رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 14 أكتوبر، 2019 0 تعليق

مسيرة النادي الكويتي الرياضي للصم – 45 عاما من التحدي والإصرار والإنجاز

 شهد النادي الكويتي الرياضي للصم، ومنذ إنشائه عام 1975 وعلى امتداد مسيرته وتعاقب مجالس إداراته العديد من المراحل المهمة والإنجازات الحافلة التي أسهمت إلى حدٍ كبير في الارتقاء بشأنه والمضي قدما في تحقيق أهدافه النبيلة وفي إبراز الدور الكبير لفئة الصم: بدولة الكويت؛ حيث إنَّ شريحة الصم تُعد شريحة اجتماعية مهمة لها مكانتها وقدراتها وعطاءاتها الواسعة على مستوى الأنشطة ومختلف المجالات، من هنا سعت الفرقان لتسليط الضوء على إنجازات النادي وأهم التحديات التي تواجه مسيرته وقد التقينا رئيس مجلس الإدارة حمد المري، وسألناه بداية عن مسيرة النادي كيف بدأ وكيف تطور؟

     فقال: تأسس النادي الكويتي الرياضي للصم في عام 1970 م بوصفه أحد الأندية الخاضعة لأحكام القانون رقم (4) لسنة 1992 في شأن الأندية وجمعيات النفع العام، وكانت بداية الفكرة عندما كانت مجموعة من الصم يجتمعون على ساحل البحر يتسامرون ويقضون وقت فراغهم في الصيف، أما في فصل الشتاء فكانوا يجتمعون في منزل السيد إسماعيل عيسى كرم نظرًا لشدة برودة الجو على ساحل البحر، حتى جاءت الفكرة في إنشاء جمعية تجمع هؤلاء الصم، وبالفعل توجهت هذه المجموعة وذهبت إلى وزارة الشؤون لمقابلة وكيل وزارة الشؤون السيد عبدالرحمن المزروعي آنذاك، ورحب بالفكرة وطلب إلهم أن يمهلوه برهة من الزمن حتى يعرض هذا الموضوع على السيد الوزير، وحدد موعداً لمقابلة السيد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الشيخ: سالم صباح السالم الصباح -رحمه الله- آنذاك وشرحوا له موضوع إنشاء الجمعية، وكيف أن هذه الجمعية ستحتضن باحتضان هؤلاء الصم في دولة الكويت وتصقل مواهبهم وتشغل وقت فراغهم بما هو مفيد وقيم، ووافق الوزير  تأسيس النادي والعمل في شهر يوليو من سنة 1970.

أول انتخابات

     وفي يوم 25/9/1970 أجريت أول انتخابات لمجلس إدارة النادي لاختيار سبعة أشخاص يمثلون مجلس الإدارة، وكان ذلك في جمعية الخريجين، ثم اتخذ النادي جمعية المعلمين بمنطقة الدسمة مقراً مؤقتاً له، ثم انتقلت الجمعية إلى منطقة الخالدية، وبعد سنتين انتقلت مرة أخرى إلى منطقة الشرق؛ حيث خصص لهم بيت (أملاك دولة) وكان بيتا من الطين آنذاك، ثم انتقلت الجمعية إلى منطقة الفيحاء عام 1975.

فرع للفتيات

تجزأت الفكرة أيضًا بفتح فرع للفتيات الصم، وكان ذلك في سنة 1994 م في منطقة الفيحاء، وكان رئيس مجلس إدارة النادي آنذاك السيد إبراهيم عبد العزيز العتيقي، ونُقل أكثر من مرة واستقر بمنطقة كيفان حتى تاريخه.

مظلة الهيئة العامة للشباب والرياضة

     كان النادي تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حتى أُشهر في عام 2002 م، وحُوّل تحت مظلة الهيئة العامة للشباب والرياضة، ثم تغير الاسم من نادي الصم والبكم الكويتي إلى النادي الكويتي الرياضي للصم، وبعد أن أقيم للصم مقر جديد لناديهم وعلى مساحة كبيرة وعلى أحدث النظم الإنشائية والمعمارية للأندية الرياضية تفوق أي تصميم لأي ناد رياضي في العالم على مستوى الصم، فانتقل النادي من مقره القديم بمنطقة الفيحاء إلى المقر الجديد الحالي بمنطقة غرناطة حيث وجود ملعب كرة قدم حسب المقاييس الأولمبية والدولية، وصالة متعددة الأغراض للألعاب (كرة يد - كرة سلة - كرة طائرة - كرة سرعة) فضلا عن وجود حمام سباحة أولمبي للصم، وجرت هذه النقلة الكبيرة للنادي في العام 2011 م.

- ما أهم معوقات تحقيق أهداف النادي؟

     من أهم المعوقات حاجتنا إلى زيادة مساحة التعاون بين النادي وبين المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني من جمعيات نفع عام، وجمعيات خيرية؛ لأن أي مؤسسة لن تستطيع تحقيق أهدافها إلا من خلال تعاون باقي مؤسسات الدولة معها، فالتعاون يذلل الصعاب والعقبات ويسهل تحقيق الأهداف، فالنادي لن يستطيع مواجهة المشكلات والتحديات التي تواجهه دون تعاون ومساندة توفر له الدعم الكافي سواء المادي أم المعنوي لتحقيق أهدافه.

- ما أهم المشكلات التي تواجه فئة الصم؟

     هناك العديد من المشكلات التي تواجه هذه الفئة أهمها مراجعة الجهات الحكومية من وزارات وغيره؛ حيث تحتاج هذه المؤسسات إلى مترجمين بلغة الإشارة وهو غير متحقق، ومن هذه الوزارات وزارة الداخلية، ووزارة الصحة؛ حيث يجد العاملون بهذه المؤسسات معوقات وعراقيل في التعامل مع المراجعين من فئة الصم، وقد تقدمت باقتراح لوزارة الصحة بوجود مترجمين للغة الإشارة ووافقوا على الطلب المقترح الذي قدمته، لكن إلى الآن لم يُنفذ على أرض الواقع، ونرجو أن يتم الانتهاء منه قريبًا.

- ما دور هيئة الإعاقة في التعاون معكم؟

     يوجد تعاون جيد مع هيئة الإعاقة، وهناك جهود مشكورة للهيئة؛ حيث قامت بفتح صالات خاصة للمراجعين من فئة الصم في ثلاثة فروع: الرئيسي في حولي، وفرع في جنوب الصباحية، وفي والجهراء، وفرع في إشبيلية، والآن سيفتتح فرع في مدينة صباح الأحمد، وقد وعدت الحكومة بإعطاء مكان ثابت وقد يكون في صبحان أو مشرف، إلى الآن لا ندري، والأمور تسير إلى خير إن شاء الله.

- ماذا عن علاقتكم بوزارة الصحة ومستوى الخدمات التي تقدمها لكم؟

     علاقتنا بوزارة الصحة جيدة جدًا بفضل الله، وقد اجتمعنا مع وزير الصحة قبل شهر رمضان الماضي وأبدى تعاونا واهتماما بمطالبنا، وقد تقدمت باقتراح للوزير بتكوين مركز ذوي الإعاقات لجميع الفئات، وقد أبدى إعجابه بهذه الفكرة وهذا المقترح، وقد صدر قرار إنشاء مركز كامل للعلاج بالخارج لذوي المعاقين، مع توفير كادر طبي وهيئة تمريض، كما وافق الوزير على وجود مترجم لغة الإشارة في قطاعات الوزارة المختلفة ومستشفياتها، فالوزير مشكورًا متعاون جدًا معنا.

- هل هناك إمكانية لشفاء بعض الحالات الخاصة بالصم والبكم؟

الإعاقة السمعية أنواع فمنهم أصم لا يسمع ولا يتكلم، ومنهم ضعيف السمع، وهذا يسهل التعامل معه دون مترجم، ومنهم من عنده مشكلات بالقوقعة، وهناك حالات يتم علاجها هنا، ومن يحتاج للعلاج بالخارج فبفضل الله تسهل له إجراءات علاجها بالخارج.

- هل تجد فئة الصم صعوبة في مسألة الزواج ؟

     نعم ولا شك عدد منهم يواجه صعوبة في الزواج، لكن النادي يساعدهم من خلال اللجنة الثقافية؛ حيث يقدم الأخوان محمد الكندري، وغيثان الدوسري، هذه المساعدة، والنادي وضع شروطاً وضوابط للمتقدمين للحصول على هذا الدعم وهذه المساعدة، منها أن يكون محافظًا على الصلاة، وأن يكون ملما بالحقوق الزوجية عالمًا بها، وتعلمه اللجنة آداب الزفاف والضوابط الشرعية له، فهذا لابد منه.

- هل هناك جهات تدعم زواج الصم؟

أكيد، نحن نقوم بمخاطبة جمعيات النفع العام، ونخاطب الدعاة وطلاب العلم، فتسهل العديد من هذه الجهات أمور زواج الراغبين من هذه الفئة.

- هل يعاني الصم مشكلة في الحصول على وظائف في المؤسسات الحكومية؟

هناك تعاون بين الهيئة وديوان الخدمة المدنية؛ حيث يوجد بروتوكول مشترك لتسهيل إجراءات وظائف ذوي الإعاقة والحمد لله أي أحد من الكويتيين يتقدم بطلب وظيفة، تقبل أوراقه مباشرة.

- هل لديكم برامج دعوية وثقافية لأبناء النادي؟

     نعم بفضل الله لدينا رحلات الحج والعمرة، وعندنا تعاون مع مركز إدارة الثقافة التابع لوزارة الأوقاف؛ حيث يتعلم فيه أعضاء النادي القرآن الكريم ويحفظونه، كما يقوم النادي بعمل مسابقات ثقافية مختلفة، ورحلات وزيارات إلى مراكز ثقافية وعلمية مثل مركز عبدالله السالم، والمتحف العلمي، كما أن هناك برامج ترفيهية في المخيمات والشاليهات، فضلا عن وجود نشاط مكثف ومميز في شهر رمضان على وجه الخصوص.

- ماذا عن تعاون الجمعيات الخيرية معكم؟

     على حسب الوضع، يعني مرات يوجد دعم، ومرات نواجه صعوبة في الحصول عليه، لكننا زرنا مؤخرًا لجمعية إحياء التراث الإسلامي ووجدنا ترحيباً وحماس للتعاون مع مشاريع النادي وخاصة المشاريع التعليمية والدعوية، وأبدى الشيخ طارق العيسى استعداده للتعاون معنا في تنفيذ مشاريع عدة داخل الكويت لخدمة هذه الفئة.

- هل تقوم وسائل الإعلام بدورها في توعية المجتمع بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ودعمهم؟

     نعم هناك نوع من التعاون مع بعض الجهات الإعلامية مثل الإذاعة؛ حيث تجرى من المقابلات فيها، ولا شك أن دور الإعلام مهم جدًا في هذا الشأن حتى يساعد على إيصال رسالة إلى المجتمع الكويتي كله وإلى الجمعيات وأهل الخير، ولاسيما إننا بحاجة إلى من يوصل احتياجات النادي للداعمين وأهل الخير لدعم مشاريع النادي مثل: الزواج والعمرة والحج، فضلا حاجة هذه الفئات إلى دروس ومحاضرات دينية ودورات تعليمية علمية وثقافية واجتماعية، كما أنهم بحاجة إلى دورات نفسية، ودورات عن فن التعامل مع الآخرين، وبحاجة إلى دورات عن التطوير الذاتي، وهذا لا يكون إلا من خلال الإعلام.

- هل يوجد كوادر مؤهلة للتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة؟

النادي يقوم بعمل دورات للموظفين في المؤسسات الحكومية المختلفة؛ حيث عملنا دورات للحرس الوطني، ودورات للداخلية، ودورات لوزارة الصحة، حتى يستطيع هؤلاء التواصل مع هذه الفئة أثناء مراجعتهم لإنهاء الإجراءات والمعاملات الحكومية.

- ما تقييمكم للاهتمام بالمعاقين في العالم العربي؟

     يوجد اهتمام جيد في العالم العربي بفئة المعاقين عموما، وهناك مؤسسات تسعى إلى تطوير الخدمات المقدمة لهذه الفئات، وهناك تطور كبير في بعض الدول مثل دولة قطر، والمملكة العربية السعودية، وكذلك البحرين ومصر، لكن والحمد لله الكويت من أفضل الدول في العالم من حيث التشريعات القانونية للمعاقين، كما أن وجود الهيئة العامة لذوي الإعاقة بوصفها هيئة مستقلة تابعة لمجلس الوزراء، توفر لفئة المعاقين الإمكانيات والخدمات التي يحتاجونها.

- هل تنظم مؤتمرات ومسابقات للصم؟

     نحن التقينا وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فريد عمادي، وكلمنا معالي وزير الأوقاف عن رغبتنا في تنظيم مؤتمر إسلامي خاص بفئة الصم مثلما حدث في دولة قطر حيث عقد أول مؤتمر إسلامي للصم، كما عقد مؤتمر إسلامي في ماليزيا أيضًا لهذه الفئة، من هنا نقلنا هذه الرغبة لوزارة الأوقاف لتوعية العالم الإسلامي بالصم وإيصال رسالة عن الإسلام ومنهجه الوسطي وتعريفهم بالعقيدة الصحيحة، ونريد أن نبين للعالم كله بما فيهم هذه الفئة أن الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية وبعيد تمام البعد عن التطرف والإرهاب، وأن الإسلام يدعو إلى وحدة الكلمة وجمع المسلمين على منهج الكتاب والسنة ولزوم الجماعة والسمع والطاعة لولي الأمر والابتعاد عن الانحرافات والمناهج المضللة وغيرها من العقائد الفاسدة، ندعو إلى وحدة الصف وطاعة ولي الأمر، فالصم يحتاجون كغيرهم إلى هذا الوعي وهذه الثقافة.

المسابقة الدولية للقرآن الكريم

ومن أهم المشاريع التي اقترحناها ونعدها فكرة ريادية لوزارة الأوقاف إدراج فئة الصم ضمن المسابقة الدولية للقرآن الكريم، وهذه ستكون أول خطوة ريادية لدولة الكويت حيث ستكون أول دولة في العالم تطبق مثل هذه المسابقة لهذه الفئة.

- هل هناك دورات خاصة لتنمية مهارات الصم مثل دورات الكمبيوتر مثلاً؟

نعم نحن عقدنا دورات لتعليم الصم كيفية التعامل مع الكمبيوتر، وفتحنا الباب لمن يرغب من هذه الفئة أن نقدم لهم المساعدة في هذا الجانب.

- هل يوجد هاتف للطوارئ خاص بالمعاقين؟

     نعم يوجد مكالمة فيديو، وهناك برنامج moi جاهز ولكن يحتاج تجربة ناجحة، ويوجد في دولة قطر تجربة ناجحة تتمثل في خدمة طوارئ للصم، ونحن نسعى للاستفادة من هذه التجربة وسيزور وفد من الهيئة العامة لذوي الإعاقة ممثلين من جمعيات ونوادي ذوي الإعاقة وفد منهم وممثل من وزارة الداخلية ومن الدفاع المدني ومن المطافي قطر للاستفادة من هذه التجربة الناجحة لنطبقها في الكويت.

- هل يوجد نماذج كويتية متميزة من فئة الصم؟

نعم عندنا لاعبون لكرة قدم، وعندنا لاعبون في ألعاب القوة حاصلين على المركز الثاني والثالث في البطولات الكويتية، ومنهم من حصل على المركز الأول كويتيًا، ومنهم وافدون عندنا سوري وبدون.

- ما أهم مطالباكم للارتقاء بالنادي والخدمات التي يقدمها؟

     نحن طالبنا هيئة الرياضة بتطبيق الاحتراف الجزئي حتى يستطيع عضو النادي من الحصول على راتب كبقية اللاعبين في الأندية الكويتية؛ حيث يحصل هؤلاء اللاعبون على رواتب تشجيعية بخلاف نادي الصم الذي يعد النادي الوحيد الذي لا يحصل لاعبوه على هذه المكافآت، ونحن نقول أين العدالة والمساواة في هذا الأمر؟

- ما أهم الإنجازات التي حققها النادي؟

حقق النادي المركز الأول في البطولة الآسيوية ال 17 لمسابقات المضمار والألعاب الجماعية التي جرت في ماليزيا عام 2004، وخليجيًا حصل النادي على ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية في كرة القدم.

- ما طموحاتكم المستقبلية للنادي؟

     نطمح إلى تأسيس الاتحاد العالمي للصم ويكون تابعًا لرابطة العالم الإسلامي وقد تقدمت بهذا الاقتراح؛ حيث من الأهمية بمكان تكوين اتحاد عالمي يجمع الصم في دول العالم، كما أننا تقدمنا باقتراح في اجتماع مجلس التعاون الخليجي للأمين العام للمجلس لتأسيس الاتحاد الخليجي لذوي الإعاقة يجمع دول الخليج، ويهدف هذا الاتحاد إلى الاعتناء بهذه الفئة في الجانب الرياضي والثقافي والاجتماعي ويدعم الجمعيات والأندية لذوي الإعاقات السمعية، وقد وافق مبدئيًا على هذا الاقتراح، وسنسعى جاهدين إن شاء الله لتنفيذه على أرض الواقع.

     كذلك من ضمن طموحاتنا عمل صندوق وقفي للصم يشمل تلبية احتياجات هذه الفئة وتطوير خدماتها، كذلك نرجو أن تهتم المؤسسات الخيرية بكفالة دعاة من الصم والسماح لهم بالعمل في الدعوة إلى الله من خلال تلك الجمعيات، وأخيرًا نرجو أن تسعى وزارات الدولة ومؤسساتها لتسهيل تعامل الصم والبكم ومراجعاتهم مع تلك المؤسسات وتذليل الصعاب كافة حتى لا تعاني هذه الفئة على المستوى النفسي والمعنوي ويشعروا أنهم جزء من نسيج هذا المجتمع لا فرق بينهم ويبن الأصحاء فيه.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك