة لتغطية كل موقع من مواقع الجمرات الثلاثة.

     ومن الجدير بالذكر أن هذا المشروع هو للحاضر والمستقبل، حيث صُمم جسر الجمرات لتلبية احتياجات الحجاج الحالية والمستقبلية ليصل إلى 12 طابقاً؛ إذ من المتوقع أن يستخدمه ما يزيد عن 5 ملايين حاج سنوياً في المستقبل إن شاء الله، وحصل مشروع الجسر على جائزة أفضل مشروع في خدمة الحجاج (جائزة مكة للتميز عام 2008م).

 

الخدمات الأمنية وإدارة الحشود

     تنفذ خطة تنظيم المشاة وإدارة الحشود عبر مراحل زمانية ومكانية تشمل فصل حركة المشاة عن المركبات أثناء فترة نفرة الحجيج في 9 من ذي الحجة(يوم عرفة) بمنطقة عرفات، فضلا عن منع الانتظار في مواقف الحافلات بمزدلفة، وخارج الخيام في منى ومنع حمل الأمتعة خلال رمي الجمرات، والمحافظة على الالتزام بالسير في الاتجاه المحدد وعدم السير عكسه، والتحكم في تدفق الحجاج المتجهين من منى ومزدلفة في أيام العاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة إلى الجمرات (ذهابا وإيابا)، حتى لا يكون هناك تجاوز في العدد المسموح به لمنشأة الجمرات وهو (300) ألف حاج في الساعة.

     يضاف إلى هذا إدارة حركة الحشود البشرية أيام التشريق الثلاثة بمنطقة المسجد الحرام والساحات الخارجية له، والطرق المؤدية إليه أيضاً.كما تضطلع الجهات الأمنية بالمحافظة على أمن الحجاج والمعتمرين, ويتولى مركز القيادة والسيطرة المراقبة التامة من خلال كاميرات منتشرة في المشاعر المقدسة، ومن خلال العناصر الأمنية المتواجدة في الميدان، وذلك بمساندة جهات عديدة أخرى مثل: الكشافة والهلال الأحمر السعودي وغيرهم، ويتم الاعتماد على مختلف التقنيات الحديثة في إدارة الحشود بفاعلية من أجل تنظيم انسياب حركة ثلاثة ملايين حاج خلال أيام قليلة.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك